كلما حاول الرأسماليون المتعنتون القضاء على معنوية العمال واحباط مساعيهم الا وردوا على اعقابهم خاسرين ذلك لان الطبقة الشغيلة التونسية المنظمة في اتحادها القومي المتين اصبحت تشعر بمدى الجهود التي يجب بذلها لتحطيم الاجهزة الاستعمارية البالية التي تقيد العمال وتسخرهم لخدمة المصالح الرأسمالية الطاغية. والشعب التونسي يتتبع اليوم بمزيد الاهتمام والابتهاج ذلك الصراع العظيم الذي يظهر فيه العامل بسالته النادرة واقدامه وثباته. ان هذا الكفاح الذي يقوم به العمال التونسيون لهو من اكبر عوامل النهضة الاجتماعية التي ننشدها لبلادنا وامتنا جمعاء والعامل الذي يتصدى لرد الهجومات الرجعية ويناضل بكل قوة واخلاص لهو جدير بكل اكبار وتقدير فلم يتراجع العامل الفلاحي بسوق الخميس عن موقفه الشريف ولم يرضخ للقوة الغاشمة التي لم تنل من ارادته شيئا ولم يتقهقر عامل المناجم حين اعلنت الشركات الطاغية عليه الحرب. بل نراه ثابتا في موقفه لا يتزحزح مؤمنا بنجاح قضيته موقنا بأن النصر حليفه مهما تكاثرت الويلات ومهما عظمت المصائب. ولقد شاهدنا تلكم الجماهير المتقدة حماسا وايمانا ورايناها تتقبل الهجومات العدوانية بقلب ملؤه الصبر على المكاره وهي مع ذلك تبذل ما في وسعيها لمد يد المساعدة لبقية الاخوان المضربين بالفلاحة وغيرها. وما قولكم في المناورة الخبيثة التي يحاول الاستعماريون بواسطتها احداث القلاقل وتطاحن العمال لإراقة الدماء. ان الشركات الاستثمارية لم تتأخر عن بذل ما في وسعها من مساع لانتخاب العاطلين والاتيان بهم في العربات الضخمة واغرائهم بالاجور المرتفعة وذلك لتكسير الاضراب واثارة الاضطرابات بين المضربين والعمال الجدد وافساح المجال للقوات المسلحة للفتك بأرواح اولئك الذين يدافعون عن حياتهم متمسكين بحق الاضراب بالحرية النقابية التي اكتسبوها بفضل نضالهم الطويل وتضحياتهم الجسيمة ولكن لم تنجح تلك المناورات حيث ان يقظة الشعب وشعوره بواجب التضامن لم يبقيا للخصم ادنى شك في خيبة مساعيه ولم يقبل عامل واحد مباشرة الشغل لافساد الاضراب بالنفيضة الامر الذي جعل مسيري تلك الشركة يقبلون المفاهمة لارضاء رغائب عمالهم الشرعية. وهل تأثر العمال بالمناجم من التهديد والوعيد وهل تأخر العمال بالمناطق الاخرى عن القيام بواجب التضامن خوفا من العقاب الذي سلطته الرجعية على اخوانهم ؟ كلا ... ان جنود الاتحاد يتأهبون في كل جهة ومكان لخوض معمعة اراد المغرضون ان تكون حاسمة فهي معمعة سوف لا تقتصر على تحقيق الرغائب الحيوية العاجلة بل تهدف الى اقرار المبادئ التي انبنى عليها الهيكل النقابي والاجتماعي مبادئ حرية الاضراب واحترامها. ان الاتحاد العام لهو يخوض تلك المعمعة الجبارة بعشرين الف من المضربين حيث ينضم غدا الى صف الكفاح المباشر كافة العمال المنظمين بجهة صفاقس ويستمر النضال ببقية المراكز الاخرى في وحدة تامة بين المنظمات وسيتسع العمل الى بقية فروع النشاط حتى تتعطل الاشغال وتضطر الحكومة الى اتخاذ ما يتحتم عليها من مواقف تضمن للعمال مصالحهم وتفرض على اصحاب رؤوس الاموال احترامها. ان سياسة الارهاق لم يعد مفعولها يفتك بالصفوف الشغيلة بل يزيدها تكتلا وقوة وها هي الجماهير الشغيلة تقيم الدليل على اخفاق سياسة القمع والعنف وها هي تواصل الكفاح غير هيابة ولا مكترثة بما يدبره الخصوم وهذه الازمة الاجتماعية التي تزداد تعكرا منذ ستة اسابيع متوالية سوف لا تنفرج الا بفوز العمال وانتصارهم احب ذلك المغرضون أم كرهوا. واذا تمادت الحكومة على تشجيعها للاعمال الفظيعة فسيكون انتصار العمال اقوى وابعد مدى بتغلبه على اعدائه وبالقضاء على الفكرة الرجعية التي تحاول الرجوع بالشعب الى الانحطاط والتقهقهر. فالطبقة العاملة التي اخذت على نفسها مقاومة الاستثمار الفاحش ومجابهة الاخطار وهي جادة في طريقها تسير سيرها الحثيث الى حيث العزة والرفاهية والكرامة وما دامت الامة متراصة الصفوف متضامنة فلا شك في نجاحها. جريدة «الحرية»