إذا كان هناك سمة تنفرد بها منظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل فهي حتما وفاءها لرموزها الرواد وتعاطيها معهم بمثابتهم أعلام نقابيون ووطنيون لا يمكن ان يغيبهم الموت لأنهم ماثلون في الذاكرة النقابية والوطنية على الدوام. هذا المبدأ جسده أحسن تجسيد المكتب التنفيذي الجهوي بسوسة الذي أراد استباق احياء ذكرى استشهاد الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد بتكريمه في لحظات نقابية حميمية يطغى فيها فعل الوفاء المجسد بامتياز، على فعل الموعظة والكلام. وتصوروا معي حجم السعادة الذي غمر النقابيين والشغالين في جهة سوسة وهم يلتحمون في مشهد مؤثر بالأخ المناضل عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي حل بالاتحاد الجهوي مرفوقا بالاخوة الأمناء العامين المساعدين ليكونوا إلى جانب أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي يتقدمهم الأخ محمد الجدي الكاتب العام للاتحاد في استقبال أرملة الشهيد حشاد العظيم فكانت لحظة فاضت نبلا عنوانها « منتهى الوفاء لحشاد العزة والإباء « وقد تضخم هذا الوفاء وبلغ مداه أكثر في قاعة الاجتماعات الكبرى بدار الاتحاد الجهوي التي غصت بالنقابيين والشغالين حين انطلقت فعاليات تكريم حشاد العظيم في شخص أرملته الفاضلة وتسليم عائلة الشهيد حشاد هدايا تذكارية قيمة باسم نقابات مختلفة في الجهة ومن الاتحاد الجهوي وكل ذلك عربون وفاء وإخلاص لزعيم فذ أحب سوسة فأحبته واخلص لها فأخلصت له وأعطاها بلا حساب فأعطته وجدان النقابيين والشغالين وأقسمت باستشهاده ان تظل على العهد وفية لخطه النضالي والتحرري على الدوام. وعلى إيقاع هتافات العزة والكرامة وتمجيد الاتحاد التي لم يتوقف الحشد الكبير من النقابيين والشغالين عن ترديدها داخل القاعة إكبار لتضحيات الشهيد فرحات حشاد . كانت كلمات الأخ المناضل عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل تنزل بردا وسلاما على أفئدة الحضور وتحيي في النفوس فيضا كبيرا من مبادئ زعيم خالد على الدوام هو حشاد العظيم. ومن أروع ما جادت به قريحة الأخ المناضل عبد السلام جراد قوله « حشاد هوا لمبادئ.. والمبادئ هي حشاد .. وتعلقكم بحشاد هو علامة مضيئة في تاريخ الاتحاد « وذلك قبل ان يبادر برفع يد أرملة الشهيد العظيم لرد التحية بأجمل منها على الجمع الغفير داخل القاعة فكانت لحظات تاريخية انفرد بها الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة وأسست لحقيقة قديمة جديدة شعرنا بها جميعا داخل القاعة والأخ الأمين العام يتحدث وهي « حشاد بيننا ..حشاد هنا « (انظر ص 3) حتى اللغة احتفلت بحشاد بعد هذا التكريم النقابي على أعلى مستوى الذي حضي به الشهيد حشاد، لم يتوقف الاحتفاء به عند هذا الحد بل امتد ليشمل اللغة العربية التي قدمت لنا حشاد في نصوص مميزة ومعاني بليغة ومؤثرة وأصرت ان تكون عنوانا بارزا في الاحتفال . بالله عليكم هل رأيتم زعيما مهما علا شانه استأنست وجرت خلفه اللغة، نعم حدث هذا مع حشاد لأنه كان يحمل روح معاناة الأدباء والكتاب والشعراء وعاش مخلصا أمينا للغتنا الأم وأثرى اصطلاحاتها الغوية بمقولة لا يجود بها أي كان وهي « احبك ياشعب « فجاءت اللغة بدورها اليوم لتبادله الإخلاص والحب والوفاء بكل حروفها ونقاطها وحركاتها وفواصلها البليغة ولتبثه أحلى القصائد والكلام ، علما ان أروع نص شعري استمعت إليه وأعجبني كان ذلك الذي حمل صورة معبرة جدا لأرملة الشهيد العظيم حشاد وهي تسند جائزته للشعر التونسي. مرة أخرى أقول هنيئا للنقابيين الشعراء بنجاح ملتقاهم ..هنيئا لأنهم أشعرونا ان شعرا نقابيا غزيرا على هذه الأرض يستحق القراءة.. هنيئا لان هناك جريدة تحمل اسم الشعب أعادت لنا حشاد من باب الشعر وسمحت للنقابيين والشغالين بمبايعته من نافذة القصيدة. في اللقاء النسائي النقابي المغاربي الأول بسوسة :امرأتنا التي نريد في مشهد مازال قائما على التمييز في خضم الخطابات المختلفة التي جعلت من المرأة موضوع سوسيو وجودي يبرز الخطاب النقابي التونسي ، خطاب الاتحاد العام التونسي للشغل بمثابته الخطاب الأكثر تعمقا وتغلغلا في ثنايا وتفاصيل هوية هذا الكائن ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا بالخصوص. وقد ترسخ لدي هذا الانطباع أكثر بعد حضوري اللقاء النسائي المغاربي الأول الذي احتضنته مدينة سوسة من 26 إلى 30 نوفمبر 2008 والذي شاركت فيه أخوات من فلسطين والمغرب والجزائر و كاتالونيا إضافة إلى الاخوة المكونات من الجزائر والاتحاد العام. هذا اللقاء افتتحه الأخ الأمين العام بكلمة ممنهجة وفي غاية التناسق مع جدول أعمال اللقاء واهم ما ميزها هو تلك المدلولات النقدية الواضحة والصريحة التي تضمنتها وعرت بوضوح أسباب عدم تواجد المرأة النقابية في المشهد النقابي وطنيا وعربيا بالنسبة المأمولة. وقد حصر الأخ المناضل عبد السلام جراد هذه المعوقات في مسالة العقلية الذكورية العربية وقتل روح المبادرة والإبداع لدى المرأة تكريسا لما تنادي به الثقافة الرجعية وإقامتها لحدود فاصلة بين الجنسين وحصر العمل الذي يمكن ان تقوم به المرأة في مجالات معينة دون أخرى بدعوى أنها لا تتماشى وخصائصها الفيزيو- بدنية. كلمة الأخ الأمين العام اعتبرتها المشاركات في اللقاء خارطة طريق واضحة المعالم للدفع بالمرأة نحو مواقع المسؤولية النقابية ونفض الغبار عن الإمكانات الكامنة بداخلها شريطة إيمانها بقدراتها أكثر ومواصلتها خوض نضالها من اجل ان تكون امرأة حرة ومتحررة من القيود الثقافية البالية التي تمنع بروزها وتألقها. الأخ محمد الجدي : لنعمل معا من اجل كيان نسائي نقابي مكتمل الحقوق والهوية الأخ محمد الجدي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بسوسة كانت له بدوره كلمة على هامش افتتاح اللقاء رحب من خلالها بحرارة بالأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد والأخ محمد شندول الأمين العام المساعد وكذلك بضيفات جهة سوسة المناضلة من النساء النقابيات العربيات والاخوة المكونات . وقال ان احتضان جهة سوسة لهذا اللقاء النسائي النقابي المغاربي الأول يتضمن بين طياته دليلا قاطعا على الأهمية التي توليها منظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل للمرأة النقابية ككيان إنساني مكتمل الهوية على كل الأصعدة النفسية والسوسيو اقتصادية. وأضاف لذلك تطرح مسالة عزوف المرأة عن العمل الجمعياتي وخصوصا في المنظمات النقابية العربية من قبل اتحادنا العظيم بمثابتها مسالة ملحة يتداخل فيها واقع المرأة حاليا بكل المعوقات التي تكبله بالتصور المنهجي الذي تحمله منظمتنا والذي يهدف إلى بالأساس إلى تغيير واقعها المثقل بالاضطهاد والمحرمات ومنطق اللا وذلك بمساعدتها على استعادة كل حقوقها المسلوبة وجعلها امرأة فاعلة قادرة إضافة على الانخراط في المنظمات النقابية العربية على تحمل المسؤوليات في هذه المنظمات وتقلد مناصب قيادية. ونوه ضمن هذا الباب بسياسة الاتحاد العام التونسي للشغل القائمة على المساواة بين المرأة والرجل وعدم الفصل بينهما مع تمكينهما من كل الآليات التي تجعل من مهمة تقديمهما إضافة نوعية ومعتبرة للاتحاد أمرا مؤكدا. ودلل على هذا الأمر بنسبة النساء النقابيات المنخرطات في اتحادنا وطالب بضرورة تكثيف الجهود على مستوى كل الاتحادات العربية للبحث عن سبل عملية تكون قادرة على الترفيع في هذه النسبة وتأخذ بعين الاعتبار خصوصية الوضع الاجتماعي والاقتصادي العالمي . وقال ان العولمة والرأسمالية المتوحشة وما ينشان عنهما من كوارث يومية على مستوى الترفيع في نسب البطالة والعمل اللا نمطي يؤثر بشكل أو بآخر على مستوى انخراط الرجل في العمل النقابي فما بالنا بالمرأة. واعتبر الأخ محمد الجدي تبعا لذلك إننا كنقابيين عرب مسؤولون عن هذا الملف الحساس وعن مواجهة ثقافة تحريمية غايتها الأساسية سلب إرادة المرأة العربية وحصرها بين اربع جدران ووجدت خصيصا لخلق حالة من اللا توازن بين الجنسين وتحسيس المرأة بدونيتها مقارنة بالرجل وقال هذه هي الخطورة بعينها. الأخ محمد الجدي وفي إبراز لواقع المرأة النقابية العربية التونسية في جهة سوسة قدم للحاضرات جملة من المعطيات النضالية للمرأة النقابية في الاتحاد الجهوي وتواجدها في النقابات الأساسية والفروع الجامعية والنقابات الجهوية وابرز تحمسها الشديد للدفاع عن الاتحاد وتشبعها بالمبادئ النضالية النبيلة للمنظمة. كما استعرض أمام المشاركات لمحة عن نشاط مكتب المرأة العاملة في الجهة ووصف هذا النشاط بالنوعي والمهم. ورشات عمل في الاتحاد الجهوي على مدى يومين كاملين كانت وجهة النساء المشاركات في اللقاء النسائي المغاربي الأول هي دار الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة الذي استعد كما يجب لاستقبال ضيفات الاتحاد العام ووفر لهن ثلاث قاعات احتضنت جميعها ورشات عمل صباحية ومسائية للمشاركات اللاتي أبدين « للشعب « ارتياحهن العميق لحفاوة الاستقبال وانبهارهن بالظروف التي دارت فيها الو رشات والتجهيزات التي وضعها الاتحاد على ذمتهن. وقد كانت للأخ نورالدين الغماري الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي المسؤول عن الاعلام والنشر كلمة رحب من خلالها بالمشاركات في دار الاتحاد وقدم لهن لمحة موجزة عن تاريخ الاتحاد الجهوي ومختلف نضالاته من اجل نصرة الشغالين والدفاع عن حقوقهم وقدم لهن لمحة عن عديد المواقف المشرفة للاتحاد الجهوي بخصوص القضايا القومية وأهمها قضيتنا الأم قضية فلسطين والعراق وندد باستهداف دول عربية أخرى والتدخل في شؤونها الداخلية وتمنى للمشاركات كل النجاح في هذا اللقاء الذي يعكس ايمان اتحادنا العظيم بالمرأة النقابية كشريك فاعل في المنظمة مثله مثل الرجل. « دوائر الشغل والنزاعات الشغلية «: محور اهتمام مدرسة حشاد اهتمت الحصة التكوينية الأخيرة لسنة 2008 في مدرسة حساد للتكوين النقابي بمحور مهم وحساس وهو « دوائر الشغل والنزاعات الشغلية « وقد قدم الدرس الأخ محمد الجدي الكاتب العام للاتحاد الجهوي الذي اعتمد في تحليله لحيثيات الموضوع النزاعات على عديد الحالات الحاصلة على ارض الواقع الشئ الذي ساعد المتكونين على فهم عديد الفصول القانونية ومعها الآليات الضرورية الواجب إتباعها في مختلف مراحل النزاعات.