أخذت الأوضاع الاجتماعية لعمال البيبان تتدهور منذ شرع اصحاب الشركة في خرق كراس الشروط الذي بموجبه تم التفويت في استغلال البحيرة لفائدة الاستثمار الخاص، اذ انصب اهتمام الشركة على بعث مشروع سياحي عوضا عن الاهتمام بتدعيم وتطوير وسائل وطرق الصيد البحري. وتأزمت هذه الاوضاع مع مطلع سنة 2007 وذلك على اثر وفاة أحد الشريكين المالكين للشركة التونسية للصيد البحري المستغلة لهذه البحيرة، وقد تفاقمت هذه الازمة بمرور الزمن: فقَدَ صرْفُ مستحقات العمال انتظامه واصبح يتم بصفة متأخرة عن آجالها المعهودة وظل هذا التأخير يمتد فترات طويلة كما هو الحال بالنسبة لمنحة الانتاج ومنحة الشهر الثالث عشر او اجور العمال الذين عبروا عن احتجاجهم بشن اضراب عن العمل يومي (16 و 17 جانفي) ولايجاد الحلول الملائمة لهذا المشكل التأمت باشراف السلط المحلية والجهوية ست جلسات عمل في ما بين 5 جانفي 2007 و 23 فيفري 2007، وتحلى الطرف النقابي، رغبة منه في الخروج من هذه الوضعية، بالمرونة المطلوبة في مثل هذه المناسبات وقبل بجدولة صرف هذه المستحقات. ولم يمر عمال البيبان طوال حياتهم المهنية في ظل الديوان او في بداية عهد انتصاب الشركة التونسية للصيد البحري بمثل هذه الازمة التي جعلتهم يعتقدون أن مصير الشركة اصبح غير مضمون وانها اصبحت في وضعية يكتنفها الكثير من الغموض خاصة بعد ان انتشرت في صفوفهم الفكرة القائلة أن الشريك الثاني يرغب في التخلي عن نشاط الصيد البحري واستبداله بالسياحة. والملاحظ والمؤسف له ان هذا الشريك الثاني لم يسع الى تبديد هذا الغموض بل تصرف بطريقة زادت من تعميقه، وذلك لما أقدم على تمليك وسائل النقل لشخص اخر لا علاقة له بالشركة، وعلى نقل بعض المعدات خارج البيبان كان اخرها آلة الثلج (يوم 11 اوت 2007) كما لم يسع الى توفير ضرورات العمل مما اثر سلبا في الانتاج، بل انه احدث البلبلة في صفوف العمال لما طالب بتطبيق الفصل 21 (جديد) وما بعده من مجلة الشغل والمتعلق بالبطالة الفنية. ومما زاد الطين بلة، رفض الشركة ممثلة في الشريك الثاني تمكين العمال من منحة الانتاج (الثلاثية الثانية لسنة 2007) وعدم قيامها بالتصريح بأجور العمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان الثلاثية الاخيرة لسنة 2006 والثلاثيتين الاولى والثانية لسنة 2007 (اي انها حرمتهم من المنح العائلية)، كما لم تمكنهم من ازياء الشغل (2007)، وكنتيجة لذلك قرروا في اجتماعهم العام ليوم 27/07/2007 الدخول مرة ثانية في اضراب عن العمل، وقد حدد المكتب التنفيذي موعده ليومي 14 و 15 اوت، وعلى اثر صدور البرقية المعلنة لهذا الاضراب انعقدت جلسة صلحية لم تفض الى ازالة اسباب الازمة لان الشريك الثاني رفض تحمل مسؤلية هذه الوضعية ولم يبد اي استعداد للمساهمة في الجهود المبذولة من قبل الاطرراف الاخرى لايجاد الحل الملائم لهذه الازمة وامتنع عن اصدار الامر لادارة الشركة بصرف مرتبات شهر جويلية. ويمكن القول إن تصرف هذا الشريك لم يكن لائقا على المستوى الاخلاقي والانساني اذ تهرب من تحمل المسؤولية مبررا ذلك بأنه هو وشريكه المتوفي يملكان اسهم الشركة بالتناصف (50 مقابل 50) وهو ما لا يسمح له باتخاذ القرارات) كما احتج على الطرف النقابي لما قبل بتأجيل الاضراب الى يومي 3 و 4 سبتمبر 2007 استجابة لطلب ممثلي السلطة، بل طالب بإلحاح بعدم تأجيله: هذا يعني أنه غير مكترث بهذه الوضعية الاجتماعية الشائكة وانه يعمل على توجيهها بطريقة تخدم مصالحه الخاصة وليست مصالح الشركة وعلى استخدامها للضغط. أولا: على ورثة شريكه المتوفى حتى يجبرهم على التخلي عن حقوقهم في الشركة والخروج منها بخُفّي حنين. ثانيا: على اصحاب القرار المعنيين بموضوع البحيرة حتى يعفوه من دفع الدين المتخلد بذمته والمتمثل في قيمة كراء البحيرة لمدة ثلاث سنوات، ويمكنوه من مواصلة «الاعتداء» على كراس الشروط واستغلال البحيرة سياحيا. فمثل هذا المستثمر، هل تهمه وضعية العمال المحزنة؟ فنحن الان في اليوم العشرين من شهر اوت وهؤلاء العمال لم يتقاضوا بعد مرتبات شهر جويلية والقسط الثاني من منحة الانتاج لسنة 2006 كما لم يمكنوا من المنح العائلية، مما أدى الى وقوعهم في ضائقة مالية خانقة جعلتهم عاجزين عن توفير أبسط مستلزمات الحياة اليومية ناهيك عن الايفاء بتعهداتهم لدى دائنيهم من بنوك ومزودين... مع العلم ان هذه المستحقات تشكل الدخل الوحيد لسكان قرية البيبان. ولذا وعلى اساس اطلاعه على هذه الوضعية المزرية فان مكتب الاتحاد المحلي، اذ يعبر عن عميق انشغاله بما آلت اليه الامور ببحيرة البيبان وعن تضامنه غير المشروط مع عمالها، يقترح: تقديم المساعدات العاجلة الى عمال البيبان العمل على تمكينهم من مستحقاتهم في اقرب وقت ممكن قبل مفتتح السنة الدراسية وحلول شهر رمضان توفير وسائل الانتاج اللازمة لضمان انطلاقة ناجحة لموسم الصيد لأنه في صورة عدم تحقيق ذلك في غضون الايام القليلة المقبلة، فان العواقب ستكون وخيمة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. القيام بدراسة معمقة لوضعية البحيرة ومصيرها للحيلولة دون تكرار هذه الازمة.