توقف قلب الشاعر محمود درويش عن الخفقان يوم السبت التاسع من آوت 2008 على الساعة التاسعة والنصف مساءً عن عمر يناهز ال67 سنة، وقد شيع الفلسطينيون يوم الاربعاء جثمان فقيد الثقافة العربية الى مثواه الاخير في مدينة رام الله بعد آن وصل على متن مروحية عسكرية آردنية، وقد جرت مراسم تشييع رسمية لمحمود درويش حيث آبنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمة مؤثرة لتنطلق بعدها الجنازة الى مقر قصر الثقافة بالمدينة آين دفن محمود درويش نبا الى جنب مع الشهيد الرمز ياسر عرفات... وبذلك تكتمل تجربة الشاعر التي اطلقت قبل نصف قرن ، هذه التجربة التي كان لتونس حيزا مهما فيها مكانا وبية فقد ألهمته القصائد وغمرته بحب كبير عبّر عنه درويش في كل مرة يزور فيها تونس ... حب من مثقفيها ومبدعييها ونقابييها وطلبتها وكل من آمن بالكلمة الحرة عالية فوق أسوار الاحتلال والطغيان... تربط الفقيد بالنقابيين وبالاتحاد العام التونسي للشغل وبجريدة الشعب علاقات وطيدة، وقد سبق لنا في «الشعب» أن فاجأناه منذ سنوات بتكريم بسيط تمثل في تخصيص عدد كامل من الملحق الثقافي «منارات» لدراسة تجربته وخصوصيات شعره، وأهديناهُ لهُ ولمحبيه وعموم القرّاء، وقد استحسن الكثيرون هذه البادرة خاصة وأنها تفرّدت من بين مبادرات أخرى أقيمت تكريما للشاعر الكبير، خاصة وأن الفصل صيفا كان حارا مثل هذه الأيام، ونحن نذكر بكل تواضع أن الرجل أُعجب أيما اعجاب بالملحق واقتنى منه نسخة أخذها معه الى فلسطين. صُدمنا كما صُدم الجميع بوفاته... ووجدنا أن أصدق عزاء لنا ولعائلته ولمحبّيه ولمريديه وعشاق الشعر والنثر العالي أن نعيد نشر ذلك العدد الخاص من «منارات» عساها تكون قناديل وشموع تبدد الظلمة التي يمكن أن تحل بنا بعد رحيل العملاق.