بيروت:لم تختلف كثيرا النتائج التي كشفتها الدراسات التي أجراها عدد من المتخصصين في لبنان عما تظهره سلوكيات الشباب اللبناني من تعصب وتحيز طائفي تجاه الآخر، إضافة إلى احتلال الانتماء العائلي الأولوية لديهم قبل الانتماء الوطني، على الرغم من ارتفاع مستوى التعليم الجامعي بين هؤلاء مقارنة ليس فقط مع الدول العربية بل حتى الدول الغربية.في هذا الإطار وتحت عنوان «الشباب اللبناني: ماذا يشعر؟ كيف يتصرف؟» ألقت الجامعة الأميركية في بيروت الضوء على كواليس المجتمع اللبناني من خلال 3 دراسات اجتماعية، واحدة منها قدمها الأستاذ المساعد في علم النفس الاجتماعي في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور شارل حرب، تحت عنوان «وصف الشباب اللبناني، دراسة استقصائية وطنية ونفسية اجتماعية»، أظهرت أنه لا يزال هناك مستويات عالية من التحيز الطائفي بين الشباب اللبناني، فضلا عن مستويات منخفضة من قبول العلاقات بين الطوائف المختلفة. ووفقا لنتائج البحث تبين أنه من بين 2100 مشارك لا يفكر ثلثاهم بالزواج من شخص من طائفة مختلفة. وفي تعليقه على هذه الأرقام شدد حرب على الحاجة الملحة لمعالجة موضوع العلاقات بين الطوائف، لا سيما أنه خلافا لعدد من الشباب في أماكن أخرى من العالم حيث يعطي الشباب أولوية لفرديتهم، في حين أن الشباب اللبناني يعطي أهمية قصوى للأسرة والانتماء الطائفي ثم بعد ذلك الهوية الوطنية، إذ عبر شاب من كل 3 عن شعوره السلبي تجاه الطائفة الأخرى، ولا فرق هنا بين طائفة وأخرى بل هي حالة عامة. لكن أيضا هذه الأهمية التي تعطى للهوية الوطنية لم تعكسها آراء الشباب اللبناني الذي يفكر 50 في المائة منهم في الهجرة، إذ 25 في المائة منهم أبدوا رغبتهم في الانتقال إلى بلد آخر و25 في المائة آخرون يستعدون للهجرة. ويؤكد حرب ل«الشرق الأوسط» أن هذه النسبة تتساوى بين كل الطوائف اللبنانية خلافا لما يصرح به السياسيون من أن النسبة الأكبر هي في أوساط الطائفة المسيحية بل على العكس هي متساوية بين كل الطوائف، مع فارق بسيط بين الإناث والذكور الذين يهاجرون بنسبة أكبر. لكن الواقع الاجتماعي يبدو أنه العامل الأساسي في ميل هؤلاء إلى الهجرة، إذ على الرغم من أن 41.4 في المائة من هؤلاء تلقوا أو يتلقون دراستهم الجامعية ويتكلمون أكثر من لغة، فإن 90 في المائة منهم يتقاضى أقل من ألفي دولار أميركي شهريا و58.3 في المائة تتراوح رواتبهم بين 500 و1500 دولار أميركي وتتدنى في منطقتي بنت جبيل وعكار الشمالية، مع العلم أن 61.8 في المائة من الشباب عاطلون عن العمل و87 في المائة غير متزوجين. ومن جهة أخرى، وفي حين يشهد لبنان تحركات اجتماعية دورية ومطالبات من الشباب اللبناني لتشريع الزواج المدني، يعتبر حرب أن النتائج التي أظهرتها الدراسة تتناقض مع هذا الواقع، فقد تبين أن 80 في المائة من الشباب يعبرون عن التحيز الطائفي ويكنون مشاعر سلبية تجاه أي شخص من طائفة أخرى. وعن الزواج المختلط فقد أعلن 33 في المائة معارضتهم هذا الخيار وأيده 41 في المائة. لكن من بين هؤلاء أبدى 37 في المائة فقط استعدادهم للزواج من شريك من طائفة أخرى و63 في المائة رفضوه. في المقابل وفي دراسة أكثر شمولية حول «العادات الإعلامية لدى شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» أظهرت النتائج التي قدمها الأستاذ المساعد في الصحافة الدكتور جاد ملكي أن من بين 2500 طالب ثانوي وجامعي في لبنان والأردن والإمارات العربية المتحدة، تعتبر الغالبية العظمى منهم «ماهرة للغاية» في استخدام وسائل الإعلام الجديدة على الرغم من أنهم مستهلكون بالدرجة الأولى وليسوا منتجين. ووفقا لبحث الدكتور ملكي، يبدو أن وسائل الإعلام التقليدية، ولا سيما المطبوعة، أصبحت قديمة العهد، بما أن مصادر الاختيار أصبحت تكمن في الغالب في التلفزيون، وتليها بعض الخيارات القليلة من وسائل الإعلام الجديدة. أما الدراسة الثالثة فكانت للدكتورة عزة بيضون والدكتورة مود أسطفان هاشم وحملت عنوان: «المرأة الشابة اللبنانية: المشاهدون والقراء والمستمعون»، وقد ركزت بشكل خاص على كيفية وصول الشابات إلى وسائل الإعلام الجديدة مقارنة مع الشبان. وفي حين ذكرت دراسات سابقة أن هناك اختلافا في ذلك ما بين الشابات والشبان، أظهرت هذه الدراسة عكس ذلك، فالجنسان يستخدمان القنوات نفسها، مع تركيز من الفتيات أكثر على المواضيع والنماذج الرومانسية والشخصية، في حين يركز الشبان على المواضيع العامة التي تحتوي على الإثارة. كارولين عاكوم