كأس العرب في كرة اليد.. الهزيمة الثانية لمنتخب الأواسط    باريس سان جيرمان يهزم آرسنال ويتأهل لمواجهة الإنتر في نهائي دوري الأبطال    صفاقس : بالشعر مهرجان سيدي عباس يُسدل الستار على دورته 31    دخان أسود يصعد من كنيسة بالفاتيكان معلناً عدم انتخاب بابا في أول تصويت    عشرية الغنيمة لم تترك لنا غير الدّعاء    اشتعل ويهدّد السلم العالمي: حريق خطير بين الهند وباكستان    «شروق» على الجهات جندوبة الرياضية .. الجمعية على باب «الناسيونال»    مع الشروق : الإرادة اليمنية تكتب فصول العزّة    وزيرة الثقافة تطالب بحلول عاجلة لمراكز الفنون الدرامية    تعزيز التعاون مع نيجيريا    مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عبد العزيز    ولاية أريانة تستعد لانطلاق فعاليات الدورة 29 لعيد الورد من 9 إلى 25 ماي 2025    ماكرون: سأسعى لرفع العقوبات الأوروبية عن سوريا تدريجيا    عاجل/ قتيل ومصابون في حادث اصطدام حافلة عمال بشاحنة    الليلة: أمطار مؤقتا رعدية مع تساقط محلي للبرد    كرة اليد: نضال العمري يعزز صفوف الترجي في بطولة إفريقيا    وزير السياحة يتباحث مع نظيره الكونغولي سبل تطوير التعاون ودعم الربط الجوي    رئيس المنظمة الفلاحية: أضاحي العيد متوفرة وأسعارها ستكون في حدود أسعار الموسم الماضي أو أقل    تحويل جزئي للمرور على مستوى مدخل المروج وفوشانة بداية من مساء الأربعاء    المحامي غازي المرابط: "مراد الزغيدي مسجون بسبب تحليلاته النقدية.. والقضية المثارة ضده لا تحمل أدلة مادية"    بطولة الرابطة الثانية: موعد المباريات    اتصال هاتفي بين محمد علي النفطي ونظيره النيجيري...تفاصيل    أنس جابر تعود لملاعب روما في هذا الموعد    مؤشرات إيجابية للنشاط التجاري للخطوط التونسية للفترة المتراوحة من أكتوبر 2024 إلى مارس 2025    عاجل/ نسبة إمتلاء السدود الى حدود اليوم الأربعاء    مطار قرطاج: ضبط كمية من الذهب وايقاف مسافرتين    سيدي بوزيد: انطلاق أولى رحلات حجيج الجهة نحو البقاع المقدّسة في هذا الموعد    اجتماع تنسيقي بين وزارة الشؤون الثقافية واتحاد إذاعات الدول العربية تحضيرا لمهرجان الإذاعة والتلفزيون    الدوري الأوروبي: أتليتيك بيلباو يعلن غياب الشقيقان وليامز عن مواجهة مانشستر يونايتد    نفوق 7 أبقار بالمهدية.. الاتحاد الجهوي للفلاحة يوضح    حي التضامن: القبض على 03 من مروّجي المخدرات وحجز كميات من الكوكايين والإكستازي    مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة ينظم تظاهرة فكرية ثقافية حول 'المرأة والتراث بالكاف    الديوانة التونسية تحبط عمليات تهريب قياسية: محجوزات بالمليارات    سيدي بوزيد: اللجنة المحلية لمجابهة الكوارث بسيدي بوزيد الغربية تنظر في الاستعدادات لموسم الحصاد وفي سبل التصدي للحشرة القرمزية    تحذير هام من الإستخدام العشوائي للمكمّلات الغذائية.. #خبر_عاجل    كيف تتصرف إذا ''لسعتك عقرب والا عضّتك أفعى''    عاجل/ البحر يلفظ جثة بهذه الولاية    كل ما تريد معرفته عن الازدواج الضريبي للتونسيين بالخارج    اليوم في المسرح البلدي بالعاصمة: فيصل الحضيري يقدم "كاستينغ" امام شبابيك مغلقة    منظمة إرشاد المستهلك تعبّر عن انشغالها بشأن عدم تطبيق بعض البنوك للفصل 412 جديد من المجلّة التجاريّة    هذه أسعار أضاحي العيد بهذه الولاية..    حماس تدعو إلى ملاحقة قادة الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية كمجربي حرب..#خبر_عاجل    مصر وقطر في بيان مشترك: جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة    عاجل/ نفوق عدد من الأبقار ببنزرت..وممثّل نقابة الفلاحين بالجهة يكشف ويُوضّح..    أطعمة تساهم في خفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح    وليد بن صالح رئيسا للجامعة الافريقية للخبراء المحاسبين    وزير التشغيل والتكوين المهني يدعو الى ترويج تجربة تونس في مجال التكوين المستمر دوليا    يقطع الكهرباء ويجدول الديون.. القبض على شخص ينتحل صفة عون ستاغ..    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة    تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس    بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يكون وزير التعليم العالي المانح والمنتفع ؟
بعد حصول منصف بن سالم على رتبة استاذ تعليم عال
نشر في الشعب يوم 22 - 12 - 2012

بمقتضى امر عدد 3087 لسنة 2012 مؤرخ في 3 سبتمبر 2012 ونشر بالرائد الرسمي يوم 11 ديسمبر 2012 عين السيد منصف بن سالم الاستاذ المحاضر في رتبة أستاذ تعليم عال في مادة الرياضيات .وفي تصريح له على موجات موزاييك أكد الوزير يوم 16 ديسمبر الجاري صدور الأمر بترقيته وقال إن هذه الترقية قانونية بما أنها تستند الى قرار اداري صادر سنة 2002 ووضح انه لجأ للقضاء سنة 1987 ثم مرة اخرى بعد سقوط نظام بن علي. وبحسب السيد منصف بن سالم فان الإجراء انطلق قبل تسميته على رأس وزارة التعليم العالي بل صرح انه حاول الابطاء في الحصول على الترقية مخافة ردود الافعال التي ستثيرها وصرح أيصا أن رئيس الحكومة طلب منه تاجيل الامر الى تاريخ لاحق بعد مغادرته للوزارة وقال اخيرا ان الغرض من هذه الترقية ليس الحصول على تعويض مالي بل ان الغرص منها هو تسوية وضعيته المهنية . فالأجر على حد تعبيره مسالة ثانوية .
غيرأن ذلك من حقه كما جاء على لسانه وان لم يطالب به الى حد الساعة. و قد ذكر السيد سامي الرمادي رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية ان حجم التعويض اذا ما قبضه السيد بن سالم سيصل الى 660 الف دينار وتساءل كيف يمكن له قبول تعويض عن عمل لم ينجزه . كما تعرض وزير التعليم العالي سواء من قبل زملائه او من ناشطين على الشبكة الاجتماعية الى حملة شرسة اذ وضع الكثيرون على صفحة الرائد الرسمي التي نشر عليها قرار الترقية كلمة سارق . وربما يكون ردالفعل الابرز والاكثر جدارة بالاهتمام هي الرسالة التي بعث بها الاستاذ صالح الحرشاني بداية 2012 الى السيد منصف بن سالم نفسه. ونشرت على شبكة الانترنات وفي المواقع الاجتماعية ثم أعاد نشرها في الأيام الأخير وهي رسالة مثيرة من أستاذ الرياضيات بكلية العلوم بتونس. و تتهم الرسالة المطولة التي تضمنت كثيرا من المعطيات والتعليقات ذات الطابع القانوني والسياسي أحيانا السيد منصف بن سالم المختص هو أيضا في الرياضيات ( ومعه كثير من الشخصيات الأخرى وعلى رأسهم الباجي قائد السبسي ووزير التعليم العالي في حكومته) بأنه سعى للحصول على رتبة أستاذ للتعليم العالي بطرق غير شرعية بعد محاولات متعددة آلت أولاهما وثانيتها إلى الفشل في حين نجحت الثالثة في حصوله على موافقة لجنة الانتداب لارتقائه إلى رتبة أستاذ تعليم عال إلى حين استكمال المراحل القانونية للحصول عليها وذلك بطرق ملتوية وغير قانونية
تفاصيل القضية
وتتمثل تفاصيل القضية في أن السيد منصف بن سالم شرع بعد الثورة في الإجراءات الضرورية لخوض غمار مناظرة الارتقاء إلى رتبة أستاذ للتعليم العالي وهو الذي فصل عن منصبه سنة 1987 حين كان أستاذا محاضرا بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس ،مع العلم أن المناظرة تتضمن مراحل ثلاثا : يتقدم المترشحون في مرحلة أولى بملفات لدراستها من قبل لجنة علمية. وقد وقع تسمية هذه اللجنة في الدورتين الأخيرتين من قبل وزير التعليم العالي واسمها الرسمي « اللجنة الاستشارية للارتقاء إلى رتبة أستاذ تعليم عال» وهذا يعني أن قرار اللجنة ذو صبغة استشارية لا أكثر . تتداول اللجنة بعد دراستها للملفات ثم تقدم رأيها بالموافقة أو بالرفض حول ملف كل مترشح ثم تضع قائمة في المترشحين الناجحين والواجب اقتراحهم للتسمية في حدود المراكز المزمع إحداثها آو تسديد الشغور فيها مرتبين حسب التفوق . تقدم اللجنة مقترحها إلى وزير التعليم العالي الذي يضع القائمة النهائية للمترشحين المقبولين ويمكن للوزير ألا يحتفظ باسم من الأسماء التي أعلنت الجنة عن قبولها كما يمكنه ألا يتوقف عند ترتيب الأسماء المقبولة بحسب ما جاء في مقترح اللجنة. ويسمّى أساتذة التعليم العالي بأمر بعد اقتراح من وزير التعليم العالي ...وكان من المنتظر أن يتقدم السيد منصف بن سالم بترشحه للّجنة القائمة وهي برئاسة الأستاذ بلحسن دحمان والتي وقع تسميتها لدورة 2010- 2011 إلا أنه لم يسلك الطريقة المنصوص عليها بالقانون ولجأ إلى أسلوب التحيّل والمراوغة في ثلاث محاولات
المحاولة الاولى
تمثلت الأولى في أنه حاول الحصول على ترقية آلية وذلك من خلال وسطاء قريبين من حزب النهضة خاطبوا الجامعة العامة للتعليم العالي في ذلك ومن خلال وزير التعليم العالي في حكومة الباجي قائد السبسي الذي حاول التدخل هو ايضا لفائدته لدى الجامعة . ولكن نقابة التعليم العالي رفضت المحاولتين واعتبرت الحصول على الترقية دون المرور باللجنة أمرا مخالفا للترتيب المعمول به . وتحوم حول هذا التدخل كثيرمن الشكوك اذ يؤكد السيد حسين بوجرة الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ان هذا التدخل لم يقع بالمرة ( انظر مجلة اكاديميا افريل 2012) وإن لم نكن في وارد تكذيب السيد حسين بوجرة الا أن همسا تداوله الجامعيون في اواخر 2011 يؤكد ان هذا التدخل قد وقع فعلا وان بشكل غير رسمي ولا ندري تاريخه على وجه الدقة . وهو ما يعني اذا صح ذلك انه كان هناك ارادة منذ البداية للالتفاف على القانون. اذ ان الترقية من رتبة الى رتبة في التعليم العالي تخضع الى اجراءات دقيقة ومنها احالة الملف الى لجنة هي التي نقترح الترقية او ترفضها.
المحاولة الثانية
وحين فشلت المحاولة الأولى أعلن وزير التعليم العالي في حكومة الباجي قائد السبسي بواسطة قرار نشر يوم 24 نوفمبر2011 عن تنظيم مناظرة بالملفات بداية من يوم 9 نوفمبر من نفس الشهر بعنوان دورة سنة 1987 للتسمية في رتبة أستاذ للتعليم العالي. وكانت المراكز المزمع إحداثها لا تتجاوز مركزا واحدا فقط. نعم أعلن عن المناظرة يوم 24 نوفمبر أي بتأخير يتجاوز الأسبوعين عن التاريخ الرسمي لفتح المناظرة وهو يوم 9 نوفمبر حسب المعطيات الواردة بالرسالة . وأسندت الخطة إلى المدرسة الوطنية للمهندسين في صفاقس اي المؤسسة الأصلية التي فصل منها السيد بن سالم سنة 1987 بواسطة مقرر إداري ألغته المحكمة الإدارية في 2002 وهو القرار الاداري الذي رفضت السلطة تطبيقه إلى أن جاءت الثورة فأرجعت الى السيد بن سالم اعتباره ومنصبه. وقد كان تاريخ تسليم الملفات بموجب القرار المنشور يوم 24 نوفمبر بداية من 21 نوفمبر الى 28 من نفس الشهر وهو ما يعني أن كل شيء كان مدبرا من اجل أن يحصل السيد بن سالم على ترقيته خارج التراتيب المعمول بها ...وحتى يسير كل شيء على أحسن ما يرام قام وزير التعليم العالي بتكوين لجنة على مقاسه غير اللجنة القائمة وترأسها الأستاذ احمد الفتوحي ...حينها تقدمت لجنة الأستاذ بلحسن دحمان القائمة برسالة احتجاج معتبرة اللجنة الثانية المستحدثة خرقا للقانون ومحاباة لشخص مرشح واحد . وانتهى الأمر إلى استقالة عضوين من لجنة الأستاذ بلحسن الفتوحي. وهكذا فشلت المحاولة الثانية
المحاولة الثالثة
ولكن السيد الوزير لم ييأس من المحاولة رغم ذلك فعيّن لجنة أخرى ترأسها الأستاذ الفتوحي ثانية وتركبت من اثنين من تلامذة الوزير اللذين باشرا معه في نفس المؤسسة التي اشتغل فيها قبل عزله أي المدرسة الوطنية للمهندسين في صفاقس مع العلم أيضا أن اثنين من أعضاء اللجنة هما من أنصار حركة النهضة وان واحدا منهما تقدم للترشح إلى عضوية المجلس التأسيسي في نفس قائمة السيد الوزير لفائدة الحركة. وبالإضافة إلى ذلك فقد تضمن ملفه العلمي ما يؤكد إشرافه على تأطير عدد من الباحثين في نطاق شهادة الدكتوراه إلا أن رسالة الحرشاني من خلال وثائق مصاحبة تدحض ما جاء في ملف السيد منصف بن سالم مؤكدة من جانبها انه لم يشرف على تأطير أحد ممن جاء ذكرهم في ملفه العلمي. ويتضح هنا ان المحاولة الثالثة نحجت اذ وافق الوزير على نجاحه وصدر قرار يوم 3 سبتمبر 2012 من الوزارة الأولى برفعه إلى رتبة أستاذ تعليم عال . غير أنه من الضروري ان نشير هنا الى معطى لم يرد في رسالة الحرشاني وهو انه كان من الضروري ان يمر ملف السيد بن سالم على ادارة الامتحانات والمناظرات بوزارة التعليم العالي لتصادق على قرار اللجنة قبل وصول الملف الى الوزير لاقتراح ترقيته على الوزير الاول. غير ان ذلك لم يقع (بحسب رسالة شخصية ارسلها الى بريدنا مصدر قريب من الوزارة رفض الكشف عن هويته) وهو ما يعني انه لا أحد يعلم ما جاء في تقرير لجنة الانتداب والترقية غير الوزير نفسه .ومن حقنا ان نتساءل حول محتوى هذا التقرير اذ من الممكن نظريا على الاقل الا تكون اللجنة وافقت على الترقية اذا ما ثبت كما قال الاستاذ الحرشاني في رسالته ان الملف احتوى معطيات خاطئة تدخل في باب التحيل. مع الإشارة في الأخير إلى أن صاحب الرسالة يشير في ذيلها إلى انه تعرض إلى مضايقات من اجل ثنيه عن نشر رسالته بل تحدث أيضا عن تهديد بالقتل صدر عن جهات لم يسمّها . ولا ندري ما صحة المعلومات الواردة بالرسالة ولا صدقية الوثائق المصاحبة لها غير أننا ننشرها بحثا عن الحقيقة واستجلاء لقضية خطيرة تمس من سمعة شهائدنا
هل يدخل مثال السيد منصف بن سالم ضمن العدالة الانتقالية ؟
انه اذا استثنينا مسألة الترقية التي تشوبها بلاشك كثير من الشبهات فان رقم التعويض المقدم وهو 660 الف دينار لا يشمل الا في نسبة قليلة منه الاستحقاقات المترتبة عن الترقية ( حوالي 60 الف دينار ) لان مسالة التعويض عن سنوات الطرد تبقى قائمة حتى ولو لم يحصل السيد منصف بن سالم على رتبة استاذ تعليم عال . انه لا شك فيه ان السيد منصف بن سالم وباعتيار الطرد التعسفي الذي تعرض له سنة 1987 يدخل في نطاق العدالة الانتقالية غير انه كثيرا ما تتسم السياقات الاجتماعية والسياسية التي تنشأ فيها برامج تعويض المتضررين من أنظمة الاستبداد بتصدع العلاقات الاجتماعية وتدني مستويات الثقة بين المواطنين وهومايبرر الى حد ما الحملة التي يتعرض لها والتي اختلط فيها التعويض عن سنوات الطرد (باعتباره كان سنة 1987 استاذا محاضرا أطرد من منصبه لاسباب سياسية ) بقضية التعويض المرتبط بالترقية التي تحصل عليها وهو وزير للتعليم العالي وهو ما جعله في وضعية المانح والمنتفع وهي حالة نادرة الوقوع وتفتح الباب امام كثير من الاقاويل التي يختلط فيها الغث بالسمين . بيد أنه من المتفق حوله بحسب القانون الدولي أنه يترتب على وقوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي نشوء الحق في تعويض الضحايا وهو ما يعني بحسب أدبيات مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نشوء واجب على الدولة بان تقدم تعويضات . وتوفّر المبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية تدابير عامة تتعلق بالتعويض يبقى على الدول بعد ذلك أن تحولها من خلال تشريعاتها إلى صيغ خاصة تتلاءم مع ظروف كل بلد . ومن هذه التدابير العامة و بالإضافة إلى التعويض الذي يمكن تقديره ماديا يعني التعويض أيضا استرداد الحرية والتمتع بحقوق الإنسان واسترداد الحياة الأسرية والمواطنة والعودة إلى محل الإقامة واسترجاع الوظيفة وهو ما يهمنا في حالة السيد منصف بن سالم . تلك أمور راسخة في القانون الدولي ومن المؤسف أن تتحول لدينا إلى محل للتجاذبات السياسية. غير انه من الضروري أن نؤكد في هذا السياق وسواء كان ذلك في حالة السيد منصف بن سالم او في غيرها من الحالات أن تنفيذ استحقاقات التعويضات بمعزل عن مبادرات العدالة الانتقالية برمتها ( يبدو ان كثيرا من المواطنين لم يكن لهم حظ السيد الوزير في الحصول على الترقية وقبلها الرجوع الى العمل مع ما يتضمنه الامر من تعويض سيمنحه الى نفسه وبالسرعة التي يبررها انه المانح والمنتفع ) قد يأتي بنتائج عكسية فينظر إليه في اغلب الأحيان عن حق على أنه اقرب إلى أن يكون مبلغا مدفوعا للرشوة السياسية او ارضاء للانصار من قبل أطراف لا ترى من جبر الضرر غير الاستحقاق المادي وفي ظل الصراع السياسي والإيديولوجي الذي تعرفه عادة المراحل الانتقالية .. إن البعض منا ينسى أو يتناسى أن فلسفة التعويض إذا ما أدرجت في ظل سياسة عدالة انتقالية شاملة تقوم على إعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة والثقة المدنية التي يحدثها التعويض . و إنه من الواجب ان نعترف لضحايا الاستبداد بحقهم في جبر الضرر بعيدا عن التعفف المزيف عن التعويض الذي يعرضه محترفو السياسة تلميعا لصورتهم المقدمة للاستهلاك الانتخابي . لقد صنع جبر الضرر لغايات سياسية وأخلاقية نبيلة فمن العبث أن يتحول إلى تطاحن سياسي يكشف عن أغراض تختفي وراءها حسبة سياسية حين ينتزع بالكلية تقريبا من مستلزماته المتعلقة بكشف الحقيقة وتحديد المتورطين والمتعاونين معهم في انتهاك حقوق الإنسان إنارة للرأي العام وتسهيلا على الضحايا وعائلاتهم « ان يصنعوا حدادهم» و يتخلصوا نفسيا وبشكل نهائي من آثار ما لحق بهم من دمار لا يعلمه أحيانا الا من عانوا منه على مدى سنوات الصمت والمحاصرة ولا يقلل منه بلا شك ثرثرة المتخصصين في الإقدام والشجاعة بمفعول رجعي . يقابل كل هذا كره دفين يكنه بعضنا للبعض الأخر في مظاهر مخزية للتقليل من معاناة البشر تنخرط فيها الغوغاء التي يقع كالعادة استعمالها واستثارة أحقادها بعد ان تحرك أمامها الأرقام تدوخها بمفعول خليط من الحسد موضوع في غلاف اديولوجي : 660 الف دينار لا نميز فيها بين استحقاق الترقية وبين استحقاق التعويض عن سنوات العزل بمعنييه الاداري والبدني . انه لا جبر ولا تعزيز للثقة العامة سواء كانت رأسية بين الدولة والمواطنين او خطية بين المواطنين أنفسهم إذا أصبحت مسألة التعويض هدية تسند إلى الموالين والأنصار بشكل مستعجل خدمة لأجندة مستعجلة أو مطية لتصفية حسابات الماضي ولانتهاك حرمة الإنسان وامتهان كرامته والاعتداء على حقه في التعويض الذي قد لا يعوض أحيانا غير قليل جدا من الخسائر الفادحة التي يصعب أو يستحيل تعويضها . ما أتعس ان تجمع الضحية ايا كان لونها السياسي بين مرارتين اولى من الماضي لا تكاد آثارها تزول وأخرى لا تصنعها ذكرى الجلاد بل خنجر ذوي القربى يوجه الى النحر في مجتمع أصبح الكل فيه عدوا للكل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.