على امتداد ثلاثة ايام نظم قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي بالتعاون مع منظمة فريدريش ايبارت الندوة الوطنية لتعميق قدرات المكونين وذلك ايام 7 8 و 9 سبتمبر 2007 بمدينة جرجيس والتي سبقها ملتقى مؤطري التكوين الذي التأم يومي 5 و 6 سبتمبر 2007. وقد خصص هذا اللقاء النقابي لاعداد مجموعة من الوحدات التكوينية قصد ادراجها في برنامج محمد علي الحامي التكويني. وقد بلغ عدد الوحدات المحدثة العشرة وهي: تاريخ الحركة النقابية في تونس وتطورها النوع الاجتماعي ابجديات الاقتصاد تقنيات الاتصال: الخطاب النقابي المباشر تقنيات التنشيط التأمين على المرض العولمة وتأثيراتها معايير العمل الدولية العمل اللائق التقييم. وخلال ملتقى مؤطري التكوين تم توزيع المحاور على المؤطرين الذين تولوا اعداد مشاريع أولية لجذاذات لمختلف الوحدات ثم عرضت على المؤطرين لمناقشتها وتعديلها جماعيا في مستوى اهدافها وتحطيطها العام. أما خلال ندوة تعميق قدرات المكونين التي تأتي ضمن برنامج قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي لتطوير وتنمية الموارد البشرية من حيث الزيادة في عدد المكونين الجهويين والرفع من جودة ادائهم فقد تم عرض مشاريع الوحدات المعدة على اكثر من ستين مكونا حضروا من مختلف القطاعات والجهات مما اتاح لهؤلاء المتكونين تعميق فهمهم واستيعابهم لهذه الوحدات منهجا ومضمونا. ورغم كثافة النشاط ودسامة المواضيع المطروحة فقد تميزت متابعة المتكونين لاشغال الندوة بدرجة عالية من الانضباط والتركيز مما يعكس شعورهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم ووعيهم بالدور الهام والخطير للتكوين النقابي في صياغة مستقبل منظمتنا النقابية... هذا الشعور والوعي اللذان اكدهما الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في كلمته امام المؤطرين والمكونين. فبحضور الاخوة محمد النفطي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بمدنين وعبد العزيز السافي الكاتب العام للاتحاد المحلي بجرجيس ومحمد شندول الامين العام المساعد المسؤول عن الاعلام وعبيد البريكي مسؤول قسم التكوين والتثقيف منظم الندوة، وبعد الكلمات الترحيبية التي ألقاها الاخوة عبيد البريكي ومحمد النفطي وعبد العزيز السافي ألقى الاخ عبد السلام جراد كلمة استهلها بتحية الحاضرين والترحيب بهم شاكرا قسم التكوين والتثقيف على ما يقدمه للاحاطة بمناضلي ومناضلات الاتحاد وتكوينهم «... اضافة الى تكوين المكونين على قاعدة المبادئ الثابتة للمنظمة والقائمة على ان المنظمة هي قبل كل شيء ملك لابنائها.. اذ لا وصاية على المنظمة ولا ارادة فيها الا ارادة ابنائها وهو التزام ترسّخ منذ مرحلة الرواد والمؤسسين». واستكمالا لهذه المعاني أكد الاخ الامين العام ان مسك ابناء الاتحاد لمصير منظمتهم ومستقبلها انما يكون على اساس الشفافية والديمقراطية في الفعل والتصرف مع احترام حق الاختلاف باعتباره عنصر ثراء للمنظمة وعامل توحيد.. وهي جميعها خيارات تقتضي الارتقاء بالمنظمة تشريعا وأدبيات وثقافة وتكوينا.. «لهذ اختار الاتحاد ان يكون التكوين قاعدة ثابتة في تطوير المنظمة وجعلها قادرة على مواجهة التحديات والصمود امام العواصف». فسرعة التحولات التي يشهدها العالم بموجب العولمة تقتضي التسلح بالمعرفة والحجة مما يستوجب بدوره وجود مكونين قادرين على تمكين النقابيين من المعرفة الضرورية لخوض التفاوض والنضال لحماية المكاسب وتحقيق المزيد منها وهو ما يفسر تعدد الندوات التكوينية وتكوين بنك من المراجع التي توثق لفعاليات هذه الندوات ومضامينها وقد خلّص الاخ الامين العام الى ان للتكوين تأثيرا بالغا على النقابيين سواء في علاقاتهم في صلب هياكل منظمتهم أو في علاقتهم ببقية الاطراف اذ يكرس التكوين الخيار الديمقراطي والشفافية والسلوك المسؤول بين النقابيين في مختلف الهياكل والمواقع كما يسلح النقابيين بالمعارف والمعطيات ومختلف آليات وتقنيات التعاطي مع الاخر في اطار التمسك باستقلالية المنظمة التي لا نفوذ عليها من اي كان. وفي ختام كلمته دعا الاخ الامين العام بقية الاطراف الاجتماعية الى الوثوق بالاتحاد والتعامل بجدية مع مقترحاته وتصوراته «...فنحن نرفض ان يكون وجودنا واجهاتيا غير فاعل... نحن فاعلون في كل الخيارات وذلك على اساس الحوار والدراسة المعمقة للملفات وكذلك بالتوجيه ولفت الانتباه الى مواطن الخلل وسوء التصرف». كما جدد اعتزاز المنظمة بالمكونين وبالدور الذي يلعبونه في صلب المنظمة خاصة مع استهداف التكوين لاعضاء النقابات الاساسية التي هي القلب النابض للاتحاد. واثر كلمته تابع الاخ الامين العام عرضا لوحدة التأمين على المرض قدمه الاخ عبيد البريكي الامين العام المساعد المسؤول عن التكوين والتثقيف سعى خلاله الى رفع الغموض والالتباس على العديد من النقاط في صلب هذا النظام ملفتا الانتباه الى ضرورة النظر بموضوعية لهذا النظام الجديد الذي يعتبر احد الملفات المصيرية بالنسبة للاتحاد، اذ كان اصلاح المنظومة الصحية مطلبا مزمنا للاتحاد لازم كل لوائحه ومؤتمراته كما كانت مساهمة الاتحاد فاعلة في تعديل العديد من النقاط الجوهرية في النظام الجديد للتأمين على المرض بما يحد من اي سلبيات محتملة ويحقق مكاسب جديدة للعمال خاصة في القطاع الخاص والوظيفة العمومية. كما شرح الاخ عبيد البريكي مختلف آليات التطبيق والاشكاليات التي رافقته موضحا بالمناسبة عملية التدرج في الخصم التي ارتبطت بالتطبيق الجزئي للنظام الذي انطلق منذ جويلية 2007 والتي كان للاتحاد فيها مواقف حازمة. واثر العرض تولى الاخ الامين العام التعقيب مؤكدا ان النظام الجديد للتأمين على المرض افضل بكثير مما كان عليه وان الاتحاد لم يتسرع في اتخاذ اي قرار بشأنه اذ استأنس بآراء الخبراء واعتمد رئيسيا على مواقف واراء العمال الذين تدارسوا المشروع عبر مختلف هياكلهم كما نظمت لذلك عدة ندوات. ومن المكاسب التي تمسك الاتحاد بتحقيقها تأهيل القطاع الصحي العمومي واعتماده مرجعا في وضع الخارطة الصحية وضمان مجانية العلاج لاعوان الصحة اضافة الى اشراك الاتحاد في وضع مختلف المناشير والاوامر وضمن اللجنة الفنية للتأهيل التي يوجد ضمن عضويتها جامعة الصحة ونقابة الاطباء. اما بخصوص الصناديق الاجتماعية فأكد الاخ الامين العام تمسك النقابيين بمقاومة سوء التصرف والمطالبة بالشفافية وحسن التسيير في هذه الصناديق التي تعتبر مسألة حياتية بالنسبة للعامل. ... المكوّنون والمؤطرون كانوا على امتداد اشغال الندوة مثالا للانضباط والشعور بالمسؤولية رغم كثافة النشاط وضعط العمل وهو ما جعل الاخ عبيد البريكي في كلمته الاختتامية للندوة يؤكد التوجه لهم بتحية شكر وتقدير معتبرا ان الندوة قد حققت أهدافها من حيث التكوين ومن حيث تعميق العلاقة بين الاسرة التكوينية التي هي بصدد الاثراء المتواصل لرصيدها عددا وكيفا من ذلك انضمام عدد من الاخوة المكونين الى صنف المؤطرين وقد نجحوا في ادائهم خلال هذه الندوة. لكن الاخ عبيد البريكي اوضح ان ما قدم خلال الندوة ليس سوى دليل ننطلق منه لنبني عليه مؤكدا اهمية التكوين الذاتي في اثراء الرصيد المعرفي والبيداغوجي للمكوّن متعهدا بالسعي الى توفير كل الوثائق والمراجع الضرورية لذلك وواعدا بضمّ الوحدات العشر الي سالفتها في دليل محمد علي الحامي للتكوين ووضعها في احسن اخراج على ذمة المكونين حتى تجد هذه المضامين سبيلها الى النقابات الاساسية.