لأول مرة منذ تأسيسه مهرجان قرطاج الدولي 2025 دون مدير فني    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    تفاصيل أسعار عروض مهرجان قرطاج الدولي    مهرجان قرطاج الدولي..دورة تحتفي بالفن وتنصت للقضية الفلسطينية [فيديو]    مهرجان قرطاج: الجمهور هو المدير الحقيقي... وصوت الفن التونسي يعلو وينفتح على العالم    نتائج متميزة للمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بنابل في مناظرة الدخول إلى مراحل تكوين المهندسين    قرى الأطفال' س و س': أكثر من 67% نسبة نجاح في البكالوريا... قصص تحدٍّ تستحق الإشادة    مع الشروق : الانتقال الطاقي يحتاج سرعة التنفيذ وليس الدراسات واللجان    تتسبب في ٪80 من الأمراض: 170 كلغ معجّنات لكل تونسي... سنويا    عاجل/ تدشين خط جوي جديد بين البرتغال وتونس    عاجل/ ماكرون يدعو لإعتراف مشترك مع لندن بدولة فلسطين    الهلال السعودي يعلن تعاقده مع اللاعب الفرنسي ثيو هيرنانديز    جلسة استماع في البرلمان حول مقترح القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لقطاع الصحة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    الحذرَ الحذرَ، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً    عاجل: سيدي بوزيد: انقطاع واضطراب في توزيع الماء ببئر الحفي    عاجل: بالفيديو: منظمة الصحة العالمية تكرّم رئيس الجمهورية بدرع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح    الليلة: أمطار رعدية وتساقط البرد بهذه المناطق    عامان سجنا في حق الإعلامي محمد بوغلاب    المحلل المالي معز حديدان: كلفة دعم الخبز تكفي لبناء 4 مستشفيات جامعية سنويا    وزارة التعليم العالي: مركز الخوارزمي تصدّى لمحاولة هجوم إلكتروني استهدفت مركز البيانات الجامعي    بنزرت: حملات رقابية ليليلة للحد من مظاهر الانتصاب الفوضوي وإستغلال الطريق العام ببنزرت المدينة    أنيسيموفا تتأهل لنهائي ويمبلدون بفوز مثير على سبالينكا    مودرن سبور المصري يتعاقد مع اللاعب التونسي أحمد مزهود    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    عاجل/ تيارات قوية وأمواج عالية: الحماية المدنيّة تحذّر من السباحة في شواطئ هذه الجهة    بشرى سارّة لمرضى السكّري.. #خبر_عاجل    إختتام مشروع تعزيز الآلية الوطنية لتأطير الصحة الحيوانية البيطرية بتونس    كان تحب تزور مصر، اعرف القرار هذا قبل ما تمشي!    عاجل: فيفا تُصدر تصنيف جويلية 2025...تعرف على مرتبة تونس عالميا وافريقيا    انهيار نفق بداخله 31 عاملا في لوس أنجلوس    عاجل/ الرئيس الإيراني: ردنا سيكون "أكثر حسما وإيلاما" إذا تكرر العدوان..    قبلي : تواصل قبول الأعمال المشاركة في الدورة الرابعة من مسابقة "مسابقة بيوتنا تقاسيم وكلمات"    انطلاق اشغال المؤتمر الدولي حول القوات المسلحة في حماية المدنيين ضمن مهمات حفظ السلام    عاجل/ استئناف التزود باللحوم الحمراء المبردة والموردة..وهكذا ستكون الأسعار..    الديوان الوطني للأعلاف: شراء 50 ألف طن من مادة الذرة العلفية الموردة    قليبية: رئيس الجمهورية يطلع على الوضع الكارثي لوادي الحجر    عاجل/ رئيس الدولة في زيارة غير معلنة الى هذه الولاية..    الاحتلال يوافق مبدئيا على "تمويل مشروط" لإعمار غزة    عاجل/ من بين الشهداء أطفال ونساء: الاحتلال يرتكب مجزرة جديدة في دير البلح وسط غزة..    دواؤك في خطر؟ ترامب يُفجّر ''قنبلة جمركية'' تهزّ سوق الأدوية...اكتشفها    فرنسا تعتقل لاعبا روسيا لتورطه في أنشطة قرصنة إلكترونية    باريس سان جيرمان يتأهل إلى نهائي كأس العالم للأندية بفوزه على ريال مدريد برباعية نظيفة    النادي الصفاقسي يعزز صفوفه بثلاثة انتدابات أجنبية    فاجعة في بن قردان..وهذه التفاصيل..    متى تظهر نتائج ''الكونترول''؟ اكتشف مواعيد إعلان النتائج السابقة    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    "اليويفا" يحدث تعديلات على لوائح العقوبات في مسابقات الموسم المقبل    الرابطة الثانية: مبارك الزطال مدربا جديدا للملعب القابسي    أسبوع الباب المفتوح لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج بمقر وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية    هذه العلامات الغريبة في جسمك قد تنذر بنوبة قلبية... هل تعرفها؟    هيئة الصيادلة: أسعار الأدوية في تونس معقولة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    قيس سعيّد: آن الأوان لتعويض الوجوه القديمة بكفاءات شابّة لخدمة كل الجهات    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كسر التماثيل
ممنوع من الفرح: بقلم:المهدي عثمان
نشر في الشعب يوم 15 - 12 - 2007

حُلمنا أكبر من نملة تُغري سوسنة بأن تحمل حبّات لقاحها إلى عشيقها بسيقانها البضّة. حُلمنا أشهى من قُبلة شاذة تبصقها الشمس على خدود عشاقها.
ياسادتي الفقهاء.. ياسادتي السفهاء.. ياسادتي البصّاصين والرجعيين... حُلمنا من ورقة التوت، أو أكبر من شهادة تقدير تُمنح للعصافير عند إتقان الطيران أو اصطياد دودة الأرض.
.. كلب الحراسة فقط نُجازيه بعظم عند اتقانه الدور.. انتباه غريزيّ.
{لسنا «بافلوف» ولسنا تلك الكلاب}. مع ذلك نُتقن إخضاع صهوة اللغة لئلا تكون انتباها غريزيا في الكل... عفوا في المعاني.
على غفلة من رحم أمهاتنا وُلدنا، وفُطمنا علي معجم فقهيّ أو معجم قروسطيّ أو معجم النهد الشرقيّ.. وغالبا ما نُفطم عليها معا.
فُطمنا على القتل، وقتلانا ليس شيئا آخر غير أجسادنا أو ربّما أصابعنا، نوهمها بالإنارة فتحترق قبل وصول الليل إلى حافة العمر.
من يُنير ظلمتنا؟
وما حاجتنا إلى الإضاءة؟ والشمس توزّع شبقها على العابرين، إلى مدن الملح؟ هل تريدونني أن أجيب؟
إجابة على عهدنا بالإجابات الكلسيّة والقصائد الكلسيّة وكتب النقد الأكاديميّة المسطّحة، يتكرّش بها أصحابها في الندوات والملتقيات.. تراهم يقرؤون سورة الناس وأعوذ بربّ الخارجين عن صفّنا.. يقرؤونها على قبور الأموات والشهداء:
{صبرك يا متنبي.. عفوك يا سياب... غفرانك يا شابي... و... قصيدتاه}.
تُكرّرون عرض الدرس الأكاديميّ على صفحات الجرائد البلهاء والورقات الثقاسياسيّة، لنُصاب بغثيان أدرانكم... يا اااه «ما أوسخنا.. ما أوسخنا» وُنكابر.
تدّعون جهلا أنكم تزرعون سنابل المدّ الحضاريّ من فوق المنصات والمنابر، ونحن نكرّر ما تلغّ به ألسنتكم من غثيان وقيح وعدميّة مقيتة.
وهكذا يا سادتي تتْبعنا العصا والأدعية من المهد إلى القصيدة: عصا الرحم.. عصا القبيلة.. عصا آبائنا الأوّلين والمُحدثين.. عصا إشارات المرور.. عصا الفقهاء والسّفهاء والبصّاصين.. عصا رجال الأمن.. تتْبعنا العصا، فنفرّ من ظلالنا إلى ظلالنا لتحْتضننا دروسكم وعصيّ الأمر والنهي.
نحلم.. نحلم... وتشاركنا كل الكائنات حلمنا.. تشاركنا الصراصير والنمل والمزاريب وشجر الخرنوب والقوارب. وحتى الغثيان والقيء والبذاءة أيضا. كلّهم يتشبّثون بجلباب قصائدنا وأهداب حروفنا، ويقتفون خط الرمل لدخول ممالكنا {وماهي بممالك} عفوا أكواخنا الحالمة، وأحلامنا البسيطة.

دعونا نعبر ولو تحت بصاقكم وشتائمكم وأعينكم المتربّصة تحت أثوابنا. دعونا نعبر للمجهول طائرين أو سابحين أو قافزين أو متزحلقين على ظهورنا كالخنافس.. ولس تُ خجولا، فقط أخجل منكم وأنتم تقبعون في الماء الآسن «كالجاموس الوطنيّ».
نعدكم أن نترك لكم شهائد الشكر والتقدير والامتنان والفخر والشهائد الجامعيّة المضمّخة بالضحك على ذقوننا.
سنقتل آباءنا كما قتل «نيتشه» ربّه ونشوّه كلّ المعلّقات واليافطات وصكوك العرفان...
سنكْسر التماثيل المنتصبة بزهو في الساحات العامة، ونُشيّد عوضا عنها حرْفا أو جملة أو قصيدة أو حتى نقطة استفهام {.. ما أروع نقطة الاستفهام تنتصب في شارع رئيسيّ بالعاصمة}.
أو ربّما نُشيّد «لاشيء» فحتى «اللاشيء» له معنى لو علم الغافلون.
و»اللاشيء» هذا ليس «اللامعنى» وليس العدميّة... إنّه الفراغ الذي تعمّد الأوصياء أن ينْعتوه أو أن يُفرغوه أو يتجاهلوه كأن نتجاهل البياض في النصّ، أو الفراغ في المكان كفراغ منصب سياسيّ أو منصب فخريّ أو منصب ثقافيّ. إنّه «اللاشيء» المخيف.
وأنتم فقط يا آباءنا الطيبين الي حدّ الخبث.. القانطين إلى حدّ الموت.. المجاملين إلى حدّ الانبطاح..
أنتم فقط تخشون «اللاشيء» هذا. تخشون الفراغ، كأنّه الغيلان الأمويّة.
أمّا نحن.. وأمّا نحن.. فلاشيء يخيفنا غير النص.
الخوف من المبدأ ومن الإبداع ومن اللغة... لأنّنا نخشى أن لا نفيها حقها أو نُهمل عناصر الكون والطبيعة والحياة والحقيقة.
مهلا، فنحن لا نخشى الموت ولا نخشى أن تسير مواكب دفننا بلا مُشيّعين.. تكفينا ظلالنا وحبيباتنا والأصدقاء الخلّص كما يقول صديقي «إيكاروس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.