نعلم قراءنا الكرام انه تمت العودة الى ركن الاستشارات القانونية بجريدة الشعب وكلنا استعداد للاجابة عن تساؤلاتكم واستفساراتكم بصدر رحب. في هذا الاطار راسلنا السيد (م. بن . ر) وهو من الجنوب التونسي كان يعمل في شركة بالعاصمة لفترة تناهز الخمسة عشر سنة كان فيها مثالا للعامل الجدي، المخلص والمتفاني، الا انه وبتجاوزه السن ال 45 بدأت صحته في الاضطراب الناجم عن طبيعة عمله المتعبة والشاقة، فضعفت جهوده في العمل مما اضطر ادارة الشركة الى احالته على التقاعد المبكر، وهو أمر أزعجه كثيرا نظرا لتعلقه الكبير بعمله ولإحساسه بأنه مازال لديه الطاقة اللازمة للقيام به على احسن وجه اضافة الى خوفه من ان لا يمنح حقوقه جراء ذلك. ومن ناحية ثانية فانه رغم انخراطه بنظام الضمان الاجتماعي الا ان بعض اقساط الاشتراك لم يتم دفعها. فيسألنا عن حقوقه المتأتية من هذا التقاعد، وعن حق الشركة في ذلك من عدمه، وعن عواقب عدم خلاص الاشتراك بالضمان الاجتماعي. الجواب لكل بداية نهاية، هكذا هو حال العلاقات الشغلية فهي كما تبدأ تنتهي، لكن لابد من توفر ظروف ملائمة لانهاءها حتى لا تكون سببا في اسعاد البعض وتعاسة البعض الاخر. وما التقاعد الا مظهرا من مظاهر انتهاء الحياة العملية لمن يطلبه من العمال او يفرض عليه سواء بصفة مبكرة او بصفة طبيعية عند بلوغ السن القانونية لذلك. ولكن المشكل الذي قد يطرأ حول مسألة التقاعد وخاصة المبكر منها هو ان بعض العمال ينسجمون مع اعمالهم حتى تصبح تلك الاعمال هي كل حياتهم مما يصعب عليهم تركها او تغييرها ولو كان ذلك مقابل جراية عمرية وهي جراية التقاعد وبالعودة الى الاستشارة الواردة علينا نجدها تطرح مسألتين سنتناولهما تباعا: أولا: في خصوص عرض العامل على التقاعد المبكر انه رغم الاختلاف مع تعليق عقد العمل والطرد لاسباب اقتصادية او غيرها فان عملية احالة العامل على التقاعد المبكر قد تجدها تتفق ايضا معهما في بعض الاسباب كالضعف المهني في بعض الاجراءات، ذلك ان التقاعد لابد ان تصادق عليه لجنة مراقبة الطرد المنصوص عليها صلب الفصول 21 و 391 وما بعدها من مجلة الشغل. هذا اضافة الى ان عمر المحال على التقاعد يجب ان يكون في حدود الخمسين سنة على الاقل اضافة الى ضرورة ان يكون مسجلا بمكتب التشغيل لمدة ستة اشهر لم يعرض عليه خلالها اي عمل اخر. كما ينص القانون على ضرورة تقديم ملفا في الغرض الى الصندوق الوطني للتأمين على الشيخوخة مرفوقا بالوثائق التالية، كشهادة مسلمة من المكتب المحلي للتشغيل تنص على عدم عرض اي عمل اخر على المعني بالتقاعد وشهادة تسلمها تفقدية الشغل الراجعة اليها المؤسسة ترابيا تنص على ان طرد المعني بالامر وقعت المصادقة عليه من قبل لجنة الطرد اضافة الى تقديم كشف عن الاجور المصرح بها من قبل المؤجرين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين عمل لديهم المعني بالامر، وبالتالي وبعد عرض او اعطاء لمحة عن معنى التقاعد المبكر واجراءاته وبربط هذه المعطيات مع مضمون الاستشارة التي وقع فيها احالة المستشير على التقاعد المبكر بناء على الضعف المهني رغم عدم بلوغه الخمسين سنة المطلوبة كسن دنيا للإحالة على التقاعد يمكن افادته بأن هذه الاحالة على التقاعد غير قانونية وهي تعتبر طردا وبالتالي فله الحق في المطالبة بالمنح المزمع التمتع بها وهي منحة الطرد والاعلام به وما قد يمكن الاتفاق عليه بين الاطراف لانهاء العلاقة. ثانيا: في خصوص التأخير في خلاص اقساط الاشتراك في الضمان الاجتماعي ينص الفصل 105 في فقرته الاولى الجديدة من القانون عدد 30 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بتنظيم انظمة الضمان الاجتماعي، والذي تم الغاء الفقرة الاولى (القديمة) منه بمقتضى التنقيح الذي تم اجراءه بالقانون عدد 51 لسنة 2007 المؤرخ في 23 جويلية 2007 ان «كل اشتراك او جزء من اشتراك لم يتم خلاصه في تاريخ حلوله من قبل مستأجر منخرط توظف عليه خطية تأخير لعدم خلاص الاشتراكات المستوجبة تساوي 1 عن كل شهر تأخير او جزء منه اذا تولى المستأجر الاعلام بكامل الاجور المدفوعة بصفة تلقائية. وفي صورة عدم الاعلام بكامل الاجور المدفوعة في تاريخ حلوله تطبق، اضافة الى خطية التأخير لعدم خلاص الاشتراكات، خطية تأخير لعدم الاعلام بالاجور تساوي 5،0 من مبلغ الاشتراكات المستوجبة عن كل شهر تأخير أو جزء منه». وبالرجوع الى الاستشارة تجد انه لم يقع خلاص عدة اقساط من الاشتراك بنظام الضمان الاجتماعي ولم يرد ان وقع الاعلام بها من عدمه. وبالتالي وبربط الوقائع بموقف المشرع يمكن القول ان على المستشير تسوية وضعية مع ادارة الضمان الاجتماعي مع العلم ان مؤجره هو من يتحمل خطية التأخير في الدفع وربما خطايا عدم الاعلام ان لم يقم بذلك. وصدر هذا الرأي في الجلسة المنعقدة بمقر المجلس الدستوري بباردو يوم الاربعاء 6 جوان 2007، برئاسة السيد فتحي عبد الناظر، وعضوية السيدة فائزة الكافي والسادة محمد اللجمي وغازي الجريبي ومحمد الزين ومحمد رضا بن حماد ومحمد كمال شرف الدين والسيدة جويدة قيقة والسيد نجيب بلعيد.