تعرّض النقاش الام الى عدة قضايا عمالية ووطنية مهمة وكان الحوار مفتوحا وثريا وحرا ومتنوعا وتداول على الكلمة اكثر من مائة متدخل من القطاعات والجهات وتم تحديد هذا التدخل بخمس دقائق والتزم أغلب المتدخلين بالتوقيت وتميزت التدخلات بتطرقها لقضايا تهم كافة الفئات الاجتماعية وأكدت أن الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة وطنية تجمع كافةالناس حولها وتهتم بالشأن العام. ثراء النقاش أكد تجذّر الممارسة الديمقراطية داخل هذه المنظمة العتيدة بتاريخها وبحاضرها بكافة اجيالها وحساسياتها. ولعل الحوار الذي كان ساخنا في عديد الاحيان اكد ان الاتحاد بخير ويزخر بالطاقات وبالتنوع الفكري الضروري لاتحاد ديمقراطي تعددي. وللحقيقة فان سخونة الاجواء التي سادت المؤتمر، خارج وداخل القاعة، لا يمكن ان ننظر اليها الا من زاوية ايجابية وبأن الاتحاد شأن الجميع لكن الديمقراطية الحقيقية والشفافية هما الفيصل بين الجميع. تلك دروس قدمها المؤتمر الواحد والعشرون للاتحاد العام التونسي للشغل، درس الديمقراطية كان واضحا للجميع فالنواب وقيادة الاتحاد أثبتوا جميعا حرصهم على ان تكون المنظمة فضاءا للديمقرطية وللشفافية المالية وان عهد الوصاية على الشغالين قد ولى دون رجعة، فنتائج المؤتمر لم تعرف الا في اخر لحظات فرز أوراق الاقتراع وكانت كل الاعناق مشرئبة نحو قاعة المؤتمر التي لم يتواجد فيها الا اعضاء لجنة الفرز والصحافة الوطنية ورئاسة المؤتمر دون غيرهم، شكل التشغيل محورا مهما خلال النقاش العام باعتبار ان الاتحاد أعدّ دراسة حول الموضوع واثار اغلب المتدخلين اهمية ايلاء هذا الملف الاهمية القصوى باعتباره يهم اغلب فئات المجتمع وخصوصا ابناء الشغالين ودعوا الى تدعيم سياسة التشغيل وتشريك المنظمة الشغيلة في البرامج من اجل تشغيل اكثر شفافية ويتمتع به كافة الفئات بشكل عادل ودون تمييز. كما استعرضت اغلب التدخلات ملف الجامعة التونسية وخصوصا رفض وزارة التعليم العالي التفاوض مع الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي ورفض النواب تدخل القضاء في الشأن النقابي ونبّهوا لخطورة هذا الوضع على الجامعة التونسية بتمرير برامج تضر بالجامعيين. وساند النواب الرسالة التي بعثتها الجامعة العامة للتعليم العالي الى المؤتمر ودعوا الى اصدار بلاغ خاص بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي كذلك تكليف القيادة الجديدة للاتحاد بالتفاوض مع اعلى هرم السلطة حول ملف التعليم العالي من اجل احترام استقلالية الاتحاد وحمل سلطة الاشراف على الاستجابة لمطالب الجامعيين. وساند النواب طلب الجامعة برفع يد القضاء عن الشأن النقابي الداخلي وعدم التردد في رفع قضية لدى منظمة العمل الدولية في الغرض في حالة استمرار هذا الوضع. وتطرق النواب الى الحق النقابي بتونس مطالبين بضرورة التطبيق الفعلي للاتفاقية الدولية رقم 135 وذلك في القطاع الخاص وفي الوظيفة العمومية والقطاع العام دون استثناء وأكد النواب على هذه المسألة من أجل تعزيز العمل النقابي وتكثيف الانخراطات. وكان ملف الحريات والعلاقة مع مكونات المجتمع المدني احد محاور النقاش داخل المؤتمر ودافع النواب على استقلالية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ودعوا الى فك الحصار عنها، مؤكدين مساندتهم للهيئة الوطنية للمحامين. ودعا النواب الى مزيد دعم العلاقة بين الاتحاد ومكونات المجتمع المدني والى تنشيط المنتدى الاجتماعي التونسي. كما تطارح النواب العديد من القضايا الاخرى التي تشغل بال الاجراء وممثليهم النقابيين وفي مقدمتها المناولة والسمسرة باليد العاملة، حيث اعتبرها النواب بمثابة المرض الخبيث الذي ينخر الجسم النقابي والعمالي فيتهدده من جهة الانخراط والانتساب للحركة النقابية ويتهدد النسيج الاقتصادي من جهة استقرار مواطن الشغل وديمومتها وقد طالب النواب في هذا الاطار بالعمل على تفعيل المواجهة لظاهرة المناولة والسمسرة باليد العاملة بإقرار يوم للتصدي لها وصياغة استراتيجية واضحة المعالم تمنع اعتماد مثل هذه الاشكال الشغلية الهشة في المؤسسات الوطنية والقطاع العام. كما تطرق النواب الى ملف الخوصصة والتفويت في المؤسسات وما نجم عنه من فقدان لمواطن الشغل وتسريح متزايد للشغالين مشيرين الى ان عدم تدخل الاتحاد بشكل حازم في هذا الملف قد اطلق العنان للأعراف حتى يضربوا بالتشريعات الشغلية عرض الحائط ويتجاوزوا كراسات الشروط مما أسهم بصفة غير مباشرة في فقدان العديد من المؤسسات التي كانت حتى زمن غير بعيد من المؤسسات المشغلة لليد العاملة والمساهمة في التنمية الجهوية والوطنية وقد نبه النواب الى ان مسار الخوصصة الذي طال حتى المؤسسات الرابحة مثل اتصالات تونس ومصانع الاسمنت قد يحصد المزيد من الكوارث في صفوف الاجراء، وقد يزيد من وطأة التسريح والطرد خصوصا في سياق العولمة والتوصيات الصارمة للدوائر المالية العالمية التي تحث بلا هوادة البلدان النامية الى المزيد من الانفتاح والمزيد من الضغط والتضييق على المكاسب الاجتماعية والحقوق النقابية حتى يكتمل مفهوم النجاعة ويتلازم مع مفهوم المنافسة الشرسة حتى وان كانت على حساب العمال وخلص النواب الى التأكيد على ضرورة مزيد العناية بالقطاع الخاص فيم يتعلق بتدعيم الانخراطات وهيكلة مؤسساته حتى يتسنى تحسين تمثيلة العمال داخله وتدعيم موازين القوى لصالح الاجراء للتمكن من القضاء وعلى كل الممارسات السياسية وكل اشغال الاستغلال والتضيقات على العمل النقابي، كما شملت تدخلات الاخوة النواب ملف المفاوضات الاجتماعية ليسجلوا بأنه بالرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها الاتحاد العام التونسي للشغل خلال مفاوضاته الا انها تبقى في حاجة الى اعادة النظر خصوصا مع الزيادات المطردة للاسعار التي غالبا ما تلتهم مفعول الزيادات في الاجور لتبقى القدرة الشرائية للمواطن ضعيفة ومهترئة وقد طالب النواب في هذا الاطار بضرورة ربط الزيادات في الاجور بمؤشر الزيادة في الاسعار حتى تسهم هذه الزيادات بالفعل في تغطية التدهور المتواصل للمقدرة الشرائية للمواطنين. والى جانب المسائل المادية ركز النواب كذلك على الجوانب الترتيبية باعتبار من الاهمية بمكان ادراجها في طليعة الاولويات التفاوضية وان مردودها قد يتجاوز المردود المالي بكثير وقد تم التنصيص على ضرورة مراجعة مجلة الشغل لتنقيح العديد من الفصول المشجعة على المرونة والتعاقد كالفصل 6/4 وبقية الفصول التي كانت مدخلا للأعراف للمضي قدما في طرد العمال وتهشيش أوضاعهم المهنية وعلاقاتهم الشغلية وقد طالب النواب بمراجعة شاملة للعديد من الفصول والتشريعات التي اصبحت تهدد على حد سواء النسيج الاقتصادي للبلاد والعمل النقابي وقد لا تكتمل جهود الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا الاطار الا بمواصلة الضغط حتى المصادقة بصفة نهائية وفعلية على الاتفاقية 135 لحماية المسؤول النقابي والتي أذنت الحكومة بالنظر فيها لكنها لم تفعل بعد وذلك باعتبارها صمام الامان الذي سيدفع العمل النقابي في القطاع الخاص على وجه التحديد وفي بقية القطاعات بشكل عام. وبخصوص التغطية الاجتماعية سواء وضع الصناديق الاجتماعية أو ملف التأمين على المرض أكد الاخوة النواب خلال مداخلاتهم على ضرورة الاهتمام بأوضاع الصناديق الاجتماعية وما آلت اليه من تردي في خدماتها وموازناتها جراء إثقال كاهلها بالديون والخدمات الخارجة عن نطاق اختصاصها ومهامها، حيث طالب النواب في هذا السياق بضرورة دراسة اوضاع الصناديق الاجتماعية واستشراف مستقبلها وخصوصا في علاقة بالخدمات التي تقدمها للأجراء سواء النشيطين او المتقاعدين مشددين على ضرورة ترشيد التصرف في موارد الصناديق ومدخراتها حتى تواصل أداء مهامها تجاه الاجراء وتوابعهم وفي نفس السياق تطرق المتدخلون الى التأمين على المرض ليعبروا عن هواجسهم ومخاوفهم من ان يكون المشروع الجديد مدخلا لضرب عمومية ومجانية العملية الصحية بالرغم من ايمانهم بالاتفاق الممضى بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة قد عدل من المشروع في صيغته الاولى حتى ينص على مجموعة من الثوابت وأولها الحفاظ على عمومية القطاع وتدعيمه حتى تكون المنافسة مع القطاع الخاص مبنية على مبدأ الكفاءة على جميع الاصعدة من تجهيزات واطار طبي وشبه طبي كذلك صياغة خارطة صحية عادلة ومتوازنة والحفاظ على الحقوق المكتسبة للعديد من القطاعات ودون ان يتجاهل المبدأ الاساسي لاصلاح نظام التأمين على المرض وهو تحسين الخدمات المسداة للمواطن وطالب النواب في هذا الاطار بالاسراع في تطبيق اتفاق التأمين على المرض بإصدار الاوامر والنصوص الترتيبية على غرار ما تم الاتفاق بشأنه مع المركزية النقابية. وتطرقت مناقشات النواب كذلك الى العديد من المسائل النقابية الاخرى من ذلك التسيير الداخلي للمنظمة حيث ركز النواب على ضرورة تدعيم الشفافية والديمقراطية في التسيير داخل المنظمة وصيانة مسار التصحيح الذي انطلق منذ مؤتمر جربة الاستثنائي عام 2002. وقد ركز النواب على مزيد دعم النقابات الاساسية ماديا ومعنويا حتى تكون اكثر فاعلية في محيطها المؤسساتي وذلك بالنظر الى كونها حلقة الربط الاساسية بين الاجراء ومنظمتهم العتيدة. كما طالب النواب بصيانة المكاسب التي تحققت على مستوى شفافية التسيير والديمقراطية التي تجلت بالخصوص خلال مؤتمرات الهياكل النقابية القاعدية والوسطى ودعم هذا المسار حتى يبقى الاتحاد العام التونسي للشغل منارة للديمقراطية والتنافس النزيه على قاعدة الافكار والمشاريع التي تخدم مصلحة الاجراء وتدافع عن مكاسبهم وحقوقهم وقد أبدى العديد من النواب ارتياحهم لتطور الممارسة الديمقراطية داخل أطر الاتحاد العام التونسي للشغل لكن مع التذكير بضرورة الحفاظ على ما تحقق وتدعيمه بما يتناسب مع الرهانات التي تترصد الحركة النقابية والتي تفرض عليها مزيدا من الشفافية والديمقراطية ووحدة الصف. مقتطفات من التدخلات حاولنا من خلال متابعاتنا لتدخلات النواب ان نقف عند ابرز الانشغالات التي نحوصلها بشكل برقي. حق الامضاء لتفعيل المسألة الديمقراطية يجب ان نعطي للقطاعات حق الامضاء على القرارات النضالية بما في ذلك الاضراب. ضمانات ضرورة توفير اكثر ما يمكن من الضمانات لدعم استقلالية عمل لجنتي النظام الداخلي والمراقبة المالية. ربط دعوة الى ربط سياسة التشغيل بأوضاع الصناديق الاجتماعية. دعم دعوة الى دعم النضال النقابي عبر مراجعة سياسة التفاوض في الاجور على مدى ثلاث سنوات. محافظة المحافظة على الخدمات الاجتماعية وتفعيل مردوديتها من أوكد مراحل النضال حاضرا ومستقبلا. تبني دعوة الى تبني المؤتمر لبيان الجامعة العامة للتعليم العالي. إجماع لاح إجماع في كل التدخلات على عدم تجزئة قانون التأمين على المرض مع دعوة الى تنفيذه طبق ما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد العام التونسي للشغل. تعليم دعوة الى فتح ملف التعليم بجميع مستوياته وتشريك النقابات في صياغة مناهجه. لجنة أحد النواب دعا الى تكوين لجنة وطنية تعنى بالمقاومة العربية. تنويه نوّه عدد من النواب بترجمة المنهج الاصلاحي بالمنظمة من أوجه مختلفة على أرض الواقع. لا حياد لا حياد للمنظمة الشغيلة في صراع اقتصادي اجتماعي مداره العامل وحقوقه ومكاسبه. رئيسي ضرورة ان يكون الاتحاد العام طرفا رئيسيا في برامج التشغيل. مناولة المناولة تستدعي في هذه المرحلة قرارا نضاليا على المستوى الوطني مع دعم النضالات القاعدية. قراءة جيدة وتنبيه نبّه اغلب النواب الى قراءة متأنية وجيدة في حيثيات التوصيات الصادرة عن مؤتمر اتحاد الاعراف حتى لا يقع المزيد من التراجع في تشاريع العمل وقوانينه. الشعار والمضامين بعض النواب حاولوا تحليل شعار المؤتمر وكل له رؤية وتصور الا ان الرأي الاغلبي الذي ساد اكد على ان لا يتحول المؤتمر الى شعارات وحملات انتخابية متناسيا المضامين والقرارات.