قام الجيش الوطني بمختلف وحداته وتشكيلاته... قام الجيش الوطني بمختلف وحداته وتشكيلاته، ولا يزال يقوم بدور هام في محاربة ظاهرة الإرهاب خاصة في تونس بعد الثورة رغم أنها مثلت نوعا جديدا من التحديات بالنسبة إليه باعتبار أن الجماعات الإرهابية تقاتل في شكل عصابات بخلاف الجيش النظامي. وقد رسخت لدى التونسيين الإرادة القوية التي تميّز بها العسكريون طيلة السنوات الأخيرة في مواجهتهم للعمليات الإرهابية حيث أنهم أظهروا عزما وصلابة ورغبة في مواصلة القتال رغم الإصابات في صفوفهم. هذه الإرادة الصلبة التي تميّز بها الجيش الوطني والتي كانت جانبا مهما في تحقيق النصر خلال ملحمة بن قردان في مارس 2017، لا تستمدّ جذورها من حب غريزي للوطن وإنما من عقيدة يتشربها العسكريون خلال فترة تكوينهم في مختلف المؤسسات العسكرية وبشكل خاص الأكاديمية العسكرية التي تعمل تحت ميثاق " الحياة عقيدة وجهاد"، متبنية بذلك مقولة الشاعر "قف دون رأيك في الحياة مجاهدا.. إن الحياة عقيدة وجهاد". بُعثت الأكاديمية العسكرية رسميا بموجب الأمر عدد 66/529 بتاريخ 24 ديسمبر 1966، وقد كانت في البداية ثكنة عسكرية فرنسية سنة 1889 قبل أن تصبح معتقلا للمقاومين إبان الاستعمار الفرنسي. وتعنى الأكاديمية العسكرية أساسا بتكوين الضباط لفائدة جيش البرّ وبقية الجيوش والإدارات والمصالح المشتركة بوزارة الدفاع الوطني. كما تساهم في تكوين الضباط لفائدة وزارات أخرى على غرار وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة المالية. وتشمل مجالات التكوين في الأكاديمية جوانب عسكرية وجوانب أكاديمية، وجوانب بدنية، إلى جانب القيم العسكرية على غرار الواجب والشرف والوفاء وخدمة الوطن والشجاعة وتحمل المسؤولية... ويقسّم التلامذة الضباط إلى 3 أصناف وهم تلامذة ضباط فرقة أولى، تلامذة ضباط فرقة ثانية وثالثة، وتلامذة ضباط تكوين خاص. أما مسارات التكوين فتتمثل في الهندسة (وتشمل الإعلامية والاتصالات والالكتروميكانيك والهندسة المدنية وتقنيات الأسلحة)، إلى جانب الماجستير في العلوم العسكرية وماجستير بحث في العلوم القانونية والتصرف، علما أن التلامذة الضباط يتلقون تعليما جامعيا وعسكريا وبدنيا. كما تقدم الأكاديمية العسكرية تكوينا عسكريا للضباط التلامذة الذين يتم انتدابهم مباشرة وكذلك الذين تتم دعوتهم، فضلا عن الضباط التلامذة ذوي المهن الطبية. وتتراوح مدة تكوين هؤلاء التلامذة الضباط بين 10 أسابيع و20 أسبوعا. هذا وتشمل مجالات التدريب العسكري تكوينا عسكريا عاما وتكوينا عملياتيا وفنيا وتكوينا بدنيا ورياضيا. وتتضمن الأكاديمية عددا كبيرا من القاعات المخصصة لتدريس المواد الفنية على غرار قاعة الهندسة وقاعة الطبوغرافيا وقاعة الإشارة وقاعة الميكانيك وقاعة القتال وقاعة الأسلحة، إلى جانب قاعة مخصصة لتعليم اللغة الانكليزية التي توليها الأكاديمية أهمية كبرى، علاوة على مواد قانونية تساعد التلامذة الضباط على فهم أوسع وأشمل لقوانين دستورية ودولية وجزائية.. كذلك تعمل الأكاديمية العسكرية مع عدد من الدول الأجنبية والعربية في إطار التعاون الدولي من خلال تبادل الزيارات والخبرات والتكوين ومشاريع ختم الدروس. وفي إطار العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة، تحرص الأكاديمية العسكرية على توفير تمرين يضاهي الوضعيات الحقيقية التي قد يتعرّض إليها العسكريون عند توجههم للقيام بمهمات في الجبال، ويساعدها الموقع الذي تتواجد فيه على تحقيق تمارين تضاهي إلى حدّ كبير واقع العمل العسكري، وذلك بهدف الحفاظ على حياة الضباط عند توجههم إلى ميادين القتال، ولتزرع رجالا لا تهاب الموت وتواجه غدر خفافيش الظلام بعزم وعقيدة لا تفنى.