صار الجميع، وفي كلّ انحاء العالم يعلمون ان منظمة الاممالمتحدة وبالتحديد مجلس الامن جدّ مهتمة بمنطقة الشرق الاوسط والدول الاسلامية فهذا الجهاز الاممي صار مهموما ومشغولا بالقضايا المزعومة للشرق الاوسط وعادت الاحلام الاستعمارية القديمة الى أوروبا والولاياتالمتحدةالامريكية، وخصوصا هذه الاخيرة التي يعتبر قادتها «القرن الحادي والعشرين» هو القرن الامريكي.. للتذكير أنّ أمريكا لم تنل نصيبها من المستعمرات مثل الدول الاوروبية.. لقد كانت الدول الاوروبية تحتل مساحات شاسعة تفوق مساحتها بكثير مثلا: تمثّل مساحة بريطانيا بالنسبة لمساحة مستعمراتها: 1140 وبلجيكا: 180 وهولاندا: 158 والبرتغال 124 وفرنسا: 122 وإيطاليا: 16 حسب ما أورده محمد العالم الراجحي صاحب كتاب: «حول نظرية حق الاعتراض في مجلس الأمن الدولي». هذه الفروق بين مساحة الدولة الاستعمارية ومساحة المستعمرات فتح الشهيّة لحبّ الاحتلال، لذلك صارت الولاياتالمتحدةالامريكية تسخر لنفسها الدول الاوروبية ومجلس الامن لتحديد التهمة والادانة ثم تدعم «توجيه التهمة» للدولة التي تريد، وذلك بالفصل السابع لتبيح لنفسها التدخل العسكري حتى بات الامر محصورا في ثلاثة اطراف: رغبة الولاياتالمتحدة في احتلال دولة والاممالمتحدة تعدّ الغطاء الشرعي والسياسي (حصار التنفيذ للقرار الاممي باللجوء للفصل السابع من الميثاق الاممي..) ثم العرب والمسلمون هم الضحايا.. يحصل هذا والعالم يتفرّج بل يؤيّد ذلك رهبة ورغبة.. أردت بهذا الحديث التمهيد لتقديم المؤتمر الذي عقد بمدنية اسطنبول التركية، هذا المؤتمر يمثل قمة الدول الاسلامية الكبرى، وهي: اندونيسيا ايران باسكتان بنغلاديش تركيا ماليزيا مصر نيجيريا وعرف هذا التجمع الاقتصادي في منشئه ب د 8 وكأنه مجاراة لقمّة الثمانية الكبرى فهذا المؤتمر هو احتفال بذكرى تأسيس الاتحاد الاقتصادي لهذه الدول والذي لم يحقق المأمول وانتظمت هذه القمة تحت رعاية مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية وحضرها عدد من الشخصيات البارزة في المجال السياسي والاقتصادي نذكر منها على سبيل المثال: * نجم الدين اربكان الذي كان رئيس حكومة تركيا سابقا وهو الامين العام لمركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية الذي يرعى هذه القمة. ديبو علاّم: الامين العام لاتحاد الدول الاسلامية الثمانية كيا طباطبائي: المنسق العام للتحالف رجائي قوطان: رئيس حزب السعادة كما حضر هذه القمة عدد من اعضاء الحكومة التركية وأصحاب الاعمال ورؤساء مؤسسات اقتصادية ومالية. وكانت كلمة السيد نجم الدين أربكان هامة وطبعا تكون كذلك لانه صاحب فكرة بعث اتحاد إسلامي، والذي التأم اجتماعه التأسيسي في أثناء السنة الماضية، لقد دعا اربكان الى حلف عسكري اسلامي كما دعا الى «إنشاء منظمة الامم الاسلامية المتحدة» لمواجهة التدخلات الجائرة للامم المتحدة في البلاد الاسلامية. وكان اتفاق قد حصل بين هذه الدول السنة الفارطة يخصّ تيسير الحصول على تأشيرة التنقل بين هذه الدول.. ومما ورد في كلمته: «إنّ ما تمّ انجازه لا يعْدو ان يكون نفضا للغبار المتراكم على أغصان شجرة الدول الاعضاء».. المهم ان الدعوة الرئيسية لانشاء منظمة الاسلامية المتحدة ضرورة اكيدة وواجب تنفيذها في أقرب الاجال للاسباب التالية: إن منظمة الاممالمتحدة انبثقت عن نتائج عالمية، وتمّ تأسيسها على أنقاض ما دمّرته الطائرات النفاثة والقنابل النووية، وبعقلية «المهزوم والمنتصر» فكانت المنظمة التي يرتّبها «حق النقض» للدّول الكبرى، هي مستعمرة من طرف الدول العظمى، وتبسط بل تشرّع احتلالا كونيا للدول الضعيفة من طرف القوى العظمى، لهذا كثرت مظالمها ولم تعد الانسانية مستعدة لقبول وضعها الحالي، لهذا وجب هدمها وبناء منظمة عالمية جديدة على أسس العدل والمساواة والحرية والنزاهة * إنّ الدول الاسلامية وضمنها العربية طبعا، هي الدول الضحية في العالم... تحيا شعوبها تحت مطرقة منظمة الاممالمتحدة، لذلك يكون الخروج من هذه المنظمة وانشاء منظمة اسلامية هو الذي يحمي الدول الاسلامية ويشجع الدول والشعوب التي تشعر بالضيم من هذه المنظمة العالمية. واخيرا وهو هامّ: هو صدمة الدول العظمى التي تسير بذهنية استعمارية الى اليوم فحين تجد نفسها مع بعضها فقط، دون الدول الضعيفة سيكون «الوعي» بواجب العدل بين الشعوب والامم.. لكنّ ما يجعلني أشعر بشيء من الريبة من هذه الدعوة التي لا أشكّ في صدق نوايا صاحبها نجم الدين اربكان، هو أنّ هذه الدول الاسلامية الثماني كلها «تابعة للولايات المتحدةالامريكية، مصدر الظلم والتعسف بإستثناء إيران... فهل سيتحقق هذا الحلم؟ أم أنّ ذلك سيكون مآله مثل غيره من المشاريع التي تسوّق للاستهلاك الشعبي..؟ إنّي على يقين أن هؤلاء القادة الذين عرفوا بانحناء الرقبة أمام «العمّ سام» سوف يستمرّون في ذلك، إلى أن يغيّر الله ما بالقوم...