لست من اهل الاختصاص في المسائل الفقهية ولكن موضوعات دروس خطبة الجمعة دينية ودنوية لذا فقد رأيت من واجبي الكتابة في هذا الموضوع مشاركة في الارتقاء بالمستوى الدنيوي العلمي للدرس. أبدأ بتقديم معلومات حول خطبة الجمعة استقيتها دون بحث ودون تفضيل من موقع في الانترنات عنوانه «خطبة الجمعة ودورها في تربية الامة» للدكتور عبد الغني احمد جبر مزهر وقد اخذنا منها الفقرات المتقطعة التالية: «تتميز خطبة الجمعة بالاستمرارية والتكرار في كل اسبوع، ففي العام الواحد يستمع المصلي لاثنتين وخمسين خطبة وهذا يمثل مساقا دراسيار كاملا فاذا احسن اعداده كانت اثاره جليلة وثمراته عظيمة (...) وتتميز بتنوع الحاضرين اليها باختلاف مستوياتهم وطبقاتهم العلمية والاجتماعية (...) ومن مقومات الخطيب علمه وثقافته (...) والمناسبة (الحدث) لها اثر كبير في تحديد المنطلق الرئيس لموضوع الخطبة (...) ولابد للخطيب ان يقصد هدفا محددا بالذات من خطبته، وهذا يجعله لا يصعد المنبر بصورة تلقائية رتيبة ليقول ما يخطر على باله (...) وخطبة الجمعة هدفها النهائي الموعظة وتربية الامة (...) ومن الامور التي تساعد الخطيب على اعداد الخطبة واختيار الموضوعات المؤثرة: الاحداث اليومية والاخبار التي يسمعها وما يقرؤه في الصحف والمجلات وما قرأ من الكتب والمؤلفات ومسائل الناس ومشكلاتهم التي يسألونه عنها ويطلبون رأيه فيها (...) ومن المفيد ان يتم اختيار الموضوع في بعض الاحيان بناء على استشارة عدد من المصلين الذين يحضرون خطبه غالبا». لنترك جانبا الامام الكلاسيكي المختص في الدين وهو موظف قار ولن أتدخل في دوره لأني غير مختص في مجاله. في كل درس جمعة وبعد تنسيق واعداد مسبق، اقترح استدعاء متدخل من اختيار الامام ومحل ثقته يكون من بين المواظبين على الصلاة ويكون مختصا في العلم ومتطوعا غير قار لان «من مقومات الخطيب علمه وثقافته» والعلم والثقافة مجموعة اختصاصات لا يمكن ان يلم بها ويتقنها شخص واحد لا سيما في عصرنا هذا ولا يعقل ان يصمت المصلي المختص وهو يسمع الخطيب غير المختص يشرح ويحلل ويعظ ويرشد اثناء الدرس في «مسائل الناس ومشكلاتهم (الدنيوية) التي يسألونه عنها ويطلبون رأيه فيها». على سبيل الذكر لا الحصر، اسوق امثلة تجسم الموضوعات الدنيوية التي يرجى ان يتدخل فيها الضيف اثناء الدرس: 1 ما أحوجنا كلنا لتوصيات خطيب مختص في كتابة عقود البيع والشراء ونحن معرضون يوميا للاحتيال. 2 في افتتاح السنة الدراسية، نأتي بخطيب مختص في علوم التربية يشرح للناس كيفية تهيئة ابنائهم لعام دراسي ناجح. 3) بمناسبة الازمة المالية العالمية نستدعي خطيبا خبيرا في الشؤون المالية يشرح للناس الاسباب والنتائج. 4 اثر انتشار مرض معين في العالم او في البلاد، نرحب بخطيب طبيب في الجامع يطمئن الناس وينصحهم بما يجب فعله في مثل هذه الظروف. 5 في موسم الحج، ندعو خطيبا مختصا في الطب الوقائي يشرح للمرشحين للحج فوائد التلقيح واتقاء الحر. 6 قبل رمضان نستقدم خطيبا مختصا في التغذية يحذر المرضى كبار السن والمعذورين شرعيا من مخاطر الصوم على صحتهم وعلى صحة من يقوم عليهم. 7 قبل فصل الصيف وكثرة حركة السيارات، يفيدنا خطيب خبير في حوادث الطرقات بعلمه وتجربته. 8 قبل موسم الافراح، ينبئنا خطيب خبير في التلوث الصوتي عن مضار ضجيج الاحتفالات. 9 في اختتام السنة الدراسية، نستضيف خطيبا عالم نفس يفسر للأولياء اسباب النجاح والفشل الدراسي وكيفية التعامل مع ابنائنا في كلتا الوضعيتين. لقارئ ان يرد ويقول: «هذه موضوعات محاضرات علمية مختصة تلقى في دور الثقافة والجامعات». ما الضرر لو يصبح «جامعنا» دار دين ومنارة علم في الوقت نفسه. بالله عليك تصور واحلم معي، ولو للحظة بالفائدة التي ستحصل لمواطن تونسي مواظب على خطبة الجمعة (ومن المصلين من لا يرتاد دور الثقافة لانشغاله بعمله ومنهم من لم يسعفه النظام التربوي وظروفه الخاصة في الوصول للجامعة) عندما يتلقى اثنين وخمسين تدخلا علميا ولو لعشر دقائق في مجالات مختلفة خلال سنة على يد مختصين «وهذا يمثل مساقا دراسيا كاملا» تتخرج فيه اجيال وتستفيد. ولقارئ اخر ان يحتج ويتمسك بتراث السلف الصالح فلا يريد تغييرا. في العصور الماضية كانت العلوم قليلة واجتماعها في امام واحد ممكن ونشر العقيدة وترسيخها كان يشغل بالهم اكثر من المسائل الدنيوية والعلمية. انا لا أدّعي ان هذه التدخلات سوف تعوض محاضرات الجامعة او دروس المعهد وهذا غير ممكن عمليا «لتنوع الحاضرين اليها باختلاف مستوياتهم وطبقاتهم العلمية والاجتماعية» ولقصر زمن الدرس. لو طبقت هذه المبادرة فسوف ترسي ثقافة شعبية سمعية نفسية وتربوية وصحية وحقوقية مبسطة لكن صحيحة لانها صادرة عن مختصين نحن في اشد الحاجة اليها خاصة في مجتمع ابتعد كثيرا عن القراءة والثقافة. تفتح هذه المبادرة المجال للعمل الخيري وتؤسس لنمط جديد من التطوع العلمي يعطي فرصة لأصحاب المعرفة وجلهم متوسطي الدخل في بلادنا حتى يتصدقوا بما يملكون والعلم هو الكنز الوحيد الذي يزيد كلما أنفقت منه. خلاصة القول: عزيزي القارئ، انا لست داعية دينيا ولا سياسيا بل انا مواطن بسيط مثلك اعرض عليك وجهة نظري المتواضعة جدا والمختلفة جدا عن السائد ان تبنيتها أكون سعيدا جدا وان نقدتها أكون أسعد لأنك ستثريها باضافة ما عجزت انا عن ادراكه وان رفضتها فيشرفني ان يصبح لفكرتي معارضون. محمد كشكار دكتور في تعلمية البيولوجيا متخرج في جامعة تونس