الصيد بالكركارة- وهي عبارة عن كيس كبير يجمع الحوت ويأتي به إلى الساحل دون تمييز- هو صيد ممنوع خاصة إذا كانت عيون الكركارة ضيقة بحيث لا يفلت من سطوتها الحوت الصغير... الكركارة مفسدة للتربة وفي منعها حماية للمنظومة البحرية التي عادة ما تصان بواسطة الحواجز الاصطناعية التي تشكل محضنة الأسماك وحماية بيضها والحد من الصيد الجائر...ومن الصائدين بالكركارة أناس لا علاقة لهم بالبحر وإنما هم متخصصون في صيد عقول النشء التي هي أشبه بالحوت الصغير الذي وجب حمايته من جور الصائدين في البيئات الهشة، تلك التي تعلق فيها نفوس الخلق الصغير فتقع في حبائل الدعاية الرخيصة ... تتلاعب بعواطف الناس فتحملهم على التباغض والكراهية ...ما أشبه بلادنا اليوم بهذا النوع من الصيد إذ أصبحنا نفتح حدودنا لكل من هب ودب من محترفي الصيد بالكركارة... يدخلون إلى أرضنا فيعمرون فيها ويجولون هنا أو هناك في تربتنا الزكية التي فلح أرضها وسقى غرسها الكبار منا ليعظوا الناس وعظا هو أشبه بالسم الزعاف الذي ينفثونه في النفوس وهم في ثوب مهرجين ومحترفين للألعاب البهلوانية والقفز على الرقاب يستقبلهم عندنا أناس وصلوا إلى الصفوف الأمامية ليروضوا شعبا بأكمله على الغباء ما أحلى تونس حين أصبحت أشبه بعملية صيد عملاقة يشرف على الشباك فيها دعاة الوهابية القادمين إلينا من قرون التخلف والجهل يساعدهم في ذلك أبناء البلد...يتبادلون القبل في النزل الفخمة ويتضامنون في الصيد العشوائي لخير ما تحمله محضنة تونس من عقول أبنائها.