يسرى الشيخاوي احتدّ الجدل في الآونة الأخيرة حول القانون عدد 52 الخاص بالمخدرات، خاصة في ما يتعلق باستهلاك القنب الهندي " الزطلة" المتفشية في صفوف الشباب. وقد انقسمت الآراء بين مساندة لإلغاء عقوبة السجن باسم الحريات الفردية وبين معارضة له على قاعدة الخوف على شباب المستقبل من الوقوع فريسة للإدمان. وتزامنا مع الجدل الذي خلفه مشروع القانون الجديد للمخدرات أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال زيارة أداها إلى المركب الصحي بجبل الوسط من ولاية زغوان عن قرار إعادة فتح مركز "الأمل" للإنصات والوقاية والعلاج من الإدمان بعد إعادة تهيئته بطريقة مدروسة تتماشى مع خصوصية هذه المؤسسة، وهو ما أثار استغراب مدير مركز معالجة الإدمان في صفاقس زياد الميساوي الذي قال في حديث لحقائق أون لاين " كنا نتمنى من الحكومة أن تلتفت إلى مركز معالجة الإدمان في صفاقس وتنقذه من الغرق وتحول دون ضياع خبرة 10 سنوات في معالجة الإدمان قبل أن تأذن بإعادة فتح مركز جبل الوسط"، معربا عن أمله في أن تكثف الحكومة من مراكز علاج الإدمان. الجمعية المشرفة على المركز تخلت عنه بعد تدخل اتحاد الشغل... وقال زياد الميساوي إن المركز بعث عام 2007 في صفاقس تحت إشراف الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات بتمويل الصندوق العالمي للوقاية من السيدا والملاريا حتى سنة 2015، مشيرا إلى أن التمويل انطلق بنسبة مائة بالمائة ليقلّص الصندوق في التمويلات سنة بعد السنة ليفسح المجال أمام الدولة لتمول المركز وتضمن حق المدمنين في العلاج مثلما هو معمول به في كل دول العالم. وأضاف الميساوي " بقي المركز تحت إشراف الجمعية حتى أوقف الصندوق التمويل سنة 2015 وكنا نأمل أن تتحمل الدولة مسؤوليتها ولكنها لم تلتفت إلى المركز. وتحرّك العملة وراسلوا الوزارات المعنية دون أي نتيجة إلى أن قررت هيئة الجمعية المشرفة غلقه ومواصلة نشاطها المتمثل في التوعية والحملات التحسيسية. وحينها تحركت السلط المحلية وتدخلت لكن الهيئة مضت في قرار الإغلاق وتسريح العملة بعد تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل خاصة وأن مجمل أعضائها رجال أعمال ولديهم حساسية من الاتحاد". ولفت في سياق متصل إلى أنّ بناية المركز هبة من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية للشعب التونسي وهي قائمة على أرض على ملك إدارة الغابات التابعة لوزارة الفلاحة. 872 مدمنا ينتظرون العلاج ..15 حالة وفاة.. إعادة فتح المركز وغياب للإطار القانوني وتابع محدثنا موضحا "آخر مدمن غادر المركز في مارس 2016 ومنذ ذلك الحين وإلى غاية سبتمبر 2016 لم نستقبل أي مريض، ما دفعنا كعملة إلى الاجتماع والاتفاق على إعادة فتحه كمحاولة للضغط على السلط وتم ذلك في 22 سبتمبر 2016 وبإعانات من الجمعيات وفاعلي الخير اقتنينا أدوية ومساعدات عينية لأننا لا نستطيع أن نتلقى أموالا نظرا لغياب إطار قانوني. واستقبلنا المرضى دون الرجوع إلى الجمعية التي رفضت رفضا قاطعا إعادة فتح المركز، وقد اتخذنا هذا القرار لأن قائمة المدمنين الذين ينتظرون العلاج بلغت 872 شخصا وهناك أكثر من 15 حالة وفاة في صفوفهم ". المركز يستقبل المدمنين.. والجمعية المشرفة تقاضي مديره بتهمة ترويج المخدرات وتبييض الأموال وقال الميساوي "حاليا يوجد في المركز حوالي 100 حالة ونحن نستقبلهم بالأولوية وحسب خطورة الحالة بمعدل 20 شخصا في الشهر لأن إمكانيات المركز لا تسمح باستقبال أكثر من هذا العدد، خاصة وأن الجمعية التي كانت تشرف على المركز قطعت علينا الماء والكهرباء وقدمت ضد شخصي قضية بتهمة ترويج المخدرات والاستيلاء على المركز واستغلاله لتبييض الأموال، وهي تهم برأني منها القضاء، وحاليا تمكنا من حل مشكل الكهرباء ولكننا مازلنا نستعمل مضخات خاصة للحصول على المياه". تكلفة العلاج تصل الى 1800 دينار.. ومعدل أعمار المدمنين 30 سنة وبين محدّثنا أنّ "علاج المدمنين في بداية نشاط المركز كان مجانيا، ولكن بعد غياب التمويل أصبحت تكلفة المريض تتراوح بين 1500 و1800 دينار، ومعدل الأعمار 30 سنة وأصغر طفل استقبلناه يبلغ من العمر 16 سنة". ولفت إلى أنّ المركز لا يستقبل الإناث حاليا لغياب الامكانيات المادية ولصعوبة التعامل مع المدمنات لذلك يرسلهن إلى طبيبة المركز في عيادتها. 22 عاملا دون رواتب ولا تأمين في مواجهة مرضى "البوصفير" و"السيدا " وقال "عدد العملة 22 إضافة الى طبيبين وممرضين إثنين متطوعين،وعددنا غير كاف لذلك أصبحنا نضاعف ساعات العمل لسد النقص والرواتب حاليا في شكل منح لكننا لا نريد ان نتراجع عن هذا المشروع"، لافتا إلى أنّ العملة لم يتقاضوا رواتب منذ ماي 2016 وأنّهم يتحملون مسؤولية حراسة المرضى والتعاطي مع مشاكلهم وهي مهمة صعبة خاصة وانهم اشخاص من فئة خاصة وهناك منهم من كان في السجن وبعضهم عقولهم أقرب إلى الإجرام، وفق قوله وأشار إلى أنّ العملة في المركز يعرضون أنفسهم للخطر ويتعاملون مع مرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي "البوصفير" والصيدا دون حماية او تلاقيح". وزارة الصحة أرسلت لجنة لتقييم وضع المركز.. ووزارة الداخلية ترسل عونين مدمنين للعلاج وقال الميساوي إن وزارة الصحة أرسلت لجنة في اكتوبر 2016 لتقييم وضعية المركز واعدت تقريرا مضيفا "لكننا لم نتلق إلى حد الآن ردا من الوزارة". وأشار إلى انه يعد كل شهر تقريرا ماليا وأدبيا ويرسل نسخا منه إلى السلط المعنية ، مشددا على ضرورة إيجاد صيغة قانونية لتسيير المركز. وأضاف "وزارة الداخلية أرسلت عوني أمن مدمنين وقمنا بعلاجهما ووزارة المرأة أرسلت في أكثر من مناسبة عددا من الأطفال القصر ووزارة العدل أرسلت عددا من المساجين للعلاج، وقد تدخل كل من والي منوبة ومدير اقليم صفاقس لفائدة مدمنين وطلبا منا استقبالهم"، معربا عن استغرابه من عدم دفع هذه السلطات في اتجاه إيجاد حل للمركز. السياب وفسفاط قفصة تريدان تمويلنا.. وولايات "خرّبها" الهيرويين وأشار إلى أنّ شركة فسفاط قفصة والسياب عبّرتا عن رغبتهما في تمويل المركز ولكن غياب صيغة قانونية لتسييره يحول دون ذلك، وفق قوله. وأضاف " ولاية قفصة خربها الكوكايين والهيرويين المنتشران في صفوف الشباب ، وقد استقبلنا 11 قاصرا يتعاطون المخدرات عبر الحقن، من بينهم إبن أحد الشخصيات المعروفة وهو يشتغل في شركة فسفاط قفصة". وتابع بالقول " كان لنا لقاء مع مدير الشركة الذي أعرب لنا عن استعداده لتقديم دعم مادي مقابل إنقاذ شباب المنطقة من الإدمان"، لافتا إلى أنه خلال زيارة وفد من المركز لولاية قفصة دلهم أحد المدمنين الذي كان يتلقى علاجا على بعض الأماكن التي يتردد عليها الشباب لاستهلاك المخدرات. وعن كيفية اكتشاف الأماكن التي ينتشر فيها استهلاك المخدرات، قال "لدينا أشخاص يقودوننا لبؤر المخدرات الجديدة على غرار الشخص الذي أتى من قفصة لتلقي العلاج استمع إليه إخصائيون نفسيون لديهم طريقتهم الخاصة في الاستجواب وهو الذي حدّثهم عن المدمنين في المنطقة وهو الذي رتب لنا زيارة للقائهم". وأضاف " المدمن لديه مكان واحد يجتمع فيه مع آخرين ويقومون بحقن المادة المخدرة وقد زرنا هذا المكان ورأينا "الهول" "، مبيّنا أن "اكبر نسبة استهلاك حسب إحصائيّات المركز في قفصة بدرجة أولى ثم نابل وتونس العاصمة وبنزرت ونسبة الاستهلاك ارتفعت مؤخرا في القصرين وقد كان الاستهلاك فيها يقتصر على الزطلة ولكن حاليا انتشرت فيها المخدرات عن طريق الحقن خاصة الهيرويين لأنه أقل ثمنا من الكوكايين". الزطلة الاقل استهلاكا.. وشدد محدّثنا على أن القنب الهندي ما يعرف ب"الزطلة" هو الأقل استهلاكا وبالإمكان التغلب عليه ومعالجته ، مشيرا إلى أن المخدرات الأكثر استهلاكا هي الهيرويين والكوكايين والسوبيتاكس. ولفت إلى ان هناك أنواعا من الأدوية يتم هرسها وشمها لتعويض المواد المخدّرة إضافة الى القيام بحرق نوع من محلول معالجة السعال عند الأطفال واستعماله عن طريق الحقن.