ورغم جهود منظمة الوحدة الافريقية في تسوية الوضع بين البلدين والتي أسفرت عن اتفاقية بل «مذكرة تفاهم» في شهر اكتوبر سنة 1967 وغيّرت الوضع ايجابيا الا انّ كينيا كانت تقف دائما الى جانب أثيوبيا.. وخصوصا في النزاع الحربي الذي اندلع بين الصومال وأثيوبيا حول إقليم «الأوغادن» سنة 1977 اذ كانت ترفض مرور المساعدات الى الصومال عبر آراضيها... والأوغادن هو منطقة صحراوية يقدّرها البعض بخمس مساحة اثيوبيا ويقطنها اكثرية صومالية في «هود» أمّا «آبو» و»عروسي» و»باليش و»سيدامو» فإنّ الصوماليين يختلطون مع «الأورومو» (الجالا) الذين يمثلون أغلبية في أثيوبيا.. وتشكّلت مقاومة تحريرية للاقليم عرفت باسم: (جبهة تحرير الصومال الغربي) سنة 1961 وظلّت تقاوم بدعم من الصومال إلاّ انها تلاشت ثم أعادت بناء نفسها في سنة 1976 وشكّلت جناحين بكل من (الأوغادن) و(آبو) ومن شعارات هذه الجبهة «نحن نقاتل على أرضنا من أجل أرضنا». وبفعل هذه الجبهة والمطالبة المتكرّرة من طرف الصومال اندلعت حروب بين البلدين: في سنة 1964 حصلت اشتباكات عسكرية، ولكنّها توسعت وصارت أكثر ضراوة في سنة 1977 وبادر بالحرب الجانب الصومالي.. إذ بادرت المقاومة في جبهة تحرير الصومال ثمّ دعّمها الجيش الصومالي فتحرّر اكثر من 80 من مساحة إقليم الاوغادن ودامت الحرب 8 أشهر، ولما توقف الصومال، هاجمت أثيوبيا القوات الصومالية في فيفري 1978 فتراجع الجيش الصومالي في مارس 1978... وسبب تراجع الصومال في هذه الحرب توقّف المساعدات والامدادات العسكرية اليه إذ أنّ أثيوبيا الماركسية وقف معها المعسكر الشرقي كلّه بقيادة الاتحاد السوفياتي ودعّمها الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدةالامريكية لانها تدين بالمسيحية.. بالاضافة الى ذلك منظمة الوحدة الافريقية منذ تأسيسها تؤكّد على «واجب قبول الحدود التي خلّفها الاستعمار» بين الدول الافريقية لذلك لم تجدْ بدّا من قبول الامر الواقع، وظلّ التوتّر سائدا الى ان كانت الحرب الاهلية ودخول اثيوبيا الاراضي الصومالية بدعم من الولاياتالمتحدةالامريكية التي فشلت في التدخل في هذا البلد.. لكنّ المقاومة الصومالية بمختلف أطيافها والتي أفشلت مخططات الولاياتالمتحدةالامريكية نراها اليوم تفشل المخططات الجديدة التي جعلت من اثيوبيا (رأس الحربة) لاحتلال الصومال.. الاّ أنّ وضعها الاقتصادي والاجتماعي والعسكري لا يسمح لها بخوض حرب في الصومال... ولذلك قرّرت الخروج من هذا البلد رغم غضب حلفائها عليها... المهمّ إنّ استعراض التّاريخ يؤدي بنا الى نتائج نذكر بعضها: الموقع الجغرافي للصومال ووجوده بالقرب من باب المندب، والاشراف على البحر الاحمر من ناحية والمحيط الهندي من ناحية ثانية، يجعله هدفا للاطماع الاستعمارية وهو لعمري موقع ثمين باعتباره يقرن القارة الافريقية بالقارة الاسيوية وبالبحر الاحمر والمحيط الهندي وهذا ما تفتقر اليه الدول العظمى.... انشغل العرب بقضية فلسطين وتركوا هذا البلد تمزّّقه أطماع الاستعمار وتخرّبه الحروب مع دول الجوار وتهدّه الحروب الأهلية، وجامعة الدول العربية لا تعرف عن أوضاعه شيئا.. كما أنّ الدول العربية غير مهتمة به. تخلّى العرب عن الصومال سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتنمويّا إجمالا.. واجب العرب التدخل الحازم بقرار مستقلّ لا تمليه الدوائر الامريكية والاوروبية لتهدئة الوضع الداخلي بالصومال وايجاد الحلول التي ترضي الجميع ويتفق عليها الجميع... ثم ضخّ بعض الاموال للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير التعليم لأبنائه والدواء للشعب واستثمار الارض هناك وخلق مواطن الرزق للشعب وواجب العرب توفير الامكانيات الضرورية لتعليم اللغة العربية وتثقيفهم دينيّا، ومنح هذه الدولة العربية، عضو جامعة الدول العربية، الموقع الذي يناسبها في المحفل العربي والدولي... دعم الصومال كدولة مستقلة وموحّدة وهادئه ومستقرّة دون حروب اهلية في مطالبتها باسترجاع اراضيها الموزّعة على دول الجوار بفعل الاستعمار الفرنسي والبريطاني.. لكن قبل تحقيق هذا، تبقى الحروب بين الصومال وأثيوبيا تندلع حينا وتهدأ حينا، ويبقى المستقبل مجهولا. (الجزء الثاني) المراجع: د. عبد السلام ابراهيم بغدادي: الوحدة الوطنية ومشكلة الأقليات في إفريقيا. الصادق نيهوم: وطننا الشركة العامة للنشر والتوزيع والاعلان ط 3: 1977 د. حسين مؤنس: الاسلام الفاتح عن الزهراء للاعلام العربي قسم النشر ط 1 1987. د. عبد الشافي غنيم عبد القادر ود. رأفت غنجي الشيخ: قضايا اسلامية معاصرة عالم الكتب القاهرة 1980.