ها قد أخذتك يد المنون في يوم الاضحى المبارك وكأنّ روحك الطاهرة والوفية للخط القومي الوحدوي أبت الاّ أن تنتظر ساعة الرحيل. فأبت الاّ أن تسجل في ذاكرتنا بأحرف من ذهب أن تاريخ وفاتك لا يمكن أن يكون تاريخا عاديا ولا يمكن أن يكون يوما كسائر الأيّام بأي حال من الأحوال. فكان بالفعل تاريخا استثنائيا، تاريخا يذكرنا بماضيك القومي الناصع وبإخلاصك لأمتك ولوطنك ولشعبك. وها قد شاءت الصدف فعلا أن يقترن رحيلك عنّا بذكرى قومية عزيزة عليك وعلى كل قومي مثلك مخلص لقضايا أمته وهي ذكرى استشهاد القائد الرمز صدام حسين رحمه اللّه. فرحمة اللّه عليك أيّها الأخ الكريم بوبكر رحيم وقد غادرتنا ومازلت في عزّ عطائك وتضحياتك في سبيل نصرة قضايا الحق والعدل والتحرّر والوحدة. أيّها الأخ المناضل الوفي بوبكر: لقد كنت تعمل في صمت وهدوء، فكنت تمتاز بدماثة الأخلاق، صادقا صدوقا مخلصا لقضية شعبك ووطنك وأمتلك، ولقد بذلت في سبيلها ما استطعت. كنت تدعو الجميع لنبذ الفرقة والخلافات لتدعيم وحدة القوى الوطنية والقومية نقابيا وسياسيا. لقد كنت انسانا حقيقيا.. كرامتك كنخيل العراق الشامخ.. وكانت رجولتك وشهامتك مستمدّة من أصالة أمتك ومعينها الذي لا ينضب. أيّها الأخ المناضل النقابي بوبكر: لقد عهدناك وأنت تناضل بصمت وتكابد الأتعاب والصعاب في سبيل مطالب القطاع. فلم تبخل يوما في حياتك عن المشاركة في فعاليات الهيئة الادارية للقطاع بكل روح نضالية وبكل روح المسؤولية وبمصداقية عالية يجمع كل من عرفك عليها. فكنت تمثّل فعلا إرادة من شرف باختيارك من أساتذة الجهة المقاتلة والتي قاتلت فيها مع زملائك الأساتذة جنبا إلى جنب من أجل تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية وتعرضت من أجل ذلك للعديد من المضايقات. أيّها الأخ المناضل النقابي بوبكر: لقد عانيت في صمت وصبرت أيّام الجمر وقبلت التحدّي فتمسّكت باستقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل والدفاع عن الهياكل الشرعية وأنت تواكب كل الهيئات الادارية السرية للقطاع زمن تنصيب التيجاني عبيد. أيّها الأخ المناضل القومي بوبكر: إنّك لم تدخر أي جهد تملكه في سبيل نصرة قضايا أمّتك، فكنت دائما على العهد تدعو لدعم المقاومة كخيار وحيد لا غنى عنه في كل من فلسطين ولبنان والعراق في زمن الاستسلام والخنوع والتطبيع مع الأعداء. فقدناك أيّها المناضل الصادق في زمن قلّت فيه الرجولة. فقدناك أيّها النقابي الصامد في زمن خصيت فيه الفحولة. فقدناك أيّها المخلص في زمن أصبح الصدق فيه عمولة. فقدناك أيّها الفارس المغوار في زمن يحاصر فيه الوطن من أبناء العمومة. فقدناك أيّها الثائر العربي في زمن المكر والغدر وأجواء العرب المسمومة. لكن روحك الطاهرة ستظل ترفرف بيننا نستمد منها القيم النبيلة. فنم هادئا مطمئنا ما دمت زرعت في شعبك الأحلام الجميلة.