تتميّز مرحلة المراهقة بالثورة النفسية والتغيّرات الفيزيولوجية السريعة والتقلّبات المزاجية والنفسية مما قد يسبّب للوالدين نوعا من الإضطراب في التعامل معهم في هذه المرحلة.. وهذه المرحلة حيوية وهامة بالنسبة للشخص المراهق لأن فيها تكتمل ملامح شخصيته وقد يكون الإخفاق فيها مدمّرا للشخص وللإلمام بجوانب الموضوع إرتأت «الإعلان» محادثة الدكتور مصدّق جبنون المختص في طبّ النفس لدى الطفل والمراهق. * ماهي مشاكل المراهقين؟ - ترتبط مرحلة المراهقة بالعديد من الإشكاليات ومن أهمها التغيّب أو الإنقطاع عن الدراسة أو طلب المصروف المفرط لإقتناء اللباس والأحذية ذات الماركات الباهظة مما يثقل كاهل الوالدين. ومن المشاكل كذلك العلاقات غير المسؤولة أو تلك المخلّة بالآداب والأخلاق في أي وسط يحتكّ به الشخص المراهق مع التأكيد أنه ميّال الى التباهي والإفتخار. * ماهي مظاهر الخلل النفسي عند المراهق؟ - الإنفعالية المفرطة أي بمعنى أن تكون لدى الشخص ردود فعل عنيفة لفظية وبدنية مع عدم القدرة على التحكّم في الإنفعالات كما يصل الأمر أحيانا الى تجاوز الحدود بعدم احترام الأبوين أو الإطار التربوي.. ومن مظاهر الإضطراب النفسي لدى المراهق التغيّر المفاجئ في السلوك واللامبالاة والإحساس بتدهور القدرات الذهنية الراجع أساسا الى حالة الإكتئاب التي يعيشها. كما أن المردود في أي مجال يهتمّ به يسجّل تراجعا مع اضطرابات في الأكل والنوم، وبالنسبة لإضطرابات الأكل فإما أن تنتج عنها سمنة مفرطة أو هزال شديد وبالنسبة لإضطرابات النوم فهي تتمثل في كثرة السهر والأرق رغم الشعور بالإعياء. * ماهي انعكاسات الإضطرابات السلوكية والنفسية؟ - تمضية الوقت في المقاهي ومعاكسة الفتيات وإدمان شرب الخمر وشمّ اللصق والمخدّرات والتدخين وهو ما يوحي بأن المراهق يعيش حالة إحباط خاصة مع غياب التأطير وغياب الأطراف التي من واجبها أن تتفهّم الوضعية النفسية الحرجة التي يمرّ بها المراهق ومع غياب الأشخاص المؤهّلين للتأثير إيجابيا على الحالة المضطربة فتصبح هذه الأخيرة تعاني من «الضياع» ويصبح المراهق بلا هدف وبلا هوية وبلا حبّ. ومن الإنعكاسات التي قد يجابهها المراهق عند المرور بحالة نفسية مضطربة أن يتعوّد على التشرّد وعلى الذلّ والهوان وذلك من جراء إهمال وتهميش الأولياء لأبنائهم كأسلوب لمعاقبتهم. كذلك، الإحساس بالنّقمة على الوالدين أو على أستاذ تسبّب في انقطاع المراهق عن الدراسة. * ماهي أسباب ظهور مشاكل المراهقين؟ - يسقط المراهق في دوامة بحكم التغيّرات النفسية والفيزيولوجية تنجرّ عنها سلسلة من ردود الفعل الإنفعالية داخل إطار العائلة وتجاه الإطار التربوي خاصة مع فرض الإجراءات الزجريّة التي لا تعتبر حلا للمشاكل، ومن أسباب المشاكل لدى المراهقين تأثير أصحاب السوء الذين يتفاعلون معهم بطريقة إيجابية وينصاعون «لنصائحهم» المتمثّلة في عديد العبارات التي يتداولونها ويردّدونها ك«لماذا تدرس؟»، «عيش Prince» و«الرسوب ليس مشكلا». كذلك تنتج عن مشاكل المراهقة لدى الفتيات أن تظهرن ما لا تبطن من حياء وأدب أمام العائلة وفي المدرسة والمعهد وخارج هذه الأطر تتجرّد من كل المبادئ الأخلاقية السامية التي تتظاهر بإتباعها ويعود ذلك الى طبيعة العلاقة مع الأبوين المبنيّة على الخوف. * ماهو دور المراقبة؟ - رغم أن المراقبة مهمّة للغاية إلا أن بعض المؤسّسات التربوية لا تحسن التعامل مع الأبوين وذلك بعدم إعلامهما بتغيّب ابنهما إلا بعد مدة زمنية طويلة أحيانا ورغم أن المراقبة الأبوية ضرورية إلا أن الأولياء لا يخصّصون وقتا للقيام بذلك.. ويجب أن تكون المراقبة خفيّة ودون إهانة مع حسن التدخّل عندما يقتضي الأمر ذلك. * كيف يمكن معالجة مشاكل المراهقين؟ - عند ظهور الإكتئاب وحالات بداية الذهان التي تتمثل أعراضه في أن يكون الشخص غريب الأطوار ومنزويا وتسيطر عليه حالة خوف مع إهمال للهندام وضعف التحصيل الدراسي، يجب الإلتجاء الى مراكز الإنصات في المدارس وفي المعاهد، ثمّ يتمّ توجيه الحالات المضطربة الى مختصين نفسيين. * كيف يجب أن نتعامل مع الذين يعانون اضطرابات نفسيّة؟ - من واجب الأستاذ والإطار التربوي بشكل عام أن يتفطّن للتأزّم النفسي لدى المراهق داخل المؤسسة التربوية، أما داخل الأسرة فمن واجب الوالدين مراعاة أبنائهم فمن غير المعقول أن يعود الشخص المراهق الى البيت ولا يجد عشاء أو أن لا ينعم بركن هادئ ليتمكّن من مراجعة دروسه أو أن يكون الجوّ العائلي صاخبا، يكثر فيه اللغط والجدال بصوت عال. ومن واجب المراهق الذي يعاني من مشاكل نفسية أن يحدّ منها ويوقف تفاقمها ويتجنّب التكتّم عن أزماته النفسية ويصارح أستاذه أو أبويه