لو كان بيدي، كما يكتب الزميل الشاب على الدوام علي الجريدي، لأنشأت إذاعة سميتها إذاعة الطوارئ وخصصتها لارشاد المواطنين عند حالة من حالات الفوضى التي سادت مساء الاثنين الماضي بعد نزول كمية من المطر، فاضت بها الأنهج والشوارع وتعطّلت الحركة وعاد الناس من تلاميذ وطلبة وعمّال وموظفين إلى منازلهم مشيا على الأقدام. ذلك أنّه في الوقت الذي كان فيه الناس في حيرة من أمورهم، معطلين في سياراتهم، قابعين في الحافلات أو في عربات المترو، وفي الوقت الذي كانت فيه المياه تغمر البيوت والمتاجر والكل يبحث عن حلّ يمكنه من الوصول الى بيته خاصة أنّ موعد الافطاريقترب بين دقيقة وأخرى، كانت الاذاعات التونسية عمومية وخاصة غارقة في الأغاني الخفيفة، وفي دروس الوعظ والارشاد، بل إنّ احداها كانت تتحدث عن الصيف ولياليه الملاح، مقيمة الدليل على انقطاعها عن العالم الذي يحيط بها وبعدها عن الالتصاق بالمستمع. كان مطلوبا من الاذاعة في ذلك الوقت بالذات أن تفتح قنوات الاتصال مع شرطة المرور والبلديات والحماية المدنية وديوان التطهير ووزارة التجهيز وغيرها جميعا من المصالح المعنية وتسأل هذا أو تدله على تعطّل حركة المرور في هذه النقطة أو تلك وتسأل هذا أو تدلّه على المسالك الواجب العبور منها حتى لا يساهم في تعقيد الوضع في هذا الشارع أو ذاك وتقترح على هذا تغيير مساره. كان على الاذاعة بشكل خاص، عبر المسؤولين المؤهلين، أن تدعو الناس، خاصة أصحاب السيارات إلى البقاء في أماكنهم مادام المطر ينزل وحتى بعد توقفه بقليل حتى يبقى المجال فسيحا أمام حركة مرور عربات الشرطة والحماية المدنية والتطهير والتجهيز والنقل والبلديات فيسهل عليها التدخل والانقاذ. كان على الاذاعة أن ترشد أصحاب السيارات الى الطرقات السالكة وتنبههم إلى تجمعات المياه وإلى أي حواجز يمكن أن تمنعهم من التقدّم، فتحوّل بذلك دونهم والوقوع في مطلبات الاكتظاظ. كان بامكان الاذاعة عمل أشياء كثيرة تخفّف على المواطنين ما عانوه مساء الاثنين من ويلات أقامت لهم الدليل مرّة أخرى أنّ عاصمتهم تغرق في كأس ماء. لكن مادامت الأمور تسير على النحو الذي تسير عليه حتى الآن، فإننا نحمد الله كلّ يوم، بكرة وأصيلا على أنّ عاصمتنا وبلادنا عامة لا تعرف الكوارث ولاهي تقع في منطقة زلزالية، ولا تتعرّض إلى تيّارات هوائية ولا تستهدفها الأمواج البحرية ولا حتى الرمال الصحراوية وأن نلتمس من العزيز القهار عفوه ولطفه بنا وحمايتنا من أي مكروه قد تسبّبه لنا «غسالة النوادر» هذه التي يجب الاعتراف أنّها رغم كل شيء رحيمة بنا، تصيبنا بالخوف والهلع وتتسبّب لنا في بعض الأعطال لكنّها في النهاية لا تضرّ بنا. الحمد لله مرّة أخرى بل ألف مرّة ومرّة. انتباه من فضلكم:أنا هنا أتحدّث عن اذاعة عمومية تتأتّى ميزانيتها وجميع مصاريفها من مساهمات المواطنين.