منذ سنوات ليست بالقليلة، تنامت ظاهرة فتح محلات الاتصالات السلكية واللاسلكية أو «التاكسيفون»، بشكل ملحوظ. وقد نجد بين محلّين يبتعدان عن بعضهما 100 م محلا آخر جديدا... وتتميز علاقة «التاكسيفونات» فيما بعضها بالمزاحمة والمنافسة الشديدتين، خصوصا في بيع بطاقات الشحن مما جعل مداخيل أصحاب بعض المحلات تزيد بشكل لافت للانتباه... ومؤخرا، وبعد خصخصة أكثر من 2/3 قطاع الاتصالات ظهرت احتكارات جديدة في سوق بيع البطاقات التي تعتبر البضاعة الأكثر رواجا بعد دقرطة المحمول بين الناس بشكل كبير وهذا ما جعل عديد ملاكي محلات «التاكسيفون» يعانون الركود والتفقير... اللافت للانتباه، أن سلطة الاشراف تنظم هذا القطاع من خلال كراس شروط موجها بشكل رئيسي لأصحاب الشهائد العاطلين عن العمل للاستثمار في هذا القطاع كشكل من أشكال «مقاومة» بطالتهم ... وإذا أخذنا لمحة عن كراس الشروط هذا، سنلاحظ بعض الأشياء الطريفة. فمثلا، من يرغب في فتح محل، يجب أن يكون له مستوى تعليمي عال، على الأقل سنتين بعد الباكالوريا! وصاحب المحل مفروض عليه أن يبقى في محله كامل الوقت وإذا كانت له آلات زادت عن العدد القانوني، يتوجب على مالك المحل أن ينتدب مساعدا له. وطبيعي جدا أن يكون لهذا المساعد مستوى تعليمي جامعي أيضا ! بمعنى أن للمالك ومساعده معارف علمية ذات مستوى عال في العلوم الطبيعية والجيولوجيا وتحليل الخطاب وعلوم الاتصال والحضارة الأمريكية والانقليزية والتسويق والانثربولوجيا!!! فهذه المعارف ستكسبهما تجربة كبيرة في كيفية إلقاء السلام على الحريف بكل لباقة وستكسبهما التقنيات الجديدة في صرف النقود وإعطائها للحريف!!! ألا نلاحظ أن إجبارية البقاء في المحل وانتداب المساعد والدراسة في الجامعة لا نجدها إلا عند أصحاب الأعمال الخاصة والكبرى كالمحامي أو الصيدلي مثلا!؟ أليس من الأجدر حينها ، عندما يستوي ملاّك «التاكسيفون» بالمحامي أو الصيدلي، أن تقوم وزارة التعليم العالي بإحداث شعبة جامعية متمثلة في شعبة تقنيات علوم «التاكسيفون»؟! إنها نباهة كبيرة لأناس يريدون وضع حدّ لبطالة أصحاب الشهائد الجامعية وذلك بالنفخ في صورة أعمال وهمية أو أعمال لا يستطيع المبتدئ أن ينجح فيها بسبب المزاحمة والاحتكار ... أظن أن الحلّ يكمن في الاشتراك بين كل الاطراف في النظر بروية في الاسباب الحقيقية للبطالة ومحاولة إيجاد حلول حقيقية لا ترقيعية، ويكون ذلك على قاعدة احترام الناس،لا بالضحك على ذقونهم.