حزين أنت يا وطني، وأنت تودع الرجال تلو الرجال، والقائد تلو القائد، حيث الدموع تذرف من العيون وتنساب بحرقة على وداع الزعيم، وعلى فراق أغلى الرجال، إنه القائد العملاق حكيم الثورة جورج حبش، نعم اليوم حزين بسبب رحيل هذا الرجل، الذي يعتبر أحد عمالقة الثورة الفلسطينية، والذي ارتقى الى العلا بعد صراع مع المرض عبر سنوات طويلة، كان يحلم من خلالها أن يستشهد وهو يقاتل في المعركة ضد العدو الصهيوني، ولكنه رحمه اللّه يموت بمرض عضال، ويرحل عنا هذا الجسد الطاهر وعن شعبه الذي احبه، ويبقى فكر الحكيم متأصلا مخلدا ليرسم لنا الطريق ويعلمنا المبادئ والاهداف والقيم. نعم فارقت يا سيدي الثوري بروحك الطاهرة، ولكن أفكارك لم تفارقنا ونهجك القويم يبقى أسطورة للجهاد والمقاومة، كنت دائما تحلم بغد افضل وكانت عيناك تحلم بالوطن وهمومه وتتراءى لك فلسطين كل لحظة، وتتمنى ان تراها محررة من دنس الصهاينة، وكنت تحلم ان ترى بلدتك ومسقط رأسك اللد وقد اصبح نهارها فلسطينيا وزال الاحتلال عنها، نعم تركنا جورج حبش وكانت آخر كلماته لرفاقه هي السؤال عن أبناء شعبه في غزة هاشم، وماذا عن الوحدة الفلسطينية، ثم قال لهم تمسكوا بالثوابت الوطنية، وفلسطين من النهر الى البحر. نعم أيها القائم المبجل حتى وأنت تودع الحياة وتفارقنا وعيناك تحلم بوحدة الشعب، وتسأل عن المعاناة، وقد كنت تحرص دائما على الوطن، ولم تنسى هموم شعبك ومعاناته وتسأل حتى عن دوائهم وشرابهم. نعم أيها القائد كان مولدك يوم انتصار للحق في العام 1925 وكانت بلدتك اللد تفخر بك كأحد الرجال الاوفياء وقد كانت حياتك تتسم بالنضال والجهاد والمقاومة منذ ان كنت طالبا في كلية الطب بجامعة بيروت العربية وكانت افكارك تتسم بالطابع الوطني وقد ادركت منذ البداية انه لابد من خدمة وطنك والعمل على رفع شأنه عاليا فكانت الفكرة الاولى عندما بدأت تخوض الحياة السياسية في عام 1948 فعملت على تأسيس القوميين العرب ثم بعد ذلك قمت بتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكانت لك اليد الطويلة في العمل النضالي فأسمعت العالم كله أن الجبهة الشعبية هي رائدة الكفاح المسلح من خلال تلك العمليات الاسطورية الناجحة في عمق الكيان الصهيوني، ومن خلال خطف الطائرات وضرب مصالح العدو في كل دول العالم. لقد كنت الوفي المخلص لوطنك فلسطين التي تحبك وتذرف الدموع لرحيلك وكم عملت مع الرئيس الراحل ياسر عرفات من اجل رفع شأن منظمة التحرير عاليا وكم شاركتم في صنع القرار الفلسطيني وكم كانت لكم مواقف بطولية لا تنسى وخصوصا حرصكم على الدولة ويوم اعلان الاستقلال الوطني الفلسطيني في الجز ائر، فكنتم من المؤيدين لهذه الخطوة الشجاعة ووقفتم تصفقون بحرارة لهذا الاعلان الهام، ومهما اختلفت الاراء والافكار فكانت هموم الوطن هي الاكبر وفي المقدمة، وفلسطين فوق الجميع، ولا ننسى كم كنت تطبق الديمقراطية بكل ما فيها حيث انك القائد الوحيد الذي تخلى عن قيادة حزبه وتسليم الراية الى القائد الراحل ابو علي مصطفى، وكذلك اول فصيل يسجن امينه العام القائد احمد سعدات في عملية صهيونية تم من خلالها اختطافه من سجن اريحا. وختاما.. هكذا تكون الرجال ونعم الرجال أنت يا سيدي، وداعا نودعك بالدموع ونودعك بالقبلات..