يتساءل البعض عن سبب اختيار الجمعية لمحور الصورة الفوتوغرافية لصالون قفصة للفنون التشكيلية في دورته القادمة (9) 2009 معتقدين أن الفوتغرافيا خارجة عن حقل الفنون التشكيلية ولا تتلاءم مع التزام الجمعية بأولوية التعريف بالمبدعين في مجال الفنون التشكيلية من أبناء الجهة حيث تناولت دورات سابقة الفنان الراحل احميدة وحادة وابتكاراته في المنسوج الحائطي والرسام الراحل ابراهيم الضحاك وإبداعاته في فنّ الحفر وبقيت أسماء عديدة تترقب التعريف والتكريم... وللإجابة نقول : إن التصوير الفوتغرافي فنّ حديث يمثل رافدا من روافد الفنون التشكيلية واللافت أن للفوتغرافيا تاريخا عريقا ظهر مبكرا في جهة قفصة تستحق منّا التعريف به وتكريم مبدعيه ... «.. فبُعيد أخذ أول صورة فوتغرافية عام 1826 في قمرة مظلمة واختراع الفرنسي : لويس جاك داغر طريقة التصوير الداغري وتحقيق : وليام فوكس تلبوت مبدأ الصورة السالبة عام 1838 صنع جورج ايستمان آلة التصوير كوداك سنة 1888 وتم اختراع المصباح الومضي سنة 1925 وبذلك اكتملت تقنيات الصورة ومن ثمة ادراج التصوير الفوتغرافي بين الجمهور ..» وتشاء الظروف أن تتزامن مراحل تحقيق ذلك الاختراع والثورة التكنولوجية مع انتصاب الحماية الفرنسية في بلادنا سنة 1881 واكتشاف الفسفاط سنة 1885 من قبل الفرنسي فيليب توماس بجبل الثالجة وتأسيس مؤسسة اقتصادية كبرى سنة 1897 : شركة الفسفاط والسكك الحديدية قفصة التي مثلت قطبا صناعيا مهما بالبلاد التونسية ساهم في تحولات اقتصادية واجتماعية وديمغرافية ملحوظة لم تغب عنها تلك الآلة الساحرة وخلدتها ب 190 صورة فوتغرافية من أعماق الجنوب التونسي التقطها المهندس الفرنسي : جاك ستوكا منها 100 صورة التقطها في ظرف سنتين 1902 1903 ... وترسخت الفوتغرافيا منذ ذلك التاريخ كفنّ وظيفي مارسه الى جانب الوافدين من الأجانب عدد من أبناء الجهة خاصة أن الشركة ألزمت عمالها الذين يعدّون بالآلاف بتوفير صور شخصية لهم ولأفراد عائلاتهم لتثبيتها في ملفاتهم وبطاقات هوياتهم الشخصية مما أنعش هذه الحرفة وبوأ أصحابها مكانة اجتماعية محترمة ووفرت لنا رصيدا فنيّا وتاريخيا لا يمكن تجاهله أو الاستنقاص من قيمته...