تحت شعاري »تأهيل القطاع الصحي العمومي و عدالة الخارطة الصحية، ضمان لنجاح نظام التأمين على المرض« و»من أجل تقاعد يحفظ الكرامة في القرن 21« انعقدت الندوة الوطنية لقسم التغطية الإجتماعية و الصحة والسلامة المهنية مؤخرا بمشاركة الإخوة أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية للإتحاد العام التونسي للشغل والمسؤولين عن التغطية الإجتماعية والصحة والسلامة المهنية بالهياكل القطاعية والجهوية. وقد صدرت عن الندوة عدد من التوصيات متضمنة لأهم مشاغل ورؤى النقابيين حول كافة الملفات التي تهم التأمين على المرض والتقاعد والصحة والسلامة المهنية. ونظرا لأهمية هذه التوصيات فقد رأينا من الضروري العودة إليها بالتفصيل. ففي مجال التأمين على المرض تم تسجيل: عدم تأهيل القطاع الصحّي العمومي يهدّد بانخرام التوازنات المالية لنظام التأمين على المرض و لا يحقق المساواة المنشودة أمام المرض. انعدام العدالة على مستوى الخارطة الصحية يجعل الجهات الداخلية محرومة من التغطية الصحية العمومية المتطورة والشاملة اضافة إلى عزوف القطاع الصحي الخاص من الإستثمار والإنتصاب في هذه الجهات. استئثار القطاع الخاص بالنصيب الأكبر من المصاريف يهدد التوازنات المالية للتأمين على المرض في السنوات القريبة القادمة خصوصا بعد استكمال الزيادات في المساهمات. يتطلب تقييم النتائج الفنية والمالية للتأمين على المرض التفكير بعمق و التفاوض حول تمويل هذا النظام حفاظا على توازناته و تطوير خدماته لفائدة المضمونين الإجتماعيين مهما كانت المنظومة التي ينتمون إليها. عدم تلائم السقف المحددّ لمصاريف العلاج العادي مع واقع أسعار الأدوية والاعمال الطبية في تونس. تثمين عمل قسم التغطية الإجتماعية والصحة والسلامة المهنية على مستوى توضيح وشرح تفاصيل النظام الجديد للتأمين على المرض و كذلك على مستوى تقييمه و متابعته المستمرة وكذلك المحافظة على الحقوق المكتسبة للقطاعات في التأمين الجماعي و التعاونيات و طب المؤسسة. أما بخصوص التقاعد فقد تم التعبير عن: انشغال كبير بانخرام التوزانات المالية لأنظمة التقاعد في القطاعين العمومي و الخاص والانعكاسات الخطيرة لتقلص التشغيل و تنامي أشكال العمل الهش على موارد الضمان الإجتماعي. وتزايد سريع في نسق النفقات نتيجة التسريح الجماعي لأعداد كبيرة من العمال و إحالتهم على التقاعد قبل السن القانونية. كما سجل النقابيون عدم فعالية و نجاعة الزيادات المتتالية في الإشتراكات بعنوان التقاعد خصوصا في القطاع العمومي في تحقيق التوازنات المالية لأنظمة الجرايات علاوة على الإنعكاسات السلبية لهذه الزيادات على المقدرة الشرائية للأجراء و الأوضاع الاقتصادية للمؤسسات و تراكم الديون المتخلدة بذمة الدولة و الأعراف لفائدة الضمان الإجتماعي وتأثيراتها الخطيرة على حالة السيولة المالية راهنا ومستقبلا. كما لاحظ الحاضرون ما يتحمله الضمان الإجتماعي من مهام و خدمات تدخل في نطاق التضامن الإجتماعي الوطني الموكول بالأساس للدولج، إضافة إلى تفاقم العجز الهيكلي لعديد الأنظمة خاصة في القطاع الخاص و عدم قدرتها على تحقيق توازناتها المالية بصفة ذاتية و تحميل نظام الأجراء غير الفلاحيين لهذا العجز وهو ما فاقم لمدة سنوات الأزمة المالية العامة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. وأكد المشاركون عدم كفاية الطريقة التقليدية في تمويل الضمان الإجتماعي (مساهمة الأجراء والمؤجرين) في تحقيق توازناتها المالية للأنظمة وضرورة التفكير بكل جديّة و مسؤولية في تنويع مصادر التمويل. في مجال الصحة والسلامة المهنية أبرز المشاركون: تفاوت التشريعات المتعلقة بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية بين القطاع العمومي والقطاع الخاص وانعدام وجود لجان الصحة والسلامة المهنية المتفرعة عن اللجان الإستشارية للمؤسسات في عديد المؤسسات الإقتصادية وخاصة الصغرى والمتوسطة بسبب غياب الصبغة الإلزامية قانونيا وغياب وجود ثقافة الوقاية لدى عديد المؤسسات والاطراف المعنية وذلك رغم توفر الحوافز والتشجيعات القانونية من أجل توفير وسائل الوقاية الفردية والجماعية و ضعف اهتمام النقابات الأساسية والقطاعية بجانب الصحة والسلامة المهنية سواء في نطاق العمل اليومي أو بمناسبة المفاوضات الإجتماعية وهو ما يساهم بصفة غير مباشرة في تدني الوعي واليقظة و بالتالي تنامي حوادث الشغل و الامراض المهنية. عدم الإلمام بالقوانين المتعلقة بحوادث الشغل و الأمراض المهنية وبالتالي بروز العديد من الاشكاليات القانونية و الاجرائية في مجابهة الأوضاع الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وعدم جمع القوانين و النصوص الترتيبية المتعلقة بحوادث الشغل و الأمراض المهنية والصحة والسلامة المهنية بما ساهم في عدم احترامها وتنامي عدد حوادث الشغل والأمراض المهنية في القطاعين العام والخاص لعدم احترام المعايير وتوفير الوقاية الفردية والجماعية. وعلى ضوء العروض المقدمة و النقاشات المستفيضة لمختلف المحاور المتعلقة بالتأمين على المرض و أنظمة التقاعد و موضوع الصحة والسلامة المهنية تمخضت الندوة على التوصيات التالية: I / التأمين على المرض دعوة سلطة الإشراف إلى الإسراع باستئناف التفاوض حول تأهيل القطاع الصحي العمومي واصلاح الخارطة الصحية وذلك بضبط روزنامة زمنية و توفير الإعتمادات المالية و تحديد الاولويات في انجاز التأهيل، واعتبار هذه المسألة شرطا أساسيا في نجاح نظام التامين على المرض و تحقيق المساواة امام المرض والتوازنات المالية الراهنة و المستقبلية لهذا النظام. إيجاد مصادر تمويل جديدة لنظام التأمين على المرض و عدم الإقتصار على مساهمات الأجراء والمؤجرين و ذلك بهدف تطوير الخدامات الصحية وشموليتها لكافة المضمونين الإجتماعيين ومن في كفالتهم. مراجعة سقف المصاريف المتعلقة بالأمراض العادية على ضوء النتائج المسجلة منذ بداية تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض. تعميم مصحات الضمان الإجتماعي على كافة الجهات المحرومة منها و ذلك لدعم الهياكل الصحية العمومية وتقريب الخدمات الصحية من المضمونين اينما كانوا. وضع حد للتجاوزات التي يقوم بها بعض مقدمي الخدمات في القطاع الخاص فيما يتعلق بطريقة الطرف الدافع و كذلك الإختصار أكثر في آجال استرجاع المصاريف. التقييم الدوري المتواصل لنظام التأمين على المرض على ضوء النتائج الفنية و المالية المسجلة. II / التقاعد التمسك بالنظام التوزيعي التضامني بين كافة أصناف و اجيال الأجراء المضمونين الإجتماعيين عامة و الرفض القطعي لدعاوي إدخال الرسملة جزئيا او كليّا لما في ذلك من تهديد خطير لمنظومة الضمان الإجتماعي ككل و لمكاسبنا الوطنية في الإستقرار والتوازن. الدعوة إلى التفاوض حول إصلاح أنظمة التقاعد بما سيضمن حقوق الأجراء ويوفر تقاعدا يحفظ كرامتهم ومستوى عيش يقيهم من الغبن و الحاجة. تدعيم فرص العمل و التشغيل ووضع حد لأشكال العمل الهشّ والسمسرة باليد العاملة وهو ما يمثّل حلا جذريا واستراتيجيا في زيادة موارد الضمان الإجتماعي وتحقيق توزاناته المالية. الحزم في ملاحقة النقص في التصريح بالأجور والمداخيل الحقيقية و كذلك استخلاص ديون الضمان الإجتماعي لتوفير السيولة المالية الضرورية لإيفاء الصناديق بالتزاماتها تجاه منخرطيها. التعجيل بالتفاوض والحوار حول تمويل الضمان الإجتماعي في تونس نظرا للوضعية الحرجة التي تمر بها مختلف الأنظمة و إدراج ذلك في نطاق المراجعة الشاملة والإستراتيجية على ضوء مختلف المؤشرات الاقتصادية والإجتماعية والديمغرافية في تونس. تنظيم ندوات إقليمية و قطاعية لتوسيع الإستشارة النقابية حول واقع ومستقبل أنظمة التقاعد في تونس. III / الصحة والسلامة المهنية: على المستوى العام: دفع مساهمات الدولة لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض في نظام حوادث الشغل والأمراض المهنية. جمع النصوص القانونية والترتيبية المتعلقة بحوادث الشغل والامراض المهنية في مجلة تخص القطاعين الخاص والعمومي. مراجعة القانون عدد 28 لسنة 1994 المتعلق بالتعويض عن مخاطر حوداث الشغل والأمراض المهنية في القطاع الخاص. مراجعة القانون عدد 56 لسنة 1995 المتعلق بجبر الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية في القطاع العام والوظيفة العمومية. إدراج الأمراض المهنية المتعلقة بالوظيفة المهنية في قائمة الأمراض المهنية. إدراج مرض الضغط النفسي بقائمة الامراض المهنية. التعويض عن الضرر المعنوي في حوادث الشغل والأمراض المهنية. احداث لجان الصحة والسلامة المهنية في القطاع العمومي و تفعيل دورها في القطاع العام والخاص. تفعيل دور المجلس الوطني للوقاية من الأخطار المهنية وهياكل المراقبة والتفقد في مجال الصحة والسلامة المهنية. احداث عقوبات زجرية حقيقيّة للمؤسسّات التي لا تحترم قواعد السلامة المهنية و مزيد الحزم في تطبيق التشاريع الجاري بها العمل. دفع الاعلام بمختلف وسائله للإهتمام بجانب الصحة والسلامة المهنية. على المستوى النقابي تكوين مكونين في الصحة والسلامة المهنية. العمل على بعث مرصد نقابي لحوادث الشغل و الأمراض المهنية وتوفير كل الوسائل الضرورية لإنجاح عمله. إقامة ندوات إقليمية في مجال الصحة والسلامة المهنية. مزيد العناية بتأطير الدراسات و البحوث الجامعية في مجال الصحة والسلامة المهنية والبيئة. اعداد برنامج نقابي لمقاومة المخاطر البيئية و التلوث. مزيد التعريف بالأمراض المنقولة في محيط العمل.