على إثر القرارات التي اتخذتها وزارة النقل والادارة العامة للطيران المدني والمتعلقة بفتح المجال الجوي التونسي امام الخطوط القطرية ومنحها الحرية الخامسة انطلاقا من مطار تونسقرطاج واعطاء رحلات تونس باريس تونس إلى شركات خاصة تونسية وأجنبية تحركت نقابات الخطوط التونسية ونفذت وقفات احتجاجية التقينا الناطق الرسمي لهذه النقابات الأخ شكري كمون فكان هذا الحديث. من أين يمكن ان نبدأ الحديث عن الخطوط التونسية؟ الخطوط التونسية منذ نشأتها ادت عديد الخدمات للاقتصاد التونسي والسياحة ومواسم الحج والعمرة والمهاجرين والاسعار التفاضلية للتشجيع على التصدير... امّا اجتماعيا فإنها عملت على انتداب العملة والمساهمة في التشغيل... انطلاق الازمة متى كان؟ بدأت في سنة 1999 وذلك باقتناء الطائرة الرئاسية الاولى وذلك على حساب الخطوط التونسية وكل تكاليف السفرات الرئاسية وصيانة الطائرة كانت توضع على كاهل الخطوط التونسية علاوة على عدة مصاريف اخرى بقيت الى حدّ الان في نطاق السرية التامة دون فتح تحقيق فيها. ثمّ برزت على سطح الاحداث حكاية انشاء وكالة للطيران لصاحبها بلحسن الطرابلسي؟ انشئت وهيكلت على حساب الخطوط الجوية التونسية ولن اذيع سرا اذا قلت انّ كل الدراسات والمسائل اللوجستية (منها التزويد بالوقود والصيانة والخدمات الأرضية والتموين) كانت على حساب شركة الخطوط التونسية حدث كل هذا تحت اشراف ومساعدة خبراء وزارة النقل في كنف السرية التامة من ذلك انهم بدؤوا في تنفيذ مخطط لتفكيك الخطوط الجوية التونسية وافراغها من كوادرها المختصة بدءا باداة التموين سنة 2000 وخصخصتها واسنادها إلى شريك اجنبي غير مختص، تلتها سنة 2003 عملية تفريغ الخطوط الجوية التونسية وذلك للانقضاض عليها وبعث عدة شركات على غرار التونسية للخدمات الارضية، التونسية الفنية شركة خدمات الاعلامية ومركز تدريب الطيارين وكان الغرض من كل هذه التسميات تمكين العائلة الحاكمة والمقربين من قضاء مصالحهم. وماذا عن ملف تكوين الموريتانية للطيران؟ تمّ احداثها يوم 7 نوفمبر 2007 على حساب الخطوط التونسية دون تخطيط مسبق مما ادى إلى تكبد الخطوط الجوية خسائر مادية جسيمة تفوق ال 50 مليار، مع العلم انّ الهدف المعلن لاحداث هذه الشركة هو فتح افاق جديدة للخطوط التونسية في افريقيا وامام سوء التصرف وسياسة النهب وجراء تدهور الوضعية المالية لهذه المؤسسة ممّا اضطر الخطوط التونسية الي وقف الاستغلال في 31 ديسمبر 2010 دون استكمال الاجراءات القانونية مما دفع الشريك الموريتاني الى رفع قضية عدلية في الغرض وهي الآن محل متابعة قضائية. مسلسل الفساد في تونس الجوية تواصل ليكون باقتناء طائرة رئاسية ثانية فهل كان ذلك اضطرارا ام في أي خانة يدخل ذلك؟ الطائرة الرئاسية الثانية من نوع «ارباص 340» تكاليفها كانت في حدود 280 مليارا اي بلغة التفاصيل 220 مليون دينار الثمن العادي للطائرة اضف الى ذلك 60 مليون دينار اعادة تهيئتها وتجميلها بأحداث الصالونات علي ذوق ليلى الطرابلسي وللتستر على هذه الجريمة وقع ادماج اقتناء هذه الطائرة ضمن برنامج تجديد أسطول الخطوط التونسية وذلك بالاقتراض واثقال كاهل ميزانية المؤسسة بديون من الحجم الثقيل.. وهل هناك ملفات اخرى يمكن التوقف امامها؟ تمّ احداث شركة MAS لشحن البضائع تمهيدا للاستيلاء على ادارة الشحن التابعة للخطوط التونسية وفي نفس المسار تمّ احداث شركة ما يسمى TAS (التونسية لخدمات المطارات) وذلك تحديدا في ماي 2010 وكانت تلك خطوة اولى للاستحواذ على خدمات الارضية انطلاقا من مطار تونسقرطاج من 1 أفريل 2011. لو سمحت اريد ان اعرف لمن MAS ولمن TAS؟ MAS كانت لسليم زروق صهر الرئيس المخلوع وTAS لبلحسن الطرابلسي وهنا تتوضح الرؤية والاهداف والنوايا المبطنة من اجل الاستيلاء على الخطوط الجهوية. نأتي إلى مرحلة ما بعد الثورة والتي اعتقد فيها الجميع ان الخطوط الجوية في طريقها لاستعادة هيبتها؟ فوجئت بسوء تصرف قام تحت غطاء الادارة العامة وسلط الاشراف ورئاسة الدولة ممّا دعا نقابات الخطوط التونسية للتوجه للادارة العامة وسلط الاشراف طالبين بكشف الوضعية الحقيقية للمؤسسة وتحديد المسؤوليات والكشف عن ملفات الفساد التي تبقى إلى يومنا هذا في طي الكتمان والسرية التامة، وترى النقابات اليوم انّ هذه الملفات تمثل خطرا على ديمومة المؤسسة لامكانية استغلالها من قبل أشخاص أو جهات معينة لابتزاز مسؤولين في المؤسسة بغية الحصول على امتيازات او خدمات شخصية... وكنتيجة لما سبق ذكره تمّ الاعلان عن الوضعية المالية للمؤسسة والوضعية الكارثية في منتصف 2011 ومنذ هذا التاريخ سعت نقابات الخطوط التونسية للعمل مع الادارة العامة وسلطة الاشراف لمجابهة هذه المخاطر بغية انقاذ المؤسسة والحفاظ على ديمومتها إلاّ اننا لم نجد اذانا صاغية. ثمّ كان وصول الحكومة الجديدة فهل طرحتم على وزير النقل حقيقة الوضع؟ منذ الجلسات الاولى نبهنا الى الوضعية المالية الحرجة للمؤسسة والخطيرة، كما اكدنا له غياب هيكل تنظيمي يستجيب للمعايير العالمية في مجال النقل الجوي، اضف إلى ذلك مخاطر المنافسة اللامتكافئة التي تهدد الخطوط التونسية وذلك ببعث شركات خاصة تونسية وبروز مشروع السماء المفتوحة. هل يمكن ان نعرف اسماء هذه الشركات الخاصة؟ هذا يدفعنا حتما للرجوع إلى فترة الوزير السابق السيد سالم الميلادي حيث تمّ اسناد رخصة استغلال، لشركة سيفاكس في ظروف غامضة وحيز زمني قياسي. إلى أي مدى تجاوبت الوزارة مع ماطرحته النقابات؟ منذ تولي الوزير الحالي الاشراف على حقيبة وزارة النقل ابدى تفهما كاملا لمشاغل ابناء الخطوط التونسية ووعيا تاما لمشاكلها والمخاطر المحدقة بنا وتعهد في كل المناسبات بدعم الخطوط التونسية والمحافظة عليها، وانبثق عن هذه الاجتماعات اتفاق ماي 2012 والذي ينص على: عدم اسناد اي تراخيص استغلال لأي شركة تونسية وأجنبية. عدم بعث اي شركات نقل جوي جديدة. تجميد محادثات السماء المفتوحة مع الاتحاد الأوروبي... في انتظار انجاز مشروع اعادة هيكلة الخطوط التونسية واخراجها من وضعيتها الحرجة. هذا الكلام يحيل على بوادر ايجابية فلماذا كانت التحركات الاخيرة والتهديد بالاضراب ووضع الشارة الحمراء في اخر الامر ثمّ الوقفة الاحتجاجية ليوم 13 نوفمبر أمام وزارة النقل؟ فوجئ ابناء الخطوط التونسية في موفى شهر اكتوبر بتنكر سلطة الاشراف لتعهداتها السابقة وذلك باسنادها تراخيص استغلال جديدة لخط تونس باريس لشركات نقل اجنبية وتونسية مع تمكين الخطوط القطرية من رخصة استغلال الاجواء التونسية في اطار الحرية الخامسة مع انطلاق المحادثات مع الاتحاد الاوروبي فيما يخص الأسماء الممنوحة وتعتبر النقابات ان القرارات الاخيرة أحادية الجانب وتهدد ديمومة المؤسسة وتسد امامها افاق الاصلاح والتطور خصوصا انّ برنامج اعادة الهيكلة لا يزال في طور الاعداد والتشاور.