تواصل ارتفاع دعم الدولة للمنشآت العمومية حيث... تواصل ارتفاع دعم الدولة للمنشآت العمومية حيث بلغت منح الاستغلال والتوازن مستويات قياسية في السنوات القليلة الماضية 6088.2 مليون دينار سنة 2013 مقابل 2535.5 م د سنة 2010 بزيادة بنسبة 139.2 بالمائة. وتواصل العجز الهيكلي لعدد من المنشآت العمومية (29 منشأة) بما يتطلب إعادة هيكلتها وتطور حجم الأجور بالمنشآت العمومية من 2581.1 م د سنة 2010 إلى أكثر من 3406.1 م د. وسجلت 44 منشآة عمومية منذ إحداثها خسائر متراكمة بما قيمته 1881 م د وسجلت 46 منشاة من مجموع 93 منشاة نتيجة صافية سلبية في نهاية 2013. مؤشرات وأرقام رسمية تعكس الوضعية الصعبة والحرجة للمنشآت والمؤسسات العمومية في تونس التي بلغت مستويات محرجة ومقلقة بعد أن كانت هذه المؤسسات و لاسيما ذات الاختصاص التجاري والاقتصادي على غرار شركة فسفاط قفصة تدر أموالا طائلة على خزينة الدولة وتوفر عائدات مالية لخزينة الدولة بقيمة 2000 مليون دينار (حوالي 909 مليون دولار) سنويا للتحول منذ 2011 إلى عبء ثقيل على الدولة ولم تعد قادرة حتى على مجابهة مصاريفها. وضعية المؤسسات العمومية في تونس ما بعد ثورة 2011 تترجم حال الوضع الاقتصادي التونسي الذي بان في حالة عليلة ولم يقدر على تحقيق الانتعاشة المنتظرة وتحقيق طموحات التونسيين بعد ثورة الكرامة والحرية. وقال الخبير اقتصادي ةرئيس الجمعية التونسية للحوكمة معز الجودي لحقائق أون لاين إن عدد المؤسسات العمومية في تونس يبلغ 200 مؤسسة عمومية منها حوالي 100 مؤسسة تشكو عجزا ماليا وتسجل خسائر مالية في موازناتها العامة ومنها 25 مؤسسة في حالة إفلاس تام و 100 المؤسسة المتبقية لها نوع من التوازن . سوء التصرف واستشراء الفساد وعزا الجودي أسباب وصول المؤسسات العمومية إلى هذه الحالة التي وصفها بالمزرية، إلى ثلاثة سباب، أولها سوء الحوكمة من خلال غياب الرقابة وثانيها الفساد المستشري في المؤسسات العمومية وثالثها غياب آليات تسيير دواليب هذه المؤسسات يتم التصرف فيها حسب الولاءات السياسية من دون إعطاء قيمة لمصلحة المؤسسات. ويرى أن هذه المؤسسات حطمت منوالها الاقتصادي وأضحت في حالة إفلاس وفي حالة خطير وتنشط بأكثر من طاقاتها التشغيلية إذ أن مؤسسات من المفروض أن تشتغل ب 3 آلاف عامل تجد نفسها تشتغل بعمالة في حدود 10 ألاف عامل على غرار شركة فسفاط قفصة في نفس الوقت لا يسمح لها في الترفيع نسبيا في أسعارها وبالتالي الترفيع في مواردها وذلك لغايات سياسية بحتة عبر شعار المحافظة على القدرة الشرائية للمواطن. سوء الحوكمة والتصرف أحاله المتحدث إلى تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي الذي أظهر أن ثمة حلقة مفرغة قد ترسخت في تونس في السنوات الأخيرة تؤدي إلى غياب الكفاءة في المؤسسات والمنشآت العمومية واستشراء ممارسات الفساد . ويظهر ذلك الوضع كيف تؤدي منظومة الحوكمة التي تقوم على أسس واهية وتتضمن حوافز سلبية في النهاية إلى سوء إدارة الموارد العمومية، مما يدفع السلطات إلى تعزيز أشكال المراقبة التي تعفي، في الوقت نفسه، مديري هذه المؤسسات والمنشآت بشكل كبير من المساءلة. وفي الواقع، لم تُطبق أية إصلاحات رئيسية في قطاع المؤسسات والمنشآت العمومية منذ تسعينيات القرن الماضي (بخلاف الحال في المغرب على سبيل المثال). وفي غياب إصلاحات عميقة للنظام برمته، فإن الوضع الحالي مرشح بقوة للاستمرار مما سينعكس سلبا على الدولة التي سيتوجب عليها توفير المزيد من الدعم المالي (في شكل إعادة رسملة أو دعم تشغيلي). إقرار رسمي بوجود فساد واخلالات وأقرت الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية أعلى سلطة رقابية في البلاد بوجود فساد واخلالات وسوء تصرف في المؤسسات العمومية. وجاء على لسان رئيس الهيئة كمال العيادي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة السابق أن الهيئة أقرت خلال اجتماع استثنائي لها أنها تمكنت من متابعة 77 مهمة رقابة لحوالي 80 هيكلا عموميا، أفضت إلى تسجيل أكثر من 3 آلاف إخلال ونقص على مستوى التصرف مبينة أن مستوى الإصلاح الذي أنجزته أعمال المتابعة كانت في حدود 65 بالمائة. ولاحظ أن الهيئة تعكف على إعداد تصور ورؤية مستقبلية لمزيد تفعيل دورها وتطوير منظومة الرقابة والمتابعة. تقرير صادم كشف أحدث تقرير صدر عن البنك الدولي عن تدهور وضعية المؤسسات والمنشآت العمومية خلال الفترة بين عامي 2010 و 2012 إذ تراجعت الإيرادات الإجمالية لنحو 95 مؤسسة ومنشأة عمومية بنسبة 30 بالمائة، وحققت صافي خسائر في عام 2012 يزيد على 200 مليون دينار (مقابل صافي أرباح قدره 1.1 مليار دينار في 2010). وفي الفترة نفسها، ارتفعت نفقات الدعم التشغيلي من 2.5 مليار دينار في 2010 إلى أكثر من 6 مليارات دينار في 2012. أية حلول وعن الحلول التي يراها مجدية لإنقاذ المؤسسات العمومية التونسية من الانهيار، ركز معز الجودي على ضرورة انجاز تدقيق لمعرفة أسباب بلوغها هذه المرحلة المتردية ثانيا حصر المؤسسات العمومية التي يتعين المحافظة عليها لا سيما في مجالات حساسة على غرار الأمن القومي والطاقة والكهرباء والمياه يجب أن تكون الدولة هي التي تمسك بها والإبقاء على صيغتها العمومية. وقال إنه هناك مجالات أخرى غير حيوية وليست مرتبطة بحاجيات قصوى وذات بعد استراتيجي بالإمكان ضبط برنامج خصخصة في إطار من الشفافية وفي كنف احترام مبادئ الحوكمة الرشيدة وتتم خصخصتها على غرار ما يحصل في جل دول العالم. واستغرب من تواصل الدولة لعب دور الحاضنة لأكثر من 200 مؤسسة عمومية تنشط في مجالات ليست لها طابع استراتيجي على غرار مؤسسة تصنيع العجلات المطاطية التي تتخبط في أزمة مالية خانقة شارفت على الإفلاس. ورجح إمكانية خصخصة 20 مؤسسة عمومية لإنقاذها من الإفلاس و 80 مؤسسة التيس تشكو صعوبات آلية تتم إعادة هيكلتها وجاء الموقف الحكومي بشأن وضعية المؤسسات والمنشات العمومية على لسان وزير الوظيفة العمومية والحوكمة عبيد البريكي الذي أكد أن عملية تخصيص بعض المنشات العمومية غير مطروح العام المقبل. وحذر البريكي من حصول أزمة اجتماعية جديدة بين الحكومة واتحاد الشغل على خلفية ملف التفويت في المنشات العمومية. واعترف المسؤول الحكومي بالوضعية الصعبة بأن هذه المؤسسات على عددها الكبير تعامي من إشكاليات هيكلية وبخاصة أزمة مالية حادة. لقد حان الوقت بحسب البريكي للبدء في تنفيذ الإصلاحات بمزيد من الشفافية، كما يتعين معالجة نطاق تدخل الدولة، خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات والمنشآت التي تعاني من أوجه قصور هيكلية.