هي باحثة وجامعية حاصلة على دكتوراه في علم النفس من جامعة السربون جاءت لمهرجان المبدعات العربيات في تونس لتقدم تجربة رائدة وتحاول ان تقيمها هي تجربة تجمع الباحثات اللبنانيات هذا التجمع الذي ضم نساء باحثات في مجالات مختلفة جمعتهن ظروف الحرب القاسية وواصلن العمل بعدها فأنجزن بحوثا قيّمة وأصدرن دراسات علمية في كتب ستبقى خير شاهد على منجز هذا التجمع من الباحثات اللبنانيات الذي صار أنموذجا يحتذى طالبت الحاضرات في مهرجان المبدعات العربيات ان يكون تجمعا للباحثات العربيات اللبنانيات فقط. التقيناها على هامش المهرجان فكان هذا الحديث: كيف تنظرين الى واقع المرأة اللبنانية في ظل مجتمع متعدد الطوائف؟ هذا الواقع الذي تحيا ضمنه المرأة اللبنانية اليوم والامس هو واقع متعدد ومتنوع وهو ما يطرح علينا كلبنانيين تحديات أهمها: كيف نوفق بين مختلف الاتجاهات لبلوغ حالة من التعايش بين الجميع تصل بنا الى نظام اجتماعي مقبول، وهذا أمر صعب يؤرق كل المتعاطين بالشأن العام، وعلى العموم بإمكاننا ان ننظر الى واقع التعدد ووضع المرأة في ظله من زاويتين أولاهما ان التعدد هو سبيل للاغتناء ولتلقي الاضافة، ثانيتهما التعدد قد يحمل بذور صراع، ولكننا سنتعامل من النصف الكأس الملأى فنستفيد مما تعطيه الطوائف بعضها لبعض في اطار اختلافاتها، ولكن احيانا يتم استغلال العامل الطائفي من قبل بعض القوى الخارجية لتغذية الخلافات وتأجيج النزاع إن المرأة جزء من هذا المجتمع الذي يتأثر بمحيطه وتفاصيله، فالتعدد يسمح لها بهامش من الحرية ففي لبنان يمكن للمرأة ان تكون كما تشاء... ولكن يظل لدينا مع هذه المساحة من الحرية إرثا اجتماعيا لا يختلف عما يوجد في باقي المجتمعات العربية وهو ان ممثلي الطوائف غالبا بل دائما رجال ذكور فالنظام الطائفي هو نظام أبوي واختراق المرأة لهذا النظام صعب، فالمرأة مثلا صعب ان تترشح للانتخابات لأن هذه الاخيرة تتم على أساس الولاء للطائفة المسيّرة غالبا من الرجال ثم ان المرأة عندما تتزوج تتبع حتما طائفة زوجها حتى وان كانت من طائفة اخرى، فالتجربة السياسية المبنية على اساس طائفي تبقى تجربة ممسوكة اطرافها من قبل الرجال، وفي هذا المستوى نخلص الى ان هذا الواقع الطائفي يزيد طبقة من الموانع التي تحيط بالمرأة وخاصة في المجال السياسي، ولكن في المجال الاجتماعي يظل الامر اكثر مرونة فالتنوع يغني لذلك تبدو المرأة اللبنانية متحررة ولكنها في الميدان السياسي والتمثيلية الجماعية مخنوقة فغالبا ما يتم النكوص عن الانتماء الحزبي لفائدة الطائفة فوثيقة الطائف بعد الحرب الاهلية بنيت على مبدأ المحاصصة الطائفية كإجراء وقتي ولكنه استمر وازداد تجذرا. إن الفتاة اللبنانية المتعلمة فتحت الباب لظاهرة لم تكن موجودة في المجتمعات العربية وهي هجرة الفتيات للعمل؟ صحيح هذا فالجيل الجديد اتيحت له فرصة التعلم والارتقاء في سلمه لدرجات متقدمة وهو ما حتّم ضرورات اجتماعية فلبنان بلد صغير ويحكمه اكثر من حزام اجتماعي جغرافيا وطائفيا واقليميا مما يجعله احيانا يضيق بأهله ويكون غير قادر على استيعاب طلبات الشغل فاللبنانيون من اول الشعوب التي أسست للهجرة من اجل العمل. والفتيات اللبنانيات اليوم وفي سبيل تحقيق ذواتهن في العمل نزعن نحو الهجرة وراء البحار وهي ظاهرة لافتة رافدها ارتفاع مستوى التعليم وتأخر سن الزواج، فهناك هجرة كفاءات نسائية ايضا بحثا عن فرص لا يوفرها الوطن، وقد تكون الفتيات العربيات من دول اخرى راين في هجرة اللبنانيات حافزا فبدأت حركة احتذاء باللبنانية ولكن يبقى هذا من النتائج المباشرة للعولمة وسيادة رأس المال، هذه العولمة التي دعمت ايضا واقع التديّن لدى مختلف الطوائف الاسلامية ومن باقي الديانات فقد بدأنا نشهد في لبنان انحسارا جزئيا لمجال الحريات الفردية بسبب تنامي التدين. تجربة تجمع الباحثات اللبنانيات بعد 25 سنة ألا تعاني من التهرّم؟ تجربة تجمع الباحثات هي تجربة متميزة نحاول ان تتوصل الى صياغة صادقة ومعبرة عن الاهتمامات الحقيقية للباحثات، فنحن نناقش في التجمع مواضيع تهمنا باعتبارنا افرادا في المجتمع، ولكننا افراد يتقدم بنا العمر... وانت لكي تبلغي مرحلة البحث لن تكوني في العشرينيات من العمر مثلا وعموما تتأخر النساء في ولوج عالم البحث عن الرجال لأنهن يخصصن في الغالب فترة من حياتهن لتربية الاطفال والأمومة، ثم ان مجال البحث ليس مجالا جذّابا كميدان العمل المربح ماديا، فهناك جمعيات للنساء العاملات واخرى للنساء صاحبات الاعمال... ولكننا في تجمع النساء الباحثات برغم تزايد عدد المنخراطات يظل معدل الاعمار مرتفعا ويمكن ان نقول اننا نعاني من التهرم ولكننا نناقش هذا الامر باستمرار ونسعى الى تطوير خطابنا من اجل الاستقطاب لذلك ننفتح على كل المواضيع ونبحث دائما في قضايا الشباب.