تفاعلا مع ما تبديه الساحة الاعلامية في الآونة الأخيرة من اهتمام بموضوع العنف ضد المرأة وامام ما لاحظناه من خلط وسوء فهم لبعض المعطيات الاحصائية المتعلقة بهذا الموضوع ومصدرها، يرى الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري ضرورة نشر بعض الايضاحات التي تخص نسبة النساء المعنفات في تونس ونوعية العنف المسلط عليهن وذلك بهدف انارة الرأي العام حول المؤشرات والمعطيات الاحصائية التي تخص هذه المسألة: ان المسح الوطني حول العنف ضد المرأة الذي تم اعتماده من قِبل عديد وسائل الاعلام مصدرا لمعطياتهم الاحصائية هو اول مسح وطني تم القيام في في تونس سنة 2010 حول هذه المسألة وذلك في نطاق برنامج التعاون بين الديان والوكالة الاسبانية للتعاون الدولي والتنمية. انجز المسح الوطني حول العنف ضد المرأة عن طريق عينة ممثلة للمجتمع التونسي تتكوّن من 3873 امرأة ضمن الشريحة العمرية 18 46 سنة. ويعرّف اعلان الجمعية العامة للامم المتحدة لسنة 1993 حول القضاء على العنف ضد النساء العنف بأنه كل عمل عنيف قائم على النوع الاجتماعي ينجر عنه او يمكن ان ينجر عنه معاناة بدنية او جنسية او نفسية بما في ذلك التهديد والاكراه والسلب غير المبرر للحريات سواء وقع ذلك في الدائرة العامة او الخاصة يرتبط العنف ضد المرأة والذي يسمى ايضا بالعنف القائم على النوع الاجتماعي بالانتماء الجنسي (حسب الجنس) وهو في ذات الوقت سبب ونتيجة للتمييز المستند الى النوع الاجتماعي، ويعتبر اعتداء خطير على حقوق الانسان. وباعتبار التوصيات والمفاهيم العالمية المعمول بها في هذه المسألة مكن المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس من تجميع معطيات احصائية حول نسبة انتشار العنف بكل أشكاله وهي: العنف المادي: اعتداء بالعنف الجسدي مثل الصفع، اللكم، الركل، الحجز، الخنق، الحرق... العنف الجنسي: اجبار المرأة جسديا على ان تقيم علاقات جنسية ضد ارادتها، اجبارها على ممارسات جنسية تعتبرها وضعية ومهينة، التلمس او التحرش الجنسي او الاستغلال الجنسي... العنف النفسي: السب والتخويف والاحتقار والحط من القيمة والقدح في القدرات الذهنية واستنقاصها والسخرية من الجسد والمظهر والممارسات اللفظية والايحاءات التي تجرح... العنف الاقتصادي: الاستغلال المالي، السرقة، الابتزاز، الاستغلال المفرط لوضعية التبعية الاقتصادية، الحرمان من المال او من الضروريات الحياتية، مراقبة التصرف في الراتب، بيع الأثاث او ما شابه ذلك، رفض المساعدة المالية. وقد مكن هذا المسح الذي انجز سنة 2010 من الحصول على معطيات التالية: 47٪ من النساء المستجوبات واللائي تتراوح اعمارهن بين 18 و64 سنة صرحن انهن تعرضن لواحد من انواع العنف على الأقل مرة واحدة طيلة حياتهن مع وجود تقارب كبير في هذا المعطى البياتي بين الريف والحضر. وتمثل النسبة الجملية للتعرض للعنف طيلة الحياة 31,7٪. ويمثل العنف المادي الذي تبلغ نسبة 31,7٪ اكثر انواع العنف انتشارا يليها العنف النفسي بنسبة 28,9٪ ويأتي العنف الجنسي حسب مفهومه الواسع والمدرج انفا في المرتبة الثالثة بنسبة 15,7٪. يأتي في المرتبة الاخيرة العنف الاقتصادي بنسبة 7,1٪. الفضاءات التي يمارس فيها العنف ضد المرأة تمثل الدائرة الحميمية (الزوج الخطيب الصديق) الفضاء الاول الذي يمارس فيه العنف المادي ضد المرأة. الشريك الحميم هو الذي يمارس العنف المادي في 47,2٪ من الحالات، والعنف النفسي في 68,5٪ من الحالات، والعنف الجنسي في 87,2٪ من الحالات، والعنف الاقتصادي في 77,9٪ من الحالات. ومن الجدير بالذكر ان المسح الوطني حول العنف ضد المرأة لم يشمل ولم يتضمن بيانات حول الدين او الحجاب بالاضافة الى ذلك فان هذا المسح يعد الاول من نوعه وقد تم القيام به سنة 2010 اي ان المعطيات التي يتضمنها لا تتناول وضع المرأة ما بعد الثورة وبالتالي لا يمكن اعتماد ما ورد به من معطيات للتأكيد على ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة بعد الثورة. كما ان المسح لم يورد معطيات حول النساء اللاتي تتكفّلن بالانفاق على ازواجهن وبالتالي فان المعطى الاحصائي 10٪ ليس مأخوذا من المسح الوطني حول العنف ضد المرأة بالاضافة إلى ذلك فإن الارقام 62٪ من النساء ضحايا العنف و23٪ صرحن بأن رواتبهن يتقاضاها مباشرة أزواجهن لم ترد بالمسح. وقد بادر الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري منذ 2006 على ادراج مقاربة التكافؤ بين الجنسين والوقاية من العنف ضد المرأة ضمن خدمات التوعية والتثقيف والاصغاء والتوجيه لفائدة النساء ضحايا العنف في كامل هياكله، ويعمل الديوان على ضوء هذه المعطيات المهمة على تركيز خطط عمل وتدخل اكثر نجاعة وعمق وخاصة في مجال الاحاطة النفسية والطبية بالنساء المعنفات.