أذكر في احد أيّام رمضان أواخر السبعينيات أن اصيبت احدى قريباتي ونحن على وشك الافطار بحرق عميق في يدها من جرّاء زيت ساخن... وبسرعة أخذتها إلى الاسعاف بالمستشفى الجهوي بفصة.. وفي الطريق ضرب مدفع الافطار... وعند الوصول وجدت دار الصحة.. فارغة.. لا بوّاب ولا حارس.. وقاعة الاستعجالي فارغة ولا أحد فيها.. الشيء الذي جعلني التجئ إلى صيدلي في بيته.. وهو بصدد الافطار.. ليسعف مريضتي. وباعتباري مراسلا لصحيفة يومية آنذاك حبرت رسالة في الموضوع.. ويوم صدورها قامت القيامة.. ولم تقعد: الوالي هاج وماج وثار وهدّدني. مدير المستشفى الزميل في عضوية الهلال الأحمر أصبح لا يكلمني.. وتحمّلت بعض المشاكل والعراقيل في أموري الشخصية.. وحتى الرد الذي وقع على صفحات الجريدة كان مهزلة!!! هذه عيّنة من بين الكثير من العيّنات آنذاك وجاءت فترة معيّنة في بداية التسعينيات وجهت عناية خاصة لهذه المؤسسة الصحية صيانة وتعهدا وتجهيزا... ولكن لم تتوجه إلى العقليات.. وإلى الضمير.. وحذق الصنعة والايمان بالواجب والخوف من الله والوطن. والمشاكل كثيرة في هذه المؤسسة.. وهذه عيّنة حديثة جدّا من ذلك احدى المواطنات المسنات واسمها فطوم من سكان حي الدوالي حيث يوجد المستشفى الجهوي أصيبت أخيرا بالزائدة (المصران الأعور) الدودية. وفي المستشفى المومأ اليه أعلموها بعد انتظار لأكثر من ثلاثة أيّام للعملية الجراحية.. ان اصابتها صعبة وغير قابلة للعلاج.. لأنّ «المصران» انفلق في جوفها والمستشفى عاجز عن علاجها؟؟!! وفي صراع مع الاصابة والموت تحمّلت العائلة المحدودة الامكانيات مصاريف نقلها إلى المستشفى الجهوي بسوسة أين كان القبول الانساني والاسراع في العلاج باجراء عملية جراحية واقامتها في الانعاش وتوجيه رعاية مميزة وختم المجهود الانساني بانقاذ انسانة يشهد التاريخ ان الكثير من أحفادها ناضل من أجل الحرية.. وساهم في بناء تونس الحديثة. هذه عيّنة من المشاكل التي يعاني المواطن في مدينة فصة من تلكم البناية الشامخة التي تؤوي المستشفى الجامعي بفصة بمختلف مكوّناته الادارية.. والطبية والشبه الطبية وبتجهيزاته والتي حظيت من طرف رئيس الدولة خلال التسعينيات وأوائل القرن 21 بتجهيزات متطورة.. ومساعدات استثنائية.