ظن اصحاب الجاه بهذه البلاد ان سياسة القمع والزجر تكفي وحدها لاخفات صوت الحق والوقوف امام تيار النهوض الذي اصبح يسرى في النفوس ويحرك الجماهير ويدفعها كالسيل المتدفق الى حيث العزة والكرامة. واستعملت تلك السياسة في مختلف المناسبات وكانت القوة الغاشمة تحل محل المفاهمة حيث يحاول المغرضون بواسطتها قتل الشعور والحط من المعنويات وارغام الناس على الرضوخ الى حياة الذلة والتعاسة ولطالما اعطتهم التجارب دروسا مرة في هذا المضمار واظهرت لهم عكس ما يرمون اليه وذلك لان سياسة القمع والعنف لا تنجر عنها الا خيبة اصحابها لان النفوس البشرية لا ترضخ ولن ترضخ الا للحق والعدل ولا فائدة هنا بذكر المناسبات المتعددة والظروف المتنوعة التي اقامت الدليل على ان ارادة الشعوب وعزيمة الرجال لا تقهر ولا تذل بمحض استعمال القوة المادية الغاشمة بل تقويها وتغذيها ما دامت الروح لم تفارق الجسم ولو لم يكن كذلك لما نجحت الاعمال التاريخية العظيمة التي حولت مجرى الامور ولما تقدمت فكرة التقدم الاجتماعي ولما نهضت الامم من كبوتها. وها نحن اليوم نجابه نفس القوة المسيطرة التي تريد اخضاع نفوسنا فتأبى الخضوع وتريد تحطيم عزيمتنا فتتضاعف، وتريد الفت في ساعدنا فاذا بالصفوف الشغيلة المنظمة تزداد ثباتا أمام العنف وتظهر العجب العجاب الذي يندهش له الخصم اندهاشا. نشر بجريدة «الحرية» تحت