«كول البسيسة و التمر يا مضنوني، ألفين عشرينات توه جوني» بهذه الكلمات تغنت آمال الحمروني مع فرقة االبحث الموسيقي سابقا بمعاناة الطلبة في مكابدتهم شقاء رحلة البحث الجامعي و تحصيل المعرفة و الدراسة من أجل النجاح و تحقيق أحلام لم تكن صغيرة أبدا . غير أن الناظر في النتائج النهائية لامتحانات الطلبة في الدورة الرئيسية للسنة الجامعية الجارية 2007/2006 يلاحظ أن نسبة النجاح لم تتعد الخمسة عشر في المائة خاصة من مجموع الطلبة المرسمين في كليات العلوم الانسانية. وإذا كانت رداءة النتائج الجامعية ظاهرة عامة في السنوات الأخيرة فان النتائج ازدادت رداءة مع تطبيق برنامج التعليم الجامعي الجديد اإمد ا. من ذلك أن نتائج الامتحانات في الإجازات الأساسية أو المهنية التي استبدلوا بها شهادة الأستاذية بموجب النظام الجديد في جميع الشعب بكلية الآداب و الفنون و الانسانيات بمنوبة لم تتعد العشرة في المائة. حينئذ تتخاطر إلى الذهن أسئلة لابد منها هل إن افيروسا ا مدمرا لخلايا ملكة التفكير أخذ يتفشى في عقول الطلبة؟ أم أن الاطار الاكاديمي في الجامعة أصبح عاجزا عن التكوين و التوجيه؟ أم أن مناهج التدريس وخاصة منها منظومةب إمدب هي النسق الذي أنتج هذا الوضع المتردي؟ و هل ثمة أسباب أخرى محددة لما آل اليه الوضع الجامعي؟ هل يمكن القول أن كل الطلبة الأغبياء بهذا السؤال الانكاري يواجه الطلبة نتائج امتحاناتهم. فبرغم المعاناة الاجتماعية و كدح التحضير و المراجعة تأتي الخيبة و النتائج الهزيلة. و بسؤالهم عن عوامل الفشل أجمع أغلب الطلبة على نوعين من الأسباب؛ أحدهما رئيسي وهو طبيعة برنامج التدريس الجديد بإمدب، و الثاني يتعلق بالظروف الاجتماعية المتردية و الآفاق المهنية المسدودة لشعب العلوم الانسانية خاصة. بضاعتكم ردت اليكم ا هذا هو المقياس الذي يعتبره الطلبة محددا لتقييم الامتحانات من طرف الأساتذة. و ذلك لأن النظام التعليمي إمدب إنما يرتكز على نظام السداسيات و يفرض على الطالب بيداغوجيا تلقينية تحرمه من البحث و الابداع ولا تدربه على التفكير والنقد. فما يتفق عليه الأساتذة والطلبة هو أن اثني عشر حصة في السداسي و التي تصبح سبعا أو ثماني حصص بموجب العطل لا تفي بالبحث في المسائل المدروسة والإتيان على فهمها و نقدها بشكل خلاق و إنما تتحول المادة المعرفية إلى سلعة معلبة معدة للتلقين و الاستهلاك. ثم إن تطبيق هذا البرنامج و ما أفرزه من اختصاصات مهنية جديدة يقتضي وجود مؤسسة تعليمية مجهزة بأحدث التقنيات و التكنولوجيا المتطورة . ههنا يؤكد عديد الطلبة و خاصة المرسمين منهم في شعبة االإجازة التطبيقية في الترجمة و العلاقات الدوليةب أو في شعبة االسينما و تقنيات التلفزةب بكلية الآداب و الفنون و الانسانيات بمنوبة أنهم لم يتمكنوا في أغلب الاحيان من تطبيق عديد المسائل النظرية التي درسوها مما اظطرهم الى البحث في معاهد عليا أو مخابر خاصة تتوفر فيها التجهيزات الضرورية. هذا علاوة على عدم كفاءة البعض من الإطار المدرس باعتباره غير مختص في بعض المواد. وإذا كانت سلطة الاشراف تؤكد أن الهدف من وراء هذا المشرووع هو ا الإعداد الأفضل للاندماج الاقتصاديب فإن الحديث مع بعض ممثلي الطلبة في نقابتهمبالإتحاد العام لطلبة تونسب ينبهنا إلى أن ربط المؤسسة التعليمية بالسوق في مظومةب إمدب إنما هو تطبيق لمخطط رأس المال المالي الإحتكاري الهادف الى سلعنة التعليم وفق قوانين السوق بغرض تكوين عمال مهرة لخدمة استثمارات الشركات متعددة الجنسيات في بلادنا حيث الأجور زهيدة و حيث الضرائب أقل أو منعدمة . و هذا ما سيتسبب في تهميش دور الجامعة كفضاء لانتاج المعرفة وتكريس القيم الانسانية. ثم إن فرض هذا المشروع التعليمي بصورة فوقية مسقطة من الدوائر الامبريالية و بالخصوص االبنك العالمي للتنميةب، و دون مشاركة ممثلي الاساتذة والطلبة يجعل من سياسة التعليم لا ديمقراطية و لا شعبية و يضرب مفهوم الثقافة الوطنية، باعتبار أن تغيير مظومة تعليمية برمتها لا يتم إلا عبر دراسة علمية لمتطلبات بناء الاقتصاد الوطني و هو مالم ينجز. وأما السبب الثاني برأي أغلب الطلبة فهو الظروف الاجتماعية المتردية التي يعيشونها نظرا لانعدام إمكانية السكن في المبيتات الجامعية إلا في العام الأول مما يضطر آلاف الطلبة إلى الكراء بالأسعار المرتفعة في المبيتات الخاصة أو في المنازل التي أصبحت مصدر رزق لعديد العائلات. و تزداد شدة الظروف مع عدم التمتع بالمنح الجامعية إلا للنزر القليل، علاوة على أن هذه المنحة لم تزدد منذ عشرات السنين مما يجعلها لا تغني و لا تسمن من جوع أمام غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الكتب بشكل خيالي. وقد تهون هذه العذابات من أجل أحلام العمل بعد التخرج، و لكن مثلما يرددها الكثير من الطلبة اتقرا ما تقراش المستقبل ما ثماشا باعتبار تزايد عدد حاملي الشهائد العليا و ارتفاع نسبة بطالتهم، اذ يفوق عدد المعطلين بالنسبة للمتحصلين على الأستاذية في العربية مثلا العشرة آلاف و تصل نسبة البطالة في شعبتي التاريخ و الجغرافيا إلى السبعة آلاف ...و يفوق إجمالي المعطلين من أصحاب الشهائد المائة ألف طالب. فآفاق التشغيل المتأزمة أخذت تزرع الإحباط في نفسية الطالب و شخصيته باعتبار أن جهده في الدراسة لم يعد كافيا لدخول الحياة العملية، و حتى امكانيات مواصلة الدراسة الجامعية في الماجستير و الدكتوراه أصبحت غير ذات جدوى باعتبار عدم توفرالدعم المادي في ضل انحسار مراكز البحث العلمي و الفقر المتزايد في المصادر و المراجع بالمكتبات الجامعية.. وبمثل وقع البرنامج التعليمي الجديد، أحدثت خدمة جديدة تمثلت في تنزيل نتائج امتحانات الطلبة عبر الإرساليات القصيرة . فلمعرفة معدله النهائي يبعث الطالب إرسالية قصيرة ب 360مي . واذا أراد معرفة أعداد المواد مفصلة يبعث إرسالية أخرى بنفس السعر . وإذا كان هدف هذه الخدمة الجديدة هو تسهيل معرفة الطلبة بنتائجهم في كل وقت و في كل مكان، فإن هذه الخدمة تصبح وسيلة للمقايضة و الضغط على الطلبة لأجل الاستثمار في ما يمكن أن يملكونه من بضع مليمات، خاصة عندما يتواجد أغلب الطلبة بكلياتهم و تنأى الإدارة عن مدهم بالقائمات التي تحمل معدلاتهم مفصلة. بعض الطلبة اقترحوا على الادارة أن تطور هذه الخدمة فيجتازون امتحاناتهم عبر الإرساليات القصيرة، و تقيم أعمالهم عبر الإرساليات أيضا. فمن يدري ربما ينالون شهائدهم أيضا عبرهذه الإرساليات أو ربما يحالفهم الحظ فيتحصلون على شغل عبر ال (SMS)، خاصة و أنه لا يوجد فرق بين الرهان عبر االآس آم آسب أو الرهان عبربالكاباسب !