«أيام قرطاج المسرحية ليست مركضا للخيل». بمثل هذه الجملة برّر أو علّل السيد محمد إدريس مدير الدورة الثالثة عشرة لايام قرطاج المسرحية، الغاءه للجوائز والمسابقات ولعدّة امتيازات اخرى كانت ترتقي بهذه الايام من يوم لاخر ومن دورة لاخرى.. هذه التظاهرة التي أُختتمت فعالياتها يوم السبت الفارط الموافق للثامن من ديسمبر 2007 أجّجتْ في صدور المهتمين نارا، وتركت الى الآن ألْسُن المسرحيين تتدلّى بنقاط الاستفهام والتعجّب والاستغراب.... كتب الصحافيون وأذاع الاعلاميون وصرّح أهل الاختصاص فأجمعوا كلهم على ان الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية حققت فشلا ناجحا ومتميزا... لولا... المشهد العام لم يختلف عن السابق: مسارح عجّت بالمتفرجين... دعوات وشارات دخول... معلقات ويافطات... ومضات اشهارية ومتابعات... عروض في الشوارع وأعمال فوق الخشبات... افتتاح واختتام وضيف مبجّل إسمه محمود درويش... مراسلون أجانب ومتابعات فوريّة بالصوت والصورة.. نشرية يومية واخطاء مطبعيّة،، تزاحم أمام الابواب وكراس شاغرة... الديكور والتزويق والالوان والاضواء والبهرج لم يتغير ووحده الوفاض جاء خاويا باهتا شاحبا كعادتنا التي جُبلنا عليها في أكثر من تظاهرة ومهرجان... قد يكون لغياب الجوائز والمسابقات دور كبير في ما آلت اليه هذه الدورة صاحبة شعار إرادة الحياة... وقد يكون لغياب الندوة الفكرية واللقاءات المنظّمة دور كذلك في الاجماع الذي خرج به الجميع من مختلف فضاءات العروض... ولولا عرض «خمسون» التونسية و»جدرايّة» الفلسطينية و»قبلة الموت» البلجيكية، وهي الاعمال المسرحية التي أجمع كل من تابعها على نوعيتها وقيمتها العاليّة التي خففت من وطأة الشعور بالاحباط الذي كان يصاحب المشاهدين كلما شاهدوا عملا اخر، لولا هذه الاعمال الثلاث لحققت الدورة 13 لايام قرطاج المسرحية فشلا تاريخيا لن ينساه الشارع التونسي بسهولة.. غابت اذن حوافز الابداع والتشجيع وغاب حتّى تقييم الاعمال (L'évaluation) وكأن المسألة اعتباطيّة، عُروض لمجرّد العرض فمرّت الدورة مرور الكرام.. ولم يبق بذهن كل من تابع الفعاليات إلاّ التصديق بأن الإيهام بالنجاح لا يعني النجاح وأن الفشل مهما حاولنا ان نخفيه أو نداريه ونحجبه سيبقى دائما فشلا.