مرحلة الطفولة مرحلة هامة جدا وحاسمة في تكوين الشخصية فيها يوضع الأساس ويتشكّل جوهر بناء الشخصية، فإن كان هذا الأساس سليما ثابتا، كانت الشخصية سليمة مستقرّة وإلا فقد تصبح مريضة أو مضطربة وهو ما يجعلنا نولي أهمية خاصة ببسيكولوجيا النمو لدى الطفل وللإلمام بهذا الموضوع أجرت «الإعلان» حوارا مع السيدة ناهد الراجحي الأخصائية في علم النفس وفي علوم التربية ورئيسة مكتب التكوين في حقوق الطفل بمرصد الإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل كيف يمكن أن تعرّفي سيدة ناهد بسيكولوجيا النموّ لدى الطفل؟ - بسيكولوجيا النمو لدى الطفل هي علم نفس النموّ وهي مجموعة التحوّلات في الوظائف النفسيّة والذهنيّة والعاطفيّة والإجتماعيّة والجسديّة وهي الدراسة التي تهتمّ بالنموّ عند الطفل منذ الرضاعة وبسيكولوجيا النموّ هي عبارة عن معالجة لكل المسائل التي تتعلق بالملكات الذهنية وتمشّيات التعلّم وتأثيرات الوسط العائلي. * ماهي أهم المدارس المعتمدة في ميدان بسيكولوجيا النموّ؟ - إنّ التحوّلات الجسدية والنفسيّة التي يشهدها نموّ الطفل، من أهم محاور الإهتمام حيث ينصبّ الإهتمام بمراعاة مراحل النموّ لضمان تنشئة إنسان مستقيم ومتوازن.. وبالنسبة لأهم المدارس المعتمدة لتحديد المفاهيم نذكر «فرويد» الذي تقوم نظريّته على إيلاء أهمية بالغة للجنس لدى الطفل الذي يقترن بالنموّ الجسدي والنفسي والذهني والعاطفي. * ماهو دور بسيكولوجيا النموّ لدى الطفل في التنشئة والتربية؟ - لابدّ من وعي الوالدين بمراحل النموّ حتى يتسنى لهم رعاية الطفل رعاية جيّدة حتى لا يؤدي الى خلل وذلك برسم الأسس والقواعد المحدّدة لمسارات حياته، اذ أن التأثير السلبي أو الإيجابيّ للوالدين ينعكس على سلوك الطفل في المستقبل حتى أن تأثير الوالدين يلعب دورا هاما في تكوين شخصيّته إذ يعتبران القدوة الأولى في تكوين اتجاهاته وميوله وصياغة نظرته الى الحياة، كما أن نمط علاقته بأمّه على وجه التحديد، ذو تأثير بالغ في تحديد توجهاته فإن كانت هذه العلاقة سليمة، أي اذا شعر الطفل من خلالها بالأمن والطمأنينة بدا له العالم آمنا مطمئنّا والآخرون مصدر ثقة ومحبّة أما اذا كانت متوتّرة أو مختلفة ماديا أو معنويا فينتفي لديه الهدوء والراحة.. ومن واجب الوالدين الحرص على الحوار داخل الأسرة اذ أنه بوّابة التواصل مع المجتمع ابتداء من رياض الأطفال الى المدرسة.. ومن خلال التقليد اللغوي نستطيع أن نتبيّن طريقة التفكير لدى الإنسان، كما يجب الحرص على عدم تلقين الطفل الكلمات النابية وإنّما يجب الترديد على مسامعه أفضل العبارات الكلاميّة المقبولة إجتماعيا ويجب منحه تكوينا فكريّا ونفسيّا سليما وذلك من خلال تفادي التمزّق والتفكّك الأسري أو من خلال تجنّب الزّجر العائلي. ومن واجب الوالدين كذلك عدم ترك المجال مفتوحا للطفل للقيام بما يحلو له من أعمال أو تصرّفات حتى يتعلّم احترام الحدود والقوانين بإعتبار قيم وعادات المجتمع وذلك بالتركيز على تفاعلات سليمة منذ المرحلة الأولى أي مع موظّفات المحاضن والمربّيات في رياض الأطفال و... حتى لا يضطرّ الطفل الى القيام بأعمال جانحة في المستقبل بسبب عدم سيطرته على الشهوات والغرائز الكامنة فيه دون اعتبار الحدود الأسرية والقيم العليا. * ماهي مراحل النموّ البسيكولوجي؟ - تتميّز المرحلة العمرية الأولى للطفل بإعتماده على الحواس ويتّصف تفكيره بالخيال وعدم المنطقية كما أنه يميل الى إلقاء الأسئلة ولا يتّعظ إلا بالتجربة حيث أن نوعية التعلّم شرطيّة فمثلا يجب على الوالدين ربط السبب بالنتيجة وتبرير منع الطفل عن القيام بأي شيء ك«لا تلمس النار حتى لا تحترق»! أما المرحلة العمرية الثانية فهي الطفولة الوسطى ويتميّز النشاط الذهني فيها بالتجريديّة غير المكتملة وبالتخيّل الذهني مع القدرة على تركيز الإهتمام في موضوع معيّن مع إمكانية بناء علاقات في الذّهن لأشياء محسوسة وتتميّز الطفولة الوسطى بإدراك الطفل لفكرة العلّة والمعلول والتمكّن من التصنيف، كما يبقى تقديره للأشياء نسبيّا وتبقى مدّة تركيز الإنتباه غير طويلة. كما يجب على الوالدين إتاحة الفرصة للطفل للّعب مع أترابه وفسح المجال لأن يخطئ لأن الطفل الذي لا يخطئ لا يتعلّم، وبطبيعة الحال يكون ذلك مصحوبا بالمراقبة. والمرحلة الثالثة هي مرحلة الطفولة ما بين 8 و12 عاما حيث تتميّز هذه الفترة بالقدرة على إدراك العموميّات والخصوصيّات ويكون التفكير قادرا على توحيد الموضوعات وعلى الربط والتحليل والتفسير والإستنتاج وعلى التفكير التجريدي الكامل وعلى القدرة على إدراك أوجه التشابه والإختلاف. أما مرحلة المراهقة وهي آخر مراحل الطفولة فتتّسم بنهاية تشكل العمليات الذهنيّة واستكمال تشكّل الشخصيّة. * ماهي أنواع الإضطرابات البسيكولوجية التي يمكن أن تصيب الأطفال؟ - الإضطرابات تكون سلوكية أو نفسية وناتجة عن التفاعلات مع الأمّ ومع المحيط الذي يعيش فيه الطفل، اذ تتشكّل شخصية الإنسان حسب العلاقة مع الوالدين خاصة فبقدرما تكون العلاقة معهما علاقة توازن واستجابة وعاطفة، بقدرما يكون الطفل متوازنا لأن اللاوعي يتسجّل فيه كل الإحباطات والخيبات عندما لا تتم الإستجابة الى حاجياته النفسية. كما أن الخلل في التوازن البسيكولوجي يؤثّر على الطفل سلبا فيصاب بالقلق وعدم الأريحية وهو ما يؤثّر كذلك على المسار والتحصيل الدراسي وعلى العلاقات الإجتماعية والأسريّة وعلى مدى اتّباع المثل العليا واحترام القانون وهو ما يظهر بمقتضاه جنوح سلوك الشخص ويتّسع الخلاف بينه وبين المحيط ويعلن العصيان والإستقلال. اذا ان التربية التي يتلقاها الطفل من قبل والديه هي التي تحدّد سلوكه القويم أوالمنحرف واذا كانت ثقة الطفل في والديه متزعزعة تكون ثقته في النّظم والقوانين وفي المجتمع متزعزعة خاصة مع توفّر البيئة الداعمة لذلك. * ماهي آليات معالجة الإضطرابات البسيكولوجية؟ - إنّ العقاب يزيد الطفل إمعانا وتماديا في السلوكات المضطربة المكبوتة في لا وعيه لذلك يجب الإلتجاء الى التحليل النفسي وتوجد في بلادنا المراكز المندمجة للشباب والطفولة التي تعنى بمثل هذه المشاكل وتهتمّ بالأطفال الذين تظهر عليهم علامات الخلل النفسي والبسيكولوجي ويردون على المركز بقرار قضائي أو من خلال مندوب حماية الطفولة. فمن أجل حماية حقوق الطفل في بلادنا ومن أجل ضمان طفولة متوازنة وبالتالي أفرادا راشدين متوازنين في المستقبل وجب إيلاء الأهمية القصوى للصحة النفسية والبسيكولوجية لأطفال اليوم