مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة في القطاع العام ،وحلّ شركة الاتصالية للخدمات ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزيري الشؤون الاجتماعية وتكنولوجيات الاتصال    رئيس الجمهورية : الدّولة التونسية تُدار بمؤسّساتها وبالقوانين التي تنظّمها،,ولا أحد فوق المساءلة والقانون    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم بثنائية أمام فلامينغو .. ترتيب المجموعة    الترجي الرياضي التونسي ينهزم في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية أمام فلامينغو البرازيلي (فيديو)    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    عاجل: أمر مفاجئ من ترامب: على الجميع إخلاء طهران فورا    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    كأس العالم للأندية: تعادل مثير بين البوكا وبنفيكا    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود".. وتطالب السلطات التونسية والجزائرية بالتدخل    طقس الليلة    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسلّم رفات الشهيد عبد العزيز العكرمي وجنازة رهيبة له في قفصة
في انتظار تسلّم رفات بقيّة شهداء المحاولة الانقلابية عام 62:
نشر في الشعب يوم 12 - 01 - 2013

في أحد الغرف الخلفيّة بالمستشفى العسكري الحبيب ثامر وضعت خمسة صناديق متلاصقة ألصقت على كلّ واحد منها ورقة بيضاء كتب عليها باللون الأسود أسماء رجال غيبهم الموت منذ خمسين سنة شنقا حتّى الموت : رفات المرحوم عبد العزيز العكرمي، صالح حشّاني، كبيّر المحرزي، أحمد الرحموني والهادي القفصي.. هكذا سجيت جثامين الرجال في الغرفة في انتظار تسلمها من أقربائهم وذويهم لإعادة دفنها في مقابر معلومة بعد أن عاشوا تغريبة النفي لخمسين سنة في مقبرة جماعيّة لا يعلمها إلاّ من اتخذ قرار إعدامهم ذات يوم من سنة 1962 والذي لم يكن سوى رفيقهم في النضال ضدّ المستعمر الفرنسي الغاشم المرحوم الحبيب بورقيبة. رفات خمسة رجال من عشرة تمّ إعدامهم في نفس المكان واليوم والساعة تمّ التعرّف إليهم في انتظار التعرّف على رفات بقيّة الرجال وتسليمهم إلى ذويهم.
خارج القاعة وفي جوّ مهيب كان في الانتظار مجموعة من الرجال والنساء والشباب، القليل منهم عايش هؤلاء الرجال عندما كانوا يتقدون نشاطا ونضاليّة وهم يحاربون المستعمر أو وهم يبنون سرح الدولة الوطنيّة التونسيّة الخارجة لتوها من ربقة الاستعمار ويركزون أوّل نواة للجيش الوطني التونسي، أمّا البقيّة فهم أقارب وأبناء وأحفاد تجمعهم بالشهداء صلة الدم أو صلة الفكر والمبدأ والقضيّة جاؤوا من كلّ الجهات ليلقوا نظرة على رجال عاشوا لسنوات يستمعون لحكايات تروي بطولتهم وشجاعتهم ومآثرهم وإيثارهم قول الحق في وجه سلطان جائر، رجال وقفوا في وجه رفيق السلاح الذي استبدّ بالسلطة وأعلنها غنيمة خاصة به وببطانته من دون كل الذين قدّموا التضحيات معه لنيل استقلال الوطن وعزّة شعبه.
عبد العزيز العكرمي يعود إلى قفصة
صبيحة يوم الجمعة 04 جانفي 2013 تسلمت عائلة الشهيد عبد العزيز العكرمي رفاته لدفنه في مقبرة العائلة بمدينة قصر قفصة التي غادرها الشهيد منذ خمسين سنة، ليعدم في أحد المعتقلات العسكريّة بتونس بعد محاكمة عسكريّة صوريّة ويدفن في مقبرة جماعيّة مع بقيّة رفاقه في المحاولة الانقلابيّة على نظام بورقيبة الذي سماها ب «مؤامرة 62» واتهم منفذيها بالخيانة العظمى وحكم عليهم بالإعدام. غادر رفات العكرمي المستشفى العسكري وترك بقيّة رفاقه في المستشفى في انتظار مغادرتهم ليدفنوا في مقابر معلومة. غادر بعد شهر مكتب فيه الرفات في المستشفى في انتظار أن تتكفّل حكومة ما بعد الثورة بمراسم دفن تليق بشهداء الوطن ولكنّ مطلب الجمعية الوطنيّة للدفاع عن الحركة اليوسفيّة وإنصافها وبعض الأحزاب السياسيّة العروبيّة والقوميّة والشخصيات الوطنيّة وعائلات الشهداء تم تجاهله وكأنّ التهمة التي اعدموا من أجلها لم تكف بعض الساسة ليتم إعدامهم ثانية بالتجاهل واللامبالاة خاصة مع الغياب التام لأي مسؤول حكومي وللأحزاب الحاكمة عن مراسم تسلّم الجثامين. هذا وقد تمّ تنظيم جنازة جماهيريّة للشهيد في قصر قفصة يوم الأحد 06 جانفي 2013 شارك فيها المئات من المشيعين وحضرتها عديد المنظمات والأحزاب السياسيّة وأعضاء من المجلس التأسيسي ووري رفاته الطاهر الثرى في مقبرة الشهداء.
تشييع رمزي ومواقف سياسيّة مستهجنة لغياب التمثيل الرسمي عند تسلّم الرفات
تمّ تسلّم رفات الشهيد عبد العزيز العكرمي من إدارة المستشفى العسكري مع الساعة الحادية عشرة ونصف صباحا وحمل على سيّارة خاصة ألصقت بها صور الشهيد بما أن السلطة لم تتجشم عناء تخصيص سيّارة لنقله، وشيّع من المستشفى إلى الطريق الرئيسيّة في جنازة رمزيّة حضرها قرابة الخمسين من أهالي الشهداء وممثلين عن الأحزاب السياسيّة العروبيّة المنتسبة إلى اليوسفيّة، ردّدوا خلالها النشيد الوطني ورفعوا شعارات تنادي بالوفاء للشهداء «بالروح بالدم نفديك يا شهيد» و»يا شهيد يا شهيد على دربك لن نحيد».
وقد كانت لنا لقاءات مع بعض عائلات الشهداء وممثلي الجمعيات والأحزاب السياسيّة للحديث عن الشهداء ومآثرهم وعن الموقف من غياب التمثيل الرسمي في هذه المناسبة.
قدّور بن يشرط أحد المشاركين في المحاولة الانقلابية
هي مناسبة أليمة تذكرنا بعديد الذكريات فقد كنت صديق المرحوم ومن ضمن الثلاثة الذين كانوا النواة الرئيسيّة للمحاولة الانقلابيّة، الشهيد عبد العزيز العكرمي والشهيد الهادي القفصي وشخصي، وكانت الانطلاقة من بنزرت للتدقيق ثمّ توسعت المجموعة فيما بعد بين الجيش والمدنيين وكانت المحاولة على وشك النجاح فمقارنة بالثورة المصريّة التي كانت نسبة نجاحها ضئيلة ولم تتجاوز الخمسة بالمائة فإن نسبة نجاح محاولتنا كانت في حدود التسعين بالمائة، لكن القضاء والقدر والمشيئة الإلهية أرادت عكس ذلك فالقي علينا القبض وحوكمنا وأمضينا سنوات جمر وكأننا في القرون الوسطى التي مرت بها أوروبا وسميت بالمنسيات، تصور سجنا في قبو 27 درجة تحت الأرض وكنّا مقيدين بالسلاسل وأكلنا زهيد. وليس من باب التهويل إن قلت لك أننا قضينا سنتين وثمانية أشهر في كراكة غار الملح لا نعرف الشبع، التي عرفنا بفواضل السجناء عندما دخلنا سجن برج الرومي التي كان يجلبها لنا بعض السجانين رأفة بنا. الحمدلله دوام الحال من المحال وها نحن نشهد في هذه السنّ (83 سنة) وبكامل مداركنا العقليّة هذا اليوم رغم أننا فرحنا سنة 87 بإنهاء حكم بورقيبة لنكتشف فيما بعد أننا دخلنا مرحلة أكثر بؤسا. كنّا نتمنى اليوم أن يتم تكريم هؤلاء الشهداء الذين رفعوا أصواتهم في ذلك التاريخ ليقولوا للرئيس بعد ستة سنوات من الاستقلال وفي الوقت الذي لم يكن فيه وزير يجرؤ على النظر في عيني بورقيبة أن ما يحدث منكرا وانه حاد عن تاريخ الحركة الوطنيّة واستحوذ بالحكم وأعلن فينا « أنا ربكم الأعلى « وأنك فرعون، فحوكمنا بحكم فرنسي من سلطة رئيس اعتبر هذا الشعب «حفنة من تراب». ولكن لكل طاغية نهاية فمن كان يظن أننا سنزيح المخلوع من مكانه ونعوضه بغيره ليعيش في الغربة والغربة جرّبناها وهي أمرّ من السجن. تسليم الرفات لن يطفئ وقع الفاجعة بل لعلّه سيؤجج الآلام عند العائلات فكأن الدفن سيتم اليوم ولكن نتمنى من الله الرحمة والمغفرة للشهداء وأن يسكنهم فراديس جنانه هم وجميع المسلمين.
محمود بن بوبكر النقاطي: مناضل يوسفي وصديق الشهيد
الشهيد عبد العزيز العكرمي زميل دراسة وصديق عزيز وقد تميّز بالشجاعة والفصاحة ولا مثيل له في فصاحة اللسان، وهو منذ أن كان طالبا صغيرا شارك في الثورة الفلسطينيّة عام 47 وعاد سنة 48 مستاء من موقف الحكومات العربيّة وترددها في الدفاع عن القضيّة الفلسطينيّة. شارك في تكوين لجنة صوت الطالب الزيتوني مع الشيخ محمد الطاهر بن عاشور التي دافعت عن التعليم الزيتوني وكان أحد أعضائها البارزين لذا حاولوا قتله عدّة مرّات وأذكر أنّه سنة 51 قررت لجنة صوت الطالب الزيتوني الاحتفال بعيد الجلوس لنيل ثقة الباي وكان الحزب الدستوري رافضا لظهور لجنة صوت الطالب الزيتوني، وبمجرد وصولنا أمام القصر هجموا علينا فألقى الشيخ عبد العزيز العكرمي خطابا قال فيه « يا أحفاد الحبحاب البحر وراءكم وميليشيا الحزب والشرطة أمامكم وأنتم لا خلاص لكم إلاّ الحجارة فدافعوا عن أنفسكم «. تسليم الرفات اليوم يعد استرجاعا لبعض الحقوق وكنّا نتصوّر أن يكون الحضور أكثر من هذا لكن على كلّ نتمنّى أن يكون التأبين مناسبا. وددت لو أن رفاته لا ينقل إلى قفصة بل أن يدفن في مقبرة الشهداء بالجلاّز.
العربي الأدب العكرمي شقيق الشهيد:
لدينا مثل يقول «الحي يروّح» وكذلك الميت يعود. والشهيد يعود اليوم إلى أهله بعد خمسين سنة وكلّه بفضل مشيئة اللّه والشعب والعديد من الرجال الذين سعوا إلى استعادة رفات الشهيد عبد العزيز العكرمي، الذي عاش عزيزا ولم يذل رغم كل الإغراءات، لقد كان صوته يجاهر بالحقّ ويصرّح بمواقفه علنا وعلى مرأى ومسمع من الجميع، ومن حاكمه وأعدمه لم يكن يدافع عن الحقّ بل كان ينفّذ قرارا مملى عليه، ويخدمون النظام الذي خذلهم ففيهم من مات مسموما. وقد قالها لهم الشهيد «التاريخ لا يرحم» وها قد أثبت ذلك التاريخ اليوم بفضل الشهداء. ردّ اعتبار الشهيد وتكريمه عند اللّه ونحن لا نجبر أحدا على الحضور، خاصة من جرّب الاضطهاد. أجره عند اللّه وذكراه باقية في قلوب الرجال من الجزائر إلى ليبيا فهو لم يذلّ ولم يهن ولم يطمع. بقي أن أقول أن من حاكموه وأعدموه سيحملون يوم القيامة وزرهم ووزر الذي أضلّوهم بغير هدى.
عكرمي نوامري أمين عام اتحاد المهندسين المزارعين وصهر الشهيد
هذه مناسبة جليلة كنّا نترقبها في العائلة منذ سنوات. يروى أن الشهيد قال لهم قبل إعدامه « هذا المكان سوف يزار في يوم من الأيام « وفي الحقيقة وإن لم نزر مكان الإعدام والذي يقال أنّه كان في ثكنة بوفيشة فإنّنا نزوره اليوم ولكن في مكان آخر وهو ما يؤكد أنه صدق في كلامه وانجلت الغمّة وزهق الباطل وظهر الحقّ. التاريخ سيف يكشف الكثير والشهيد عبد العزيز العكرمي حسب ما يحكى كان فريدا من نوعه كان بدويا فصيحا ألمعيا ومن خيرة مجموعة الطالب الزيتوني، وكان شجاعا إلى درجة أن بعض من عرفه تحدث أنّه وقبل المحاولة الانقلابية كان يتحدّث جهارا أنّه سينهي نظام الطاغية بورقيبة في الغد. وهو النظام الذي جنى علينا لسنوات حقبة طويلة من الاستبداد والتغريب الحضاري والفكري. فلو نجح الشهيد عبد العزيز العكرمي ورفاقه في محاولتهم لكان لتونس وجها آخر.
عبد المؤمن القفصي شقيق الشهيد الهادي القفصي:
رفضنا تسلم رفات الشهداء في بداية شهر ديسمبر لأنه لم يقع تكريم الشهداء، ولكن يبدو أن الاتجاه الرسمي يرفض تكريمهم ولذلك قررنا تسلّم رفات الشهداء، اليوم تتسلم عائلة الشهيد عبد العزيز العكرمي رفاته ونحن سنتسلم رفات الشهيد الهادي القفصي وبقيّة الشهداء في ذكرى إعدام المجموعة في 24 جانفي وسنكرمهم بطريقتنا الخاصة، وسنعرض أمام الشعب عديد المعطيات التي تثبت حقيقة ما وقع سنة 62 وتؤكد أن الشهداء أصحاب قضيّة وطنيّة عادلة وكونهم ضحوّا بأرواحهم من أجل الوطن. وأؤكد لك أن فرنسا لم تخرج من تونس إلى حدود سنة 62 وأنّها كانت الحاكم الرسمي لتونس.
محمد الهادي الحشاني ابن الشهيد الضابط الحشاني من مؤسسي الجيش التونسي
باعتباري أحد أعضاء المنظمة الوطنيّة للدفاع عن الحركة اليوسفيّة وإنصافها سعينا لاستعادة رفات الشهداء بعد الثورة وكنّا قد التقينا السيد الرئيس منصف المرزوقي ووعدنا بالمساعدة على استعادة الجثامين وتكريم الشهداء وردّ الاعتبار لهم ودفنهم في مقبرة الشهداء، ولكن ومنذ التعرف على رفات الشهداء في بداية شهر ديسمبر ونحن ننتظر تكريمهم بشكل رسمي ولكن اتضح ألاّ نيّة للرئيس والحكومة في ذلك وقد تقدمنا لهم بعدة مطالب ولكننا لم نتلق ردودا لا ايجابيّة ولا سلبيّة وهو أمر مؤسف ولكننا نقول لهم التاريخ لا يرحم والحقيقة ستظهر في يوم من الأيام، والدي ساعد المجموعة اليوسفيّة من المدنيين لإزاحة بورقيبة الذي انحرف على المسار الوطني فتم إعدامه وحسب مصادر من الجيش فقد تمّ رشّ جثثهم بالمازوط وتم إحراقهم، ورغم ذلك يتواصل التعتيم الإعلامي حول أطوار محاكمة مجموعة ال 62 من قبل محكمة فرنسيّة. يؤسفني أنني لا أجد ما أقوله لأبنائي حول جدّهم الذي ناضل من اجل البلاد فكان مصيره التجاهل والنسيان. أتمنى أن يرحمهم الله وأن يستفيق الشعب التونسي وبقيّة الشعوب العربيّة لنبني مصيرنا بأيدينا بعيدا عن التدخل الأجنبي.
جنينة الحشاني ابنة الشهيد الحشاني
تكريم الشهداء يوم تنظم لهم جنازة تليق بتضحياتهم خاصة وقد قدّموا دماءهم فداء للشعب التونسي وحبا للوطن، لكنهم لسوء الحظ لم يلقوا التكريم والاحترام الذي يليق بتضحياتهم من قبل حكومة الثورة، أنا حزينة جدا وسنسعى إلى أن نكرمهم بأنفسنا من خلال المشاركة في جنازة الشهيد عبد العزيز العكرمي في قفصة وجنازة بقيّة الشهداء يوم 24 جانفي المقبل.
فتحي لسود عضو مؤسس بالمنظمة الوطنيّة للدفاع عن الحركة اليوسفيّة وإنصافها:
لعل من ضمن أهمّ أهداف المنظمة استرجاع رفات الشهداء من اليوسفيين الذين تم اغتيالهم في الفترات بين 1957 و1962 بالإضافة إلى مجموعة 1980، بالإضافة إلى تحسيس المجتمع التونسي بضرورة الانتباه إلى هذه المرحلة من تاريخ تونس وإعادة كتابة التاريخ وتصحيح الذاكرة الوطنيّة. وكل ما نقوم به هو من أجل تكريم الناس الذين ضحّوا وقدموا جليل الخدمات لتونس في حقبة مقاومة الاستعمار الفرنسي والتصدي للدكتاتوريّة والتمسّك بالهوية العربيّة الإسلامية. تعمل المنظمة على المستوى الإستراتيجي من اجل إحياء المبادئ والقيم الوطنيّة والموروث الثقافي للشعب التونسي التي ناضل من اجلها اليوسفيون بترسيخ الهويّة واستعادة استقلال القرار الوطني. استعادة رفات الشهداء ليس غاية في حدّ ذاتها على نبلها وأهميتها الإنسانية ولكنّها خطوة في طريق التحسيس بأهمية ما قدموه للوطن وتصحيح للتشويه الذي ألصق بهم لسنوات. أمّا عن غياب أي تمثيل رسمي من قبل الحكومة ورئيس الجمهوريّة الذي ينسب نفسه لليوسفيّة فنعتبره إعادة اغتيال جديدة خاصة في ظلّ حكومة تعتبر نفسها ثوريّة وشرعيّة.
أحمد الخصخوصي الأمين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين
حضرنا اليوم لحضور تسلّم رفات الشهيد عبد العزيز العكرمي وهو أقلّ واجب نقدمه للشهيد في انتظار دفنه في مقبرة الشهداء بقصر قفصة. أعتقد أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وأن أرواحهم اليوم استعادت طمأنينتها خاصة أنهم لم يرتكبوا جريمة كما صورهم النظام البورقيبي بل قدّموا واجبا وطنيا وهم مظلومون تم توريطهم من خلال محاكمة ملفقة لم تتجاوز الشهر بين القبض عليهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم وإعدامهم. وهو ما يؤكد أن الرئيس بورقيبة أراد في ذلك الوقت التخلّص من خصوم سياسيين محتملين ومن اتجاه وطني وقومي يحترم ويدافع عن هويّة هذه البلاد.
عبد الكريم الغابري أمين عام حركة الوحدويين الأحرار
في هذه اللحظات نتوجه بالرحمة على أرواحهم الطاهرة ونستشعر الرهبة والخشوع الشهيد عبد العزيز العكرمي هو من أحد رجالات تونس الكبار وللأسف كنّا نتصوّر أن تكون هناك جنازة وطنيّة مهيبة تليق بمقامه وبنضاله، لكن على كل حال نشعر بنوع من استرداد الحقوق ولو كانت منقوصة ونحن نحتسبه عند اللّه شهيدا، فهو من خيرة رجال تونس وقد حارب الاستعمار والدكتاتوريّة والاستبداد منذ البداية ونتمنّى أن تكتب له الجنّة جزاء نضاله. ونحن في هذه اللحظة نندد بالصمت الرهيب الرسمي والحزبي والشعبي فالمفروض أن تقام للشهيد وبقية رفاقه جنازة تليق بقدره ونضاله وأطالب أن يكون الحضور الحزبي والشعبي كبيرا في قفصة لنعيد لهذا الرجل كبرياءه.
زهير المغزاوي: عضو المكتب السياسي لحركة الشعب
هذه مناسبة لتذكر تاريخ تونس الذي غيّب لسنوات، بتسلم رفات مجموعة من شهداء تونس والحركة اليوسفيّة والحركة القوميّة، والغريب في الحكاية طريقة إعدامهم ودفنهم في مقبرة جماعيّة وما تعكسه من تنكيل وتشفّي. وبهذه المناسبة تستعيد الحركة اليوسفيّة والقوميّة جزء من تاريخها وتاريخ هذا الشعب الذي حاول النظام البورقيبي والنوفمبري تغييبه. والملفت للانتباه هو الغياب التام للحكومة خاصة وأن الشهيد عبد العزيز العكرمي وبقية رفاقه ليسوا شهداء جهة بل شهداء تونس وستكون حركة الشعب حاضرة في الجنازة التي ستقام للشهيد يوم الأحد 06 جانفي في انتظار دفن بقيّة الشهداء يوم 24 جانفي.
زهيّر الجويني: حزب القوى الشعبية (شوق)
الثوريون لا يموتون والشيخ عبد العزيز العكرمي أحد هؤلاء الثوريين من مناضلي الحركة التصحيحيّة لعام 62 التي حاولت الإجابة عن سؤال هويّة تونس، وقد استشهد الرجل مع جملة من رفاقه على يد القضاء والإرادة السياسيّة المجرمة للنظام الأسبق. أعتقد أن موكب تسليم رفات الشهيد اليوم معرّة في وجه الحكومة وعموم الطيف القومي والعروبي. فقد كان من المفترض أن يحتفى بشهداء الثورة التصحيحيّة في موكب رسمي وأن يدفنوا جميعا في تربة خاصة بالشهداء بعيدا عن القيادات السياسيّة لحزب الدستور حتّى لا يدنّسوا بلوثة الإجرام والغدر التي مارسها الحزب منذ انقلاب عام 34 في دار عيّاد في قصر هلال. وهي مناسبة نستلهم منها واحدة من قبسات الشيخ عبد العزيز العكرمي ورفاقه الأشاوس وأؤكد رغم أننا مؤمنون في نهاية الأمر أن الثوريون لا يموتون وأن الشيخ عبد العزيز العكرمي سنبقى دائما رجالا ونساء اوفياء لخط الشيخ عبد العزيز العكرمي ورفاقه وسيبقى كثيرون في هذا القطر يدافعون عن عروبة تونس وإسلامها ويتصدون لكل محاولات تزييفها وإخراجها من محيطها الحضاري الطبيعي.
محجوب الزمّوري: مناضل يوسفي درس عن الشهيد
هذا الرجل الشهيد رحمه اللّه له موهبة فكريّة وثوريّة نادرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.