في أواخر سنة 2008، وفي مدينة الكاف تحديدا، وضمن فعاليات الدورة الرابعة لبينالي «المسرح يحتفل بالسينما» التي دأب المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف على تنظيمها بإدارة المسرحي معز حمزة مرّة كل سنتين توازيا مع أيام قرطاج السينمائية، عرفت الكاف في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر الماضي حدثا ثقافيا بارزا لايزال المهنيون والمسرحيون يتحدثون عنه بإطناب إلى اليوم، حينها التقى بكاف المسارح خطان متوازيان قلّما اجتمعا على طاولة نقاش واحدة منذ سنوات من التقاطع حينا والتوافق أحيانا، إنّهما الوجهان المسرحيان الكبيران لتونس المسرح الجديد والسينما المغايرة في بدايات الثمانينيات من القرن الماضي الفاضلان الجعايبي والجزيري اللذان تحدّثا يومها للجمهور العريض عن تجربتيهما في الإخراج المسرحي والاخراج السينمائي فكان النقاش حارا كحرارة التجربتين. بعد هذا اللقاء الاستثنائي لقطبي المسرح والسينما في تونس بمدينة الكاف تساءل الجميع عن ثمرة هذا اللقاء، ولم تطل انتظارات المولعين بالمسرح كثيرا، حيث جاءت الإجابة سريعا من خلال برمجة العرض المسرحي الحدث للفاضل الجعايبي بالمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف، «خمسون» للفاضل الجعايبي وجليلة بكار وفاطمة بن سعيدان وجمال المداني.. ستعرض مساء السبت الثامن عشر من شهر أفريل الجاري بقاعة العروض الكبرى للمركز. وهو حدث لا يقلّ أهمية عن جملة الأحداث والنجاحات التي ما انفكّ يحققها المركز في النهوض بالمجال المسرحي في تونس عامة وفي الكاف خاصة، فبعد النجاح الباهر لتظاهرة «24 ساعة مسرح دون انقطاع» بالكاف في دورتها التاسعة المنتهية منذ فترة وجيزة والتي قدّمت هذه السنة كعادتها باقة متنوعة من فنون الفرجة المسرحية من دول عربية وأجنبية جاوز مجموعها الثلاثين عرضا، لتصنع الكاف ومرّة أخرى الحدث من خلال مسرحية «خمسون» للفاضل الجعايبي. المسرح في الكاف حالة ابداعية لا تتوقف على مدار العام، تتحاور حينا وتتجادل أحيانا وتصنع الحدث دائما، ممّا يضفي على احتفالية تونس هذا العام بمائوية مسرحها العريق رونقا خاصا، فعرض «خمسون» للجعايبي بمدينة الكاف تتمة لمقولة آمن بها منظمو واداريو المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف منذ انبعاث المسرح بالمدينة «أنّ المسرح لا ينام في الكاف».