مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقال يبحث عن عنوان...!:د. صلاح عودة الله
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 08 - 2008

حبش..درويش..والظلاميون..! محمود درويش..لا تأسفن لغدر الزمان..! الظلاميون..وانفصام الشخصية..! هل سيعود الظلاميون إلى صوابهم..!
بعد رحيل القائد العظيم ومؤسس حركة القوميين العرب ومن ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش, حكيم الثورة الفلسطينية وضميرها, هاجمه المدعو محمد أسعد بيوض التميمي والذي يدعي بأنه علامة ومفكر إسلامي بمقالة نارية اتهمه فيها بعدائه للإسلام والقضية الفلسطينية، حملت عنوان "جورج حبش صليبيي ماركسي لينيني عدو الله وللعروبة والإسلام",والمقال طويل جدا ومما قال فيه:"عندما قام جورج بتأسيس(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) لم يكُن هدفه في حقيقة الأمر تحرير فلسطين ولا مُحاربة اليهود وإنما لتكفير المسلمين و تخريب العمل الفدائي المُتمثل بحركة فتح يومئذ"..!
وقد انهالت عليه العشرات من المقالات التي تهاجمه وتدافع عن احد عظماء أبناء شعبنا الفلسطيني البطل مع أن الدكتور جورج حبش ليس بحاجة لمن يدافع عنه, فتاريخه النضالي والفكري الحافل خير مدافع عنه. حتى أن حركة حماس لم تنجو من مهاجمة الكاتب(محمد التميمي) لها لأنها نشرت بيانا نعت فيه عملاق المناضلين الفلسطينيين ولعمري لو لم تكن حماس مقتنعة بذلك لما نعته..! وهنا يقول
الكاتب:"فكاتب هذا النعي إما جاهل بعقيدة وتاريخ جورج حبش وموقفه من الإسلام وانه أمضى حياته بالعمل على نشر عقيدة الإلحاد بين أبناء المسلمين وهذه مصيبة وإما جاهل بالإسلام وهذه طامة كبرى فكيف يكون هؤلاء قادة لحركات إسلامية؟ ويقصد الكاتب هنا حركة حماس, والغريب أنها لم تقم بالدفاع عن نفسها. وكان من أبرز من هاجم وانتقد محمد اسعد التميمي أخوه مأمون أسعد التميمي, عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية, وفي رده يقول: "إن افتقار الحكمة والبصيرة في تشخيص الأمور السياسية وإعطاء المواقف العقائدية مصحوبة بأقسى أنواع الشتائم والتهجم , ما هو إلى نوع من أنواع طلب العداء والصراع مع أناس هم شئنا أم أبينا جزء من شعبنا, ويواجهون ما يواجهه شعبنا من احتلال وعذاب وسجون واضطهاد ,وكأننا بذلك ندع إلى الصراع الداخلي لنريح أعدائنا من الصراع معه ,ما من شك أن القضية الفلسطينية مرت في حقبات مختلفة , سادت فيها العديد من الأفكار والمبادئ الغريبة عن مجتمعنا ولكن هذه الحقبة كلها سادت وانتهت وأصبحت الأمة تعيش في صراعها مع أعدائها من خلال عقيدتها ودينها,إلا أن الغلو في مهاجمة رجل رحل من الدنيا وقد أمضى حياته في صراع مع الصهاينة ومع الكيان الإسرائيلي ولكن بطريقته وبالفكر الذي كان سائدا في الخمسينات والستينات والسبعينات ما هو إلا نوع من فقدان الحكمة والاتزان.
ولا يجوز شرعا خلط الحابل بالنابل في توصيف الأشخاص والزعامات فكل الناس يؤخذ منها ويرد عليها إلا الرسول"صلى الله عليه وسلم" , فجورج حبش بالرغم من ,فكره الشيوعي إلا إنني لم أعرف من خلال صداقاتي مع الكثير من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن جورج حبش فرض عليهم الإلحاد والكفر, ولا ننسى أبدا أن الجبهة الشعبية قدمت مئات الشهداء إن لم يكن آلاف خلال مسيراتها ولا ننسى أن من أعظم شهدائها الشهيد محمد شرف المعروف عنه انه كان يحافظ على الصلوات في أوقاتها.وينهي رده قائلا: "إن شقيقي محمد يمثل نفسه في مقاله , وان شقيقي محمد مشبع بفكر سلفي جامد , اختلط فيه الكثير من الغلو .
وهنا لا بد أن أذكر أنني شخصيا ذهبت إلى جنازة الراحل جورج حبش في الكنيسة الارثذوكسيه في عمان وحضرت عزائه لمدة ثلاث أيام". بعد رحيل الشاعر الفلسطيني العظيم محمود درويش والذي استحق وبجدارة لقب شاعر المقاومة الفلسطينية والناطق الرسمي باسمها وشاعر القضية ومتنبي العرب في العصر الحديث, خرجت العشرات من الصحف العالمية وكل الصحف العربية تنعي هذا الشاعر والإنسان الذي قلما تنجب الأرحام مثله.ومن الصحافة العالمية نقرأ تقريرا نشرته وكالة الأنباء الألمانية بعنوان"الساحة الفكرية العربية تفقد أبرز شعرائها المعاصرين", وتصفه العديد من وكالات الأنباء العالمية بأنه"أحد أهم الشعراء العرب المعاصرين, الذين امتزج شعرهم بحبهم لوطنهم".
وأما حركة حماس فكان لها موقف آخر من هذا الرجل, حيث قررت الاحتفال برحيله على طريقتها الخاصة,فقد أصدر خالد مشعل- رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والمقيم في العاصمة السورية دمشق- بيانًا مقتضبًا ينعى فيه الراحل درويش معتبرا بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحركة حماس أن الأدب الفلسطيني فقد بوفاة درويش أحد ركائزه الأساسية، مشيراً إلى الدور الذي لعبه الشاعر الفقيد في التعريف بالنضال الفلسطيني خلال مسيرته الأدبية المعاصرة, وأضاف مشعل أن الشعب الفلسطيني الذي أنجب درويش قادر على إنجاب غيره. ووجّه خالص التعازي إلى عائلة الفقيد، وذويه والشعب الفلسطيني. وقد بدا في هذا البيان وبصورة واضحة جدا خلوه من أية كلمة أو عبارة تدعو إلى درويش بالرحمة وكأنه يقوم بنعي إنسان غريب لا يمت لشعبنا الفلسطيني بأية صلة.هذه العبارات التي تضمنها بيان العزاء لمحمود درويش دافع عنها أحد نشطاء حماس عبر موقع " شبكة فلسطين للحوار" قائلاً: "هناك فرق بين نعي الكافر وبين الترحم عليه، فإذا كان المقصود من النعي هو بيان إن فلان مات، أو بيان بعض محاسنه وفقط , من دون طلب الرحمة أو الجنة له، فهذا جائز ولا حرج، أما إذا كان القصد منه الترحم عليه فلا يجوز، لو كان بطل المقاومة وبطل فلسطين. وبالمقابل, كانت هناك حملة مسعورة على صفحات الإنترنيت تكيل للفقيد الكبير أقسى وأسوأ عبارات السباب والتكفير، وحتى الشماتة بموته، ووصلت الوقاحة بأحدهم لكتابة موضوع بعنوان: "هنا نتلقى التهاني ب (نفوق) الهالك محمود أتاتورك درويش"...!
إنها قمة الوقاحة والحقارة, بل إن الوقاحة لم تجد لمثل هذه الكلمات مكانا في قاموسها الواسع والغني.إن هذه الكلمات تعبر عن شماتة بغيضة ومقيتة بوفاة شاعرنا العظيم ، فقد انسلت أقلام الظلاميين لتعلن عن فرحها وشماتتها "بموت الكافر الملحد الذي كان عضوا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي ، وتتمنى له بئس المصير مع الزنادقة والكفار والمجرمين ، وترميه بأبشع التهم ، وتضعه في خانة الخونة والمأجورين..ويطالب احدهم بعدم جواز الرحمة أو زيارة بيوت العزاء أو التعزية بوفاة الشاعر، فيما يقول آخر في مقالة طويلة ضمنها مقاطع من قصائد الشاعر ليدلل على إلحاده ، ويصفه ثالث بأنه عدو الله والمسلمين، وتقول رابعة إن قدرة الله فوق قدرة الأمريكان الذين فشلوا في معالجته وقد نال جزاء تهجمه على الخالق وتطلب من أعضاء المنتدى بعدم الدعاء له بالرحمة..ويطالب آخر بعدم دفنه في مقابر المسلمين وانه لا تجوز الصلاة عليه ، ويدعو الناس لعدم المشي بجنازته..!
إنهم نسوا أو تناسوا القاعدة القائلة:من كفر مسلما فقد كفر..ومن قام بتخويلهم منح صكوك الغفران لإنسان وحرمان آخر منها..؟هل هذه مبادىءالاسلام أيها الظلاميون،ألا يحضكم دينكم على احترام الميت ، وانه لا تجوز عليه إلا الرحمة؟ ثم لنفترض انه كان ملحدا أو نصرانيا أو يهوديا أو حتى بوذيا أو مجوسيا ، الم يكن مقاتلا مغوارا لعدو الوطن ، الم يكن وطنيا حتى النخاع؟ الم يكن عاشقا لفلسطين حتى الثمالة؟ الم يحمل قضية شعبه على كتفه وفي صدره وطاف فيها العالم ساعيا لكسب التأييد والتعاطف لشعبه ووطنه؟ الم يكن فلسطينيا بامتياز؟ ألا تميز عقولكم بين الانتماء الروحي أو المذهبي أو الديني وبين الانتماء الوطني؟ لكن من طمست عقولهم بالغشاوة والتزمت والتعصب والجهل لا يرو في هذه الدنيا إلا أنفسهم ، ويظنون أنهم خير امة أخرجت للناس ، وهم أكثرها تخلفا ورجعية وظلامية.إن الإسلام منكم براء..بل إنكم والإسلام خطان متوازيان لا يلتقيان مهما امتدا..لقد أسأتم للإسلام أكثر مما أساء إليه الغرب..ألم تقيموا الدنيا ولم تقعدوها عندما تهجم الغرب وتطاول على نبيكم, ولعمري لو ترجمت مقالاتكم لسخر الغرب منكم, وفاقد الشيء لا يعطيه يا جهلة..!
إن تاريخ درويش حافل بالايجابيات وسيخلدها أبناء شعبنا إلى يوم يبعثون, وأما انتم فكلكم سلبيات وقد لفظكم التاريخ بل انه لا تاريخ لكم..!; ومع انه لا وجه للمقارنة بينكم وبين الشيخ المناضل رائد صلاح خادم المسجد الأقصى المبارك وراعيه, لكن أرجو أن تتابعوا ما يلي: فخامة الرئيس محمود عباس أبو مازن - حفظكم الله-: رئيس السلطة الفلسطينية - رام الله - فلسطين- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره تتقدم الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني بكافة أبنائها وهيئاتها ومؤسساتها، بأعمق مشاعر التعزية وأصدق المواساة القلبية إلى الأمة الإسلامية وإلى العالم العربي وإلى الشعب الفلسطيني رئيسا وحكومة وشعبا في الداخل والخارج وفي الشتات، بوفاة الشاعر الفلسطيني الكبير"محمود درويش"..داعين المولى عز وجل أن يتغمد روح الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وينزل سكينته وطمأنينته على قلب أهله وذويه ويلهمهم جميل الصبر والسلوان..إنا لله وإنا إليه راجعون. أخوكم,الشيخ رائد صلاح, رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني.; والى الظلاميين الجهلة والحاقدين على درويش أقول:لقد قام أبناء شعبنا بالرد عليكم حين تدفق عشرات آلاف الفلسطينيين على رام الله للمشاركة في مراسم الجنازة الرسمية، وتزينت شوارع رام الله بآلاف من صور درويش وعليها إحدى جمل قصائده الأكثر ذيوعا "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".
ودفن درويش في ضريح قريب من قصر الثقافة في رام الله، حيث كان ظهور درويش الأخير في ندوة جماهيرية الشهر الماضي، ألقى خلالها قصيدته "لاعب النرد" والتي اعتبرها كثيرون بمثابة استشراف للموت وحديث عن التجربة. في أمسيته الأخيرة في مدينة حيفا التي احتضنت بداياته وانطلاقته لم تخل كلمات الشاعر الكبير محمود درويش من مفردات الموت .. التراب..والتابوت اعتبرها البعض عاديه ولخدمة القصيدة واعتبرها البعض الآخر وصية. محمود درويش أوصى بكلماته الخاصة وأسلوبه الشعري الرفيع أن يدفن عند موته في أرض الجليل مسقط رأسه, ارض بداياته ونشأته, الأرض التي شكلت "عناصر تكوينه الأولى" والتي حلم بالعودة إليها أينما ستكون الأرض التي ستحتضن جسدك يا محمود ستبقى دوما في قلوبنا.. لان تراب الوطن واحد..! وقد قال الرئيس محمود عباس في كلمته الوداعية التأبينبة: "لقد أحببنا درويش لدرجة العشق ورحيله يضعنا أمام امتحان الصبر والقدرة على الإبداع". وأضاف:"كنت النسمة والبسمة والضمير والذاكرة والحاضر، اليوم، نودع نجماً أحببناه إلى درجة العشق، وإن الفارس العنيد ترجل عن صهوة الشعر والأدب، ليترك فينا شمساً لا تغيب، ونهراً لا ينضب، من عطاء الخير والبشائر والأمل".
وأما رفيق دربك يا درويش الشاعر الكبير سميح القاسم فلم يتحمل هول الصدمة وأجهش بالبكاء ومما قاله في كلمته التأبينية المؤثرة: "يا أخًا لم تلده أمي"..وكرر هذه العبارة مرارا, وكان متألما مليئًا بالحزن الشديد والعواطف وكان يعتصر ألمًا، وأنتقد الانقسام في فلسطين وقال: "إن لم نكن شعبًا واحدًا فما نكون إذا؟ لقد أقام أبناء شعبنا البطل في الوطن والشتات جنازات رمزية صورية للراحل درويش وهذا هو ردهم على الظلاميين الجهلة الحاقدين..! وأما الراحل درويش فيبدو أنه انتقم لنفسه قبل أن ترقص الذئاب على جثته، حين وصف أنبياء غزة بقوله قبيل رحيله عندما حصل الحسم العسكري فيها في قصيدة قال فيها: لولا الحياء والظلام، لزرت غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد..ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا..أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى..مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة..قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجرا..هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه:)الله أكبر) أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين ؟أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا.
لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه..رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل..ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين..وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد ؟لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة. الدخول مجاناً .. وخمرتنا لا تُسْكِر..لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة..لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية هكذا قال لي أستاذ جامعة-أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ..هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام..من يدخل الجنة أولا ً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ ؟بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك..لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة، ولكن، يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون..! سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الإيطالية.. لا فرق؟قُلْتُ: لا يدافع..!وسألني: هل أنا + أنا = اثنين ؟قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد..لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.
أنت، منذ الآن، غيرك..!; من سميح القاسم إلى محمود درويش: إذاً أنتَ مُرتحلٌ عَن دِيارِ الأحِبَّةِ..في زّوْرَقٍ للنجاةِ. على سَطْحِ بحرٍ..أُسمّيهِ يا صاحبي أَدْمُعَكْ..وَلولا اعتصامي بحبلٍ مِن الله يدنو سريعاً. ولكنْ ببطءٍ..لكُنتُ زَجَرْتُكَ: خُذني مَعَكْ..وخُذني مَعَكْ..!
ومن الواجب علينا التأكيد أن رحيل محمود درويش تمثل محطة مناسبة للقاء بين الفلسطينيين للتوحد ولم الشمل، وقد كان درويش كبيرا وفلسطينيا بامتياز، ورحيله في مثل هذه الأيام العصيبة يؤكد أننا شعب فلسطيني واحد على أرضه ومستقبله واحد، لا سيما وأنه لم يكن شاعرا لفلسطين وحدها بل للإنسانية جمعاء لكنه فلسطيني قال للإسرائيليين:" سنورثكم بحة الذكرى، أي سنجعلكم تخجلون مما صنعتم بنا".
"محمود درويش لم يكن شاعرا فصائليا ولا فتحاويا ولا خصما ل "حماس"، لقد كان شاعر القضية الفلسطينية بامتياز".; نم قرير العين يا درويشنا فشعبنا الفلسطيني بل كل الشعوب العربية معك, ولا تأبه للظلاميين المتخلفين لأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم, بل إن أنفسهم منهم براء..واذكرهم بأن الدهر يومان:يوم لك ويوم عليك..ولا تأسفن لغدر الزمان لطالما
**رقصت فوق جثث الأسود كلاب..ولا تحسبن برقصها تعلوا على أسيادها**تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب..! نعم يا درويش يا شاعر القضية ومقاومتها, لقد كنت شامخا خالدا في حياتك, وستبقى كذلك بعد رحيلك المفاجىء عنا..وهو رحيل بطعم العلقم..وفي يوم وداعك لن ننثني يا سنوات الجمر وأنا حتما لمنتصرون..!واختتم قائلا لكل من سولت له نفسه بالتطاول على مقامك الشامخ: أسفي على قدر يصادر روحه
**ويطيق أشباه الرجال تعيش..! تم الرجوع إلى بعض المصادر اذكر منها مقالة محمد التميمي"عن جورج حبش" وردي عليه, ومقالة الأخ إبراهيم علاء الدين والتي يرد فيها على الظلاميين, ومقالة السيد مأمون اسعد التميمي والتي يرد فيها على أخيه محمد, ومواقع الكترونية مختلفة.
د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة
المصدر بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.