الم يكن من الأفضل لو أنفقنا ما أنفقنا في احتفالات الذكرى الثانية في مشروع يعود بالمنفعة على المجموعة الوطنية؟ الم يكن من الأفضل لو أن الأحزاب والمتحزبين والحزبيين ومن لف لفهم جلس إلى طاولة الحوار حول وضع تونس الصعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا عوض التجييش والتحشيد كي تكون المحصلة بضعة آلاف من هنا وهناك صبروا، صبروا وبعد تناقروا؟ «مالا لواه هاك» الخسائر، وإعلام ترفرف وحافلات قادمة ومنصات للغناء وزحمة في الشوارع «ودزني وندزك»؟ ففي في الوقت الذي احتفل فيه البعض كان البعض الأخر من الشعب التونسي وربما اغلبه غير مرتاح لكلمة الاحتفال خاصة وان تونس لم تكرم بعد أبنائها من الشهداء والجرحى باستثناء مقترح «دار الشهيد»، وان الدستور مازال يجهز على نار هادئة درجة حرارتها لا تتجاوز درجة حرارة شمعة، وان التنمية مازالت بطيئة وان المشاريع لم تنجز وان البطالة زادت وان الأسعار لم تتوقف عن الصعود. إذا الجماعة اللي ظهروا في التلفزة، عندهم الحق عندما قالوا نحتج ولا نحتفل، كل ذلك بعد كل التنميق الممكن، لان هناك جماعة أخرى لم تذهب لهم التلفزة لم يكتفوا بهذا الوقف الهادئ بل تجاوزوه كثيرا. الجماعة المعنية هم أبناء تونس ممن لم يتمتعوا ولو بنزر قليل من الثروة، هم أهالي المفقودين في البحر، هم الذين تجاوزوا عتبة العقد الرابع ولم تشملهم حملة التشغيل، هم من يعانون الجفاف في الصيف والبرد في الشتاء. هم ببساطة من لم تقنعهم أقوى حكومة في العالم ولم تنجح في أن تطمئنهم، مجرد ن تطمئنهم ان نصيبا من الثروة ولو كان قليلا سيصيبهم في قادم الأشهر أو السنوات. مالا لواش تلك الأعلام واللافتات والغناء والرقص ومكبرات الصوت والحواجز والبالونات؟ أليس وضع تونس كتلك البالونات قد ينفجر في كل لحظة ما لم يغلب الجميع مصلحة تونس ويذهبوا إلى طاولة حوار يخرج بنتائج مطمئنة؟ لن نقول كيف أو بين من ومن، انتم كبار وتعرفوا، وربي يهدي واذاك هو.