حذار أن تضرب موعدًا مهما مع هذا أو ذاك.. حذار أن تحاول قضاء شأن من شؤونك. حذار أن تعد أبناءك باصطحابهم إلى احدى الحدائق العمومية... حذار أن تقرّر زيارة عائلة قريبة أو صديقة.. حذار أن تذهب إلى احدى الأسواق.. حذار أن تفعل كل ذلك أيّام الأحد والعطل الا إن كنت تملك سيارة، اما إن كنت تستعمل وسائل النقل العمومية فلا تفعل ذلك لأنه بالإمكان أن تقضي يوما كاملا بين انتظار الحافلة والذهاب والاياب، ولأنّ نقل تونس ونقل صفاقس وبقيّة الشركات الجهوية تتعطّل حافلاتها وتركن إلى الراحة، ولأنّ المشرفين عليها يظنون أن مستعمليها هم فقط من الموظفين والعمّال والتلاميذ والطلبة، وأنّ يوم الأحد ليس يوما من أيّام الأسبوع بل هو يوم راحة، ويوم المكوث بالبيوت، وهو يوم النوم والاسترخاء وهم لايعرفون أنّ عددا كبيرا من المواطنين يشتغلون ويدرسون ويقضون شؤونهم يوم الأحد والعطلة، ولو أنّ المسؤولين قاموا بجولة بين المحطّات فإنّّم سيكتشفون أنّها تعجّ بالناس في انتظار الحافلة التي لا تأتي، نعم بإمكانك الانتظار ساعة وأكثر مهما كان رقم الحافلة وأيّا كانت الوجهة التي تقصدها، فسوف تتأخّر عن موعدك، وسوف تغضب زوجتك وتثور لأنّك تأخرت في اقتناء ما تحتاجه لإعداد طعام الغداء، وسوف يندم أبناؤك على الخروج صحبتك لمرافقتهم إلى الحديقة أو إلى مدينة الألعاب.. وسوف ينتهي وقت الزيارة ان كنت قاصدا هذا المستشفى أو تلك المصحة لزيارة مريض، وسوف لا تتمكّن من القيام بواجبك في حضور جنازة قريب أو صديق وتقديم التعازي، لأنّ النقل عندنا لا يعترف بالمرض والموت وقضاء الشؤون وزيارة الأقارب وخروج الأطفال للنزهة. انّ الوقت الذي تقضيه في انتظار الحافلة هو الوقت نفسه الذي يقضيه المسافر بالطائرة من تونس إلى روما أو باريس أو بروكسال والذي يقوم بكل الاجراءات من رجال الشرطة وأعوان الجمارك للوصول إلى البيت أو النزل الذي سيقصده وأنت.. أنت مازلت واقفا بالمحطة في انتظار الحافلة لتقطع بك ثلاثة أو أربعة كيلومترات فقط سواء حافلة المنار والمنزه وحي الزهور والمروج بتونس العاصمة أو «كار» البستان وحشاد وساقية الزيت وحي الحبيب بعاصمة الجنوب صفاقس أو حافلة بوحسينة وحي الرياض وسهلول والقنطاوي والقلعتين بجوهرة الساحل سوسة، أو الحافلة التي تحملك إلى شط سيدي عبد السلام أو المنزه أو سيدي بولبابة أو طبلبو بابس... وهكذا تنسج بقيّة الزميلات من الحافلات على منوال وسائل النقل التي ذكرت. تصوروا أنّ الحافلات الخضراء وغيرها من التي تملكها شركات النقل الخاصة لا تشتغل أيّام الأحد والعطل وهذا لا يحدث الاّ عندنا في تونس، فمن حق الأعوان ان يتمتعوا بيوم راحة بالتناوب مثلا،لكن ليس من حق الحافلة الركون إلى الراحة، وحتى ان كان ذلك للقيام بعمليات الصيانة والتفقد فيمكن ان يتمّ بالتناوب أيضا. وما على المسؤولين بشركاتنا للنقل عند سفرهم للخارج إلاّ ان يتمعّنوا جيدا حتى يلاحظوا انّ السفرات في كامل عواصم ومدن العالم عادية يوم الأحد والعطل الرسمية هذا ان لم يقع تكثيفها وليلاحظوا من حين لآخر مرور وسيلة نقل فارغة من الركاب، ولكن لابد لها أن تشتغل، لأنّهم هناك يحترمون حرفاءهم ولأنّهم يؤمنون ان النقل هو شريان الحياة، فرفقا بحرفائك يا شركات نقلنا التونسية.