في وطني الحبيب قد تدركك الموت «صدفة»، قد تموت وأنت نائم، وقد تموت وأنت تتجوّل، وقد تموت وأنت تغادر منزلك، وقد تموت وأنت واقف في طابور لقضاء حاجة ما بسبب انفجار قنبلة تقليدية أو ربما سيارة ملغومة.. في وطني العزيز رصاص وسكين وسيف وهراوات غليظة وقنابل مسيلة للدموع لا تفرق بين الذكر والأنثى والشاب اليافع والشيخ الهرم والرضيع... في وطني الجريح لم يعد شيء غاليا في نظرهم، وكأنهم لا يرون شيئا جميلا يشبه هدا الوطن المفدى.. في وطني المسلوب يتوعدون الصحافي بالقتل حتى ولو تعلق بستائر الكعبة ويطاردونه أينما حلّ وارتحل ولا أحد يعرف الذنب الذي اقترفه.. في تونسنا الولادة تزهق الأرواح وتحرق مراكز الأمن والمزارات ومقرات الأحزاب السياسية وتحرق المؤسسات التي شيّدت بدم وعرق العمال وكأنهم يريدون تجويع أمّة بأكملها.. مع كل الذي حدث ويحدث يوميا، فإنّ الأمل في المستقبل وبالرغم من الدخان والضباب لا يمكن أن يتلاشى أبدا وشعب تونس اثبت عبر التاريخ أنّه شعب حافظ على الإسلام رغم سنوات الاستعمار وأنه شعب يخرج دائما منتصرا ضدّ القهر والظلم بصبره وتماسكه ورفضه للسيطرة مهما كانت طبيعتها.