عاجل/ رئيسا الجزائر وليبيا في زيارة الى تونس    حجز أكثر من 13 الف طن من الفلفل والطماطم بهذه الجهة    وزارة الفلاحة ترصد 11 مليون دينار لتطبيق بروتوكول مقاومة الحشرة القرمزية    فرنسا: ترحيل امام جزائري بتهمة التحريض ضد اليهود    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: غلق باب الترشحات .. وتنافس منتظر بين ال3 قائمات    أبطال إفريقيا: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة صن داونز    عائدات العمل والسياحة تغطي 54 % من خدمات الدين الخارجي    وزارة العدل: تسمية عدد من المسؤولين الراجعين لها بالنظر أعضاء بالمجالس الجهوية    مفاجأة اللحظات الأخيرة .. واصف جليل يتحد مع هذه الشخصيات ويودع ترشحه لإنتخابات الجامعة    عاجل/ حادث انقلاب الحافلة السياحية: مستجدات الوضع الصحي للمصابين    مداهمة نوادي ليلية في قمرت.. وهذا ما تم تسجيله    معرض الدولي للكتاب: جناح خاص بوزارة الأسرة ومشاريعها    القصرينية تحسم الجدل حول خبر طلاقها من زوجها    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    جلسة بين وزارة الصناعة وشركة صينية لتعزيز استخراج الفسفاط    رئيس جمعية القضاة يتّهم وزارة العدل بالتنكيل به    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    طقس الجمعة: رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاكمات ، التداعيات والجبهات ...!
في الذاكرة النقابية عبد العزيز بوراوي يفتح ملفات: إعداد: سالم الحداد
نشر في الشعب يوم 09 - 06 - 2007

واصل الاخ عبد العزيز بوراوي استعراضه لمسيرة الحركة النقابية على منبرمؤسسة البحث العلمي والمعلومات وقد تمحور تدخله في الحلقة الخامسة حول تداعيات اليوم الأسود على المناضلين النقابيين وبالتحديد :
أ المحاكمات
ب حركة التضامن مع الاتحاد
ج مؤتمر قفصة
د الجبهة الانتخابية
1 المحاكمات
انعقدت ثلاث محاكمات بارزة كان لها صدى لدى الرأي العام النقابي والوطني
أ محكمة سوسة
انعقدت بتاريخ 19 جويلية 1978وبلغ عدد المتهمين 42 متهما (العدد الجملي للمتهمين 101 منهم 59 في حالة سراح و 42 موقوفا، ترأس المحكمة الشيخ يوسف ) وقد تأجلت المحاكمة استجابة للدفاع ثم استؤنفت يوم 24 جويلية وتضمن ملف الاتهام 900 صفحة وحضر للدفاع 12 محاميا (تجاوز عدد المحامين هذا الرقم و هو أكثر من الثلاثين
وقد وجهت إليهم تهم التحريض والتباغض والتجمع المسلح والإخلال بالأمن العام وغيرها من التهم .
وقد وقع جدل بين المحكمة الجزائية والمحكمة الجنائية، ثم أحيلت إلى محكمة التعقيب التي رأت أنها غير مؤهلة للنظر في هذه القضية فحكمت بالتخلي عنها لفائدة محكمة أمن الدولة بتونس أين تم نقل المتهمين
ب محاكمة صفاقس
أحيل على المحكمة 12 متهما يوم 24 جويلية 1978 وكانت المحاكمة أقل حدة ، لم تتوفر المبررات الكافية للإدانة حيث تم إيقاف عبد الرزاق غربال قبل الإضراب نتيجة الكلمة التي ألقاها في المجلس الوطني والتي اعتبرها النظام تحريضية. وقد سبق أن اقتحمت عناصر النظام دار الاتحاد ومن ضمنهم المذيع قاسم المسدي الذي غمس يديه في حاوية ماء وأعلن اانظروا كيف أعد النقابيون ماء الفرق لاستخدامه ا
وكانت الأحكام خفيفة نسبيا:
5 متهمين بسنتين سجنا محمد شعبان ،محمد التريكي،محمد قادري ،عبدالقادر بن الطاهروالمنجي النصري
متهمان بعامين محمد فتحي ،منصف معلول
4 بعدم سماع الدعوى مرشد بوكاتي، محمد الفخفاخ ، الطاهر الطالبي والهادي فريخة
ج محكمة أمن الدولة بتونس
لم تقع إحالة النقابيين على محكمة أمن الدولة إلا في تونس ، كان ذلك يوم 28 سبتمبر ,1978 وكان من المتوقع أن تكون برئاسة محمد صالح العياري، إلا أن هذا الأخير اعتذر فوقع تعويضه بالسيد محمد الطاهر بولعابة الفاطمي، أما الوكيل العام فهو عبد العزيز الحمزاوي الذي كان المسؤول عن الجامعة الوطنية للملاكمة ، ولعل ذلك يحمل أكثر من دلالة في تلك الظروف
في المحكمة
كان الجو مشحونا، والقاعة في حالة هيجان ، فالجميع ينشدون نشيد الثورة ، وينادون بحياة الاتحاد ويرفعون شعاراته ويلوحون بشارة النصرV.
طلب رئيس المحكمة من الأخ عاشور أن يوقف هذا الهيجان ، فأجابه ا لو كنت معهم لفعلت مثلهمب
كان عدد المحالين 30 متهما
11 متهما،من 13 أعضاء المكتب التنفيذي والإثنان هما : التيجاني عبيد الذي تخاذل وانضم إلى الحزب الحاكم ونصبه النظام على رأس الاتحاد وخليفة عبيد الذي كان مريضا
14متهما من الهيئة الإدارية
5 من القواعد
5 في حالة سراح .
حضر للدفاع عن المتهمين 68 محاميا قد يكون العدد 72 من أبرزهم منصور الشفي والدالي الجازي وفتحي زهير وعبد الرحمان الهيلة.
ذكّرهم رئيس المحكمة بالفصل 17 الذي يخول لمحكمة أمن الدولة معاقبة المحامين فورا، فرد محمد بللونة ابأن المحكمة تهددنا والحال أننا نؤدي واجبنا ا، ثم طلب السيد عبد الرحمان الهيلة باسم المحامين التأجيل لمزيد من الاطلاع على الملفات التي لم يطلعوا عليها إلا منذ يومين، وعند الرفض قاطعوا الجلسة وغادروا القاعة، ورجعوا عند قراءة حيثيات الحكم . وقد استغرقت قراءة قرار الإحالة أكثر من 4 ساعات . وكانت التهم الموجهة إلينا خطيرة ، فبالإضافة إلى النهب والحرق والتحريض وجهت إلينا تهمة التآمر على أمن الدولة كما نعت المتهمين بأبشع النعوت ا الأوغاد والأوباش...ب، وتصل الأحكام إلى حد الإعدام كما ينص على ذلك الفصل 72 من المجلة الجنائية . وقد تضمن الملف 7000صفحة
في الجلسة الموالية ، سخرت المحكمة 18 محاميا للدفاع عنا. وعند الاستنطاق رفضنا ذلك وأصررنا على التأجيل حجتنا في ذلك ا كيف يمكن لهؤلاء أن يدافعوا عنا ولم يطلعوا على ملفاتنا بما فيه الكفاية ا
وقد طلب الأخ الحبيب عاشور إحضار بعض الشهود ومنهم : إرفينغ براون Irving Brown ممثل النقابات الأمريكية في أوروبا و كريستون OTTO Kerston الأمين العام للجامعة العامة للنقابات الحرةCISL وكذلك الطاهر بلخوجة والحبيب الشطي وأبو إياد، ومكافحة محمد الصياح وعبد الله فرحات ومحمد جمعة ومحمد الناصر ومنصف الحاج عمر
وقد حضر المحاكمة براون وكريستون ، فاتجه رئيس المحكمة لبراون بعدة أسئلة حول علاقته بعاشور والاتحاد، فأجاب أنه أتى كملاحظ، ولما ألح في السؤال قال : اإن الحبيب عاشور طلب مني التدخل لدى الحكومة الأمريكية لدعم طلبات الحكومة التونسية الاقتصاديةب.
أتيت لمساعدة الحكومة التي طلبت منا مساعدتها. أما أوتو كرستون فقد أجاب عن التداعيات السلبية للخميس الأسود هل من ينظم مباراة كرة القدم يكون مسؤولا عمن يفجر قنبلة في الملعب؟ إن الاتحاد ليس مسؤولا عما يحدث في الشارع .
صدر الحكم في القضية 10 أكتوبر ,1978 ودامت قراءته ساعتين، تأثر عاشور وهو يصغي إلى الحيثيات وقال : هل هذا حكم وعدالة؟ ثم أغمي عليه ومن حسن الحظ أن كان الدكتور حمودة بن سلامة حاضرا كملاحظ عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فأسعفه في الحال. وكانت الأحكام كالتالي :
10 سنوات أشغال شاقة لكل الحبيب عاشور وعبد الرزاق غربال
8 سنوات أشغال شاقة لكل من الصادق بسباس، خير الدين الصالحي وحسن حمودية
6 سنوات أشغال شاقة لكل من الطيب البكوش، مصطفى الغربي، صالح برور ،حسين بن قدور
5 سنوات أشغال شاقة لكل من محمد عز الدين ، أحمد بلعيد، إسماعيل السحباني ،محمد شقرون ، عبد الرزاق أيوب ، ناجي الشعري ،
6 أشهر مع تأجيل التنفيذ على كل من عبد العزيز بوراوي،عبد السلام جراد، سعيد قاقي ، سعيد حداد، علالة العامري، نورالدين البحري ، أحمد الكحلاوي ، محمد صالح الخريجي ، محمد الدامي
5 ترك السبيل : مسعود خليلة، الصادق علوش، البشير المبروك ، محمد الشلي، حسن بن رحومة وعزوز الذوادي.
وبعد صدور هذه الأحكام نقل الأخوين الحبيب عاشور وعبد الرزاق غربال إلى سجن برج الرومي، ونقل بقية الإخوة إلى سجن 9 أفريل بالعاصمة. وقد بقي في السجن لمدة سنة ووقعت محاولة تسميمه
ملاحظة هامة: يبدو أن الأخ عبد العزيز بوراوي غفل عن 3 محاكمات هامة على إثر مجزرة 26 جانفي ونال فيها النقابيون أقسى الأحكام فاقت الأحكام التي صدرت ضد القيادة النقابية نفسها
أ محاكمة نقابيي زرمدين، التي أصدرت فيها المحكمة الابتدائية بالمنستير التي طالت 50 متهما ثم وقع اختزالها في 35 متهما نالوا الأحكام القصوى التي بلغت 148 سنة تراوحت بين 8 سنوات و 8 أشهر ثم أحيلت القضية على محكمة الاستئناف بسوسة برئاسة الشيخ يوسف فخفف عن البعض وتحولت البقية إلى برج الرومي
ب محاكمة أبناء قصر هلال ، فبالرغم من أن المتهمين لم يكونوا من النقابين لكنهم تفاعلوا مع الإضراب الذي أعلنه عمال معمل النسيج بالمدينة والذي استثمرته القيادة النقابية للتأكيد على إفلاس النظام في عقر داره
ج محاكمة قفصة
فقد قدم للمحاكمة من أبناء قفصة 27 نقابيا في الأحداث التي هزت قفصة يوم 12 نوفمبر 1977 وصدرت ضدهم أحكام متفاوتة
2 حركة التضامن مع الاتحاد
بقدر ما كان الهجوم على المنظمة الشغيلة عنيفا وشرسا يستهدف شلها وتدجينها فإن حركة التضامن معها كانت واسعة على مستوى وطني وإقليمي وعالمي فأين يتجلى ذلك ؟
الدعم السياسي
لقد أتى التضامن من المنظمتين النقابيتين العالميتين : الليبرالية واليسارية
أ الجامعة الدولية للنقابات الحرة CISL
واكبت هذه المنظمة كل مراحل الأزمة التي عاشها الاتحاد مع النظام وحاولت أن تقوم بمساع حميدة تضع بها حدا للصراع لكن دون جدوى.فأعلنت مساندتها لنا، وحضر أمينه العام كل الظروف الصعبة التي عاشها الاتحاد وقدمت دعما ماديا ومعنويا طيلة الأزمة
ب الجامعة النقابية العالميةFSM
لم تتخلف هذه النقابة العالمية عن مساندتنا بالرغم من انسلاخنا عنها منذ المؤتمر الرابع 1951ودعت المنظمات العالمية للتضامن معنا
ج النقابات الأمريكية ممثلة في زعيمها النقابي جورج ميني الذي تمكن من أن ينتزع مكانة عالمية بالرغم من أنه لحام، والنقابات الأوروبية النقابات الألمانية DGB، النقابات الإيطالية
د منظمة العمل الدولية OIT
وإلى جانب المنظمات النقابية فقد وجد الاتحاد كل التفهم من منظمة العمل الدولية ومن مكتبها BIT بالرغم من أنها تتكون من ثلاثة أطراف: نقابات العمال ونقابات الأعراف والحكومات وقد أصدرت هذه المنظمة في ندوتها العالمية الخامسة والستين 1979
ه الاشتراكية الدولية
لعب الأخ أحمد بن صالح الأمين العام لحركة الوحدة الشعبية دورا بارزا في تحسيس الفعاليات السياسية المنخرطة في هذه المنظمة في مؤتمرها المنعقد في 3 نوفمبر 1978 بالهجمة التي تعرض لها الاتحاد ، وأصدرت بيانا تضامنيا مع الاتحاد وطالبت بالإفراج عن المساجين النقابيين . وقد كان لهذا الدور نتائجه الإيجابية على مستوى البرلمان الأوروبي أو العديد من الزعامات الأوروبية ولعل من أبرزهم الزعيم الاشتراكي الألماني ويلي براندت، وقد طالب الاشتراكيون في هذاالبرلمان بالعفو التشريعي العام والسماح بالحريات
ز الدعم الإقليمي
لم تتخلف النقابات الإقليمية رغم حجمها المحدود عن دعم الاتحاد في محنته مثل الاتحادات النقابية بالمغرب والجزائر وليبيا، وفي هذا الأطار قدم السيد عبد القادر بن ميقوس الأمين العام لاتحاد عمال الجزائر شكوى ضد الحكومة التونسية لمنظمة العمل الدولية
أزمة 26 جانفي والفعاليات الوطنية
لم يقتصر الدعم على الأوساط الخارجية النقابية والسياسية ، بل إن الفعاليات الوطنية كان لها مواقف مشرفة من نضالات الاتحاد،فقد ساندتنا حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بقيادة أحمد المستيري ومحمد مواعدة وحركة الوحدة الشعبية بقيادة أحمد بن صالح ولا بد أن أتجه بالتحية خاصة إلى جريدة ا الرأيب وللمسؤول عنها السيد حسيب بن عمار لما قام من تغطية إعلامية لمواقفنا وأنشطتنا في وقت كنا في أمس الحاجة إلى من يبلغ صوتنا ويسمعنا أصوات الآخرين
الدعم المادي
قدمت لنا المنظمات العالمية الدعم المالي الذي كان أفضل عون للنقابيين ساعدهم على الصمود في وجه الهجمة التي استهدفت المنظمة ومناضليها. وقد تشكلت لجنة الدعم المالي التي تتكون من : عبد العزيز بوراوي وخليفة عبيد والجنيدي عبد الجواد ، وهذه فرصة للتوجه للأخ الجنيدي الذي قام بمهمته على أكمل وجه ، وقد تلقينا حوالي عشرة آلاف دينار التي أتت من الجامعة الدولية للنقابات الحرة. وسلمت اللجنة هذه المهمة إلى السيد حسين بن قدور عند خروجه من السجن.
هذه الحركة النضامنية العالمية والإقليمية والوطنية أربكت النظام وأقلقت بورقيبة، ورغم ذلك أصر على ضرب الحركة النقابية ومحاكمة النقابيين
نشاط بوراوي بعد خروجه من السجن
بوراوي محل متابعة أمنية
لما أطلق سراحي من السجن، صرت تحت مراقبة أمنية في بيتي ، ومع ذلك فإن التضييقات لم تحل دون عقد الاجتماعات في بيتي بمعية الصادق علوش وخليفة عبيد والصادق بسباس
وكان يراقب بيتي عونان، فلما تحولت إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة تقاسما المهمة، فتولى أحدهما مراقبة الدار ولازمني ملازمة الظل لصاحبه، دخلت المسجد فدخل معي، فسألته هل أنت على وضوء؟ فلم يرد عليّ وأدى الصلاة، وعلمت فيما بعد انه تاب وصار يصلي . وكنت على اتصال دائم مع القيادة النقابية في السجن وبالتحديد مع الحبيب عاشور.
مع المنظمات النقابية العالمية
وكانت لي اتصالات مع المنظمات الخارجية، لكن النظام لم يمكني من أداء مهمتي، فقد منعتني السلطة من الاستجابة لدعوة كريمة وجهت لي من النقابة المغربية لحضور مؤتمرها حيث افتعلوا مسرحية ، فتسلموا جوازي وسلموني جواز سفر امرأة ، ثم ادعوا أنه ضاع وهكذا فوتوا علي فرصة السفر .لكن بعد شهر سلموني جواز سفر جديد لحضور مؤتمر الجامعة العالمية للنقابات الحرة CISL الذي انعقد في أكتوبر 1979بمدريد وتمكنت من السفر صحبة خليفة عبيد ومنع عبد السلام جراد من السفر . وفي هذا المؤتمر تم انتخاب الحبيب عاشور أمينا عاما مساعدا نيابة عن إفريقيا وهو في سجنه وأصدر المؤتمر لائحة مساندة للاتحاد.
الهجوم على قفصة وتداعياته
تعرضت مدينة قفصة يوم 27 جانفي 1980 إلى هجوم مسلح، استهدف مراكز السيادة فيها في الوقت الذي كان بورقيبة يقيم في أحد النزل بواحة نفطة، فكانت صدمة للجميع . اتصلنا بالحبيب عاشور الذي كان تحت الإقامة الجبرية في بيته بعد أن وقع الإفراج عنه، قصد إدانة الهجوم إلا أنه رفض وطلب منا عدم التصريح بأي شيء، كما اتصلت به وسيلة بورقيبة فاعتذر ثم اتصلت بعبد الرحمان تليلي الذي أعد له نصا يدين الهجوم ، لكنه لم يكن ملائما لرغبة النظام فوقع التخلي عنه نهائيا ، أما بقية أعضاء المكتب فقد أصدروا بيانا أدانوا فيه العدوان
في 19مارس 1980أطلق النظام سراح العديد من النقابيين واحتفظ بالإخوة عبد الرزاق غربال وصالح برور ومحمد شقرون
وفي أعقاب هذا الهجوم أصيب السيد الهادي نويرة بالشلل فحال ذلك دون مواصلته لمسؤوليته مما اضطر بورقيبة لتعيين السيد محمد مزالي رئيسا للحكومة وأمينا عاما للحزب
الاتحاد ومحمد مزالي
استهل السيد مزالي سياسته بالإعلان عن انفتاحه على المنظمة الشغيلة فجرت اتصالات بين القيادة النقابية والنظام ممثلا في مدير الحزب السيد المنجي الكعلي ثم توسعت لتشمل عدة شخصيات منهم الطيب البكوش وحسين بن قدور من الجانب النقابي والهادي البكوش والبشير زرق العيون من الجانب الحزبي ،وقد جرت مقابلة بيني وبين المنجي الكعلي، واعلمني أنه لايمكن رفع الاستثناء عن الحبيب عاشور في الظرف الحالي .أما الأخ الحبيب عاشور فقد كان متحفظا عن هذه الاتصالات . ثم اجتمعت الهيئة الإدارية وأقرت الاتصالات ووضعت عدة شروط لتجاوز الأزمة من أهمها
أن يرفع الاستثناء عن الأخ الحبيب عاشور
أن تضع الحكومة حدا للمضايقات على النقابيين
أن يُرجع المطرودون إلى سالف عملهم
أن يقع إطلاق سراح بقية المساجين النقابيين
أن يصدر العفو التشريعي الكامل
قبلت الحكومة الشروط التي ليس لها علاقة بقرار بورقيبة مثل رفع الاستثناء عن الحبيب عاشور والعفو التشريعي العام . وكان عاشور يلح علينا بألا نقبل أي شيء إلا بعد خروجه وأن الزمن يخدم لصالح النقابيين وأننا قادرون على كسب المعركة ، فصرنا في معركة عاطفية بين ضجر النقابيين والرغبة في تجاوز الوضع من ناحية و التمسك برفع الاستثناء من ناحية أخرى. وبدأت القيادة النقابية تشعر بإرهاق، وأوشك صبرها أن ينفد، فهي تعيش حالة من الاحتقان. أما القواعد فهي في حالة هيجان لكن الإمكانيات كانت محدودة. وأيقنا أن رفع الاستثناء لا يكون إلا بتغيير موازين القوى لفائدتنا وهذا ما لا تستطيعه المنظمة النقابية في تلك المرحلة، لذا تجنبنا المغامرة واخترنا أن نرفع الاستثناء بالتعاون والتنسيق مع التمسك بالاتحاد .
وفي 2 ديسمبر 1980 اجتمع المكتب التنفيذي وبذلت مجهودا أرهقني ، فأغمي عليّ في هذا الاجتماع وتقطع أحد الشرايين واستمر ذلك معي لمدة 5 أشهر. ثم وقع الاتفاق مع المنجي الكعلي مدير الحزب على تكوين لجنة مشتركة من الشرعيين والمنصبين برئاسة نورالدين حشاد بعد أن استقال من إدارة الحزب كما اشترطنا. عدت إلى نشاطي واتفقنا على عقد المؤتمر الاستثنائي في 29 و 30افريل 1981بمدينة قفصة
مؤتمر قفصة
حضر المؤتمر 522 نائبا وكاد هذا المؤتمر يتوقف نتيجة لما ساده من اضطراب وهيجان فقد تشبث حوالي 65 برفع الاستثناء عن الحبيب عاشور. إن عدد المقاطعين للمؤتمر بلغ 127نائبا وكان يقود هذا الفريق عبد السلام جراد الذي كان من هذا الفريق لكن الذي تولى التنسيق هو محمد عز الدين
ولما عرضت عليّ خطة الأمانة العامة للاتحاد رفضت، وبعد إلحاح قبلتُ لأنقذ المنظمة، وعند توزيع المهام وقعت مناورة لإبعادي أبى أن يكشف عن خفاياها فسحبت ترشحي. وقبل الطيب البكوش خطة الأمانة العامة على مضض بعد أن رشحه حسين بن قدور.
وفي قفصة احتفلنا بعيد الشغل ثم تحولنا إلى قصر بورقيبة الذي كان في انتظارنا .وأثناء اللقاء طالب الحبيب قيزة الكاتب العام للاتحاد الجهوي بقفصة برفع الاستثناء عن عاشور وكاد يناله عكاز بورقيبة لولا قبضة علالة العويتي .
وفي لقاء ثان مع بورقيبة تقدم الطيب البكوش بمضمون لائحة رفع الاستثناء التي أقرها مؤتمر قفصة . وهذا ما أنجزناه بعد ستة أشهر في المجلس الوطني في شهر نوفمبر 1981 . وقد سبق ذلك إطلاق سراح عاشور مع عيد ميلاد بورقيبة في 3أوت، ثم تحول إلى النقاهة في قربص، ومنها إلى قرقنة اين كان يتمتع بكامل حريته في جزيرة قرقنة حيث أسندت رئاسة الاتحاد لعاشور واحتفظ البكوش بالأمانة العامة، فأدى دوره على أكمل وجه وكان متعاونا مع كل الأطراف.
الاتحاد والانتخابات التشريعية لسنة 1981
في شهر سبتمبر1981وفي اجتماع حزبي وبحضور المكتب التنفيذي وقعت دعوة الاتحاد للمشاركة في الجبهة الوطنية لخوض الانتخابات التشريعية.
في 15 /14 سبتمبر اجتمعت الهيئة الإدارية ، وكان عددها 84 عضوا تغيب منهم أربعة . طرحت ثلاثة مواقف:
أ عدم المشاركة ، لأن المشاركة تعني العودة إلى سياسة هيمنة الحزب وفقدان الاتحاد لاستقلاليته من جديد، وعدد هؤلاء 18
ب الدعوة للمشاركة وعدد هؤلاء ,45 تواصلا مع الماضي، فقد جرت 4 دورات كان الاتحاد شريكا فيها
ج ترك حرية الاختيار للنقابيين كي ينضموا إلى ما يريدون من القوائم 10واحتفظ 7 بأصواتهم
وقد وضعت الهيئة الإدارية عدة شروط للمشاركة منها:
أن تكون الجبهة مؤقتة تنتهي بانتهاء الانتخابات
حرية الترشح لأي نقابي
إلغاء الفصل 109من مجلة الانتخابات المتعلق بانتهاء مهمة النائب بسحب الحزب لثقته منه
كان عدد المترشحين من الاتحاد 27 بنسبة واحد عن كل دائرة
وتولت لجنة ثنائية من السيد عبد العزيز بوراوي وأحمد القديدي صياغة البيان الانتخابي
النقاش
وإثر هذا العرض تقدم الحاضرون بجملة من الاستيضاحات تناولت المسائل التالية:
موقف مزالي من الاتحاد؟ كيف أضربه؟
مدى انسجام القيادة النقابية عند مواجهة الأزمة؟
هل ارتكب الحبيب عاشور أخطاء أضرت بالاتحاد؟
إلى أي مدى كنتم راضين عن سلوك الطيب البكوش ؟ هل راوغ فعلا للحصول على موافقة الهيئة الإدارية للدخول في الجبهة الانتخابية؟
كيف تحول حسين بن قدور من شخص مغمور إلى زعيم نقابي في حيز زمني قياسي جعلت عاشور يقول هذا الذي أبحث عنه؟
هل هناك مساعدات مالية قدمت للاتحاد خلال الأزمة وما مصادرها؟، هل أتت من الدول الأوروبية أم أن هناك مساهمات عربية؟ كيف تم توزيعها؟ هل هناك من استغل هذه المساعدات؟
هل كان رجوع عاشور للاتحاد نتيجة لقرار الاتحاد أم نتيجة لفاعلية وسيلة في القصر؟ هل تعرض فعلا لعملية تسميم؟
ألم يكن الاتحاد ضحية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدت النظام في العشريات الثلاث؟ أم يكن في نفس الوقت هو بوابة حل هذه الأزمات؟
حاول الأخ بوراوي أن يجيب عن مجمل هذه الأسئلة وأشار إلى أن بعضها وقع التعرض إليه.
إن علاقة مزالي بالاتحاد كانت في البداية حسنة حيث أعلن عن زيادة هامة في الأجور والمرتبات رغم اعتراض وزير الاقتصاد السيد منصور معلى وأبدى استعداده للتعاون مع الاتحاد وحاول أن يحل المشاكل العالقة، وهذا ما جعلنا نتعاون معه. ثم تعكرت الأوضاع كما سيأتي ذلك في الحلقة القادمة
كان هناك انسجام بين القيادة النقابية وقراراتنا تؤخذ بالأغلبية، في الاتحاد ليس هناك أنا بل هناك نحن ، وأرفض الفتنة الداخلية
الأخ الطيب البكوش تميز بالمرونة والتعامل الديمقراطي، والتعاون مع الجميع
المساعدات التي وصلت إلى اللجنة التي كنت مسؤولا عنها كانت من أوروبا ونفى أن يكون له علم بالمساعدات التي وردت من العراق أو الجماهيرية ولكنه أشار إلى أنه علم فيما بعد أن هناك مبالغ وصلت إلى جامعة المعادن ولكنه لا يعلم عنها شيئا
قرار الدخول إلى الجبهة اتخذته الهيئة الإدارية بأغلبية ساحقة 90 في المائة
تعقيب الأخ الصادق بسباس
هو أحد قدماء المناضلين وهو عضو المكتب التنفيذي الشرعي واكب الحركة النقابية في سنوات الجمر واكتوى بنيرانها وعاش تقلبات الظروف الصعبة ويمتلك قدرة على تحليل محطاتها لكن ظروفه الصحية على مستوى النظر تحول دون تقديم تجربته النقابية . وقد عقب في هذه الحلقة على بعض النقاط من أهمها :
الطيب البكوش والجبهة الانتخابية : كان من الموافقين على الدخول في الجبهة ، وفي الهيئة الإدارية لم يوضح موقفه وكأنه أجنبي وطلب من الإخوة أن يعطوا مواقفهم ثم قال : أنا أحتفظ بصوتي ، وهو مستغرب، في المكتب التنفيذي موافق ، وفي الهيئة الإدارية محتفظ ، ربما كان ذلك ترضية لليسار.
الحبيب عاشور والدوخة في المحكمة
جاءت الدوخة تحت تأثير خطورة حيثيات الاتهام التي توحي بالإعدام ، وهذا ما جعل المحامي منصور الشفي يقول له :بما ثماش إعدام ياسي الحبيب ا
التسميم
في تقديري ليس هناك عملية تسميم بل سوء هضم ، وكانت هذه مناسبة لإقناع بورقيبة بأن وجودنا في السجن خطر
رجوع عاشور على رأس الاتحاد
كان الرجوع بقرار من المؤتمر الذي حدد أجلا بستة أشهر بمناسبة انعقاد المجلس الوطني، وإذا لم تقع الاستجابة فالمجلس مطالب باتخاذ موقف جديد، وهذا لا يعني أن وسيلة لم تلعب أي دور في هذا الشأن ، وإنما القرار كان نقابيا أساسا
لائحة جبهة الرفض
أنا حررت لائحة رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني انطلاقا من قناعاتي، كرد على زيارة السادات للقدس.
وقد تنبّه الأخ الحبيب عاشور إلى تداعياتها الخطرة وآخذني على ذلك (اعمل فيّ) وفعلا استغلها النظام أسوأ استغلال لإدانة الاتحاد واتهامنا بالانضمام إلى جبهة الرفض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.