رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فاتورة استيراد الطاقة لا تطاق .. هل تعود تونس إلى مشروعها النووي؟    في علاقة بالجهاز السرّي واغتيال الشهيد بلعيد... تفاصيل سقوط أخطبوط النهضة    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    مزاد دولي يبيع ساعة أغنى راكب ابتلعه الأطلسي مع سفينة تايتنيك    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    ترشح إلى «فينال» رابطة الأبطال وضَمن المونديال ...مبروك للترجي .. مبروك لتونس    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    نبيل عمار يؤكد الحرص على مزيد الارتقاء بالتعاون بين تونس والكامرون    استشهاد خمسة فلسطينيين في قصف لطيران الاحتلال لمناطق وسط وجنوب غزة..#خبر_عاجل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    ماذا في لقاء وزير الخارجية بنظيره الكاميروني؟    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    نابل: الاحتفاظ بشخص محكوم بالسجن من أجل "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" (الحرس الوطني)    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد بعد دعوته لتحويل جربة لهونغ كونغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب؟    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    عاجل/ تحذير من أمطار وفيضانات ستجتاح هذه الدولة..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    التشكيلة المنتظرة للترجي في مواجهة صن داونز    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة «الشروق»: أيّة ضرورة لإصلاح انظمة التقاعد في تونس ؟
نشر في الشروق يوم 26 - 11 - 2010

٭ أعدّ الندوة وساهم في الانجاز: خالد الحدّاد عبد الحميد الرياحي سفيان الأسود عبد الرؤوف المقدمي أمين بن مسعود محمد علي خليفة
٭ صور طارق سلتان
كعادتها تحرص جريدة «الشروق» ان تكون سبّاقة في طرح الملفات الكبرى التي تهم البلاد، ويعدّ ملف اصلاح أنظمة التقاعد من أهم الملفات الوطنية المطروحة خلال هذه الفترة وقد ارتأت جريدة «الشروق» ان تجمع مختلف الأطراف المعنية بالملف المذكور في إطار ندوة مفتوحة تطرح مختلف المقاربات والتصوّرات وتقدم المقترحات الممكن الأخذ بها ناهيك وأن الحوار لا يزال متواصلا بخصوص الصيغة النهائية للاصلاح وتاريخ تنفيذ الاجراءات الجديدة.
وقد كانت ندوة «الشروق» التي حملت عنوان «أية ضرورة لإصلاح أنظمة التقاعد في تونس؟» فرصة متميزة التقى فيها ممثلون عن الحكومة والأطراف الاجتماعية (المنظمات الوطنية) وعدد من المختصين في الضمان الاجتماعي والشأنين الاقتصادي والديمغرافي.
وقد تضمنت المداخلات وحصة النقاش والتي تواصلت إلى أزيد من 4 ساعات كاملة عددا مهما من الأفكار والتحاليل التي نرى أنه يمكن الاستئناس بها خاصة وان كل من أخذ الكلمة في الندوة عبر عن ضرورة تغليب المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات الأخرى وذلك بهدف الوصول إلى صيغة توافقية تخدم مختلف النواحي من حيث المحافظة على المكتسبات وعلى رأسها حقوق العمال والشغالين واستدامة أنشطة الصناديق الاجتماعية التي تعدّ مفخرة للبلاد.
وتُعربُ «الشروق» عن ارتياحها لأجواء النقاش المثمر والبنّاء الذي دارت فيه الندوة وتتوجه بالشكر إلى كل المشاركين في أعمالها وهم السادة:
سيد بلال: الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
عبيد البريكي: الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالتكوين.
الهاشمي الجلاصي: عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
سامي السليني: مدير الشؤون الاجتماعية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
عبد الرؤوف القرقني: مدير التأمين والتغطية الاجتماعية بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
الدكتور حافظ لعموري: أستاذ جامعي ومختص في الضمان الاجتماعي.
الدكتور فتحي النوري: أستاذ جامعي وخبير في الاقتصاد.
الدكتور حسان القصّار: أستاذ جامعي وخبير في الديمغرافية البشرية.
عبد الستار المولهي: أستاذ جامعي وصاحب مؤلفات في الضمان الاجتماعي.
محمد مرزوق: نائب رئيس الجمعية التونسية للمتقاعدين.
البرنامج
السبت 30 أكتوبر 2010
س 9 صباحا:
افتتاح الندوة
الجلسة الأولى
مشروع الإصلاح والمواقف «رئيس الجلسة الدكتور فتحي النوري»
س 9 و15د س 9 و30د:
مداخلة السيد بلال: الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
س 9 و30د س 9 و45د:
مداخلة السيد عبيد البريكي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل
س 9 و45د س 10:
مداخلة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية: السيد سامي السليني: مدير الشؤون الاجتماعية
س 10 س 10 و15د:
مداخلة الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
السيد الهاشمي الجلاصي: عضو المكتب التنفيذي.
السيد عبدالرؤوف القرقني: مدير عام مكلف بالتأمين والتغطية الاجتماعية.
س 10 و15د س 10 و30د:
استراحة
الجلسة الثانية
آراء الخبراء والمختصين: «رئيس الجلسة الدكتور عبد الستار المولهي»
س 10 و30د س10 و45د:
مقاربة في الضمان الاجتماعي: الدكتور حافظ لعموري
س 10 و45د س 11:
مقاربة اقتصادية: الاقتصاد والتشغيل والتقاعد: الدكتور فتحي النوري
س 11 وس11 و15د:
مقاربة ديمغرافية: التقاعد والتطور الديمغرافي: الدكتور حسان القصار
س11 و15د س 11 و30د:
كلمة السيد محمد مرزوق: نائب رئيس الجمعية التونسية للمتقاعدين
س11 و30د س 11 و45د:
ورقة تأليفية حول ضرورات إصلاح أنظمة التقاعد في تونس وسبل انجاح ذلك:
الدكتور عبد الستار المولهي: أستاذ جامعي وصاحب مؤلفات في الضمان الاجتماعي.
س 11 و45د س 13:
نقاش
س 13:
غداء
كلمة جريدة «الشروق»: من مهماتنا المساعدة على توفير فضاءات للحوار حول الملفات الوطنية الكبرى
في بداية الندوة ألقى السيد عبد الحميد الرياحي رئيس تحرير أول هذه الكلمة:
بسم اللّه الرحمان الرحيم
تفتح «الشروق» هذا الفضاء لإتاحة الفرصة لتطارح مختلف المقاربات والآراء حول ملف هام جدا، أصبح اليوم بمثابة ملف الساعة ليس في تونس فحسب بل في العديد من دول العالم بالنظر إلى ارتباطه بالمقدرة الشرائية للمواطن وبالأوضاع الاقتصادية والتي منها على وجه الخصوص التشغيل والحالة المالية للصناديق الاجتماعية، إنه ملف إصلاح أنظمة التقاعد.
ولقد دأبت جريدتنا على فتح مثل هذه الفضاءات الحوارية إيمانا منها بدورها الإعلامي في إنارة الرأي العام حول مختلف القضايا والملفات، وأمام ما أضحى يحتلّه ملف التقاعد من أهمية لدى الجمهور وما يتولّد عن ذلك الاهتمام وبصفة دائمة من أسئلة واستفسارات فإننا على يقين بأن ندوتنا هذه ستمكّن من إلقاء أضواء على العديد من النقاط والمواقف والتصورات، والتي نرى إنها ذات بال في مثل هذه المرحلة من التفاوض بشأن الاصلاح المرتقب.
ومع يقيننا بأن روح المفاوضات التي تجري حاليا بين الحكومة ومختلف الأطراف الاجتماعية بما فيها من مصارحة وجرأة وتغليب للمصلحة الوطنية وحماية للحقوق المكتسبة للعمال والشغالين قادرة على بلوغ درجة عالية من التوافق حول رؤية موحدة تجمع كل التونسيين حول مشروع إصلاح واضح ودقيق لأنظمة التقاعد بما يؤمّن المستقبل الأفضل لها في ظلّ مراعاة للاحتياجات الاقتصادية والمالية والاجتماعية للبلاد.
ولقد ارتأت أسرة تحرير «الشروق» أن تجمّع مختلف الأطراف المعنية بشأن إصلاح أنظمة التقاعد من إدارة حكومية ومنظمات وطنية للتطرّق للبعض من الاشكاليات الملحة حول هذا التوجه الاصلاحي الهام مع الاستئناس بآراء ثلة من المختصين والأكاديميين في مجالات ذات صلة بالتقاعد مثل الضمان الاجتماعي والاقتصاد والديموغرافيا البشرية.
إنها مسألة بقدر ما هي واضحة في بعض معالمها من حيث ضرورة المحافظة عن الحقوق المكتسبة وعدم الضغط على القدرة الشرائية للمواطنين أو إثقال كاهل الأجراء والعمال بأعباء إضافية، فإن التقاعد يبقى في جانب كبير منه مسألة تقنية دقيقة جدا بما فيها من معادلات حسابية ونسب مائوية وهو كذلك أمر يتطلّب التخصّص والخبرة في مختلف العلوم الانسانية والاجتماعية والاقتصادية لتوضيح جوانبه المعقّدة والمتعدّدة.
إن ندوتنا هذه لا تستهدف بلوغ درجة عالية من التدقيق الحسابي، بقدر ما هي ندوة تهدف أساسا إلى طرح الأسئلة الملحة لدى الناس حول أسباب هذا الاصلاح وما يجب أن تكون عليه أنماط ومجالات التعديل الممكنة والطرق الكفيلة بتحقيق توافق وطني حول ما تعتزم الحكومة طرحه في الفترة القادمة من نص قانوني على المصادقة التشريعية.
ويهمّنا أن ننقل إلى مختلف المشاركين في هذه الندوة البعض من تساؤلات المواطنين حول هذا الملف والتي يمكن تلخيصها في العنوان الذي ارتأيناه لهذه الندوة ألا وهو:
أيّة ضرورة لإصلاح أنظمة التقاعد في تونس؟
وهو التساؤل الذي نراه مركزيا، لأنه في ظلّ الاقرار والاقناع بوجود ضرورة لمثل هذا الاصلاح يمكن حينها المضي قُدما في تصوّر التعديلات الممكنة القادرة على بلوغ وتنفيذ الغايات والأهداف المرسومة.
ونأمل أن تسهم هذه الندوة في تبسيط المفاهيم وتوضيح الرؤى والمقاربات حتى تعمّ من ورائها الفائدة المرجوّة وتحقّق غايتها المستهدفة.
ومع شكرنا العميق على التجاوب الذي لقيته ندوتنا هذه من هذا الحضور الكريم الذي نكنّ له كلّ التقدير والاحترام راجين التواصل الدائم لما فيه الإضافة العلمية والإعلامية ولما من شأنه أن يخدم الصالح العام.
الدكتور فتحي النوري: لا بدّ من تحديد المفاهيم: هل نحن إزاء انقاذ أم اصلاح أم الاثنين معا ؟
العناصر التي سيتم الالتجاء إليها في الاصلاح معروفة وهي رفع سنّ التقاعد، وقد أكدنا أنه ليست هناك دراسة عالمية تؤكد أن هناك علاقة مباشرة بين تأخير سن التقاعد والبطالة.
أما العناصر الآنية الحالية، فمشكل الضمان الاجتماعي هو قلق على المدى القريب، تهديد على المدى البعيد.
وما أردت أن أقوله هو أن رفع نسبة المساهمة يؤثر على عنصر الانتاجية في المؤسسة، ورفع نسبة المساهمة للأجير يؤثر على قدرته الشرائية وعلى نسبة استهلاكه وبالتالي على نسبة النمو الاقتصادي وهذا مهم جدا لأن 2 / 3 نموّ الاقتصاد في تونس مردها الطلب الداخلي (الاستهلاك).
وحتى العالم الغربي يتقدم اليوم لأنه يعتمد على الطلب الداخلي، والاستثمار والاستهلاك في جميع دول العالم هما المفتاح الذي جعلها تتقدم وتخرج تدريجيا من الأزمة.
هناك من النظريات أيضا ما ينص على التخفيض في الجراية، وهذا يؤثر كذلك على المقدرة الشرائية لأصحاب الجرايات.
هذا في ما يخص الأشياء التي من الممكن استعمالها، ولكن هناك عنصران يؤثران في هذه التوازنات: العنصر الديمغرافي أي تطوّر مؤمل الحياة، وهذا عامل عالمي، هو ثمرة العقل البشري، فالإنسان الذي يريد أن يتمتّع بهذه الثمرة مطالب بأن يقدّم منها عامين، وهذا منطق آخر، ووجهة نظر يمكن مناقشتها.
والملاحظ أن المردودية تتقلّص مع مرور الوقت، ولتطوير المردودية اعتمدت الدول المتقدمة مثل فرنسا وبلجيكا الرسكلة ل10٪ من عمالها وفي الدول الاسكندينافية وصلت هذه النسبة إلى 30٪.
وأنا أقول إنه لو نشخص واقعنا سنكتشف عيوبنا، فيجب إذن النظر في البرنامج الاقتصادي، هل يتماشى مع المجتمع ويجب أن ندرس هذا المجتمع إلى أين يسير.
يجب أن نكون على قناعة بأن البرنامج الاقتصادي هو برنامج مجتمع.
يجب إذن خلق مواطن شغل في تونس، فكلّ ما هو اقتصادي لا يفوتنا (على عكس البعد الديمغرافي) يجب الاستثمار وخلق الخيرات وعلينا الاعتراف بأن نسب الاستثمار مازالت ضعيفة، لذلك يمكن القول أننا نجحنا في في سياستنا الاقتصادية في تونس ولكن لم نصل إلى مبتغانا: نجحنا في التوازنات الاقتصادية الكبرى وأنجزنا برنامج الاصلاح الهيكلي القائم على دعم القطاع الخاص، وردّ الاعتبار للقطاع الخاص وتشجيع المبادرة الحرّة.
إذن وجدنا التوازنات التي يقف عليها الاقتصاد، لكن ليس هناك نمو، وهذا ليس مشكلا تونسيا بل هو مطروح على المستوى الدولي.
هناك مؤشر واحد في تونس، هناك الجرايات والفوائد، كل طرف يريد أن يرتفع نصيبه، وهذه نظرية ممتازة جدا تساهم في النمو الاقتصادي، ولكن إذا لم يخلق المستثمر بشكل كاف مواطن الشغل فأين تذهب أمواله؟
لا شكّ ان هناك مكانا آخر لتصريف أمواله وهو البورصة أو السوق المالية. من يذهب إلى البورصة؟ هم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة.. البورصة هي مرآة تعكس نسبة النمو الاقتصادي، ولكن عندما أرى أن نمو الاقتصاد لا يتجاوز 5 أو 6٪ وأرى البورصة منتشعة وتتطور بنسبة 40٪ فهذا يعني أن أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة هم المنتفعون.
ثم أضيف هنا تساؤلا إضافيا ما الذي يمنع من اجراء استطلاع حول ما هي نسبة ثقة المستهلك في الاقتصاد؟
نحن اليوم إزاء قدرة شرائية بصدد التراجع ومنافع بصدد التضخم، وبالتالي فإن المستهلك تضعف ثقته وبالتالي تتراجع مردوديته.
لقد بات الحديث اليوم ملحا حول الاعتماد على اقتصاد الذكاء واقتصاد المعرفة، فالعالم يتطور باستعمال مؤشرات أكثر ذكاء، وأؤكد أنه ليست هناك إصلاحات جاهزة بل هناك جيل جديد من الاصلاحات، إذن يجب أن يكون هناك خطاب واضح وتكون هناك شفافية، يجب تأطير القطاع الخاص وتوجيهه نحو الاستثمار، هذه إذن هي عناصر الانقاذ وأنا أرى أن الحكومة لديها الوسائل اللازمة لتقييمها.
كتاب مهم: أنظمة التقاعد في تونس الواقع والتحديات والآفاق
٭ تونس «الشروق»:
السيد سيد بلال، الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية هو خبير دولي في مجال الضمان الاجتماعي وساهم في تطوير منظومة الضمان الاجتماعي في تونس وتدعيم الاتفاقيات الثنائية في المجال المبرمة بين تونس وعديد البلدان الأوروبية والعربية.
وللسيد سيد بلال العديد من المؤلفات في مجال الضمان الاجتماعي نذكر منها بالخصوص:
٭ أنظمة التقاعد في تونس ..الواقع والآفاق - الذي يتطرق فيه إلى درس وتحليل مختلف أنظمة التقاعد ببلادنا.
ويتضمن الكتاب ثلاثة أجزاء اهتمّ الجزء الأوّل منها بالتعريف بأنظمة التقاعد ببلادنا في القطاعين العمومي والخاصّ مبرزا مستنداتها التشريعيّة والترتيبيّة وعارضا شروط الانتفاع بها من جرايات تقاعد وجرايات الباقين على قيد الحياة وجرايات الأيتام والمنافع العائليّة وسلّط الكتاب الضوء كذلك على طرق احتساب هذه المنافع ومراجعتها، معدّدا الخدمات التي تقدّمها للمضمونين الاجتماعيين في كلا القطاعين المبنية بالأساس على وجوب الانخراط في هذه الأنظمة وحتمية تسديد مساهمات يتقاسمها كل من الأجير والمؤجر وفق نسب محدّدة ضمن نظام توزيعي اختارت بلادنا توخيه في إطار سياسة اجتماعية رائدة ترتكز على مبدإ التكافل والتضامن بين الفئات والأجيال.
وتطرّق الجزء الثاني من الكتاب إلى أهم الاستنتاجات التي توصل إليها المؤلف والمتمثلة خاصة في الفوارق الموجودة بين أنظمة التقاعد في كلا القطاعين والتي تنحصر خاصّة في سنّ الإحالة على التقاعد ونسب المساهمات وطرق تصفية الجراية والأجر المعتمد لاحتسابها ومردوديّة سنوات العمل... ولم يغفل صاحب الكتاب على إبراز سخاء هذه الأنظمة في كلا القطاعين وتعداد مظاهره مثل الأجر المعتمد لاحتساب الجراية في القطاع العمومي والحدّ الأقصى للجراية التي قد تصل نسبتها في القطاع العمومي إلى 90 % من الأجر المرجعي والتقاعد المبكر والتعديل الآلي للجراية وبالنسبة إلى القطاع الخاصّ فإنّ مظاهر السخاء تبرز من خلال مردودية سنوات العمل والحدّ الأدنى للاشتراكات ومراجعة الجراية.
وقد أدّت كلّ هذه المظاهر إلى عجز موازنات هذه الأنظمة في ظلّ عوامل خارجيّة أثرت تأثيرا مباشرا عليها تمثلت بالخصوص في التغيّرات الديمغرافيّة التي باتت تشهدها بلادنا والتي تميزت بارتفاع مؤمل الحياة عند الولادة وتحسّن ظروف العيش وتوفر الرعاية الصحيّة ببلادنا.
وتجعل كلّ هذه العوامل إدخال إصلاح على هذه الأنظمة ضروريا.
وخصص صاحب الكتاب الجزء الثالث من المؤلف لتقديم دواعي إصلاح أنظمة التقاعد في تونس مقدما في الباب الأول منه نماذج لتجارب الإصلاح التي تولتها بعض البلدان الأجنبية كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والسويد وألمانيا وإيطاليا وهولاندا وبريطانيا وعدد من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية.مقدما أهم مميزات كل نظام من أنظمة التقاعد بهذه البلدان وخصوصياتها ومصادر تمويلها إضافة إلى تقديم بعض التحديات التي تواجه هذه الأنظمة في مختلف البلدان المذكورة والتي تتصل أساسا بالتهرم السكاني والتحولات الديمغرافية.كما قدم صاحب الكتاب التمشي الإصلاحي المرحلي المعتمد من قبل كل بلد من البلدان المذكورة مشيرا إلى أن غالبيتها اعتمدت نفس التمشي وهو إقرار نظام قاعدي يضمن حدا أدنى للجراية لفائدة كل الفئات المهنية يرتكز على التضامن والتكافل وممولا إما عن طريق اشتراكات أو عن طريق الجباية وأنظمة تكميلية منها الإجبارية ومنها الاختيارية تمول عن طريق الاشتراكات بين الأجير والمؤجر أو عبر الادخار الفردي.
وبحث الكاتب في الباب الثاني من المؤلف في آفاق أنظمة التقاعد في تونس في ظل التحولات السريعة التي يشهدها المجتمع والعوامل الهيكلية التي أثرت في أنظمة التقاعد ببلادنا مما استوجب ضبط إستراتيجية لإصلاح فرعي أنظمة الضمان الاجتماعي أي التأمين على المرض والتقاعد.
وقدم الكاتب جملة من المقترحات كمحاور يمكن التعمق فيها تهم أساسا:
سن الإحالة على التقاعد؛
مراجعة الأجر المرجعي لاحتساب الجراية؛
مراجعة مردودية سنوات العمل؛
مراجعة الفترات المعتبرة لاحتساب جراية التقاعد؛
مراجعة الجرايات؛
مراجعة بعض المنافع؛
التنفيل؛
أما خاتمة الكتاب فقد ضمنها المؤلف جملة من المؤشرات ذات الأهمية الكبيرة والتي تبرز بوضوح مدى توفق سياسة تونس المعتمدة في مجال الضمان الاجتماعي في تحقيق نتائج متميزة جعلت منها نموذجا يحتذى به عالميا ومنها بالخصوص بلوغ نسبة 95% سنة 2009 ومساهمة تدخلات الضمان الاجتماعي في المجهود التنموي للدولة بنسبة فاقت 36% من مجمل التحويلات الاجتماعية وحوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي.
السيّد عبيد البريكي (الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل): العلاقات الشغلية سبب الأزمة وهذه اقتراحاتنا ...
أشكر جريدة «الشروق» على تنظيم هذه الندوة حول ملف يكتسي أهمية كبرى خاصة في المرحلة الحالية التي يمر بها العالم وتونس جزء منه ..
الملاحظة الأولى التي أريد أن أسوقها بدءا هي أن هناك مسألتين مهمتين:
الأولى هي أن الضمان الاجتماعي التوزيعي المعتمد في تونس يمثل مكسبا هاما تتمسك به كافة الأطراف.
الثانية هي الإقرار بأن أنظمة الضمان الاجتماعي وخاصة نظام التقاعد يمر بإشكالات وربما بتناسب عكسي بين المداخيل والنفقات.
ولكن عندما نتحدث عن مكتسبات الضمان الاجتماعي في تونس لا بد أن نقر أيضا بأن أنظمة الضمان الاجتماعي ممولة من طرف الأجراء والمؤجرين والدولة لا تساهم ماليا في الضمان الاجتماعي .. فالمسألة إذن مسألة تسيير سياسي واقتصادي لمداخيل متأتية من قبل الأجراء والمؤجرين.
وأنا كنقابي أريد أن أشير إلى أننا في تونس مررنا بالعديد من الإصلاحات وراهننا على الوازع الوطني لدى الأفراد ومضينا في إصلاحات كنا على يقين بأنها قد تلحق ضررا انيا بالعمال .. وهنا أشير إلى إصلاحات قانون الشغل في تونس ومسألة الانتدابات الوقتية في مواطن العمل القارة لمدة أربع سنوات..
والذي قادنا إلى الموافقة هو تمكين المؤسسة – في طور انتقالي - من حرية التصرف في الموارد البشرية إلى حد ما وراهننا على عقلية الأطراف الأخرى ولكن اكتشفنا أن راهننا لم يكن في موقعه لماذا ؟
لأنه همّ بعض أرباب العمل أصبح منصبا في كيفية التخلص من العامل قبل إدراك الأربع سنوات.
ولا أقول أننا كنقابيين نادمون على الموافقة على هذا القانون ولكن عندما لا يرتقي مستوى وعي مختلف الأطراف إلى نفس الدرجة على الأقل فنتيجة الإصلاح تصبح عكسية.
نفس الأمر بالنسبة إلى إصلاح نظام التأمين على المرض فقد راهننا على مسألة وضعت في اتفاق رسمي – وهي مسألة تأهيل القطاع الصحي العمومي لمدة معينة – من أجل أن يوضع هذا النظام في مناخ يكون فيه التنافس متكافئا بين القطاع العام والخاص.
ولكن فوجئنا أيضا بأن نسق تأهيل القطاع العمومي لم يكن بالدرجة المأمولة . وهو ما أدى إلى نتائج لم ترتق إلى مستوى طموحاتنا في التأمين على المرض.
المسألة الثالثة التي راهننا عليها أيضا هي تسقيف المضمونين الاجتماعيين حتى لا نثقل كاهل النظام ولكن اتضح أن هذا التسقيف ألحق ضررا كبيرا بالمضمونين الاجتماعيين.
الآن عندما نتحدث عن الإصلاحات يجب أن نتعظ بالنتائج...
أنظمة التقاعد في أزمة وكنا قد أشرنا إلى ذلك منذ سنة 1998 وراسلنا وزارة الشؤون الاجتماعية منذ سنة 2004 وأنجزنا دراسة في الاتحاد العام التونسي للشغل وقلنا تعالوا نتحدث حول افاق الضمان الاجتماعي وأكدنا أن عملية الإصلاح لا تكون عندما نصل إلى الأزمة بل يجب أن يكون تعاملنا مع هذه المشاكل تعاملا استشرافيا ولكن للاسف لم نتلق أي رد في الغرض ..
وقد أكدنا منذ قبل أن الملفات الاجتماعية يجب تطارحها عبر الحوار الذي يضم مختلف أطراف الانتاج ولم لا بين مكونات المجتمع المدني لأن الإشكال يمس كافة قطاعات الشعب التونسي.
ولكن ,دعينا إلى التفاوض عندما أدرك الاختلال ربما الخط الأحمر. وتمت دعوتنا عبر تقديم اقتراحات تمثلت في
«إصلاح ضروري وآني ويمر بالضرورة عبر أمرين: زيادة في سن العمل عبر مرحلة أولى 62 سنة ثم في مرحلة ثانية 65 سنة ..ثم الزيادة في نسب المساهمة مع النظر في سنوات احتساب الجرايات».
وقد قلنا بشكل واضح بأننا نقر بوجود أزمة ونحن مع إصلاح أنظمة التقاعد ولكن الإصلاح الجذري لا يكون عبر اعتماد إصلاحات جربناها سابقا وفشلت ..
من بينها الزيادة في نسب المساهمة التي وقع تجربتها في أربع مناسبات وعلى الرغم من ذلك فلا زلنا نراوح مكاننا ولم تخرج الصناديق من الازمة التي تعاني منها, إذن كيف يمكننا أن نعالج المسألة ؟
لا نعالج أزمة التقاعد إلا بالنظر في العوامل التي أدت إليها .. وهل هي عوامل ذاتية تتعلق بالتسيير أم أنها عوامل موضوعية تتعلق بالمحيط الذي يتحرك فيه الضمان الاجتماعي؟ أم أنها ناجمة عن التداخل بين الأمرين ؟
ثم في مرحلة لاحقة نتحدث عن الحلول..
لا يجب أن نقدم الحلول ونحن نعرف أنها ستؤدي بنا إلى نفس الأزمة بعد10 أو 15 سنة بدليل أن الإصلاح يقول أن التوازنات سنضمنها ب65 سنة (سن التقاعد المقترح ) إلى عام 2030 مما يعني أنه في تلك السنة فإن الأزمة ستتجدد.
فلماذا نلجأ إلى حلول ونتحدث عن الأزمة بعد تطبيق هذه الحلول , ربما أن الإشكال كامن في مسائل أخرى ونحن نعتقد ذلك وهي:
العلاقات الشغلية السائدة في المجتمع التونسي منذ تحوير قانون الشغل.. والتي أصبحت قائمة على الانتدابات الوقتية وعلى التشغيل الهش الذي لا يخضع لقانون عمل وهو إشكال مس القطاع العام والقطاع الخاص والوظيفة العمومية.
لهذا السبب اختل التوازن بين المداخيل والنفقات ولهذا السبب عدد المشتغلين اليوم المساهمين في الضمان الاجتماعي في تقلص وعدد المتمتعين بجراية نتيجة التقدم الطبي في بلادنا في تزايد.
اليوم – لو نؤدي زيارة تفقدية للمؤسسات الخاصة - سنجد أن نسبة المتعاقدين الوقتيين تتجاوز الثلثين وأحيانا تجد أن نسبة المتعاقدين في القطاع الخاص تبلغ 100 في 100.
المتعاقد لا يتقاضى نفس اجور وامتيازات العامل القار.. في السابق كانت المداخيل تتأتى من عمال قارين مصنفين مهنيا يتقاضون أجورا تتماشى ومجهوداتهم أما اليوم فنحن إزاء عمال يتقاضون أقل بكثير من المجهود المبذول وطبيعي جدا أن تتقلص مداخيل صناديق الضمان الاجتماعي.
هذا في القطاع الخاص أمّا في القطاع العام فإن التشغيل يمر بوكالات المناولة.. زرنا بعض المؤسسات العمومية ووجدنا أن بعض العمال يلبسون لباسا أخضر والاخرون يرتدون لباسا أزرق على الرغم من اشتغالهم على ذات الالة وأن الصنف الأول يتقاضى 780 دينار في الشهر والثاني يتقاضى 340 دينار .. الفرق 500 دينار على الرغم من اشتغالهم على ذات الآلة..
يعني هذا الأمر أن المؤسسات الدخيلة تستغل العمال في المؤسسات العامة, ففيما وقع انتداب الصنف الأول من العمال بصفة مباشرة فإن الصنف الثاني حصل التعاقد معه عبر مؤسسة مناولة وهو الأمر الذي أثر سلبا على مداخيل الصندوق.
وفي المستقبل سوف يتحول كافة العمال إلى عمال يشتغلون عبر مؤسسات المناولة.. إذا كانت آلية التشغيل تتم عبر هذا الشكل علما أن تونس مصادقة على الاتفاقية الدولية 111 التي تنص على المساواة في الأجر بين العمال الذين يؤدون نفس العمل – فإن الفوارق ستبقى مكرسة مما من شأنه أن يؤثر على مداخيل الصناديق.
في الوظيفة العمومية, نسبة هامة من التشغيل هي تشغيل هش.. في السابق أعوان الصحة العمومية في المستشفيات كانوا يتبعون الوظيفة العمومية والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية Cnrps, أما اليوم فإن عمال المطاعم والتنظيف في المستشفيات يشتغلون عبر مؤسسات مناولة والأكثر من ذلك أنهم غير مصرح بهم بدليل أن وزارة الشؤون الاجتماعية قامت بزيارة تفقدية فكانت النتيجة 30 ألف مخالفة بسبب عدم التصريح للضمان الاجتماعي وعدم دفع الأجور التي تتناسب والتصنيف المهني.
زد على ذلك أن عددا كبيرا من العمال يتم انتدابهم عبر مجالس الولاية وهم غير مصرح بهم.
هذا إضافة إلى استبدال عامل قار مصرح به ومساهم في الضمان الاجتماعي بعامل آخر وقتي غير مصرح به وغير مساهم بالضمان الاجتماعي.
إذن آليات الانتداب هي التي أضرت بموارد الصندوق والإصلاح الجذري ينطلق من إصلاح الواقع الموضوعي من جذوره فالمسألة ليست متعلقة بالتسيير الذاتي وإنما هي في ما يحيط بالتسيير الذاتي.
نحن الان أمام محطة مقبلة من التفاوض فأين الضرر في مراجعة الاتفاقيات المشتركة وبعض القوانين؟
أين الضرر في إصلاح الانتدابات وفي المساواة في الأجور لمن يشتغل نفس العمل؟
نعتقد أن هذا هو مربط الفرس لإصلاح جذري للضمان الاجتماعي والحلول القائمة على الزيادة الانية أو على الترفيع في سن العمل هي حلول اعتقد أنها حلول متسرعة لا يمكنها أن تمثل علاجا جذريا للاختلال الذي تعاني منه صناديق أنظمة التقاعد.
المسألة الثانية: لماذا نستمر في إيكال الصناديق مهام ليست من مهامها؟
لدينا صعوبات اقتصادية ونعترف بهذا الأمر لدينا مؤسسات غير قادرة على الصمود امام المنافسة والنتيجة لهذا الواقع هو مغادرة عاملين مواطن شغلهم..
لماذا يتكفل صندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدفع مستحقات المسرّحين من العمل.
لماذا لا نفكر وبشكل جاد في بعث صندوق وطني للتأمين على البطالة أو للتأمين على فقدان مواطن الشغل أو للمسرحين من العمال؟ وبنفس الوازع الوطني نموله ونحن على استعداد ونعتقد أن الدولة بحثا على الاستقرار الاجتماعي قادرة على تمويل هذه الصناديق المقترحة وبهذا نكون قد خففنا على الصندوق هذا العبء .
ان الاوان أيضا للتمييز بين مسألة الضمان والتضامن تونس لها ضمان اجتماعي (قوانين وأنظمة) اليوم يوجد تداخل بين الضمان الذي تقرره القوانين وبين التضامن الاجتماعي.. ما دخل الصندوق في بعض النشاطات التي يقدم لها أموال من ميزانيته مثل النفقة؟.. فهذه من مسؤوليات الدولة.
نحن مع التضامن الاجتماعي وهو خيار ممتاز ولكن لسنا مع الخلط بين الضمان الذي يجب أن يكون واضحا على مستوى الممارسة والتضامن الذي يجب ان تكون لديه منافذ أخرى.
آن الأوان ايضا لتسديد ديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المتخلدة لدى المؤسسات العمومية وهو دين وصل إلى حد 170 مليارا.. وتكون طريقة سداد الدين منتظمة.
لماذا لا نفكر أيضا في تنويع موارد صناديق الضمان الاجتماعي, ضريبة على الكحول والتدخين تدفع مباشرة للصناديق ولماذا لا يقتطع من ضرائب «الرادار» لفائدتها.
ولماذا لا يكون إصلاح أنظمة التقاعد إلا بالمس من مكتسبات المنخرطين والمضمونين اجتماعيا وأقول هذا الكلام لأن رئيس الدولة عندما اذن بالإصلاح قال إن إصلاح أنظمة التقاعد الاجتماعي يكون في ظل الحفاظ على كافة مصالح الأطراف وخاصة مصالح المضمونين الاجتماعيين.
فعندما تمس بالمساهمة فهذا مس بمقدرة المضمون الشرائية وعندما تمس أيضا سن العمل فأنت تمس من المكتسبات الاجتماعية وأنا أرى أن المقترحات ليست متناغمة والتوجه على الحفاظ على المكتسبات.
آخر نقطة, تدعيما للتمشي ولمنحى الدولة الاجتماعي وسعيها إلى إرساء نظام ضمان اجتماعي يستجيب لطموحات كافة الشرائح الاجتماعية آن الاوان لتساهم الدولة في دعم الضمان الاجتماعي وان تدفع جزءا من ميزانيتها.
وباعتبار أن الأزمة الحالية استعجالية ولا توفر هامشا زمنيا كافيا لإرساء الحلول المقترحة فإننا نرى أن إعادة ذات الأسلوب الذي تعاطت به الدولة مع ملف زيادة الأجور – حين طالت المفاوضات وتمثل في تمكين الأجراء من تسبقة على الزيادة في انتظار ما ستسفر عنه المفاوضات الاجتماعية.. في هذا الملف أمر مهم وإيجابي خاصة وأنه يوفر مجالا للتطارح والتفاوض المعمق في هذا الملف الذي كل تسرع فيه من شأنه أن يؤدي إلى نتيجة عكسية.
الدولة قادرة أن تقدم تسبقة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية cnrps لدفع الجرايات وتفسح المجال للأطراف الاجتماعية للتفاوض في هذا الملف الذي يعتبر ملفا من أكثر الملفات تعقيدا إذا قورن بالملفات السابقة.
سامي السليني (مدير الشؤون الاجتماعية في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية): تحسين النمو الاقتصادي وتطوير إمكانيات التشغيل
شكرا جزيلا لجريدة «الشروق» على هذه البادرة وعلى دعوة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة للحضور والإسهام في هذا الموضوع ..
فعلا إصلاح أنظمة التقاعد في تونس ضرورة نظرا للمؤشرات التي تدل على الوضعية المالية التي تمر بها صناديق الضمان الاجتماعي, الإصلاح أيضا ضرورة نظرا لأهمية مكسب الضمان الاجتماعي في تونس وفي أية دولة تبحث على الاستقرار الذي يعتبر أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أسباب هذه الوضعية التي تمر بها الصناديق متفاوتة ويبقى السبب الأساسي والرئيسي, هو العامل الديمغرافي الذي لا يشير إلى تهرّم سكاني بل على العكس فلدينا نسبة شبابية كبيرة تولد ضغطا متزايدا للطلبات الإضافية على سوق الشغل لكنه (أي العامل الديمغرافي) يشير إلى أن هناك نسقين مختلفين لنمو شريحتين فهناك نسق نمو شريحة المتمتعين بجراية يفوق نسق نمو شريحة المشتغلين.
وهذا يجعلنا ننظر للمشكلة على أنها مسألة ديمغرافية حلها اقتصادي.
ولكن وفي ذات السياق فإن وجود هذه الشريحة الكبرى من الشباب في سن عمل يؤكد أن إمكانية التدارك ممكنة ومتاحة ذلك أنه لو أصيب المجتمع التونسي بالتهرم لكانت إمكانية التدارك شبه مستحيلة ولاعتمدنا بعض الحلول التي اعتمدتها بعض الدول الأخرى مثل «جلب اليد العاملة الأجنبية» قصد إيجاد التوازن الديمغرافي.
اليوم, المعالجة يجب أن تكون عبر تنمية التشغيل لأنه لو نمتص جزءا كبيرا من الراغبين في العمل والقادرين عليه والذين لم يتحصلوا عليه بعد فإننا قادرون على تعديل الاختلال والكسر الحاصل بين المنتفعين بجراية والمساهمين في صناديق الضمان الاجتماعي.
انطلاقا من هذا المبدإ نستطيع أن نؤكد أن الإصلاح مرتبط بكيفية تنمية التشغيل والمتعلق بدوره بتحقيق نمو اقتصادي مطلوب مؤهل لخلق فرص شغل إضافية.
مما يعني أن النمو الاقتصادي لا بد أن يشتمل على محتوى تشغيلي عال من حيث الكم والكيف.
وهذا ليس إجابة لمشكل التوازن المالي لأنظمة الضمان الاجتماعي وإنما هو منظومة النمو في البلاد بصفة عامة .
السؤال المطروح حاليا كامن في كيفية تطوير إمكانيات التشغيل ذلك أن معالجة مسألة التشغيل معالجة مغلوطة ستكون لها نتائج عكسية..
اليوم, الإصلاح ضروري للغاية وهنا تكمن مسؤولية الإعلام لكي يتعامل مع المسألة بحرفية وذكاء لتوضيح الصورة الحقيقية للجمهور.
ما تعيشه صناديق الضمان الاجتماعي قد تعيشه أية مؤسسة كانت أو أية عائلة أو أية دولة باعتبار أن الإختلال يكمن في ارتفاع النفقات وقلة المداخيل .. الأمر الذي يدفع إلى التفكير في الضغط على المصاريف وتنمية المداخيل.
ما نسعى إليه اليوم هو استرجاع النسق العادي للنمو 6 بالمائة (التي تبقى هي بدورها نسبة غير كافية) مع الحد على المصاريف.
كل هذا يجعلنا نؤكد أن الحلول تتم عبر إيجاد فرص جديدة للتشغيل والدفع بالنمو الاقتصادي وعبر تطوير الاستثمار والتصدير التي تعطي أجنحة كبرى للنمو إن تحقيق نمو ب6 في المائة عبر 10 مليون مستهلك أمر صعب حتى لو دفعنا بالطلب الداخلي إلى أقصى إمكانياته.
والحلول أيضا تكون عبر تنمية تنافسية الاقتصاد التونسي ودعم عوامل إنتاجيته.
كل هذه الحلول مع إمكانية البحث عن حلول أخرى في محاور متنوعة من بينها توسيع مظلة التغطية وإدماج الاقتصاد غير المنظم وتحسين نسب الاستخلاص القانوني داخل الصندوق.. كلها حلول مهمة ولكنها إما متوسطة أو بعيدة المدى ولكننا نحتاج اليوم إلى حلول عاجلة تتمركز حول ثلاثة عناصر: سن التقاعد, المساهمات, الجراية (الفترة المرجعية وقاعدة الاحتساب) .
والتفاوض يجب أن ينتهي إلى التوصل إلى اتفاق يراعي التوازنات بين ضرورة إنقاذ وضعية الصناديق وعدم المس بالقدرة التنافسية للمؤسسة وتأمين مصالح المضمونين.
الهاشمي الجلاصي (عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري مكلف بالشؤون الاجتماعية والتشغيل): مزيد التعمق في فرضية الترفيع في سن التقاعد
كلنا واعون بأهمية الضمان الاجتماعيّ كرافد أساسي في تحسين مستوى عيش الأسر والأفراد وفي المحافظة على الاستقرار والسلم الاجتماعي وتكريس قيم التضامن بين مختلف شرائح المجتمع وكلنا كذلك على قناعة بضرورة إصلاح أنظمة التقاعد للمحافظة على التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية حتى تفي بالتزاماتها تجاه المضمونين الاجتماعيين .
ومن هاته المنطلقات, وجب البحث في الأسباب الحقيقية التي أدت إلى عجز الصناديق الاجتماعية ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة والجدية حتى يكون الإصلاح عاما وشاملا وليس ظرفيا وبالتالي فإننا نقترح :
ضرورة إيجاد حلول في حسن توظيف الموارد المالية للصناديق الاجتماعية
جدولة المديونية ومعالجة التراكمات.
ضرورة تدعيم الانتدابات والتخفيض من نسبة البطالة كحل جذري للتوازن المالي للصناديق الاجتماعية.
تحسين نسبة التغطية الاجتماعية.
الإسراع بتوحيد أنظمة الضمان الاجتماعي في قطاع الصيد البحري التي هي تحت الدرس.
أما في ما يتعلق بالفرضيات المقترحة لإصلاح نظام التقاعد والتي تشمل إجراءين رئيسيين إلى:
الترفيع في سن التقاعد بستة أشهر كل سنة بداية من سنة 2011 لتصل إلى 62 عاما سنة 2014 بالنسبة إلى الحالات العادية.
الترفيع في نسبة الاشتراكات في جميع الأنظمة.
فإننا نؤكد على ضرورة التعمق في فرضية الترفيع في سن التقاعد بالنسبة إلى القطاعين العام والخاص بنفس الدرجة على الرغم من اختلاف ظروف العمل وشروطه بين القطاع العام والخاص ونؤكد على أن ظروف العمل في القطاع العام أفضل مما هي عليه في القطاع الخاص وخاصة في القطاع الفلاحي وقطاع الصيد البحري الذي تتصف أعماله بالمنهكة والمرهقة نظرا إلى خصوصية العمل والعوامل المناخية الصعبة التي لها تأثير مباشر على المهنيين في القطاع.
ولهذه الأسباب نقترح:
مراجعة قائمة الأعمال المرهقة وذلك بإدراج العمل في قطاع الفلاحة والصيد البحري كعمل مرهق.
مراجعة فرضية الترفيع في السن القانوني للعملة الأجراء في قطاع الفلاحة والصيد البحري وخاصة أن مردودية العمل تنخفض بالمقارنة مع تقدم السن وما يتطلبه العمل من جهد شاق كما أشرت إليه سابقا وهو ما من شأنه أن يحد من القدرات التنافسية لمؤسساتنا الفلاحية في عصر يتسم بتحديات كبيرة.
عبد الرؤوف القرقني: بعث صندوق وطنيّ للتكفّل بالمسرّحين
أنا أعتبر أنه لا نستطيع إصلاح وضعية متأزمة دون تدارك السلبيات التي أحدثتها, والأسباب التي أفضت إلى هذه الأزمة تتمثل في إحالة عدد كبير بالالاف من الموظفين والعمال في سن الخمسين, إبان حقبة التسعينات إلى التقاعد مما أدى إلى وجود عدد هائل من المتمتعين بالجراية مقابل قلة العاملين وهو ما أدى إلى الاختلال في التوازنات بين الدفوعات والمداخيل في صناديق الضمان الاجتماعي.
وإذا أضفنا إلى هذا السبب التاريخي أسبابا حالية من قبيل قلة الانتدابات في سوق الشغل وزيادة مؤمل الحياة لدى الفرد في تونس فإنه يفترض بنا البحث في منافذ أخرى تكون أكثر نجاعة لتسوية هذا المشكل.
وفي هذا السياق فأنا أتفق مع من يرى أن صناديق الضمان الاجتماعي تؤدي أدوارا ليست من مشمولياتها فما دخل الصندوق في التكفل بالعمال الذين يحصل تسريحهم في حال إفلاس المؤسسة.
وهنا أنا أقترح بعث صندوق وطني يتدخل عند إفلاس أو إغلاق المؤسسات ويتكفل بالعمّال المسرّحين وتعفى بذلك الصناديق الاجتماعية وتحافظ على مقدرتها المالية.
هذا إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة في البلاد وإعادة دراسة أساليب وأدوات التغطية الاجتماعية,, صحيح أن سن رفع التقاعد وزيادة المساهمة في الصناديق أمور عاجلة وضرورية ولكن لا يجب عزلها بأي شكل من الأشكال عن الأسباب الجذرية التي أفضت إلى هذا المشكل.
الدكتور حافظ العموري: لماذا لا يكون التمديد في سن التقاعد اختياريا ؟
I. تونس دولة نامية لكن لها إشكاليات الدول المتقدمة:
من المفارقات أن التقلبات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية تحمل صناديق الضمان الاجتماعي مصاريف أكبر وفي المقابل تقلص من مداخيلها وتونس تريد تحقيق معادلة صعبة وهي المحافظة على المكتسبات وتدعيمها كنسبة التغطية الاجتماعية التي بلغت نسبة 95% لتبلغ في حدود سنة 2014 نسبة 98 %.
وإصلاح أنظمة التقاعد ليس خاصا بتونس بل واقعا فرضته التقلبات الاقتصادية والتحولات الديمغرافية على كل البلدان المتقدمة والبلدان النامية التي لها مشاكل البلدان المتقدمة.
II- الأسباب الرئيسية لصعوبات أنظمة التقاعد :
الوضعية الحالية لصناديق الضمان الاجتماعي لا تبعث على القلق بالصفة التي نسمعها فالهدف من هذا الإصلاح المحافظة على المكتسبات وديمومة أنظمة التقاعد ولكن إذا لم نقم بالإصلاح في أقرب وقت ممكن تتعقد الوضعية المالية للصناديق.
وإذا رجعنا للأسباب الرئيسية سنتبين أنها بعيدة الأمد ولكن تأثيرها لم يظهر إلا في السنوات الأخيرة ويمكن تقسيمها إلى 4 أسباب:
1) سخاء أنظمة الضمان الاجتماعي منذ إنشائها سنتي 1959 و 1960.
كان عدد المتقاعدين منعدما تقريبا ولم يبدأ بالتطور إلا بداية من أواسط السبعينات وكذلك لأن نسبة التغطية الاجتماعية كانت ضعيفة.
فهذا الرخاء المالي للصناديق يفسر بقسط كبير السخاء المذكور والمتمثل في جرايات تقاعد في القطاع العام CNRPS بسقف 90% وفي القطاع الخاص بسقف 80 % CNSS.
2) تقلبات اقتصادية عالمية :
تونس ليست معزولة عن محيطها الاقتصادي العالمي فقد انفتحت على الاقتصاد العالمي تدريجيا وبنجاح غير أن التقلبات والأزمات المالية العالمية التي شهدها العالم في العشرين سنة الماضية اثر في كل بلدان العالم بشكل متفاوت بما في ذلك تونس.
وبالرغم من محدودية هذا التأثير فقد انجر عنه تسريح عدد من العمال خاصة في قطاع النسيج وصناعة الملابس الجاهزة.
وهذا التسريح أثر سلبا على موازنات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على ثلاث مستويات.
صرف جرايات تقاعد قبل تاريخها القانوني والمحدد ب 60 سنة دون اعتبار الاستثناءات بحيث يمكن للمسرح لاسباب اقتصادية أن يتمتع بجراية تقاعد في سن الخمسين.
حرمان الصندوق من المساهمات التي كان يتمتع بها بعنوان أجر المسرح من العمل.
اختلال المعادلة بين عدد العاملين وعدد أصحاب الجرايات القائم عليها نظام التقاعد في تونس باعتباره نظام توزيعي.
وخلافا للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فإن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية لا يصرف جرايات تقاعد للمسرحين من العمل بسبب تطهير وإعادة هيكلة المنشآت العمومية لأن هذه الأخيرة تتكفل بدفع هذه الجرايات وإن تعجز عن ذلك فصندوق تطهير وإعادة هيكلة المنشآت العمومية FREP إلى تاريخ بلوغ العون المسرح سن التقاعد.
3) التحولات الديمغرافية
كما هو معلوم انتهجت تونس منذ الاستقلال سياسة التنظيم العائلي وتطوير المنظومة الصحية وهذه السياسة التي تتسم بها الدول المتقدمة أنتجت الآن آثارا سلبية على موازنات الضمان الاجتماعي لا نجدها إلا في البلدان المتطورة صناعيا واجتماعيا وفي مقدمتها ارتفاع مؤمل الحياة عند الولادة بشكل ملحوظ وهو مؤشر اجتماعي يعتمد عليه في قياس درجة تطور ورخاء الشعوب ولكن يتعين دفع ضريبته من موازنات صناديق الضمان الاجتماعي فأثر مؤمل الحياة الذي بلغ سنة 2010 حوالي 74،4 سلبا على مستويين :
صرف جرايات لمدة أطول علما أن المرأة تعيش أكثر من الرجل بحوالي 4 سنوات.
تعميق اختلال المعادلة بين العاملين وأصحاب الجرايات.
4) التشغيل الهش:
هذه إشكالية عميقة وليس لها حلول سحرية لأنها اقتصادية عالمية بالأساس فعدم استقرار الاقتصاد العالمي وتأثيره على الاقتصاد التونسي يدفع المستثمرين الوطنيين والأجانب إلى البحث عن اكبر مرونة ممكنة في التشغيل ليتمكنوا بالسرعة المطلوبة من الترفيع والتخفيض في عدد العمال.
لكن الإشكال يتمثل في الأجور المنخفضة التي يدفعها عديد المؤجرين لهؤلاء العمال علاوة على غياب تقنين دقيق بشأن اللجوء إلى شركات العمل الوقتي أي المناولة وتهرب العديد منها من دفع مساهمات الضمان الاجتماعي وعدم فاعلية الفصول 28- 29 و 30 من مجلة الشغل المتعلقة بالرجوع على المؤجر الفعلي وصعوبة المراقبة.
وباعتبار أن مداخيل صناديق الضمان الاجتماعي متأتية من الأجور ونظرا لتهرب بعض المؤجرين في القطاع الخاص من التصريح بالأجور الحقيقية والتعاقدية المفروض دفعها وصعوبة مراقبتهم بسبب التشغيل الهش فإن هذه المداخيل المعتمدة على المساهمات ستتقلص حتما علما أن هذه الإشكالية لا تطرح إلا بالنسبة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
تداخل الضمان الاجتماعي والتضامن الاجتماعي
لم أصنف هذا التداخل من بين أسباب الصعوبات التي تواجه صناديق الضمان الاجتماعي لأن تأثيرها بسيط جدا قد لا يتعدى 1 % من مجموع نفقات هذه الصناديق ولكن من حيث المبدأ يمكن اعتبارها خارجة عن المهام التقليدية لهذه الصناديق.
III- الحلول الممكنة
أريد أولا أن أبين أننا لم نتبع فرنسا أو أي دولة أخرى فلكل بلد خصوصياته ولكن هذا الإصلاح فرضته التقلبات الاقتصادية والتحولات الديمغرافية على تونس كما فرضته على فرنسا وألمانيا وغيرهما.
والحلول المتداولة عالميا في كل البلدان التي قامت بهذا الإصلاح أو بصدد القيام به هي بالأساس أربعة حلول.
1) الترفيع في سن التقاعد.
2) الترفيع في المساهمات أو البحث عن مصدر آخر للتمويل أو الاثنين معا.
3) مراجعة طرق احتساب الجرايات وبالخصوص مردودية سنوات المساهمات.
4) مزيد دفع الاستثمار لخلق مواطن شغل.
وأريد أن استعرض بعجالة هذه الحلول ومدى ملاءمتها مع الواقع التونسي.
1) الترفيع في سن التقاعد
في غياب دراسات دقيقة على الأقل في القطاعات المهنية الكبرى لتحديد مؤمل الحياة عند الإحالة على التقاعد أي كم من المؤمل أن يعيش الأجير بعد إحالته على التقاعد فإنه لا يمكن إلا الاعتماد على المؤشر العام والذي تعتمد عليه كل البلدان تقريبا وهو مؤمل الحياة عند الولادة للترفيع بصفة موحدة في سن التقاعد لكل الأجراء مع إمكانية الأخذ في الاعتبار بعض المهن الخطيرة والمنهكة والمحددة بنصوص ترتيبية.
والترفيع في سن التقاعد سيحسن حتما من مداخيل الصناديق ولكن ما مدى تاثير ذلك على إنتاج الأجراء ونسبة البطالة.
بالنسبة إلى الإنتاج فإن القاعدة أن مردود الأجير ينخفض بتقدمه في السن غير أن هذه القاعدة ليست مطلقة ولا عامة ففي العديد من المهن حتى وإن انخفض المردود الكمي للأجير بفعل السن فإن مردوده النوعي يرتفع بفعل الخبرة والنجاعة.
أما بشأن مدى تأثير الترفيع في السن على التشغيل فإن كل الدراسات العالمية أثبتت غياب علاقة سببية مباشرة بين سن التقاعد بالترفيع أو التخفيض والتشغيل أي أن الإبقاء في العمل بعد سن الستين لا يساوي بطالة والإحالة على التقاعد لا تساوي حتما تشغيلا لأن العامل المحرك للتشغيل هو الاستثمار والنمو الاقتصادي عموما.
ولو قمنا بدراسة على مستوى الواقع المعاش سنتبين أن عددا هاما من المحالين على التقاعد يعملون سواء بطريقة غير قانونية أو بطريقة قانونية مقنعة بصفة جديدة كمقدمي خدمات ليواصلوا العمل في نفس الشركة والتمتع بجراية التقاعد باعتبار أن القانون يمنع الجمع بين جراية التقاعد والعمل المؤجر.
كما نلاحظ أن عدد طالبي الإبقاء في العمل في القطاع العمومي بعد سن التقاعد في تصاعد مستمر. فهذه الرغبة في مواصلة العمل بعد سن التقاعد هي مؤشر على قدرة الأجراء بدنيا وذهنيا على ذلك وبهدف تحسين دخلهم.
فلماذا إذن لا يقع تقنين هذه الرغبة بالرفع في سن التقاعد بحيث يتمكن الأجراء من مواصلة عملهم بصفة قانونية ويحسنون دخلهم بفعل الزيادات المتواصلة في الأجور عن طريق التفاوض والترفيع في جرياتهم باحتساب سنوات العمل.
والإطار القانوني الحالي وإن يسمح للأجير في القطاع الخاص بمواصلة عمله بعد سن التقاعد دون الحصول على الجراية فإنه لا يسمح باحتساب السنوات المقضاة بعد هذه السن في مردودية الجراية.
ويمكن التفكير في صيغة أخرى كالترفيع آليا في سن التقاعد تدريجيا إلى حدود 62 سنة واختياريا إلى غاية 65 سنة.
2) الترفيع في المساهمات وطرق التمويل
القول إن الترفيع في المساهمات قد سبق اعتماده وفشل لأنه أخر اختلال الموازنات المالية ولم يكن حلاّ ناجعا غير دقيق لأن هذا الإجراء كان منعزلا أما الإصلاح الحالي فيتمثل في هذا الترفيع. ولكن بالإضافة إلى الترفيع في سن التقاعد وربما مراجعة طرق احتساب الجرايات وبالتالي فهي عدة حلول متوازية لأن كل إصلاح يعتمد على مؤشر واحد مآله الفشل.
غير أن الترفيع في المساهمات يجب أن يوفق بين معادلة في غاية الصعوبة وهي عدم إثقال كاهل المؤسسة للمحافظة على قدرتها التنافسية خاصة إن كانت تعتمد على يد عاملة كثيفة وقيمة مضافة ضعيفة من ناحية وعدم التخفيض من القدرة الشرائية للأجراء من ناحية أخرى.
فالترفيع في المساهمات إن لم يكن مدروسا وتدريجيا سيؤثر سلبا على النمو الاقتصادي كما ان الترفيع المشط في مساهمات المؤجر قد ينجر عنه مفعول عكسي فعوض أن يرفع من مداخيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فإنه سيخفض منها بفعل عدم القدرة على الدفع : L'augmentation des taux baisse les totaux
أما حلّ مساهمة الدولة في تمويل أنظمة التقاعد فإن الأمر قد لا يغير شيئا لأن هذه المساهمة ستكون بالاقتطاع من الميزانية العامة وهذه الأخيرة متأتية في جزء كبير منها من الضريبة على الأجور هذا علاوة على أن نظام الضمان الاجتماعي في تونس معتمد تاريخيا على التمويل المهني أي من طرف الأجراء والمؤجرين.
ولا نرى أن الحل المعتمد في فرنسا والمتمثل في المساهمات الاجتماعية المعممة يتلاءم مع الواقع التونسي لأن هذه المساهمات قائمة على كل أنواع الدخل ومن شأنها أن تثقل كاهل المواطن
لكن يمكن التفكير في مدى امكانية وضع أداء على القيمة الاجتماعية المضافة (TVA sociale) كما فعلت ذلك ألمانيا والدنمارك لتمويل أنظمة الضمان الاجتماعي فالسلع الموردة صنعت في بلدان أخرى ودفع المؤجرون والأجراء مساهمات لصناديق هذه البلدان بعنوان الأجور المدفوعة لتصنيعها وبالتالي فصناديق هذه البلدان هي المنتفعة بالمساهمات فمن الممكن توظيف أداء جزافي اجتماعي على هذه السلع وكأنها صنعت مقابل أجور دفعت في تونس وخضعت لمساهمات الضمان الاجتماعي التونسي ولا نرى أن هذا الأداء متعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية التي هي أول من طالبت بوضع بند اجتماعي.
3) مراجعة طرق احتساب الجرايات
إن تم اللجوء إلى هذا الحل يجب المحافظة على الحقوق المكتسبة وبالتالي إذا تغيرت مردودية سنوات المساهمات فإن من عمل هذه السنوات يحافظ على المردودية الأصلية قبل الإصلاح وعلى سبيل المثال من عمل حاليا 10 سنوات في القطاع الخاص يتمتع بنسبة 40% من الجراية حتى وإن أصبحت هذه النسبة 30 % بعد الإصلاح.
4) التشغيل
هذا الحل لا يكون إلا على المدى المتوسط والطويل لأنه يخضع إلى عدة عوامل متداخلة ومرتبطة بالاقتصاد العالمي.
وحتى التفاوض بين الأطراف الاجتماعية بشأن عقود الشغل أو مراجعة مجلة الشغل يتطلب وقتا طويلا.
وبالتوازي نرى أنه يتعين مراجعة قوانين الضمان الاجتماعي نحو التشديد في العقوبات ضد كل من يتهرب من دفع المساهمات أو يصرح بأجور غير حقيقية.
أريد أولا شكر جريدة «الشروق» التي جمعتنا لمناقشة موضوع حساس مثل إصلاح أنظمة التقاعد.
عبد الستار مولهي (أستاذ جامعي): الاصلاح: لماذا ؟
والمتمعن في الاصلاحات الاجتماعية خلال العقدين الماضيين يدرك أن غايتها الرئيسية تمثلت بالخصوص في المحافظة على الحقوق المكتسبة بتحصينها ضدّ مخاطر الانجراف ودعمها إلى جانب ترتيبها لضمان ديمومتها.
فالهاجس الرئيسي أصبح اليوم وعلى ضوء الدراسات الاستشرافية يتمثل في البحث عن سبل مواجهة الضغوطات الديمغرافية وتنامي الحاجة إلى الرفاه الاجتماعي وما لها من آثار سلبية على التوازنات المالية لأنظمة التقاعد إذا لم يتم استباقها والتفكير في الحلول وتدبير الموارد المالية الضرورية.
فبعد عوامل عديدة منها بالخصوص تحسن المستوى التربوي والصحي والمعيشي وتطور مؤمل الحياة عند الولادة اختل التوازن في العلاقة بين فئة الناشطين وفئة المتقاعدين.
كما يتأكد الاصلاح بضرورة المحافظة على مبدإ تمويله باشتراكات المعنيين حتى لا تضطر الدولة إلى ضخ أموال في أنظمة التقاعد يكون في المحصلة النهائية أداء يثقل كاهل الناس ويفقد معنى وقيمة حاكمية إدارة الصناديق الاجتماعية على أساس مبدإ التمثيل الثلاثي.
الحق في التقاعد ثبات المرجعيات
تناغما مع الاصلاحات السابقة في المجال الاجتماعي يبدو من الضروري تجنب الاصلاحات التي تقطع مع الهيكلة الحالية لأنظمة التقاعد في ظلّ مبدإ الأمان التشريحي ولها ما يبرّرها اجتماعيا باعتبار توارثها عن الأجيال السابقة وتعهدها تجاه الأجيال القادمة بفعل قيمة التضامن التي تمثل روح مؤسسة الضمان الاجتماعي.
ولا يستقيم أن «نزج» بمنظومة التقاعد الوطنية في سيناريوهات مستوردة وخاصة تلك التي تقسمها إلى أنظمة توفر حدّا أدنى (جراية دنيا) وأحرى تكميلية تموّل بادخار فردي وتحمل خطر المسّ من مبدإ التضامن من خلال التمييز بين المضمونين حسب الدخل ولا تأخذ بعين الاعتبار القدرة الاسهامية للعامل والموظف علاوة على أنها تزعج إداريا لما تستوجبه من بناء قانوني جديد.
وتتمثل مصداقية كلّ إصلاح في وجوب المحافظة على تلبية أنظمة التقاعد للحاجيات الحيوية والمرجعية لمنظوريها بما يعنيه ذلك من ضرورة تأمين المحافظة على الحقوق المكتسبة حاليا في مجال التقاعد ويكون الاصلاح خاصة على مستوى ضمان نسب التعويض والأجر المرجعي (المعتمد) لاحتساب الجراية للمحافظة على المستوىالمعيشي اللائق للمتقاعد.
بناء الاصلاح: أية منهجية؟
بحكم التصاقها الوثيق بمحيطها فإن أنظمة التقاعد تخضع إلى منطق التفاعل التبادلي مع مختلف العوامل الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية، ولذلك يبدو من الطبيعي أن يقوم تحديث الأنظمة المذكورة على هندسة خصوصية تتفادى التحليل المنغلق على النظام ذاته (Zoom.in) لتربطه بمكونات محيطه (Zoom.out) للأخذ بحاجيات هذا المحيط وتحوّلاته وبتطلعات منظوري الأنظمة إلى حماية دائمة وضامنة وناجعة.. ولهذا حسب رأيي:
بناء الاصلاح على الفرضيات الأكثر تفاؤلا في ما يتعلق بمعدلات النموّ ومعدلات تعويض اليد العاملة النشيطة لليد العاملة التي تغادر سوق الشغل.
إدماج المقاربة الديمغرافية ومنها مؤمل الحياة عند الولادة ومؤشرات الخصوبة الراهنة والمحتملة.
العمل بمبدإ التدرج في الاصلاح حتى تكون أعباؤه متقاسمة بين جيل الحاضر وأجيال المستقبل التي يحتمل أن تلج سوق الشغل وذلك للحفاظ على فلسفة التضامن والتوزيع دون حمل جيل على التضحية لحساب جيل آخر.
ويسمح هذا التمشي بالوقوف على مدى تجاوب الاصلاح مع العوامل الديمغرافية (التهرم السكاني ودرجة الخصوبة) والاقتصادية (نسب النموّ الاقتصادي) وتحوّلات سوق الشغل (سياسة النهوض بالتشغيل والتحول في نسب البطالة) التي قد يعسر التنبؤ بها وبافرازاتها في عالم سريع التقلبات.
لعلّ ما يميّز التجربة التونسية في قيادة الاصلاحات الاجتماعية ومنها مشروع إصلاح التقاعد تناول ضروراتها وإدراجها في إطار مخططات التنمية التي تتنزل في منظومة متكاملة لمختلف السياسات العامة وتنتهج النهج الوفاقي بين مختلف الأطراف.
المجلس الوزاري ليوم 21 ماي 2010: رئيس الدولة يوصي بأن تكون إصلاحات منظومة التقاعد محل حوار وتشاور بين كل الأطراف
المحافظة على مبدإ التوزيع التضامني وضرورة تكريس العدالة بين الفئات والأجيال عبر تقاسم الأعباء بينها ومراعاة التحولات الاقتصادية ومتطلبات القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني
نظر مجلس وزاري انعقد يوم الجمعة 21 ماي 2010 بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي في وضعية منظومة التقاعد وتوازناتها المالية على ضوء الإصلاحات التي شهدتها مختلف أنظمة التقاعد.
واستعرض المجلس التطورات المتوقعة لهذا الوضع في ظل التحولات الديمغرافية والنمو الاقتصادي وبرامج التشغيل.
وتدارس المجلس بالخصوص سبل تجسيم المحور الوارد بالبرنامج الرئاسي «معا لرفع التحديات» والمتعلق بإصلاح منظومة التقاعد بما يؤمن حقوق كل الأطراف ولاسيما المضمونين الاجتماعيين وعائلاتهم ويسهم في تحقيق توازناتها المالية إلى حدود 2030.
وأكد سيادة الرئيس على جملة من الثوابت تتمحور حول المحافظة على مبدإ التوزيع التضامني وضرورة تكريس العدالة بين الفئات والأجيال عبر تقاسم الأعباء بينها ومراعاة التحولات الاقتصادية ومتطلبات القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.
وأوصى الرئيس زين العابدين بن علي بأن تكون الإصلاحات التي تتطلبها منظومة التقاعد محل حوار وتشاور بين كل الأطراف المعنية بما يؤمن مقومات ديمومة أنظمة التقاعد وإيفاءها بتعهداتها ومواصلة تحقيق أهدافها الاجتماعية
د.حسان القصار: الوضع ليس كارثيا... ومعالجته تشمل الابعاد الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية
لم تطرح السياسة الديمغرافية في تونس منذ الاستقلال اشكالية أن البنى الديمغرافية تتغير من حيث الكم والنوع والبنية ليس في المدى المنظور أو المتوسط فحسب، بل وكذلك على المستوى البعيد ولعل نجاحنا في التنظيم العائلي جعلنا نعتز بتلك التجربة فلم يكن بامكاننا في تلك الفترة التفكير في تعديل ذلك المسار.
يجب أن نعلم أيضا أن مسار التحول الديمغرافي ينطلق من أن العالم كله كان له توازن ديمغرافي مرتفع يمر الى توازن ديمغرافي منخفض، وقد عرفت أوروبا هذا التغير نتيجة تحول داخلي (اقتصادي طبي، تطور جهاز الدولة، التحسن في أمل الحياة) كما عرفت تونس وبلدان المغرب العربي ايضا هذه التطورات مع تطبيق التنظيم العائلي.
اذن نحن وأوروبا لم نكن في نفس المسار، فأوروبا لم تشهد أبدا نسبة نمو ديمغرافي تجاوزت 2% أما في تونس فوصلت النسبة الى أكثر من 3%، أما الجزائر مثلا فوصلت الى 4.2% وهذا ما أعطانا أجيالا كبيرة قادمة على الشغل وهذه الأجيال لا تزال في العمل وهنا نطرح نقطة استفهام كبرى: لماذا الآن سنة 2010 نطرح الاشكال الديمغرافي في التقاعد؟
نظريا يفترض ألا يكون لدينا مشكل في التقاعد فاليوم مثلا ووفق احصائيات الأمم المتحدة نجد أن بين 2005 و2010 هناك دخول سنوي لشريحة الناشطين ب206 آلاف شخص مقابل خروج 51 ألف شخص فقط على المستوى النظري ففي مطلق الأحوال فإن عدد الناشطين يكون أرفع بكثير من عدد الذين يغادرون سوق الشغل، هذا فضلا عن التراكم السابق لصالح الأفراد الذين سيقتحمون سوق الشغل اذن على المستوى النظري ليست لدينا اشكالية في هذا السياق ولكن متى سيظهر الاشكال بداية من السنوات القادمة: 2015-2020 سنسجل دخول 187 ألفا وخروج 80 ألفا: أي هناك فارق 107 آلاف، هنا سيحصل دخول من بلغوا سن النشاط (وليس بالضرورة نشطين، فمنهم من يشتغل ومنهم من بقي خارج دائرة الشغل) وبالتالي سترتفع هذه النسبة، كما سترتفع نسبة النساء بشكل كبير (النساء النشطات) نتيجة تحسن مستوى التعليم لدى المرأة وهذا ما سيكون له تأثير أكيد، ولكن اذا أردنا الحديث عن أزمة في التقاعد أعتقد أن الأزمة ستكون لاحقا.
ففي فرنسا مثلا، نجد أن الجيل الذي يمثل أكبر نسبة من السكان هو الذي يتضمن فئة المولودين بين 1945 و1950، أي الذين خرجوا ويخرجون هذه السنوات الى التقاعد وهو ما ضخم من الضغوط على الصناديق الاجتماعية، أما في تونس فليس لدينا هذا الاشكال ولكن أن نستعد لما هو آت حفاظا على استقرار البلد فهذا مطلوب لاشك في ذلك أما أن نجعل من هذه اللحظة بالذات لحظة كارثية فهنا لدينا حلول أخرى، أي في مستوى التصرف في موارد الصناديق وهنا سأنزع قبعة الجامعي وأضع قبعة النقابي لأقول ان الطبقة الشغيلة قامت بتضحيات كبيرة من 1987 الى الآن، ولكن اليوم هل لدينا رقم للمؤسسات الخاصة التي لم تدفع جزءا لصناديق الضمان الاجتماعي، واليوم هل أن أصحاب النزل الذين قامت معهم الدولة بالواجب منذ 1956 الى اليوم، وقدمت لهم نزلا جاهزة وطلبت منهم تشغيل الطاقات هل دفعوا حصتهم للصناديق الاجتماعية.
اليوم أيضا تحولت الاشكالية السكانية من أولوية التخفيض في حجم الأطفال وحجم طالبي الشغل الى اشكالية عدم التوازن بين النشيطين وغير النشيطين أو بتعبير آخر العائلين والمعالين.
وتكمن أهمية هذا التوازن في قدرة مجموعة سكانية نشيطة على تحمل تكلفة الحياة للشرائح الاخرى التي لا تعمل (الأطفال والمسنون)، واذا كانت اعالة الأطفال مثلت اشكالية العقود الماضية فإن اشكالية اعالة المسنين قد تمثل خلال العقود القادمة الاشكالية الجديدة، كما أن التغييرات التي يعرفها سوق الشغل وتغير شكل الاسرة ستؤدي الى تغيير مفهوم الاعالة باعتبار أن سن النشاط الفعلي ما فتئ بدوره يتغير.
فعلى سبيل المثال سنة 2009 اذا كانت نسبة الاعالة الكلية تقدر ب 46.42% فإن نسبة اعالة الأطفال هي 32.46% ونسبة اعالة المسنين بنحو 13.96 أي تقريبا أقل بقليل من الثلث.
أما اذا لم نعد أنفسنا لهذه الحالة فيمكن الحديث عن أزمة في حدود عام 2030 حيث ستتغير النسب على النحو التالي: 26.7% اعالة الأطفال و27.33% نسبة اعالة المسنين أي أن النشيطين حينئذ سيعيلون بالأساس أكثر من الأطفال وهنا الاختلاف.
هناك أيضا عامل آخر وهو صفات المسنين وخصائصهم التي ستتغير نحن نعلم أن في القانون الديمغرافي تفوق ولادات الذكور ولادات الاناث في المقابل وفي كل الأعمال تفوق وفيات الذكور نسبة الوفيات لدى الاناث أي أنه نظريا لا يحصل التوازن الا في سن الأربعين بين الذكور والاناث.
وهذا ما سيعطينا أنه في سنوات المسنين سيزيد عدد النساء تدريجيا وكلما تحسن الوضع الاقتصادي ازدادت هذه الفوارق في الاعداد... هذا على المستوى النظري.
وهناك أيضا نقطة أخرى، وهي سن الزواج حيث عادة ما يفوق سن الرجل سن المرأة بمعنى أنه اذا أخذنا نسبيا معدل 5 سنوات بين الرجل والمرأة في سن الزواج يضاف اليها فوارق 3 سنوات في أمل الحياة أي نظريا يجب أن تكون المرأة تفوق زوجها ب8 سنوات عند الزواج حتى تتقلص الفترة الزمنية التي تتمتع فيها الأرملة بجراية التقاعد بعد وفاة زوجها أو ربما تنعدم هذه الفترة.
اذن بحكم أن واقعنا مختلف فإن جرايات الأرامل سيكون لها أيضا ثقل مهم جدا في المستقبل.
وهناك أيضا تحولات ديمغرافية أخرى هناك تغير في أشكال الأمراض، وأيضا يجب أن تكون هناك عناية مؤسساتية كما أن شكل الأسرة اليوم تغير، فالعائلة التي تنجب طفلين تصبح على أساسها العناية بالآباء تصبح شبه مستحيلة وسي عبيد يعلم أنه في مستوى التعليم الثانوي أستاذ من القصرين عين في توزر وأبواه يقطنان في حيدرة وأخوه أو أخته في تونس العاصمة، فهذا يعني صعوبة عناية هذين الابنين بوالديهما.
اذن هناك تغير على مستوى البنى الاجتماعية وهو ما رافقه تغير في مستوى التكاليف فاليوم لم يعد بالامكان التغاضي عن الاشكال النفسي الذي يعاني منه المسنون.
ويمكن الحوصلة اذن بأن الاشكال ليس ديمغرافيا على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة ويجب التنبه الى أن الفوارق بين الاعالة الحقيقية والاعالة النظرية تعود الى 3 نقاط رئيسية هي نسبة التمدرس ونسبة النساء في سوق الشغل ونسبة البطالة.
محمد مرزوق (نائب رئيس جمعية المتقاعدين): الإصلاح يجب ألاّ يمسّ مكاسب المتقاعدين
أود أن أشكر جريدة «الشروق» لأنها فكّرت في مثل هذا الموضوع واستدعت جمعية المتقاعدين للحضور والمشاركة.
ولا شك في أنّ موضوع التقاعد مهم جدا وما نطالب به في جمعيتنا هو ضرورة عدم المس بالمكاسب المتحققة لكل المتقاعدين.
وأرى أنّ مسألة التمديد في سنّ التقاعد أولا هي مسألة اختيارية وشخصية فهناك من يريد التقاعد وهناك من يريد مواصلة العمل، فالاختلاف موجود من فرد إلى آخر حسب الميولات والتطلعات.
ونحن في جمعية المتقاعدين ننظم عديد الأنشطة لفائدة منظورينا منها الأنشطة الترفيهية وغيرها.
وأعتقد أن هناك منزلة ذات قيمة كبيرة للمتقاعدين حاليا فهم من كانوا سبّاقين في المساهمة في بناء الدولة التونسية في مختلف المجالات والميادين.
مبادئ وخيارات منظومة الضمان الاجتماعي في تونس
٭ تاريخ الضمان الاجتماعي في تونس
تعتبر مرحلة ما قبل التغيير مرحلة تأسيسية لمقومات نظام الضمان الاجتماعي في تونس ،حيث تم خلال السنوات الأولى من الاستقلال إرساء و تنظيم نظام الضمان الاجتماعي في القطاع الخاص وإصدار النصوص القانونية الأساسية المتعلقة بالخصوص بنظام جبر الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في القطاع الخاص سنة 1957 .
وعرفت هذه النصوص الأولى تطورا يتعلق بالخصوص بسحب التغطية القانونية تدريجيا على مختلف الفئات النشيطة.كما تعلقت هذه التطورات بتحسين المنافع المسداة وبصفة عامة بدعم نجاعة منظومة الضمان الاجتماعي .
ولم يقتصر هذا الجهد خلال هذه المرحلة من تاريخ البلاد والتي سبقت التحول على العمال المتواجدين داخل الوطن بل شمل كذلك التونسيين العاملين بالخارج من خلال إبرام 8 اتفاقيات ثنائية في مجال الضمان الاجتماعي وإرساء نظام تغطية اجتماعية للعاملين في الخارج في إطار التعاون الفني .
٭ الضمان الاجتماعي: تحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطن ودعم مقومات التنمية الشاملة
أعطى العهد الجديد دفعا قويا لقطاع الضمان الاجتماعي إيمانا بأهميته الإستراتيجية في تحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطن ودعم مقومات التنمية الشاملة من ناحية وباعتبار تكريسه لمبدإ التضامن الوطني وتعزيزه لأواصر التكافل والتآزر بين مختلف الفئات والأجيال من ناحية أخرى .
وقد أصبح هذا القطاع من الركائز الأساسية للسياسة الاجتماعية الرائدة لتونس، وسجل منذ التحول نقلة نوعية وكمية كان لها الأثر البارز في تحسين مستوى عيش الأفراد والأسر والمحافظة على الاستقرار الاجتماعي والسمو بالحقوق الاجتماعية الأساسية للمواطن.
٭ الإصلاحات والانجازات
ومن أهم الانجازات والإصلاحات التي شهدتها تونس منذ التغيير سحب التغطية الاجتماعية تدريجيا على كل الفئات التي لا تزال غير منضوية تحت مظلة الضمان الاجتماعي، على غرار ما تم إقراره سنة 2002 في خصوص تغطية العمال ذوي الدخل المحدود كعملة المنازل وعملة الحضائر وصغار الفلاحين، وكذلك توفير تغطية اجتماعية للفنانين والمبدعين .
وتزامنا مع توسيع مظلة التغطية الاجتماعية القانونية، ما انفكت الدولة تعمل قصد تحسين التغطية الفعلية لمختلف الأصناف المهنية وهي التي شهدت تطورا ملحوظا لتبلغ 59٪ سنة 2009 مقابل 54.6٪ سنة 1987.
ويعتبر إحداث نظام للتامين على المرض سنة 2004 وبعث الصندوق الوطني للتامين على المرض سنة 2005 من ابرز انجازات تونس الاجتماعية في السنوات الأخيرة .ويهدف هذا الإصلاح إلى المحافظة على المكاسب التي تحققت في مجال الضمان الاجتماعي وتطويرها والارتقاء بها إلى الأفضل مع ضمان سلامة التوازنات المالية لأنظمة التقاعد.
والى جانب الحرص على حماية الفئات النشيطة من السكان ضد مخاطر الحياة، توسع دور جهاز الضمان الاجتماعي حيث أصبح يساهم بطريقة نشيطة في حفز الاستثمار ودفع التشغيل وتحسين ظروف العيش ومساندة المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية وفنية والإحاطة الاجتماعية بالعمال المسرحين لأسباب اقتصادية وكذلك التدخل في مجال الصحة والسلامة المهنية .
إن ماحققته بلادنا من مكاسب في مجال التغطية الاجتماعية والنتائج الطيبة المسجلة في هذا المجال تعد خير حافز لمواصلة الإصلاحات التي تم الشروع فيها بحرص من سيادة الرئيس وتحقيق الأهداف المرسومة في البرنامج الرئاسي «معا لرفع التحديات» والذي يهدف إلى ترسيخ مجتمع التوازن والتماسك بين الأفراد والجهات من خلال إصلاح منظومة التقاعد بما يؤمن حقوق كل الاطراف ولا سيما المضمونين الاجتماعيين وعائلاتهم ويسهم في تحقيق توازناتها إلى حدود سنة 2030.
تفاصيل مشروع: الحكومة التونسية لإصلاح أنظمة التقاعد
٭ تونس «الشروق»:
تشمل اقتراحات الحكومة التونسية التمديد على مراحل في سن التقاعد اضافة الى الترفيع في نسبة الانخراط على مدى أربع سنوات.
وتمتد مراحل اصلاح أنظمة التغطية الاجتماعية الى حدود سنة 2020.
وفي ما يلي المشروع الكامل لمقترحات الحكومة:
٭ المرحلة الاولى من 2012 الى 2016:
الترفيع في سن الاحالة على التقاعد من:
60 سنة الى 62 سنة
55 سنة الى 57 سنة
الترفيع في نسبة الانخراط على امتداد 4 سنوات:
الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية:
ب 5٪: 3٪ على المؤجر
2٪ على الأجير
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي:
ب 3٪: 1.8٪ على المؤجر
1.2٪ على الأجير
٭ المرحلة الثانية من 2016 الى 2020:
الترفيع في سن الاحالة على التقاعد من:
62 سنة الى 65 سنة
57 سنة الى 60 سنة
الترفيع في نسبة الانخراط:
الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية:
ب 3٪: 1.8٪ على المؤجر
1.2٪ على الأجير
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي:
ب 4٪: 2.4٪ على المؤجر
1.6٪ على الأجير
وترى الحكومة ان هذا التمشي يحقق التوازن بين الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية.
وحسب الطرف الحكومي فإن هذه الخطة المرحلية تمكن من ضمان التوازن المالي للصناديق الى سنة 2016 مع مواصلة الاصلاح للمحافظة على التوازن الى حدود 2030.
وتقضي خطة الاصلاح ايضا الموازنة بين العنصر الديمغرافي والزيادة في المساهمات.
كما يقضي المشروع الحكومي للاصلاح الى التقريب التدريجي بين الأنظمة الاجتماعية مع المحافظة على الحقوق المكتسبة.
ويشمل التقريب خاصة مدة التربص الدنيا لاستحقاق جراية التقاعد وقاعدة حساب الأجر المرجعي ومردودية سنوات الاشتراك.
بين الاصلاح وتناول المشاكل العميقة للمجتمع.. والوضع ليس كارثيا
عبيد البريكي:
أولا بالنسبة إلى الحديث عن الإصلاح والإنقاذ أرى أن الإنقاذ الآني يكمن في تقديم الدولة سلفة للصناديق والإصلاح يتمثل في معالجة العوامل التي أدت إلى ظهور هذه الأزمة وهذا نظرا لأن الوفاق بين الأطراف الاجتماعية في هذا الملف يتطلب وقتا كافيا للبحث.
وأعيد القول بأن المس بسن التقاعد أو المساهمة سيحدث إشكالات ..
ثانيا, الزيادة في المساهمة سيؤثر على المقدرة الشرائية للمواطن ذلك أن الاقتطاع سيكون من مبلغ مخصص للاستهلاك .
ثالثا, الحلول تكون دائما في ضوء تشخيص الصعوبات وهنا يفترض بنا أن يكون التشخيص دقيقا وشاملا للواقع ( المتعاقدين الوقتيين والمسرّحين والعمال غير المصرح بهم ...) حتى تكون الحلول دقيقة ومحددة .
الصعوبة الموجودة حاليا هي صعوبة الوصول إلى الإحصائيات الصحيحة.. وعلينا الوصول إلى هذه المرحلة حتى تكون حلولنا المقترحة ناجعة وفاعلة.
وأعيد التأكيد بأن كل ملف من الملفات التي حصل فيها حوار بين الأطراف الثلاثة نجحت وكل ملف لم يحصل حوله الحوار والتفاوض لم ينجح.. إذن فلا بدّ من اعتماد منطق المشاركة والتفاوض والانطلاق من إحصائيات دقيقة ومقاربة تأخذ بعين الاعتبار الصعوبات الآنية والعميقة التي يمر بها الصندوق .
والإصلاح يتم أيضا عبر معالجة المشاكل العميقة التي يعيشها المجتمع والتي من بينها مسالة التشغيل .
الملاحظة الأخيرة تتعلق بمسألة وكالات المناولة , أريد أن أشير إلى أن التشغيل يبقى القطاع الوحيد الذي يجب أن يكون تحت يد السلطة لأنه يمثل ذروة الشأن الاجتماعي فالدولة تناط بعهدتها إرساء سياسة التشغيل والقيام بالإحصائيات اللازمة والمفروض هو تفاعل مكاتب التشغيل العمومية ومواكبتها لقضايا العصر والمطلوب أيضا هو تفعيل هذه المكاتب وليس في انتصاب وساطة تعمل من أجل جني الأرباح .
الملاحظة الأخيرة, مسألة تشديد العقوبات الردعية ضد الذين يتهربون من دفع المساهمات مسألة ضرورية جدا.
سيد بلال: أريد أن أعقب على الأسباب التي تحدث عنها المتدخلون
ان السلفات التي قدمها الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية تبلغ حاليا 170 مليارا و80 بالمائة منها قدمت لشركات النقل التي تعاني حاليا من مشاكل كبيرة .
والسؤال المطروح هنا هو هل أن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية سيوقف المنافع على شركات النقل فنجم عن هذا الأمر مشاكل اجتماعية أم أنه سيستمر في إسداء هذه المنافع .
وعلى الرغم من كل هذا فإن هناك إجراءات أقرتها الحكومة لكي يستخلص الصندوقان الاجتماعيان ديونها ومشكور السيد وزير الشؤون الاجتماعية على حرصه على خلاص ديون الصناديق .
وهناك سلسلة من الاجتماعات مع الشركات المعنية ومع وزارة المالية لتمكين الصناديق من خلاص ديونها.
في نقطة ثانية تتعلق بالضمان والتضامن, أقول إن نسبة تحمل الصناديق لمسؤوليات هي ليست من مشمولاتها هي نسبة ضئيلة جدا ولا تتعدى واحد في المائة من جملة النفقات .
وعلى الرغم من ذلك فإن من بين القرارات التي اتخذتها الدولة حديثا هو التكفل بهذه النفقات (صندوق النفقة وغيرها ..).
ثالثا, تسريح العمال والتي اعتبر البعض أنها كانت وراء تدهور الأوضاع المالية, فأنا أؤكد أنه في القطاع العمومي ومنذ 2002 أي في السنة التي شهد فيها الصندوق عجزه المالي الثاني وجدنا أنه من بين الأسباب ثمة أسباب هيكلية وأسباب أخرى مرتبطة بتطهير المؤسسات العمومية.
فصدر في عام 2003 قانون يؤكد أن كلفة التطهير وكلفة الإحالة على التقاعد لأسباب اقتصادية تتحملها المؤسسة العمومية إن كانت وضعيتها المالية تسمح بذلك وإن تعذر ذلك فيتحملها صندوق إعادة هيكلة المنشآت العمومية.
إذن, كل هذه الأمور لم يعد فيها إشكال بالنسبة إلى الصندوق الوطني للتقاعد فالدولة ستسدد الديون والأكثر من ذلك انها تقوم حاليا بتقديم تسبقة للصندوق لكي يستمر في تمويل المضمونين.
بالنسبة إلى المقترحات, أولا هناك إقرار من طرف اعلى سلطة في تونس سيادة رئيس الدولة بضرورة المحافظة على النظام التوزيعي المبني على التضامن والتكافل فلا تراجع في النظام التوزيعي.
ثانيا, المحافظة على الحقوق المكتسبة, اليوم إذا قلنا إن نسبة الاحتساب في القطاع الخاص بالنسبة إلى السنوات العشر الأولى تبلغ 4 في المائة ( 4٪ في السنة 40 ٪ في العشر سنوات) فإن هذه النسبة لن تتغير ولن تعدل بالنسبة إلى من قضى عشر سنوات في العمل الخاص.
اليوم هناك إجماع على ضرورة الإصلاح ولكن التمشي الذي تقترحه الحكومة هو التمشي التدريجي ..لأن الترفيع في المساهمات أمر لازم والتمشي التدريجي كامن في كيفية الترفيع دون المساس من القدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للمؤسسة.
والمساهمات التي حصلت من قبل مثل التأمين على المرض تزامنت مع المفاوضات الاجتماعية لكي لا تؤثر على مقدرة المواطن.
بالنسبة إلى الترفيع في سن التقاعد اليوم نسبة الذين يتجاوزون سن 60 في المائة في المجتمع التونسي تبلغ 9 في المائة في 2030 سيصبحون 19 في المائة إذن حسب التركيبة السكانية فنحن في وقت ذهبي يسمح بإدخال هذه الإصلاحات حيز التنفيذ وعلى مراحل باعتبار أن التركيبة العمرية لمن تبلغ اعمارهم 19 و59 يمثلون قرابة 63 في المائة من التركيبة السكانية التونسية.
وفي نهاية المطاف أريد أن أشدّد على أننا لسنا في وضع كارثي ونريد إدخال الإصلاحات بشكل تدريجي.
سامي السليني: ما يجب أن يتم وبسرعة هو تدعيم التوازن المالي عبر التدخل في 3 عناصر (سن التقاعد والمساهمات والجراية)....
ثانيا, لا بد من الممازجة بين هذه العناصر الثلاثة ذلك أن اعتماد حل دون آخر لن يصلح الأوضاع وكل هذه الأمور تتم في ظل عدم الإضرار بالتوازنات الثلاثة (مصالح المضمونين والترابط بين الأجيال القدرة التنافسية للمؤسسة والتوازن المالي للصندوق).
ما عدا هذه الأمور فكل النقاط المتبقية قابلة للنقاش والتفاوض .. والمهم في التفاوض أن لا ندخل ملفات أخرى في صلب ملف التقاعد فكل موضوع له إطاره الخاص به .
بالنسبة إلى الضريبة الاجتماعية على القيمة المضافة (tva social) فأنا أعتبرها حلما نظرا لأن القوي اقتصاديا هو وحده القادر على تطبيقها وهو منطق الاقتصاد المعولم.
بالنسبة إلى ما تفضل به السيد فتحي النوري اشاطره الرأي في تحليله للمؤشرات الاقتصادية الكبرى وصحيح أيضا أن الطلب الداخلي يتكون من استهلاك واستثمار لكن لا نستطيع أن نتحدث عن استثمار موجه لسوق فيها عشرة ملايين مستهلك , ففرص الاستثمار الأساسية التي يجب توفيرها لا بد أن تكون في أسواق أبعد من السوق التونسية.
في ما يخص «الشركات الفرعية للعمل» ( les sous- entreprises de mains d'oeuvres ) كما ورد في القانون التونسي و«وكالات العمل الخاص» كما ورد في القانون الدولي اليوم.. الاتفاقية الدولية للعمل عدد 181 واضحة وضوح الشمس ثمة جهد كبير من منظمة العمل الدولية لتطوير الاتفاقية .
هذه الاتفاقية ترخص إنشاء وعمل وكالات العمل الخاص.. لا يمكننا أن نبقى معزولين عن العالم الذي يتطور وينفتح أكثر فأكثر على بعضه البعض ليس فقط على مستوى سوق الخيرات والسلع أصبحت عالمية بل سوق الشغل أصبحت بدورها عالمية.
حافظ العموري :
الترفيع في المساهمات أمر دقيق جدا.. صحيح أنه لم يثمر نتائج في السابق بل هو أخّر الإشكال لمدة 3 أو 4 سنوات ولكنّ الجدير بالذكر في تلك الفترة اعتمدنا على عنصر واحد فحسب, في هذا الإصلاح سيتم الاعتماد على 3 عناصر أو أكثر.
ولهذا فإن الترفيع في المساهمات سيختلف عن الترفيع الذي حصل سابقا والأكيد أنه سيقع بالتوازي مع إجراءات أخرى.
صحيح, أن الترفيع في المساهمات لا يساهم بنسبة كبيرة في كلفة الإنتاج لكن أقول أيضا إن النسبة قد تكون معتبرة بالنسبة إلى المؤسسات التي تعتمد على اليد العاملة التي ليست لها قيمة مضافة كبيرة.
وعلى الرغم من هذا فإن الترفيع يمثل سلاحا ذا حدين, فالترفيع بنسبة كبيرة في المساهمات وخاصة للمؤجر لا يعني آليا الرفع في الدخل ذلك أن الترفيع في المساهمة قد تدفع ببعض المؤجرين إلى التهرب منها والتحيل عليها.
كما أريد أن أشير إلى أنه ليست لدينا في تونس سن تقاعد محدد على المستوى القانوني بالنسبة إلى القطاع الخاص, وإنما القانون يشير إلى عدم احتساب السنوات التي يشتغلها الفرد بعد الستين لأن المنع متمثل في الجمع بين جراية التقاعد والأجر.
ولا بد أن أميز أيضا بين مكاتب التشغيل الخاصة ((les bureaux d'emploie privé وشركات العمال (société de mains d'œuvre) فالاولى منتشرة في كافة أصقاع العالم وحتى في بعض الدول العربية وتأخذ مقابلها من صاحب المؤسسة وليس من طالب الوظيفة وهي مجرد وسيط بين الأجير والمؤجر.
أما الثانية (أي الشركات) فهي التي توظف العمال الذين يظلون يتبعونها حتى إن اشتغلوا في مؤسسات أخرى.
المكلّف بالاتصال بوزارة الشؤون الاجتماعية: الخطة الاتصالية استهدفت توفير المعلومة واطلاع الرأي العام على كل المستجدات
أشكر جريدة «الشروق» على هذه المبادرة التي تدل على إيمانها بأهمية الدور الصحيح والفاعل للوسيلة الإعلامية في إنارة الرأي العام وتقديم المعلومة الصحيحة والابتعاد عن كل الأخبار المغلوطة أو ما إلى ذلك.
وقد سعت وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج منذ انعقاد المجلس الوزاري الذي نظر في مسألة واقع أنظمة التقاعد في بلادنا إلى توفير المعلومة المطلوبة لكل الصحافيين والإعلاميين في إطار من الشفافية والوضوح والدقة.
وبتوصيات واضحة من السيد الناصر الغربي وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج فإن المصلحة الإعلامية بالوزارة تبقى دائما مستعدة للتواصل الإيجابي والفعال مع مختلف وسائل الإعلام بما يخدم التوجهات الحقيقية ويثري المشهد الإعلامي الوطني.
تعقيب السيد سيد بلال حول مسألة استخلاص الأموال الراجعة للصناديق الاجتماعية: 170 مليارا ديون المؤسّسات والمنشآت العمومية للصندوق
يجب أن أوضح في هذا الباب أنّ استشراف وضعية أنظمة التقاعد في تونس يأخذ بعين الاعتبار نسب الاستخلاص الحقيقية للأموال الراجعة لكلا صندوقي الضمان الاجتماعي.
أما بالنسبة إلى واقع الأنظمة ومدى تأثير مسألة الديون على القائمات المالية أو الموازنات العامة لصندوقي الضمان الاجتماعي، فلا بد من الإشارة إلى أن تأثير هذه المسألة يبقى محدودا، فبالنسبة إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية فإنّ الدّولة وجميع المؤسسات العمومية تتولى تسديد كامل المساهمات المحمولة على كاهلها لفائدة الصندوق وبالتالي لا يتخلّد بذمتها أية ديون إلاّ البعض من هذه المؤسسات والمنشآت العمومية التي تمر بصعوبات مالية على غرار شركات النقل والتي تتخلد بذمتها قرابة 170 مليون دينار لفائدة الصندوق وهو مبلغ لا يغطي سوى شهر ونصف فقط من الالتزامات المالية لهذا الأخير.
أما في ما يتعلق بالتدخل الخاصّ بتسريح الأعوان في نطاق برنامج تطهير وإعادة هيكلة المؤسسات والمنشآت العمومية، فأذكر أنه من بين الإجراءات الحينية التي تمّ اتخاذها سنة 2002 للحدّ من العجز المالي لأنظمة التقاعد إصدار قانون يقضي بتكفل المؤسسة المشغلة أوصندوق إعادة هيكلة رأس مال المؤسسات والمنشآت ذات المساهمات العمومية بالنفقات المنجرّة عن الإحالة على التقاعد إلى حين بلوغ الأعوان المسرحين السنّ القانونية.
كما عملت الدولة أيضا على جدولة واستخلاص ما لا يقلّ عن 39 م د بعنوان السنوات السابقة لهذا التاريخ أي منذ سنة 1994 تاريخ انطلاق برنامج تطهير وإعادة هيكلة المؤسسات والمنشآت ذات المساهمات العمومية.
وبخصوص ديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فالمعروف أنها تتمثل أساسا في خطايا تأخير وتوظيفات حتمية غير قابلة للاستخلاص في غالب الأحيان لافتقادها إلى سندات حقيقيّة بسبب غلق بعض المؤسسات الاقتصادية أو عدم تقديم البعض الآخر منها التصاريح في آجالها وهو ما استدعى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لوضع الآليات الكفيلة بتدعيم عمليات المراقبة والاستخلاص.
أما بشأن تحمل صنايق الضمان الاجتماعي للمصاريف المنجرة عن بعض الخدمات المندرجة ضمن التضامن الاجتماعي فإني أؤكد أن نسب تحمل هذه التكاليف ضئيلة جدا ومع هذا فإنه من المنتظر أن تصدر قرارات تقضي بإعفاء الصناديق الاجتماعية من تحمل هذه النفقات.
٭ هل يتحدّث البعض عن التسرّع في تنفيذ الإصلاح المقترح بداية من سنة 2012؟
إنّ وضع الصناديق الاجتماعية لا يعتبر كارثيا إنما يفرض التدخل المسؤول للحدّ من النتائج السلبية المتوقعة لأنظمة التقاعد، وسيتمّ توخي المرحليّة في تنفيذ الإصلاح مع ضرورة التمسك بالحقوق المكتسبة في هذا المجال وعدم المساس بها في كلّ الحالات ووجوب المحافظة على النظام التوزيعي.
وتفيد الإحصائيات الديمغرافيّة أنّ نسبة الشريحة العمريّة المتراوحة بين 19 و55 سنة تمثل 63 % من السكان حاليا وهذا يعتبر عاملا إيجابيا قد يساعد في هذه الفترة على إرساء إصلاحات مرحليّة.
وقد نجحت بلادنا في تحقيق مكاسب كبيرة في جميع المجالات بفضل تضافر جهود جميع الأطراف المعنيّة والتمسك بسنة التحاور والتشاور التي تعتبر خيارا ثابتا في توجهات بلادنا السياسيّة وفي الإصلاحات الاقتصاديّة والاجتماعية.
ورقة: إصلاح أنظمة التقاعد في تونس والعالم
تشهد أنظمة التقاعد بفرعيها العام والخاص ضغوطات كبيرة في توازناتها المالية نتجت عن عدة أسباب أهمها طبيعة ارتباط وتأثر هذه الأنظمة التي تقوم على مبدإ التوزيع بالمؤشرات الديمغرافية،حيث تشهد بلادنا تحولات ديمغرافية سريعة ترجع بالأساس إلى ارتفاع مؤمل الحياة عند الولادة الذي بلغ 74.3 سنوات سنة 2008 مقابل 70.3 سنوات سنة 1990 وارتفاع نسبة الذين تفوق سنهم 60سنة من مجموع السكان حيث بلغت 9.7٪ سنة 2008 مقابل 9.1 ٪ سنة 1990 ومن المنتظر أن تصل إلى 18.2٪ سنة 2034.وأيضا إلى تزايد عدد المحالين سنويا على التقاعد ، ونتيجة لهذين العاملين فقد انخفض المؤشر الديمغرافي (عدد النشطين لكل منتفع بجراية)في القطاع العمومي من 5.0 سنة 1990 إلى 3.1 سنة 2008 كما انخفض هذا المؤشر خلال نفس الفترة من 6.2الى 4.9 بالنسبة للقطاع الخاص.
أما السبب الثاني فيتمثل في أهمية المنافع المسداة في إطار أنظمة التقاعد ،ارتفاع نسبة التعويض (Taux de remplacement)نتيجة ارتفاع مردود سنوات الاشتراك ونسبة الجراية القصوى التي تبلغ 90٪ في القطاع العمومي و80٪ في القطاع الخاص ،علما أن نسبة الجراية القصوى لا تتجاوز في فرنسا مثلا 50٪ من معدل الأجور ل25 سنة القصوى لمن قضى 40 سنة اشتراك ولا تتجاوز هذه النسبة 60٪ في بلجيكيا و70٪ في المغرب.
فترة التربص الدنيا التي تساوي 5 سنوات في نظام الأجراء غير الفلاحيين و10 سنوات بالنسبة إلى بقية أنظمة القطاع الخاص.
احتساب الأجر المرجعي على أساس الأجر الأخير أو الأجر الأرفع المصرح به لمدة سنتين خلال الحياة المهنية في القطاع العمومي.
التجارب الأجنبية في مجال إصلاح أنظمة التقاعد
واجهت أنظمة التقاعد عدة صعوبات في المحافظة على توازناتها المالية خاصة في البلدان التي اعتمدت المبدأ التوزيعي في تمويل أنظمتها، ويعود ذلك بالأساس إلى التحولات الديمغرافية التي تعتبر من الأسباب الرئيسية لهذه الصعوبات وذلك إلى جانب العوامل الاقتصادية بالإضافة إلى مستوى المنافع المسداة وشروط افتتاح الحق في جراية التقاعد.
وتتمثل التحولات الديمغرافية الجذرية خاصة في تهرم التركيبة السكانية الذي بلغ مستويات مرتفعة في بعض الدول وارتفاع مؤمل الحياة عند الولادة، الذي بلغ مستويات مرتفعة في بعض الدول، بالإضافة إلى وصول شريحة هامة من النشطين إلى سن التقاعد في نفس الفترة.
وقد أثرت التحولات الاقتصادية في اختلال التوازن المالي لأنظمة التقاعد في جل البلدان خاصة المتقدمة منها والتي شهدت ازدهارا اقتصاديا هاما اثر الحرب العالمية الثانية تزامن مع ارتفاع نسبة السكان في سن النشاط غير أن هذه المعطيات الايجابية تغيرت بشكل ملحوظ إذ انخفض نسق التطور الاقتصادي وارتفع مستوى البطالة مما تسبب في تأخر دخول الشبان في سن النشاط إلى سوق الشغل.
وتجدر الإشارة إلى أن الإصلاحات التي شملت أنظمة التقاعد تركزت أساسا في البلدان المتقدمة وبعض بلدان أوروبا الشرقية بمناسبة انتمائها إلى الاتحاد الأوروبي والمرور من اقتصاد اشتراكي إلى اقتصاد حر.
كما تركزت هذه الإصلاحات في بلدان أمريكا اللاتينية بينما لا تزال بعض البلدان الأخرى منها البلدان العربية في طور التفكير في إيجاد الصيغ المناسبة لإصلاح أنظمتها.
يمكن القول إن الإصلاحات المدخلة على أنظمة التقاعد اختلفت باختلاف حدة المشاكل وضرورة مراعاة المحيط الاقتصادي والاجتماعي لكل بلد ففي حين اقتصرت الإصلاحات المدخلة في بعض الدول على التعديل في بعض المقاييس فقد شملت هذه الإصلاحات في دول أخرى ،طريقة تصفية الجراية وذلك بالمرور من نظام المنافع المحددة إلى نظام المساهمات المحددة.
بينما اختارت بلدان أخرى المرور من نظام توزيعي إلى نظام يعتمد بصفة كلية أو شبه كلية على الرسملة.
ويمكن حصر الحلول المعتمدة في هذا المجال أساسا في الأصناف التالية:
1) الإبقاء على نظام المنافع المحددة (النظام التوزيعي) مع التعديل في بعض المقاييس المتمثل خاصة في:
الترفيع في السن القانونية للحصول على جراية مثل البرتغال الذي رفع السن العادية للتقاعد إلى 65 سنة للرجال والنساء واسبانيا التي رفعت السن العادية للتقاعد إلى 65 سنة وسن التقاعد المبكر إلى 61 سنة مع اشتراط قضاء 35 سنة اشتراك وألمانيا التي سترفع في سن التقاعد تدريجيا من 65 سنة إلى 67 سنة خلال الفترة المتراوحة من 2012 إلى 2029 وايطاليا التي تأخذ بعين الاعتبار السن ومدة الاشتراكات والولايات المتحدة الأمريكية التي سترفع في السن الدنيا للتقاعد إلى 67 سنة في حدود سنة 2027.
وتجدر الإشارة إلى أن عدة بلدان (النمسا قبرص فرنسا المجر تشيكيا سلوفيكيا..) انتهجت سياسات للحفز على مواصلة العمل بعد التقاعد عبر الترفيع في مردود السنوات المقضاة بعد هذه السن والتخفيض في الجرايات في صورة التقاعد المبكر.
مراجعة طريقة حساب الأجر المرجعي المعتمد في تصفية الجراية باعتماد معدل الأجور المصرح بها كامل الحياة المهنية (البرتغال ألمانيا بريطانيا الولايات المتحدة كندا) أو 10سنوات (بولونيا الأرجنتين البرازيل) أو 15 سنة (اسبانيا) أو 20 سنة (ايطاليا) أو 25 سنة (فرنسا).
التخفيض في المنافع من خلال التقليص في مردود السنوات (اليونان) أو الترفيع في مدة السنوات (اليونان) أو الترفيع في مدة الاشتراك وللحصول على الجراية القصوى (فرنسا) او ربط مقدار الجراية بمؤمل الحياة عند الولادة وعدد المشتركين (المانيا النمسا ايطاليا بولونيا السويد).
مراجعة طريقة تحيين الجرايات بربطها بالتضخم مثلما هو الحال في فرنسا وبلجيكيا واسبانيا والبرتغال أو حسب مستوى الجراية مثلما هو الحال في ايطاليا (100٪ من نسبة التضخم للجرايات التي لا يتجاوز مقدارها مرتين الجراية الدنيا و90٪ من هذه النسبة للجرايات بين مرتين وثلاث مرات الجراية الدنيا و75٪ للجرايات التي تتجاوز ثلاث مرات الجراية الدنيا.
2) المرور من نظام المنافع المحددة إلى نظام المساهمات المحددة وذلك بالإبقاء على فلسفة النظام التوزيعي فيما يتعلق بالتمويل وإرساء تقنية مماثلة للرسملة في ما يتعلق بطرق تصفية الجراية وذلك باعتماد نظام الحسابات الافتراضية وهو الحل الذي اعتمدته كل من ايطاليا والسويد وبولونيا.
3) اعتماد الرسملة الصرفة سواء في ما يتعلق بطريقة تمويل النظام أو في ما يتعلق بالمنافع المسداة وذلك بالانتقال من النظام التوزيعي إلى نظام الرسملة عن طريق الخوصصة التامة وإحداث إدارات صناديق الجرايات التي تتولى التصرف في الحسابات الفردية للمنخرطين واستثمارها في السوق المالية حسب نسب فائدة محددة وتحت رقابة هيكل عمومي. ويتم تمويل الحسابات الفردية عن طريق مساهمات المنخرطين أو بمساهمات الأجير والمؤجر معا. وعند الوصول إلى سن التقاعد يختار المنخرط بين الحصول على جراية عمرية أو رأس مال.ويعتبر الشيلي البلد الأول الذي اعتمد هذا الحل علما ان بلدان أمريكا اللاتينية على غرار المكسيك قد استلهمت إصلاح أنظمتها من التجربة الشيلية.
وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى الأزمة المالية الأخيرة التي بينت حدود نظام الرسملة إذ منيت صناديق الجرايات التي اعتمدت هذا النظام بخسائر كبيرة أثرت على حقوق المنخرطين فيها.
توجهات الإصلاح في تونس
يستلزم الوضع المالي المرتقب لأنظمة التقاعد وأهمية الرهانات المطروحة إدخال إصلاحات عليها الهدف منها ضمان ديمومة الأنظمة وقدرة صناديق الضمان الاجتماعي على الإيفاء بالتزاماتها إلى حدود 2030 ،وذلك في ظل الثوابت وبالاعتماد على الاختيارات والبرامج التنموية وتكون محل تشاور مع جميع الأطراف المعنية قصد الوصول إلى حد أدنى من الوفاق.
وتتمثل المبادئ والثوابت التي تنبني عليها هذه الإصلاحات بالخصوص في:
المحافظة على النظام التوزيعي التضامني.
تكريس العدالة بين الفئات والأجيال عبر تقاسم الأعباء بينها.
مراعاة التحولات الاقتصادية ومتطلبات القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.
الحوار والتشاور بين كل الأطراف المعنية حول الإصلاحات التي تتطلبها منظومة التقاعد.
إدخال إصلاحات يتم إقرارها في إطار التوجهات الشاملة للإصلاح على مراحل تؤمن كل منها التوازن المالي لفترة معينة مع تقييم نتائج كل مرحلة على جميع الأصعدة المالية منها والاجتماعية والاقتصادية، قبل المرور إلى المرحلة التي تليها.
التقاعد المبكر
التقاعد المبكر بالنسبة إلى القطاع العمومي هوعلى كاهل الدولة
الترفيع في سن التقاعد بطلب من العون في القطاع العمومي من 55 إلى 57 وشرط التربص من 35 سنة إلى 37 سنة
الترفيع في سن الإحالة على التقاعد لأسباب شخصية في القطاع الخاص من 50 الى 55 سنة.
موضوع التشغيل
صحيح له تأثير وله أولوية مطلقة وكل الجهود الوطنية منصبة في هذا المجال
وضع سياسة نشيطة للتشغيل للرفع من مستوى التشغيلية للنمو وتوجيه الاستثمارات الى القطاعات الواعدة، هدف طموح لإستيعاب الطلبات الإضافية للتشغيل في أفق 2014
جدولة الديون المتخلدة بعنوان النفقة والديون المتخلدة بذمة الدولة والمؤسسات العمومية
تكثيف المراقبة
رغم كل هذا لا بد من إجراءات إضافية لضمان التوازن والإبتعاد عن أي أزمة مالية للصنادبق
الهدف ضمان مستوى التقاعد للمتقاعدين الحاليين ومتقاعدي المستقبل
توفير الطمأنينة للشباب والأجيال والعاملين اليوم حول مستقبل تقاعدهم
إذا وضعنا حساب الربح والخسارة لتحسين النسبة المائوية للتقاعد
اعتماد أجر أرفع لحساب التقاعد باعتبار مواصلة سياسة المفاوضات الاجتماعية والسياسة المنتظمة في الأجور
فإن تدخل الدولة للزيادة في الأداءات يثقل كاهل الشغالين وكافة المواطنين
أو التنقيص في المشاريع العمومية مثلا: (في قطاع الصحة والتربية والنقل)...
أو التداين
كل هذا يثقل كاهل المواطن
المقترح حول إصلاح نظام التقاعد الذي يتماشى وينصهر في خصوصيات التونسي هو ما نحن بصدد التحاور والتشاور للوصول إلى أعلى درجات الوثاق بين كل الأطراف الاجتماعييين وكل مواطن تونسي.
يبقى الحوار والتشاور بين الطرف الحكومي والأطراف الإجتماعية هو ألأساس للوصول إلى أعلى درجات الوفاق هدفنا واحد هو ضمان تقاعد مريح يحفظ كرامة كل المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.