الشهيد سامي بالحاج علي من مواليد 1967/05/28 بمنطقة ميدون من جزيرة جربة هو أحد الشهداء التونسيين الثمانية الذين استرجعت رفاتهم مؤخرا في اطار تبادل الأسرى بين لبنان والعدو الاسرائيلي، سامي هو أحد الذين ضحّوا بحياتهم من أجل قضية الأمة العربية، القضية الفلسطينية. استشهد البطل سامي بالحاج علي في عملية الطيبة التي رُوي عن تفاصيلها أنّ: «الشهيد البطل سامي بن الطاهر الحاج علي والشهيد البطل رياض بن محمد بن جماعة (تونسي أيضا انطلقوا من أرض جنوب لبنان صحبة رفاقهم ونصبوا كمينا لقافلة العدو الصهيوني على الطريق الواقعة بين بلدة الطيبة اللبنانية ومستعمرة «مسكاف عام» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي الساعة الثانية والنصف من يوم الخميس 1995/01/19 وصلت القافلة مؤلفة من شاحنة كبيرة وسيارتين معبأتين بالجنود بالإضافة إلى سيارة كانت تقلّ ضباطا للعدو وعند وصول القافلة أمام مكمن الاستشهاديين الذي لا يبعد سوى أمتار معدودة عن القافلة، فتح الاستشهاديون نيران أسلحتهم الرشاشة والمضادة للدروع اضافة إلى القنابل اليدوية وقاموا باقتحام القافلة وقد تواصل الاشتباك مدّة تزيد عن نصف ساعة متواصلة، فقضت المجموعة الاستشهادية على معظم جنود العدو بالاضافة إلى تدمير آلياته، عندها دفع العدو بطائراته العمودية في مستعمرة «مسكاف عام».. كما دفع العدو بدباباته وجنوده وقام بقصف همجي وعشوائي للقرى المجاورة، وقد استشهد ثمانية أبطال من ضمنهم سامي الحاج علي «قائد العملية ورياض بن جماعة». سامي التلميذ خبر وصول رفات الشهداء إلى الأراضي اللبنانية كان له الوقع الطيب في نفوس عائلات الشهداء، عائلة الشهيد سامي بالحاج علي كانت من بين هذه العائلات «الشعب» كان لها لقاء مع السيد الطاهر بالحاج علي والد الشهيد، وأنا في طريقي للقائه كان في مرافقتي السيد خالد بالحاج علي وهو أحد رفاق الدراسة لسامي فحدثني عن سامي التلميذ قائلا وهو يتحدّث بكل حماس: «عرفت سامي منذ بداية الثمانينيات تلميذا بالمعهد الفني بحومة السوق جربة، تقريبا أغلب تلاميذ المعهد كانوا يعرفون سامي، كان محبوبا لدى الجميع، كان جادا في حياته لكن الدعابة والابتسامة باديتان دائما على وجهه. منذ أن عرفته كان شديد التعاطف ومتحمّسا للقضية الفلسطينية، كان شديد التأثّر والحزن لكل ما كان يحدث في الأراضي الفلسطينية ولكلّ ما يتعرض له كل الشعب الفلسطيني، كان صاحب مبادئ، مبادئ مرتبطة بالقضية الفلسطينية، ساهم في أغلب التظاهرات التلميذية المناهضة للعدو الصهيوني خاصة اثر اجتياح لبنان سنة 1982، كان يحمل هموم الأمّة العربية، كان يحمل دائما على كتفيه الشاش الفلسطيني، واضافة إلى كل ذلك كان سامي طيب القلب وعلى أخلاق عالية، هذه الخصال من طيبة القلب وقوّة الشخصية تتوافق ما ذكره لي السيد حسين الطبجي وهو أحد الأساتذة الذين عرفوا سامي بالحاج علي بالمعهد الفني بجربة مشيرا إلى أنّ سامي كان منضبطا وكان قليل الكلام، كان كثير المطالعة وكان هادئا لذلك كانت مفاجأتنا كبرى حين علمنا بخبر انقطاع أخباره وبرحلته إلى الشرق. وللاشارة فإنّ السيد حسين الطبجي وهو أستاذ في مادة العربية كان كتب قصيدة حين سمع باستشهاد سامي وهي قصيدة رثاء وفاء للشهيد البطل سامي بالحاج علي. لقاء مع والد الشهيد منذ بداية حديثنا كان التأثر باديا على عم الطاهر وهو من رجال التعليم الذين أعطوا الكثير والذين مارسوا مهنة التعليم بكل صدق واخلاص وأمانة. وبعد تبادل الحديث في مسائل مختلفة انطلق عم الطاهر يحدثنا عن ابنه البطل سامي قائلا: «نال ابني شهادة الباكالوريا خلال الدورة الاستثنائية لسنة 1986 واجتاز الامتحان في ظروف صعبة... وتوجّه بعد ذلك لمواصلة دراسته بكلية 9 أفريل بتونس شعبة علم النفس لكنّه لم يكن شديد التعلّق بهذا الاختصاص وهو ما جعله يفكّر في مواصلة دراسته بالقطر الليبي وفعلا كان له ذلك وكنت قد اسطحبته إلى الحدود التونسية الليبية سنة 1988. وقد قمت بزيارته بمقر اقامته بالجماهيرية وبعد حوالي السنتين أخبرني أنّه ينوي مغادرة ليبيا ولم يحدثني عن وجهته الجديدة لتنقطع أخباره بعد ذلك وتزداد حيرة العائلة عن طول غيابه وكانت والدته أكثرنا لوعة وشوقا لمعرفة أخبار ابنها لذلك طلبت منّي أن نقوم بزيارته لليبيا وفعلا اتجهنا إلى التراب الليبي وقمنا بزيارة مقر اقامته لكنّنا لم نجد سامي، بحثنا وسألنا طويلا لكن دون جدوى فغادرنا الجماهيرية والدموع لم تفارقنا طوال طريق العودة، وتمرّ الأيّام والأشهر وكنّا في كل مرّة ننتظر عودة سامي خاصة اثر زفاف شقيقتيه اذ كان أملنا كبيرا في أن يحلّ بيننا لكن ذلك لم يحدث. ست سنوات من المرارة ثمّ انطلق عم الطاهر يحدثنا بكل مرارة وألم عن الفترة التي امتدّت بين 1989 و1995 وهي الفترة ما بين انقطاع أخبار سامي والسماع بخبر استشهاده، يقول عم الطاهر: «عشنا وعاشت كل العائلة فترات قاسية ذقنا خلالها كل أنواع المرارة نتيجة الاشاعات والكلام الجارح الذي كنّا نسمعه والذي كان يصلنا أحيانا من أقرب المقربين، هذه الاشاعات التي حوّلت ابني إلى مدمن ومروّج مخدرات في أوروبا. اشاعات كادت تفرّق كل العائلة، اشاعات جعلتنا غير قادرين على الخروج من البيت، كانت الأغلبية تنظر إلينا نظرة فيها الكثير من الاهانة والاحتقار. وظهر الحق يواصل عم الطاهر حديثه فيقول لكن في هذه المرّة يتحدّث بكل فخر واعتزاز: «في شهر جانفي من سنة 1995 علمنا بخبر استشهاد ابني سامي وأعتقد ان لم تخني الذاكرة يوم 28 جانفي 1995. هذا الخبر مثل المنعرج في حياة العائلة خبر الوفاة أدخل الحزن الشديد في كلّ أفراد العائلة وخاصة والدته «نورية» وانتابها العديد من الأمراض منذ سماعها بوفاة ابنها. لكن خبر الاستشهاد جعلنا نفتخر بابننا، هو خبر رفع رؤوس كل أفراد العائلة إلى السماء، هو خبر أسكت بل وأخرص كل أصحاب الشائعات وأصحاب النفوس المريضة، أنا الآن فخور وكل العائلة فخورة بسامي، فسامي مات شهيدا ومات مؤمنا بقضية الأمة العربية بالقضية الفلسطينية ليختم السيد الطاهر حديثه بقول الله تعالى «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون». صدق الله العظيم