يقف المطبخ السياسي المحيط بالرئيس الفلسطيني محمود عباس باهتمام بالغ أمام المكان الذي انطلقت منه التصريحات الأخيرة والمثيرة للرجل الثاني في حركة فتح فاروق القدومي وهو العاصمة الأردنية عمان، فيما تثير تساؤلات طرحتها رام الله عبر أصدقاء لها من سياسيي الأردن شهية المراقبين حول «أزمة صامتة» ومفصلية بين عباس وسلطته والحكومة الأردنية تترجمها تعليقات القدومي الأخيرة والساخنة. وأبلغ القيادي في السلطة الفلسطينية صائب عريقات شخصيات سياسية وبرلمانية أردنية أمس بان سماح عمان للقدومي بالإدلاء بتصريحاته الأخيرة انطلاقا منها استوقف أركان الرئيس عباس أكثر من مضمون هذه التعليقات التي قرئت رئاسيا على أنها محاولة لمنع المؤتمر الحركي الذي سيعقده عباس في الرابع من آب المقبل من تجريد القدومي من لقبه الوحيد المتبقي له عمليا وهو أمانة سر اللجنة المركزية لحركة فتح. ونقل عن عريقات قوله بان تمكن القدومي من عقد مؤتمر صحافي هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة في عمان أصبح السؤال الأكثر أهمية بالنسبة للقيادة الفلسطينية، وأن هذا السؤال ساهم في تخفيف وتيرة رد الفعل على القدومي وتصريحاته لأن المسألة الأهم في نظر السلطة الآن تتعلق بخلفيات عقد مؤتمر صحافي في عمان لرجل بمواصفات القدومي سبق أن منع من دخول المخيمات في الأردن. والعلاقة بين الحكومة الأردنية والسلطة أصلا توترت مؤخرا بسبب إعلان رئيس الوزراء في السلطة سلام فياض بأنه سيلجأ للقضاء الدولي، لإعاقة مشروع قناة البحرين الذي يعتبره الأردنيون من أهم مشروعاتهم الإستراتيجية مستقبلا. ورغم أن عريقات أدلى لاحقا بشروحات عبر صحيفة 'الدستور' الأردنية إلا أن الجانب الرسمي رأى في تهديدات فياض «قفزة» جديدة ضد المصالح الأردنية مرسومة على مقاس المصالح المصرية التي ترفض مشروع قناة البحرين الأردني. وكان القدومي قد دفع بالتساؤلات حول أزمة باطنية في العلاقة بين عمان والرئيس عباس عندما فوجئ المراقبون به يعقد مؤتمرا صحافيا نادرا في عمان يكشف فيه عن وجود محضر اجتماع يثبت ضلوع الرئيس عباس بتصفية الرئيس الراحل ياسر عرفات بالتعاون مع أريل شارون. ولم تعلن الحكومة الأردنية موقفا من أي نوع بخصوص المؤتمر الصحافي الذي عقده القدومي. ويؤكد مقربون جدا من القدومي انه لا يمكن أن يعقد مؤتمرا صحافيا من هذا الطراز دون الحصول على موافقة مسبقة من الجانب الأردني، وهو ما تمتنع الحكومة الأردنية عن شرحه والتعقيب عليه. ويفترض أن يوفد عباس قريبا إلى عمان ثلاثة قياديين بهدف بحث أمر مؤتمر القدومي الصحافي مع السلطات وتقييم مجمل العلاقة الأردنية الفلسطينية وإعداد تقرير حول المسألة مع إن كل ما حصل يعكس مستوى البرود والجفاف في العلاقة منذ عامين تقريبا بين عباس والقيادة الأردنية. وقال مصدر فلسطيني مطلع جدا ان اللقاءات الثلاثة الأخيرة بين العاهل الأردني والرئيس عباس اتسمت ب»البرود السياسي» من الجانب الأردني فيما اعتذرت عمان مرتين على الأقل وخلافا للعادة عن استقبال عباس، وتجمع نخب القرار الأردنية على إن عباس يضع 'الورقة الفلسطينية' برمتها في السلة المصرية ودون تشاور آو إنصاف، الأمر الذي يهدد مصالح إستراتيجية لعمان.