واحدا واحدا يتسلل الأصدقاء بعيدا... واحدا واحدا يمضي الرفاق الى غير رجعة... فجأة... عانق أحمد (1) شمس المغيب على ضفة الأطلسي ومشى مضرجا بشفقها... فلم يتوقف نزيف القلب منذئذ... وفي لحظة ما تسلل نور الدين (2)، يدفعه الحنين، لينام نومة الأبدية الى جانب والده في ذلك القفر الذي لا تنفك تلفحه أضواء شمس الجنوب الساطعة... ومنذئذ لم يخب الألم اللاّهب في الأعماق... واليوم تحرق أنت مراكبك، كما فعل ذات يوم طارق على شواطئ الجنان الأندلسية التي حلّ بها غازيا بينما حللت عاشقا، لتتنفّس آخر نسمة هواء قبل أن يتوقف قلبك المعنّى عن الخفقان الى الأبد... واحدا... واحدا... تمضون أيها الأحبة... واحدا... واحدا... تتسللون لتتركوا في دنيانا فراغا لا يمتلئ أبدا... في الأفواه تتحجر الكلمات ليصبح لها طعم الحنظل... وفي المآفي تنحبس الدموع لتصبح لها حُرقة الرصاص المُذاب... عبثا تغدو قصائد الرثاء... وعبثا تمسي عبارات التأبين... إلينا يعيدونك اليوم جسدا ظلّت روحه مقيمة، الى الأبد، في جنان الأندلس الخالدة... فليرفرف جناحا روحك الشاعرة مع نسمات الصباحات الندية على صفحة الماء ولتمرح بين الأزهار والأشجار على ضفتي الوادي الكبير... وليسترح جسدك المنهك على أكتاف رابية مطلّة على مجردة المنساب بشوقه الأبدي لمعانقة البحر... ولئن خلا اليوم منك مجلسنا.... فإن ذاكرتنا ستظل تحتضنك حتى ننتهي الى حيث انتهيت. فجر الثلاثاء 5 ماي 2009 (1) أحمد بن عثمان