على مدى ثلاثة ايام كانت «الشعب» في قلب الحدث وتابعت كل فعالياته داخل القاعة الفسيحة التي اتسعت لأكثر من ثلاثة آلاف نقابي من القارات الخمسة ومن خارجها وفي بهو قصر المؤتمرات الذي تربع على مساحة تعد بآلاف الامتار المربعة في قلب العاصمة النسماوية فيانا. هذه المدينة النظيفة والجميلة والرائعة رغم شدة البرد وتساقط الثلوج وغياب الشمس لعدة ساعات من النهار. ممثلو اكثر من ثلاثمائة منظمة نقابية قطرية عضوة في التنظيم النقابي العالمي الجديدة كانوا حاضرين في هذا الحدث النقابي العالمي الهام بالاضافة الى عدد من زعماء الحركة النقابية في العالم والامناء العامين السابقين للسيزل والاتحاد العالمي للعمل وممثلي بعض البعثات الدولية والهيئات الخاصة. فعاليات المؤتمر انطلقت بتكوين مجلس رئاسة المؤتمر وقد انتخب الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد عضوا في هذا المجلس الى جانب رؤساء منظمات نقابية قطرية اخرى كاليابان وامريكا والمانيا وغيرهم وهو شرف نال الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا الحدث النقابي العالمي التاريخي الذي بدا فيه التأثر واضحا على بعض الوجوه النقابية سواء من المنظوين تحت لواء السيزل او الاتحاد العالمي للعمل لان هؤلاء قضوا عشرات السنين ينشطون ضمن هياكل معينة وضمن قناعات فكرية واضحة لكن الظرف تغير ورأى النقابيون في المنظمتين النقابيتين «السيزل» و «الاتحاد العالمي للعمل» انه اصبح من الضروري التأقلم مع الاوضاع العالمية الجديدة ومسايرتها ولمّ الشمل بما يجعل هذه المنظمات قادرة على مواجهة التحديات المطروحة وكسب الرهانات في ظل عولمة شرسة لا تعطي للجانب الاجتماعي اهتماما كبيرا او تعمل بكل الطرق من اجل تمرير سياستها الاقتصادية والنجاح فيها ولو على حساب الطبقة العاملة وذلك بالتراجع في المكاسب وضرب حرية العمل النقابي وتشغيل الاطفال واستغلال طاقة العمال وتهديدهم بسياسات التسريح العمالي والطرد التعسفي لمجرد محاولة التنظم في نقابات تدافع عن حقوقهم وتحفظ كرامتهم وتدعم مكاسبهم. المنظمات النقابية سواء في السيزل قبل حلها او في الاتحاد العالمي للعمل رأت من الضروري التوحّد لمجابهة محاولات ضرب الحقوق النقابية وتهميش المطالب العمالية فكان هذا المؤتمر التأسيسي الذي وحد المنظمات النقابية القطرية الاعضاء عبر مؤتمر ديمقراطي حر ومستقل وشفاف كان محكم التنظيم وقد انتخب هذا المؤتمر مجلسا عاما تركب من ستين عضوا وهذا الهيكل بدوره انتخب مكتبا تنفيذيا تركب من خمسة وعشرين عضوا، كما تم انتخاب ي ريدر أمينا عاما للاتحاد النقابي العالمي (C . S . I) والذي كان مرشحا وحيدا ولم ينافسه احد على هذا المنصب. الاتحاد العام التونسي للشغل فاز في هذه المحطة النقابية العالمية ودعّم موقعه في الهيئتين القياديتين للاتحاد النقابي العالمي حيث وقع انتخابه عضوا في المجلس العام وعضوا في المكتب التنفيذي زيادة على الشرف الذي ناله بانتخابه عضوا في مجلس رئاسة المؤتمر. ان ما حققه الاتحاد العام التونسي للشغل في مؤتمر الاتحاد النقابي العالمي المنعقد بفيانا ايام 1 و 2 و 3 نوفمبر 2006 يعد انجازا كبيرا وانصافا في نفس الوقت للاتحاد الذي دافع عن التضامن النقابي العالمي ودافع عن حرية العمل النقابي وعن استقلاليته وعن حق العمال في التنظم بعيدا عن التدخل في شؤونهم والضغط عليهم ومحاولة تهميش دورهم وضرب مكاسبهم. انه شرف كبير لمناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل وكافة العمال بالفكر والساعد الذين يحق لهم الاعتزاز بما تحقق لمنظمتهم العتيدة وبما اصبحت عليه من مكانة متميزة في المحافل النقابية الدولية والاقليمية وهو في الحقيقة نتاج وانعكاس مباشر لما حققه الاتحاد في الداخل من المكاسب لفائدة منظوريه وللوطن عموما وهو نتيجة مواقف ثابتة من قضايا حرية تقرير المصير وحق الشعوب في العيش الكريم ورفض كل اشكال الهيمنة والتسلط. كما انه نتاج لمواقف الاتحاد من قضايا التحرر وفي مقدمتها قضية العرب الاولى قضية فلسطين الصامدة. وكان نائب رئيس دولة النمسا السيد فيشر قد افتتح اشغال المؤتمر في اجواء منعشة من المعزوفات الموسيقية العالمية وبالموسيقى افتتحت الاشغال وبها اختتم المؤتمر الذي صادق على قائمة المنظمات الاعضاء المؤسسين للاتحاد النقابي العالمي (C . S . I) والذي اصبح يضم 307 منظمة. تسعون منها تنحدر من الاتحاد العالمي للعمل (C . M . T) و 217 منظمة من الجامعة العالمية للنقابات الحرة السيزل ومن ضمنها الاتحاد العام التونسي للشغل وبذلك يصبح مجمل عدد العمال المنخرطين بهذه المنظمة الامميةالجديدة حوالي 166 مليون عامل. كما حضر المؤتمر عدد كبير من المنظمات الدولية الحقوقية والانسانية والنسائية والشبابية وتلك التي لها اهتمام اجتماعي واقتصادي ومن بين هذه الهيئات منظمتي العمل الدولية والعربية والاتحاد العالمي لاصحاب العمل ومنظمة الاممالمتحدة والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي. وقد عمل وفد الاتحاد العام التونسي للشغل من اجل ان يكون الاتحاد متواجدا في أعلى المراكز القيادية للأممية النقابية وقد تمكن الاتحاد من النجاح في الانتخابات التي جرت لانتخاب اعضاء المجلس العام حيث انتخب الاخ عبد السلام جراد عضوا في المجلس العام رغم المنافسة الكبيرة التي شهدتها هذه الانتخابات. كما تمكن الاخ عبد السلام جراد من الفوز في الانتخابات التي جرت لانتخاب اعضاء المكتب التنفيذي البالغ عددهم 25 عضوا وهو العربي الوحيد الذي تم انتخابه في هذا الهيكل القيادي للأممية النقابية الجديدة (C . S . I) ويأتي تواجد الاتحاد العام التونسي للشغل في هذين الهيئتين اعتبارا لاشعاعه واقتناع باقي المنظمات النقابية في العالم بنضاليته وقيمة مساهمته في دفع العمل النقابي في العالم. ان نضال الاتحاد العام التونسي للشغل على الساحتين الوطنية والدولية وما انجزته بلادنا على صعيد الحوار الاجتماعي وبخاصة تصديقها على الاتفاقية 135 مثلت أوراقا رابحة للاتحاد العام التونسي للشغل في خوض معركته من اجل موقع قيادي بين عمالقة النقابة في العالم. القضايا العربية كانت حاضرة في تحركات وفد الاتحاد العام التونسي للشغل ولقاءاته بالوفود النقابية العربية والافريقية والاسياوية والاوروبية والامريكية وقد كانت من اجل دعم القضايا القومية وفي مقدمتها قضية فلسطين وقد تمكن وفد الاتحاد العام التونسي للشغل برئاسة الاخ عبد السلام جراد من كسب الدعم للنقابات الفلسطينية بالداخل حيث انتخب ممثلها الاخ سعد شاهر من الفوز بعضوية المجلس العام وهي المرة الاولى التي يتحصل فيها اتحاد عمال فلسطين بالداخل على مثل هذا المنصب. العيفة نصر وعبد اللطيف العكرمي