لقد أوردت جريدة الشعب في عددها 911 ليوم السبت 31 مارس 2007 تحقيقا ميدانيا غطى كامل الصفحة 18 تقريبا أنجزه الصحفي المتعاون الزميل حمدة الزبادي، تعرض فيه بشكل مقتضب الى اوضاع بعض المهاجرين التونسيين في الفضاء الاوروبي وخاصة في ايطاليا وبلجيكا وفرنسا ليحط الرحال في باريس ويتحدث الى بعض من التقى بهم في مقهى شعبي «ببارباس» او في مبيت «فيل جويف» واذا الصورة قاتمة سوداء نمطية تعكس صورة المهاجر «المازقري» المهمش الذي يتحمل الحياة في ديار الغربة بين مرض وخصاصة ودخل لا يغطي ضرورات الحياة الباهظة التكاليف في تلك الاصقاع... شخصيا اعرف هذا واكثر من هذا وقد سبق ان مارست مهنة ملحق اجتماعي بباريس اطلعت خلالها على الكثير من الاوضاع الامر الذي يجعلني اثمن مجهود الزميل الزبادي تثمينا عاليا واقدر له اهتمامه بالمغتربين الشيء الذي لا يمكن الا ان يريحنا كثيرا لاني اعلم ان هياكل التأطير المعنية تبذل كل الجهد للقيام بالواجب بلا ضجيج ولا صخب مطارق. وحتى تكتمل الصورة، استسمح الزميل ان انوب عنه في التعرض للوجه الاخر للهجرة، الوجه المشرق حقا حيث النجاحات والاسهام الفاعل في نهضة اوروبا بما يفتح الباب عريضا للمطالبة بالكثير من الحقوق، حق المهاجرين على بلدان القبول وهم يساهمون في بناء اقتصادها بكل فاعلية واقتدار، حق العديد من الكفاءات الذين تعج بهم مواقع «الواب» وتثقل وفي جميع الميادين بلا استثناء. شخصيا احس بالفخر حين اعلم ان شابا مثل حكيم القروي (عمه السيد حامد القروي وخاله السيد احمد بن صالح) يتولى مهام سامية في دواوين الكثير من وزراء فرنسا، بل قد كان يتولى تحرير خطابات الوزير الاول الفرنسي السابق السيد «رافاران» اي انه يرسم التوجهات العامة للسياسة الفرنسية وهو امر ليس بالهين ولا باليسير ولا هو في متناول اي كان فهو كفاءة من العيار الثقيل. ويزداد فخري اكثر حين اعلم ان هذا الشاب لا يمثل استثناء بل مثله كثير في ميادين اخرى تساهم وهي تقوم بواجبها بعيدا عن صخب الاعلام في نحت صورة تونس المتوثبة المتحفزة لاقتحام المستقبل واحتلال مكان تحت الشمس بين الامم الحية الماسكة بناصية الحداثة والراكبة شوشة العصر.. هل اورد مثالا اخر على العبقرية التونسية فأستشهد بالسيد الياس الجويني الذي شرف تونس والعرب والافارقة عموما وهو يقف مرتفع الرأس يستمع الى كلمات التمجيد والاكبار من الرئيس الفرنسي «جاك شيراك» وهو ينصب المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا المؤلف من عشرين شخصية علمية فذة مشهود لها بالتميز والكفاءة عالميا... الشاب التونسي الياس الجويني احد اعضاء هذا المجلس المؤهل بأن يصدر الاوامر لأعلى السلط الفرنسية كي تعمل او لا تعمل في هذا الميدان او ذاك... ان المجال لا يتسع لسرد مئات الامثلة عن هذه النجاحات التي حاول ديوان التونسيين بالخارج تتبعها واحصاءها في اصدار يتولى تحيينه من حين لاخر خدمة لمن يريد ان يطلع او لمن ان يربط الصلة او لمن يستعين بأحدهم في قضاء شأن من شؤون الحياة... وشكرا للزميل المحقق الذي اتاح لي فرصة لفت النظر الى هذه الشموع المضيئة التي تنير لنا الطريق بعد طول ظلمة وسبات... عثمان اليحياوي صحافي اول سابق