ربما لا تجتمع في شهر، قمري او شمسي، ما اجتمع من مفارقات في شهر رمضان ... الكريم ... وبعد الترحاب اللائق بالمقام السامي لهذا الشهر مثلما اقتضت العادة حتى وان كان في نفوس البعض منا شيء من التوجس لدى مقدمه ... آردنا ان نبدي هذه الملاحظات العجلى ... لقد جرت العادة ايضا ان نصف رمضان بالشهر الكريم وفي هذه الصفة الكثير من الصحة... بل ان هذه الصفة قد لا تفي هذا الشهر حقه في الكرم .. ذلك انه ربما يكون تجاوز الكرم الى ... الاسراف والتبذير !... ولكن اغلبنا لا يتجرأحتى على مصارحة نفسه بهذه الحقيقة !... أليس الكل يأكل فوق الشبع بل وما وراء التخمة ..في هذا الشهر المفترض ان يكون شهر الكفاف ؟!.. أليس الكل يغرق في الانفاق على حساب مدخرات الاشهر الاخرى، المتقدم منها والمتأخر ... وبكرم ؟؟؟ منقطع النظير؟!... وقد يعترض البعض قائلا : العيب ليس عيب رمضان بل عيب «المرمضنين»... هذا صحيح، ولكن ... أليس رمضان هو التعلة التي يتعلل بها المتعللون لكي يبذروا ولكي يتكاسلوا ولكي يبيحوا لانفسهم كل شيء سوى ساعات معدودات من الجوع والعطش ... مقابل تكبيل الآخرين بما لا طاقة لهم على تحمله بتعلة ان «حشيشة رمضان» اقتضت ذلك!! هذا في حين يطنب المتحدثون في الحديث عن اخلاق الصائم وقدرته على التحمل والتسامح مع الآخرين ... ولكن ما نرى هو عكس هذا تماما ... ذلك ان التشدد في الآحكام والتشبث بالرأي والتعصب الأعمى وعدم الاستعداد لسماع ما يقول الآخرون بل وحتى التكفير لأتفه الأسباب هو السنة السائدة في تعامل «المرمضن» مع غيره من «المرمضنين»وغير «المرمضنين»! قد يقول بعض هؤلاء ان رمضان براء من «رمضنتهم» وكأنهم بذلك يشرعون في نوع من النقد الذاتي ولكن الحقيقة غير ذلك تماما، إذ ان «تبرئة» رمضان من ذنوبهم هم ليست في الحقيقة سوى مقدمة غير معلنة لتبرئة انفسهم والقاء اللوم على «حشيشة» رمضان ...»الحشيشة» فقط لا غير!.