عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل - اليوم آخر أجل لدفع معلوم الجولان لهذه السيارات    ربط أكثر من 3500 مؤسسة تربوية بشبكة الألياف البصرية ذات التدفق العالي بالأنترنات    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل/ في نشرة متابعة: تقلبات جوية وامطار رعدية بعد الظهر بهذه الولايات..    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    عاجل/ منخفض جوي شبيه بمنخفض جانفي وفيفري..هكذا سيكون الطقس خلال الأيام القادمة..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    حكم قضائي في حق اجنبي متهم في قضية ذات شبهة ارهابية    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    فرص واعدة للمؤسسات التونسية في FITA2025: تونس تستقبل القمة الإفريقية يومي 6 و7 ماي 2025    عامر بحبة: أسبوع من التقلبات الجوية والأمطار الغزيرة في تونس    عاجل : دولة عربية تعلن عن حجب 80% من الحسابات الوهمية    محرز الغنوشي: حرارة صيفية الظهر وأمطار منتظرة    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق وإصابة مرافقه    مفتي السعودية يوجه رسالة هامة للحجاج قبل انطلاق الموسم بأيام    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    ترامب يأمر بفرض رسوم بنسبة 100% على الأفلام غير الأمريكية    الرحيلي: الأمطار الأخيرة أنقذت السدود... لكن المشاكل الهيكلية مستمرة    من الثلاثاء إلى الخميس: انقطاع مياه الشرب في هذه المناطق بالضاحية الجنوبية للعاصمة    حصيلة المشاركة التونسية في البطولة العربية لألعاب القوى بالجزائر: 19 ميدالية....    ترتيب لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع..    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    باكستان تصعد حظرها التجاري ضد الهند    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    بوسالم.. فلاحون يطالبون بصيانة و فتح مركز تجميع الحبوب بمنطقة المرجى    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    وزارة العدل توضّح    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    بوشبكة.. حجز أجهزة إتصال متطورة لدى اجنبي اجتاز الحدود بطريقة غير قانونية    الليلة: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 25 و29 درجة    دخل فرعا بنكيا لتحويلها.. حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مداخلة الأستاذ «توفيق بكار»في ندوة المسعدي
نشر في الشعب يوم 06 - 06 - 2009

يسعدني أن يكون هناك لقاء حول تاريخ تونس الحديث بين العمال ورجال الثقافة، وان يتجدد هذا اللقاء، وتقودني الذاكرة في مثل هذه المناسبات ومن خلال مطالعاتي لكتاب «العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية» للطاهر الحداد» الى أول لقاء بين حركة الجماهير والمفكرين ودور هؤلاء المفكرين في ربط الصلة بينهم وبين المجتمع التونسي وذلك «بالمعاضدة ولمّ المعونة» حيث لابد للمثقف ان كانت له آراء ان يمتحنها في دنيا الواقع ومع الشعب، وكما التقى الطاهر الحداد والدرعي والمدني ومحمد علي بالعملة كان الاتحاد العام التونسي للشغل فضاء التقى فيه المسعدي بالعمال، وفي هذا الفضاء التقى جيلنا عندما تأسست نقابة التعليم العالي والبحث العلمي بجماهير العمال بحيث كان اللقاء يتم جيلا بعد جيل بين العاملين بالفكر والعاملين بالساعد، وقد كان كبار المثقفين ملتحمين بالطبقات الاساسية، وتاريخ الأمم كله تواصل مستمر بين الفكر والفن والعامل بالساعد في بناء الحياة المدنية.
ومحمود المسعدي عرفناه نقابيا وعرفناه أديبا ومفكرا، والرجل كتب السدّ قبل معاشرة وملامسة الناس في فضاء جماهيري، ومن يقرأ: حدّث أبو هريرة قال يرى في أبي هريرة الصورة المثلى التي كان يريدها محمود المسعدي لنفسه و «أي مصير يختار؟» وفيه اشارات تدل على مقاصده القصوى مما يكتب، كل ذلك قبل ان يخوض تجربة العمل السياسي والعمل النقابي ومن ابرز ما كان يرجوه وينظّر له في هذا الاثر «مسؤولية الفرد عن مصيره» والفرد التونسي الواعي يومئذ كان يشعر ان عليه المغامرة في الحياة لتحقيق الوجود على أسمى وجه ومن ينصت الى اصوات المثقفين التونسيين يومئذ يجد بينهم تجاوبا في هذا الشأن، فالشابي يقول:
ليت لي قوة الأعاصير يا شعبي
فألقي اليك ثورة نفسي
ومحمد علي دعا العمال الى التعاون والانخراط في العمل الجماعي ودعا الحداد الفرد الى «تأصيل نفسه في الواقع على أمل ان يغير ما بالواقع بالعمل»، واعتبر المسعدي بأن «الوعي إدراك ما نحن عليه والفعل ادراك ما ننشد من تغيير»، وفي حديث العدد: «البعث الاول رديف النهضة ورديف الاحياء»، والشعارات الرائجة يومئذ تدعو الى اليقظة والى البحث والى الفعل، لذلك كان المسعدي يردد في كتاباته القيم الشائعة في ذلك العصر والتي تستهدف سائر الميادين والامر اوضح في السدّ، فغيلان محرّك السواكن، يحرّك الثيران يبتغي إحياء النفوس لقد كان المسعدي شاعرا حدسيا بضرورة الفعل بل كان ذا مشروع واضح، وجد كغيره من المثقفين والنقابيين الجماهير المنخرطة في الاتحاد العام التونسي للشغل القوى الحاملة للمفاهيم الشخصية والجماعية.
وجاء الاستقلال فانبرى يحقق مشروعه وتمتع ابناء العمال بحق التعليم المجاني، وأسندت المنح الجامعية لمن واصل تعليمه العالي وحقق الرجل ما كان يحلم به، مثله مثل غيلان وهو يحلم ببناء السدّ ومثل أبي هريرة ذاك الذي يريد لفّ أحياء العرب حول التعاون وحول البناء.
الرجل ربط نضاله وفكره بالمعارك التي خاضتها الطلائع المثقفة منذ أوائل القرن لتعميم التعليم، لقد أسس الاستعمار مدرسة وحيدة لتعليم التونسيات بتونس، انها مدرسة نهج الباشا التي كانت غايته من انشائها غرس الفكر الاستعماري في عمق المجتمع التونسي وذلك الى جانب الغايات العلمية التي لا مناص منها للإغراء بهذا الفكر، وتأسست مقابل ذلك المدارس القرآنية منذ أوائل القرن والتحق المتخرجون منها بالتعليم الزيتوني، وظهرت الحاجة الى اصلاح هذا التعليم بالتفتح على العلوم العصرية ونُظمت المظاهرات والاعتصامات في سبيل ذلك حتى اصبح تعميم التعليم مطلبا شعبيا الى ان جاء محمود المسعدي وهو رجل ميدان الى جانب كونه رجل فكر وابداع فجعل من هذا المطلب الشعبي أمرا ممكنا، لذلك نحن نقف اليوم على انجازاته الميدانية ولذلك وانصافا لتاريخنا لا ينبغي ان يصبح المسعدي ومن خلال أدبه، مجرد مادة لامتحان الباكالوريا يقرأ لغرض النجاح، لأن المسعدي سيحنّط حيئذ، ومن يريد ان يستفيد من محمود المسعدي عليه أن يستلهم من اسباب ابداعه لا شكل ابداعه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.