»عليك أن تثبت أنّك تستحقها« هكذا هتف المتظاهرون في »أوسلو« ضد تسلم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الميدالية الذهبية لجائزة نوبل للسلام فقد عبّروا عن معارضتهم منح هذه الجائزة العظيمة لرئيس لم يمض عن تسلمه مقاليد السلطة في بلده إلاّ عشرة أشهر كيف لا، والحال أن هذا الرئيس لم يشيّد من سلام نوبل إلا أبراجا من معسول الكلام وطيبِه. قد لا يختلف عاقلان في أن أوباما استطاع أن يرسم صورة أخرى للولايات المتحدة مخالفة لتلك الصورة المشوهة بدماء الأبرياء التي رسخّها سلفه بوش الابن، كما لا يمكن لاحد أن ينفي قيمة التكوين الحقوقي لهذا الرئيس الشاب بعد أن ترعرع بين كليات الحقوق ومعاهد القضاة ولكن هذا لا يؤكد أحقيته بهذه الجائزة النبيلة، فهذا الخطأ بأم عينه والدليل الفاضح للسياسات العرجاء التي تسود هذا العالم. إن أصابع الاتهام موجهة الى السيد »ثورنبون ياغلاند« رئيس لجنة نوبل للسلام فعلى أي أساس قد إختار أوباما؟ وأي سلام صنعهُ هذا الرجل أو حتى ساهم بقسط صغير في تحقيقه؟ بل وكما نعلم جميعا فقد أرسل هذا الرئيس في الآونة الأخيرة 30 ألف جنديا إلى جبال أفغانستان، أهكذا يُصنع السلام؟ صحيح أنه لم يعلن الحرب على شعوب فقيرة جائعة كسلفه بإسم الديمقراطية ولكنه أيضا لم يُنهي حروبا فتكت بالشعبين العراقي والافغاني منذ عقد تقريبا، صحيح أنّ أوباما وعد بغلق غوانتنامو ولكن ليس بعد، بل وتشير بعض التقارير الى فتح »غوانتنامات« عدة في الولاياتالمتحدة نفسها تابعة ل »سي آي أي« و»آف بي آي«. كما لا يخفى على أحد، فإنّ لغة الاستطان لازالت المهيمنة في كبرى قضايا الشرق الاوسط وحلّ الدولتين صار بشهادة الجميع من المعجزات التي يستحيل تحقيقها، هذا طبعا دون أن ننسى تفاقم الأزمة المالية العالمية، وتواصل تنامي سباق التسلح العالمي النووي... أفبهذا كلّه نال أوباما سلام نوبل؟ صدق من قال إن عالمنا اليوم »مجنون، يرقص على واحدة«، فيا حسرتاه! على جائزة نوبل صانع السلام ولو بالديناميت، ويا خيبتاه! على ماضي »مانديلا« و»لوثر كينغ« وحتى »بن بلاّ« و»عرفات«..!! إن ماقدمه ويُقدمه مناضلو الحريات والسلام في أصقاع الدنيا وأرجائها لا يقارن البتة مع صنيع رئيس مغمور لا يزال في بداية الطريق وهو ما شهد عليه بعظمة لسانه أثناء تسلمه الجائزة قائلا: »لا شك لدي أن هناك أشخاصا آخرين أكثر استحقاقا للجائزة مني« نعم لا شك في ذلك! عضو لم يبلغ بعد مرتبة هؤلاء الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل إقرار العدل والسلام بين أرجاء شعوب هذا العالم المريض. لقد نجح أوباما وبأسلوبه الخاص في إستمالة القلوب، وسحر بفنّ الكلام المعسول، وتكرار الوعود عقول وعواطف المسؤولين غير المسؤولين عن جائزة نوبل العظيم، ولكن تظل الحقيقة دوما محفورة في أذهان العارفين فيا سيّد »ياغلاند« هل أنت معنا في هذا العالم؟ هل ترى وتسمع ما يفعله أبناء العم سام في العراق وأفغانستان وفلسطين بإيعاز من هذا الرجل العظيم!!؟