بعد الاعتداء على زاوية عبد القادر الجيلاني بمدينة بوزلفة، وبعد هدم مقر «الولي الصالح سيدي بوشوشة» بمنطقة دوار هيشر التابعة لولاية منوبة منذ أسبوعين، وفي خطوة ليست الأولى من نوعها، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة تم الاعتداء يوم الثلاثاء الفارط على مقام السيدة المنوبية، بعد أن عمد المقتحمون لهذا المقام نسف محتويات المقام المادية والتي تمثل إرثا رمزيا وتاريخيا للشعب التونسي وللإنسانية جمعاء، حيث عمد عدد من المجهولين إلى إضرام النار في كامل المحتويات بما في ذلك التابوت الموجود داخل المقام، وفي تصريح للسيد محمد اليعقوبي المشرف على هذا المقام التاريخي والرمزي أفاد بان خمسة أشخاص ملثمين يحملون سيوفا اقتحموا المقام وأضرموا فيه النار بعد أن قاموا بالاستيلاء على مصوغ النسوة الموجودات بالمقام. وفي نفس اليوم تحول السيد المهدي مبروك وزير الثقافة والمحافظة على التراث مرفوقا بوالي منوبة إلى مقام السيدة المنوبية ليقف على حجم الأضرار التي لحقت بهذا المعلم الديني والتاريخي، وقد قامت السلط الأمنية بفتح تحقيق في هذه الجريمة الجديدة. والسيدة عائشة المنوبية امرأة متعلمة ومتعطشة للحرية عاشت في العقد الأخير من القرن الثاني عشر والنصف الأول من القرن الثالث عشر في ظل الدولة الحفصية، واقترنت شخصيتها بالمغامرة والمجازفة بعد أن ضربت كل الاسيجة الذكورية المضروبة عليها باعتبارها امرأة وباتت تنافس شهرتها شيخها ووليها الصالح آنذاك محرز بن خلف، وهي التي اقترن اسمها باسمين من أهم أسماء التصوف في التاريخ التونسي هما الشيخ أبي سعيد الباجي وأبي الحسن الشاذلي.