في احد النزل السياحية الفخمة في مدينة المنستير ستدور اشغال مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل اكبر المنظمات الاجتماعية في تونس وأكثرها حضورا. لكن مؤتمر ديسمبر في المنستير ليس هو المؤتمر الاول الذي احتضنته هذه المدينة فقبله احتضنت المنستير مؤتمر اتحاد الشغل في نهاية الستينات حين صعد البشير بالآغا الى الأمانة العامة بعد ان تحمل مسؤولية والي تونس العاصمة وبعد اكثر من عام على مؤتمر المنستير الاول انعقد المؤتمر الاستثنائي الذي تحمل فيه الحبيب عاشور مسؤولية الأمانة العامة وتواصل تحمله للمسؤولية عقودا من الزمن حتى تحوّلت «العاشورية» الى مدرسة نقابية لها مريدوها ولها انصارها الى اليوم في مختلف التشكيلات النقابية. اليوم يكرّر التاريخ نفسه وتعود المنستير لتحتضن مؤتمر اتحاد الشغل وعلى رأس الاتحاد عبد السلام جراد احد اقرب النقابيين الى المرحوم الحبيب عاشور وأحد اهم المحسوبين على المدرسة «العاشورية» لكن رغم ان مؤتمر المنستير مؤتمر عادي الا ان ما نسميه «بالتجاذبات» النقابية قد تجعل منه مؤتمر يختلف عن المؤتمر العادي في الكثير من تفاصيله وذلك في علاقة بالظروف والخلفيات التي تعرفها الساحة النقابية. فمؤتمر المنستير هو المؤتمر الثاني الذي يأتي بعد الدخول في مسار التصحيح وهو المسار الذي انطلق بعد استقالة الأمين العام السابق ومرور الاتحاد بفترة انتقالية توجت بمؤتمر جربة الاستثنائي الذي سجل عودة ثلاثة وجوه تعرضت للاقصاء والطرد في حقبة ما قبل التصحيح ابرزهم علي رمضان العاشوري الذي خطف الكثير من الاضواء في فترة التصحيح وحاز على تعاطف نقابي كبير في مؤتمر جربة لأسباب كثيرة اهمها ان اغلب النقابيين بما فيهم اعضاء القيادة النقابية كان لهم ادراك «بالظلم» الذي تعرّض له اضافة الى ان علي رمضان نجح في الفترة التي تلت استقالة السحباني وحتى مؤتمر جربة الاستثنائي في كسب التأييد وفي تعبئة قواعد ونواب وقطاعات كانت سنده الأول للعودة الى المكتب التنفيذي. ترشحات ودون الخوض والتعمق في تفاصيل كثيرة تتعلق بالاشخاص وبالقيادات النقابية فإن الترشحات واخبارها هي التي تطغى على اي مؤتمر للمنظمة الشغيلة والاتجاه الحقيقي لعيون النقابيين يكون دوما صوب ما يعرف بقائمة الأمين العام خاصة في المؤتمرات العادية وذلك نتيجة لتقاليد وحسابات وأعراف ليس هذا مجال ذكرها او تحليلها. وقبل الحديث عن الترشحات المحتملة لابدّ من التأكيد هنا على حقيقة ثابتة وهي ان «جراد» يدخل الى مؤتمر المنستير كما دخل الى مؤتمر جربة وهو يحظى باجماع نقابي وباجماع القيادات النقابية حوله وان المنافسة تنحصر في عضوية المركزية النقابية وليس على منصب الأمانة العامة وهو ما يجعل الأمين العام في وضع مريح جدا. ثم انه لابدّ من التأكيد الآن ان جراد لم يتحدث ولم يكشف عن اية تفاصيل تهم قائمة الأمين العام وهو يدرك ان حديثه في هذا الوقت عن اعضاء قائمته التي ستترشح سابقا لأوانه لحسابات انتخابية كثيرة وايضا لظروف ومعطيات شخصية وان ما يروّج من اخبار حول اسماء تضمها قائمة الأمين العام او ستزاح من القائمة هو من باب التخمينات والاحتمالات والقراءات و»التسريبات» التي ورائها خلفيات وغايات قد تخدم هذا الطرف او ذاك. لكن الأكيد ان قائمة جراد لن تضم كل اعضاء المكتب التنفيذي الحالي ستعرف دخول بعض الوجوه الجديدة بعضها سيكون دخوله بصفة جدية والثابت الآن ان قائمة الأمين العام ستعرف وجود تسعة على الاقل من اعضاء المكتب الحالي بينهم علي رمضان والهادي الغضباني وسليمان الماجدي وعبيد البريكي ومحمد شندول ومحمد الطرابلسي ومحمد سعد ورضا بوزريبة. وكل هؤلاء الاعضاء سيكونون في كل الحالات ضمن المترشحين في المؤتمر بصرف النظر عن مفاجآت الساعات الأخيرة. وتبقى انظار النقابيين مشدودة الى اسم النقابي ناجي مسعود الذي اعلن انه سيقرر ترشحه او عدم ترشحه في الوقت المناسب. ويحظى ناجي مسعود مسؤول الوظيفة العمومية بتقدير كبير في كل الاوساط النقابية وكان مهندس جولات المفاوضات الاجتماعية اضافة الى دوره المحوري والبارز في مفاوضات نقابات التعليم خاصة في الاشهر الاخيرة وكان له دور كبير أثناء تحمله لسنوات مسؤولية جامعة الصحة. تحالفات تكتلات وبعيدا عن اسماء المترشحين فإن مؤتمر المنستير سيكون حتما داخل تأثير دائرة التحالفات والتكتلات والبارز الآن «التكتل» الذي يضم عددا من الاتحادات الجهوية للشغل ومنها تونس وبنزرت والمنستير واريانة ومنوبة وقابس وسليانة وباجة ونابل وتطاوين ومدنين. ويعدّ هذا التكتل هو الابرز الآن بالرغم من الاقرار بأن الكتّاب العامين للجهات لا يمكن لهم التحكم في النيابات او توجيهها بشكل مطلق. وتؤكد مصادر قريبة من وجوه هذا «التكتل» بأن هذه المجموعة ستكون ملتزمة» بدعم عدد من الاسماء المتواجدة حتما في قائمة الأمين العام. كما تلتزم بالوقوف ضد اسماء مترشحة في المؤتمر على خلفية عدد من الاسباب. أصناف لكن الراغبين في الترشح للمؤتمر القادم يصنفون الى صنفين الصنف الاول يشمل المترشحين من داخل الهيئة الادارية الوطنية اي اعضاء فيها والصنف الثاني المترشحين الخارجيين اي من خارج اعضاء الهيئة الادارية . وتردد الساحة النقابية الآن الكثير من اسماء المترشحين رغم ان كل هذه «الترشحات» لا يمكن اعتبارها ترشحات «رسمية» باعتبار ان اصحابها يقيّمون الآن الاوضاع والتحالفات بكل حذر. ومن بين اسماء اعضاء الهيئة الادارية الوطنية الذين قد يعلنون عن ترشحهم نجد «المنصف الزاهي» والمولدي الجندوبي وسعيد يوسف وعبد الستار منصور والمنجي عبد الرحيم وبلقاسم العياري وعبد الحميد الجلالي. ويمكن ان تضاف الى هذه الأسماء اسماء اخرى ليست في الحسبان الآن وذلك بصرف النظر عن مدى حظوظ اي مترشح. وخارج دائرة الهيئة الادارية نجد اسماء مرشحين لهم حضورهم مثل حبيب بسباس ومنصف بن رمضان وكمال سعد وعبد المجيد الصحراوي وزهير العيدودي. وهؤلاء المترشحون لهم تحالفاتهم ولهم اتصالاتهم في الساحة النقابية لكن في كل الحالات يصعب تواجدهم ضمن قائمة الآمين العام لاعتبارات عديدة ومختلفة. رمضان لكن التساؤل الأهم الذي يطرح الآن هو هل سيكون علي رمضان عضو المركزية النقابية والعاشوري التوجه مترشحا على رأس قائمة انتخابية منافسة لقائمة الأمين العام.. اعتبارات عديدة ومختلفة تجعل علي رمضان يفكر بجدية في الدخول الى المؤتمر بقائمة انتخابية تمكنه من ان يكون له الاعتبار اللازم داخل المركزية وهو امر مهم بالنسبة الى المستقبل. وتقول المصادر ان عناصر كثيرة مترشحة للمؤتمر تدفع بقوة في اتجاه ان يكون لعلي رمضان قائمته الانتخابية ولكل في ذلك حسابه الخاص. بسباس ولا تخفي المصادر ايضا امكانية ان يكون الحبيب بسباس على رأس قائمة انتخابية وذلك بصرف النظر عن عدد اعضائها تسعى الى ان تضم حساسيات نقابية مختلفة. موازين وفي انتظار ان يحسم امر الترشحات وتكشف حقيقة التحالفات والتكتلات فإنه لابدّ من التأكيد الآن ان موازين القوى في مؤتمر المنستير تختلف عن مؤتمر جربة الاستثنائي والتجاذب النقابي بين مختلف القوى لا يبدو بنفس الحدة التي برزت في الساحة النقابية في سنوات التصحيح التي عقبت سبتمبر من سنة 2000 .. سفيان الأسود